ناور النظام المصري كثيرا منذ 25 يناير المنصرم يوم انطلاق الثورة الشعبية طامعا في فرملة طاقات الجماهير آملا في البقاء. عجزت الخطابات المنمقة،الانفلات والتخريب الذي ساد الأيام الأولى من الثورة،التغييرات اللحظية تحت هدير ميدان التحرير،الوعود السريالية..جميعها سقطت أمام صمود الثوار الجدد،هتافات الرحيل. الشعب المصري بكل أطيافه أدرك أن من يسرق هو النظام، من يحرق ويدمر المؤسسات هو النظام، من خان تطلعاته وطموحاته هو النظام، لذلك لم يرهبه التهديد والتخوين,ولما أحس أنه محاصر أمام الحقيقة,كان البلطجية أخر أسلحته،أخر الأوراق،مع ذلك سقط كل شيء،فأصبح (الرئيس) عار من الصحة،خال من الحيلة. ما حدث في مصر يكشف الزيف الذي يتخفى خلفه النظام العربي ،الوجوه القبيحة التي لم يعد هناك ما يسترها. إنها نهاية متوقعة،الثابت أن حياة الديكتاتوريات محمولة على رافعة البلطجة وأعمدة المكر والخداع في الحرب والسلم،تكذب إن قالت بغير ذلك. كل هذا يسقط أمام حركة التغيير الجارفة,البلاطجة الآن يبحثون عن ملاجئ للاختباء,فحينما يفر سيد القوم ،يشعرون أنهم خدعوا، من كان يعدهم أو يوفر لهم الأمن هو أول من يبحث عنه،معادلة تتحقق الآن، بدأت في تونس وها هي تمر بمصر والقادم في الطريق. الإصرار على البقاء يثير علامات استفهام،لقد كان مبارك في غنى عن ملف دسم يوثق ما حدث في ميدان التحرير وعبدالمنعم رياض يلاحقه أينما رحل لو أنه فهم الرسالة ورحل باكرا. لم يكن لديه ملفات في صعده أو الجنوب يقضان مضاجعة في منفاه القسري كمجرم حرب،لكن ما حدث في ميدان التحرير سيكون دافعا لفعل ذلك. لقد اختار الشعب مستقبله بنفسه واختار مبارك مستقبله أيضا لكن شتان بين الاثنين. قبل أن يحدث كل هذا،كان التغيير السلمي أنجع الوسائل للجميع لو كانت الأنظمة تدرك سنة التحول والتغيير. أننا في زمن طفولي،السعي فيه للتملك الفردي والاستفراد،الأطفال هنا يكون اللعب معهم خطرا في هذه الحالة لأنهم يلقون عليك كل ما يقع بأيديهم ويخطر ببالهم من أوساخ وقاذورات وأشياء أخرى لا تقل عفونة لمجرد أنك أردت إصلاح تصرفاتهم الخاطئة. إننا بحاجة لمراجعة المواقف بصدق للخروج من الزمن الطفولي،زمن التهيه،زمن البلطجيات والأوغاد.