لا يوجد نهضة واقعية لدى العرب بالمعنى الحديث. لأن الثابت في مفاهيم طوبائية كهذه عادة ما يتم استهلاكها والإحالة إليها سياسيا كمنجز يتعلق: بالصحوية أو الدعوية/ والحقيقة أنه لم تفرز إدعاءات كتلك في شكل معطياتها الملموسة. سوى المصائب ومزيد من الحروب والتطرف والعنف ضد شعوبها والأمثلة كثيرة. فلا نهضة بهذا المعنى تؤمن بقيمة العلم في حداثته وتحولاته. بقدر ما دأبت تيارات بعينها. في تأسيس جمعيات تبين فيما بعد أنها لا تعدو عن كونها 'جمعيات تكفير خيرية'؟ وباسم ذلك توزع التمور، وتزجي الصدقات، وتعمل الورش صناديقها الخاصة جدا. وإذن لم تعترف الأصولية السياسية بوجود مشكلة. غالبا ما تكون رؤاها الضيقة مَن عَمّقَ واقع هوَاتِها. حيث بقيت ترفض العلم. وتعطل كل مسارات للتحول المدني والديمقراطي والاستقرار السياسي. في حين أن أغلب منظومات القرار هي الأخرى بقيت قناع الانفتاح. ولو على صعيد بروتوكولي، بينما تضمر وأد كل مشروع نحو الاختلاف والمواطنة. وبحكم 'طبائع الاستبداد'المتاحة، تراكم أرث عاطفي وديني وكارثي بني عليه المزاج التقليدي في بنيوية وعي المجتمع العربي ومنظوماته عدا استثناءات لا تكاد تذكر. يتم تهجير بعضها قسريا أو اختياريا. فيما يستسلم البعض الآخر لواقع النبذ في الداخل. ومن المعروف أن ما يزعم كونها 'نهضة'من وجهة نظر أصولية، إنما تقف على النقيض من ذلك؟ وعلى نحو تطلبه تلك الصحوات فلا تزال تقتصر على محض اجترار وتموضع لم يبرح مكانه ونقطة ارتكاز ماضيه ولم يجاوز مجرد 'التكدس في غرف الذاكرة'. في حين استمر الوأد الجاهلي في معاصرته لأي تحول سلمي حقيقي ووازن ينأى بعيدا عن الكفاح المسلح في شكله العقائدي. وحيث انتقل اليوم ذلك 'الكفاح'في شكل خطابه وصوره من حالة العنف المادي في حديته على الواقع إلى مستوى الخطاب اللفظي الذي ترك للسانه وظيفة الصد والافتئات. واستهداف الخصوم بقوة الفتوى حينا وأخرى بالكلاشينكوف أو طعنة خنجر أصيل أو بتفجير خصر ناسف. وظلت لغة التطهير بالسواطير باقية. كما نموذج'إنقاذ'الجزائر. وبقي السيف'هو المثقف العربي' الثائر. كما اقترن مفهوم ذلك في سلفية الحالة العربية في صيروة ابتهاجها بالتقتيل. ودون أن يطرأ إي تحول على صعيد مفهوم المثقف التنويري في بعده الأصولي منذ أكثر من نصف قرن. وفي حين أن قوى ذلك الخطاب ما تزال تعادي كل معرفة وفلسفة وفكر وعقلانية واختلاف أيا كان موطنه وهي اليوم تمضي في التعطل لبرلمانات بتوهم إيقاف عجلة الزمن. لقد تم اختزال 'النهضة'في سياق رؤية هذا التيارات على رفض العلم الحديث ونظرياته الناتجة عن تقدم وابتكارات العقل البشري ورفض تطور بنياته وبصرف النظر عن جزئيات دمار أنتجته بعض تلك النظريات. . فيجد ر بنا ك - عالم متخلف-أن نعترف أولا وبعيدا عن المكابرة وشوفينيات النقاء التي تتلبس البعض في غير مجتمع عربي وإسلامي. وأعني أن علينا التركيز على كل ما يعد قيمة بأفق موضوعي وإنساني ولما قد يعطي تحولا واستقرارا إيجابيا لمجتمعاتنا المجبول عيشها على صناعة التكلس والهشاشة. وأن نؤمن بأن العلم نتاج حضاري وطبيعي لتقدم الفكر وتعزيز العلوم الإنسانية بدلا من الركون إلى صناعة التخلف في وقت ما يزال الخطاب في نزوعه المتشدد في عديد بلداننا مدمرا ويفرض حجابا حتى على صورة الفكر وطرق التفكير أيضا. وهو خطاب قشوري، الغاية الأساسية منه برغماتية ، مصلحة ضيقة الرؤية ومادية، لخلق وتحقيق سلطة تعطيل في مجتمع الدنيا لكن وبخلفية من تأثير قد لا تتوافر تلك المصلحة الضيقة بضوئه، أو تتم، سوى باستخدام الدين كسلاح، لكن برؤى خاطئة ومضللة غالبا لمعنى وقيمة ما يفترض أن يكون الدين في سمو وجوهر مفاهيمه. وغالبا ما ينظر خطاب كهذا لمنطق العلم الإنساني بوصفه 'رافضيا' أو غربيا وملعونا. ناسِيا بأن اللعان حرام كما جاء في الأثر و'الدين القيم'؟إلى غير ذلك من محمول عنف لفظي، وإرهاب فكري مزمن ينتظم بنية وعي كثيرين. وفي رأي الأصوليات العربية أيضا: أن لا مكان للديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية والمجتمع المدني، في واقع تعيشه، وما تزال تقف على النقيض من كل ما يمثل نهضة حقيقية لمجتمعاتها، في حين لا يوجد برأيها علم يجاوز السلف،سوى ما ينتجه كهنوت علماؤها. لا علم سوى علم واحد فحسب: هو 'علم الغيب'