[ الأُمَّة مثل الفرد ؛ يُصاب بالجرح فيشفى . . . ويصاب بالصدمة فيفيق ، ويصاب بخسارة المال فيعوضه . . . لكنَّ فقدان الذاكرة كارثة بلاحدود ، لأنَّه يودي بكل شيء ، بما في ذلك التاريخ والمستقبل] هذا ماقاله الأستاذ هيكل . وعلى هذا الأساس أتذكر وأُذكِّر دائماً بأحداث من ماضينا ؛ فماكان منه جميلاً نبني عليه حاضرنا ، وماكان رديئاً نتحاشى الوقوع فيه مرَّة أخرى . . . القضية ليست شخصية ؛ بل قضية وطن كلنا شركاء فيه ؛ من يُخطأ عليه أن يعتدل أو يعتزل . ولايغضب من النقد ، فالنقد طريقة من طرق النصح . ودليل المشاركة في العمل الوطني الجماعي . ومبادرة المواطن بالنقد يدل على حرصه على الجماعة -الأُمَّة- التي ينتمي إليها ؛ وهذا فعل إيجابي وطبيعي . الغير طبيعي أن لا ننتقد أخطائنا . ومن العيب اعتبار النقد خيانة ، والناقد عميل...! الخائن الحقيقي هو ذاك المزايد الذي يدعم الخلل في الأداء ، ويتستر عليه ، ويمدح المخطئين من القيادات . . . وعندما تمارس القيادات سياسة التخوين فهذا من باب الدفاع عن النفس نلتمس لهم العذر فيه ، أمَّا إذا كانت ممارسة سياسة التخوين شائعة في الوسط السياسي فهذا مؤشر خطير ؛ يوحي بخلل في المجتمع كله ، وقد يكون "الكارثة بلا حدود" التي ذكرها حسنين هيكل . فعندما يكون لدينا حوالي 100 مكون ؛ كل مكون ينسب العفَّة والوطنية لنفسه ؛ كل مكون يُزايد على البقيَّة ؛ وجميعها تمارس سياسة تخوين منتقديها ؛ وجميعها فاشلة ؛ والأغلبية يتسترون عليها ؛ فهذا دليل خلل في البنية الفكرية للمجتمع . أدى هذا الخلل إلى اخفاق في العمل الجماعي . سواءً كان العمل الجماعي للفريق الكبير -الشعب- أوالفرق الجزئية -المكونات- هذه حقيقة . وعلينا الاعتراف بها ؛ فلو لم يكن الخلل واقعاً ما سقطت الثورة السلمية -الحراك- اليوم في المأزق الخبيث . وقناعتي الشخصية أنَّ البنية الفكرية للشعب الجنوبي تعرَّضت لضربات قوية منذ ستينات القرن الماضي ومازالت حتى اليوم , ولم تتعافى منها . . . وعلاجها صعب ؛ لكنَّه ليس مستحيلاً ؛ وهو مؤلم -ولابد من الألم- فاقتلاع الورم السرطاني الخبيث لايكون بدون شق الجسم ودماء تسيل . يقول باني الصين الحديث الرئيس شوان لاي [عندما يُجري الانسان عملية جراحية فإنَّه يفقد بعض الدم هذا ثمن ضروري من أجل الشفاء ، وبعد الشفاء فإن الصحة تستطيع أن تعطي حياة أقوى وأنظف وقوة اندفاع تعوض ماضاع] وعليه فإذا أصبح الاعتراف بالخلل اعترافاً جماعياً كان علاجه ممكناً . ولن يدرك الشعب الخلل ويعترف به إلَّا إذا أَعْمَلَ عقله فيما يرى ويسمع وطلَّق العاطفة . . . قبل أيام كتب الدكتور محمد حيدرة مسدوس مقالاً ؛ ملأه بكلام مكرر ؛ كتبه غيره خلال السنوات الماضية فأُعجب القوم فيما يقول...! والجديد الذي قاله في الفقرة ثالثاً [نطلب الشعب أن لاينجر خلف الخلافات المفتعلة] وهذا هو التدليس والاستحمار ...! وقبول القوم كلام مسدوس يعني أن العاطفة تقودهم . . . أمَّا العقل فيقول : الخلافات حقيقية وهي جزء من البنية الفكرية للساسة الجنوبيين ومسدوس أحد صُنَّاعها . وللتدليل على كلامي أقول ؛ أتحدى مسدوس أن ينضم إلى أي مكون سياسي -عمل جماعي- وينجح العمل ....؟ ومسدوس لن ينضم ، لماذا...؟ لأنَّه يدرك الحقيقة [خلل البنية الفكرية الجنوبية لايسمح بالعمل الجماعي]
عموماً ؛ وحتى لا نطيل في كلام لا يقرأه القوم أقول : الوحدة محمية بفشل القيادات الجنوبية ، ومطلب الاستقلال يحميه فساد ولصوص صنعاء ؛ ولن يتجاوز الجنوبيون مشكلة العجز عن حسم الصراع إلَّا إذا أصلحوا الخلل في العمل الجماعي (البنية الفكرية الجنوبية المهترئة) . وأهم عوامل الخلل في العمل الجماعي هي التي أوردها باتريك لينسيوني في أحد أكثر الكتب مبيعاً في العالم (العوامل الخمسة لخلل العمل الجماعي) وقد وضعها على شكل هرم بعضها فوق -ينتج- بعض . وهي حسب ترتيبه من تحت إلى فوق ؛ 1-غياب الثقة (التحفظ) 2-الخوف من الخلاف (الانسجام المزيف) 3-غياب الالتزام 4-تجنب المساءلة 5-عدم الاكتراث بالنتائج . اتمنى أن يقرأ الدكتور مسدوس الكتاب ، وللحديث بقية ،،،،،،،،