span style=\"color: #ff0000\"حياة عدن ليس اليمن البلد الذي يخوض صراعات عنيفة ويحارب تنظيم القاعدة ويعاني من فقر مدقع هو المكان الذي يرد على الخاطر عند الحديث عن فرصة استثمارية جذابة. لكن الهندي رافيندر سينغ راح يتغزل في مزايا إقامة المشروعات في البلد الذي لم تكن أنظار كثيرة توجه إليه حتى أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن مسؤوليته عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة أمريكية يوم 25 كانون الاول/ديسمبر. وقال سينغ الذي أنشأ مصنعا للصلب في ميناء عدنبجنوب اليمن عام 2005 'أنا مندهش من مهارة القوى العاملة في اليمن... عملت في الهند لاكثر من 30 عاما وفي عدة أماكن لكنني لم أقابل قوى عاملة تتمتع بالتزام اليمنيين'. وقد تبدو هذه إشادة غير متوقعة في بلد تقدر وكالات تابعة للامم المتحدة أن نسبة المتعلمين بين البالغين فيه لا تتعدى 54 في المئة وأن 55 في المئة فقط من الاطفال يذهبون إلى مدارس. وغالبية اليمنيين يقضون أكثر من نصف اليوم وهم يمضغون نبات القات المخدر الذي يشبه مادة الامفيتامين. ومع ذلك وصف سينغ الذي يغطي إنتاج مصنعه من الصلب وهو مئة ألف طن سنويا سدس الطلب اليمني العاملين لديه بأنهم أذكياء و'لهم عقول بكر' يمكن تدريبها بسهولة. ويعتقد سينغ أن اليمن مستعد الآن لتحقيق طفرة في النمو الصناعي وهي رؤية تختلف مع مناخ اقتصادي كئيب بالنظر إلى تراجع إنتاج النفط اليمني وتناقص إمدادات المياه فيه. ويعمل سينغ في الشركة العربية للحديد والصلب (إسكو) وهي شركة يمنية سعودية ويشرف على توسعات بقيمة 1.6 مليار دولار في مصنع عدن بهدف زيادة الانتاج إلى 1.5 مليون طن سنويا في غضون عشر سنوات. ويبني المصنع 150 مخزنا ووحدات إسكان للمستثمرين الذين يعتقد سينغ انهم سيتدفقون على المصنع الذي يعمل فيه حاليا 400 يمني وهو عدد يعتزم زيادته. ويقع المصنع بالقرب من الطريق المؤدي إلى محافظة لحج التي تشهد العديد من الاحتجاجات الانفصالية ضد حكومة الرئيس اليمني على عبد الله صالح في الشمال لكن الامر لا يقلق سينغ. كما لا يقلق سينغ توجه تنظيم القاعدة إلى الشباب اليمنيين فهو يقول 'قابلت المئات منهم (الشباب اليمنيين). يريدون العمل ويريدون المشاركة'. وربما يتحول اليمن إلى قصة نجاح اقتصادي ويوفر المزيد من الوظائف لشبابه البالغ عددهم 23 مليون وهو عدد من المقرر أن يتضاعف في غضون عشرين عاما. ويجد بعض المستثمرين في ضعف سلطة الحكومة اليمنية ببعض المناطق حائلا أمام عملهم. ويقول دبلوماسيون إن عقبات أخرى في طريق الاستثمار باليمن تشمل تفشي الفساد والمحسوبية إذ غالبا ما توزع الوظائف الكبيرة على أساس الولاء وليس الكفاءة. وعلى الرغم من ضعف موارد اليمن إلا ان الأموال متوفرة لمشروعات البنية التحتية وغيرها. فقد تعهد مانحون بدفع مبلغ 4.7 مليار دولار عام 2006 لكن معظم هذا المبلغ لم ينفق بعد. وقال دبلوماسي يعمل لدى منظمة دولية في صنعاء 'يتأخر العديد من المشروعات لانك لن تجد ما يكفي من الموارد والكفاءات في الوزارات... وتضطر في أغلب الاحيان إلى تعيين طاقم عمل أجنبي لانجاز أي مشروع'. وعلى الرغم من أن اليمن هو واحد من الدول القليلة في العالم التي لا توجد فيها مطاعم مكدونالدز وبيرجر كينج إلا إنه يحاول على الاقل جذب المستثمرين الاجانب إلى منطقة التجارة الحرة في عدن حيث يقع مصنع الصلب الذي يعمل فيه سينغ. وقال عبد الجليل الشعيبي رئيس المنطقة الحرة إن المنطقة تقدم منذ سنوات إعفاءات ضريبية على الأرباح ولا تفرض قيودا على الملكية وتوفر أراضي رخيصة للمستثمرين الذين التزموا حتى الان بنحو 800 مليون دولار. وأضاف أن المنطقة تتقدم بسرعة لكن ليس بالسرعة الكافية. وذكر أن المنطقة تأمل في مضاعفة الاستثمارات في غضون خمس سنوات وبمساعدة اليمنيين في الخارج. وقال إن العمالة اليمنية رخيصة وإن الفكرة هي إثارة اهتمام اليمنيين ببلدهم ليطوروه فيحذو آخرون حذوهم. ويوجد في ميناء عدن والذي كان واحدا من أكبر الموانئ في العالم جزء كبير من صناعة النفط والغاز في اليمن لكن الكتل السكنية الكئيبة وشوارع المدينة التي تنتشر فيها الحفر تشهد على سنوات من الاهمال. ولم تطرأ تغييرات كبيرة على مبنى سلطة ميناء عدن بلافتاته المكتوبة باللغة الانكليزية وسلمه الخشبي منذ الحكم البريطاني لليمن والذي انتهى عام 1967 ومهد الطريق بعده لجمهورية يمنية يدعمها ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي. ويقول العديد من سكان جنوب اليمن إنهم كانوا أفضل حالا قبل ضم دولتهم الاشتراكية السابقة إلى الشمال عام 1990. وخسر الجنوب حربا من أجل الانفصال بعد ذلك بأربع سنوات. ومنذ ذلك الحين يشكو سكان جنوب اليمن من حصول الشماليين على معظم الوظائف والموارد. ولا تلوح في الأفق سوى إشارات ضئيلة على وجود نشاط اقتصادي جديد. وتقوم شركة موانىء دبي العالمية بأعمال توسعة في ميناء عدن للحاويات على أمل أن تصبح عدن ميناء إقليميا للسفن التي تبحر من وإلى قناة السويس وذلك على الرغم من خطر القرصنة في خليج عدن. ويعمل في الميناء ما يصل إلى 700 شخص ويسعى لتوظيف المزيد. وقال جون فيوير وهو استشاري لشركة موانىء دبي العالمية في عدن 'نعمل مع جامعة محلية لمساعدتنا على تقييم وتقدير أفراد لطاقم العمل'. ويجري اليمن أيضا محادثات مع مستثمرين لتحديث منشأة تكرير البترول العتيقة في عدن لكن خبراء يقولون إن هذا عمل شاق يتطلب مليارات الدولارات. وبنيت المنشأة أيام الحكم البريطاني ودمرتها الحرب الاهلية في اليمن عام 1994. وأشار الشعيبي إلى بدء الاعمال التحضيرية لبناء مستثمرين سعوديين منشأة لتكرير السكر. لكن خططا أخرى في المنطقة الحرة من المستبعد أن ترى النور من بينها بناء مطار جديد. ويشهد مبنى المطار الموجود حاليا عددا محدودا فقط من رحلات الطيران اليومية.