عند تطور الإنسانية وتتابع التاريخ على مدى الزمن تصاعدت تعقيدات الحياة مع تزامن معرفة حقوق الإنسان وطرق تقنينها. فالحقوق قديمة مصدرها الله سبحانه وتعالى، إذ خلق الإنسان في أحسن تقويم، وجعله مخلوقاً متميزاً كريماً معافى فضله الله على الكثير من خلقة فهو بطبعة، مدني على العيش في جماعة يتبادل معها المنافع والمصالح المشتركة، حيث لا سبيل لتحقيق مصالحة، وتلبية رغباته وسد حاجياته إلا بتعاونه مع غيره من بني جنسه؛ هذه الحاجة قد تدفع القوي إذا لم يوجد نظام عادل ينظم العلاقات بين الناس كما هو حاصل في (اليمن)، إلى ظلم الضعيف، والاعتداء عليه وسلبه واستغلاله خاصة أننا نعلم أن الإنسان (مفتون) على غريزة التملك، التي تجعله يتطلع لحيازة ما يحتاج إليه بشده. لذا فإنه في أمس الحاجة إلى ما ينظم العلاقة القائمة بينة وبين أفراد الجماعة التي تعيش في كنفها، حتى يأمن كل فرد على نفسه وماله وعرضه، ومن هنا نشأت الحاجة إلى نظام قويم يحدد الحقوق، ويبين وسائل حمايتها والحافظ عليها، وكيفية التعاطي معها بين الأفراد، لذلك أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل، ليبينوا للناس الحقوق كاملة، وكما نعلم فإن الإسلام قد سبق وبقرون طويلة محدداً ما للإنسان وما عليه من حقوق وفرائض ملزمة. أن مصطلح حقوق الإنسان حديث النشأة عند القانونيين والقوانين الوضعية يكمن في الحقوق والحريات التي تتيح لنا تطوير وممارسة خصائصنا البشرية وملكياتنا الذهنية ومهارتنا وتحكيم ضمائرنا وأن نرضى حاجاتنا الضرورية؛ إضافة إلى أشياء أخرى، التي تستحق لكافة أفراد البشر بالتساوي كما لا يمكن التنازل عنها للآخرين فهي تعتبر المعيار الأساسي الذي لا ينبغي للناس من دونه، أن يعيش بكرامة كبشر ولأنها جوهر الحرية والعدالة والسلام هكذا تعلمنا وعلمنا في مدرسانا وحياتنا. فأين نحن من تلك الحقوق المشروعة العادلة في بلد الإيمان والحكمة...؟ فكثير من الحقوق تستباح في وضح النهار بمختلف مناحي الحياة الخاصة والعامة فالمظالم منتشرة كالداء الخبيث في السجون والمخافر والمحاكم والمستشفيات والمرافق المختلفة بفعل (الفساد) وغياب ( سلطة الدولة) وهنا فالمقام لا يفسح لذكر تفاصيل ما يحدث في تلك الأماكن سالفة الذكر وأتحدى تلك الأقلام الرخيصة المنتفعة صاحبة المشاريع الصغيرة الضيقة أن تأتي بعكس ما نقول. قال تعالى: ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)