ألسلام عليك ايها الملاك الساخر، جلالك عامر، وحسك عاطر، وروحك فينا قلبا وخاطر، وماضي وحاضر. أدركت الآن أنه لا يوجد ماهو أشد سخرية من الموت، مثلما أدركت أنه لا يوجد أقوى ولا أجمل ولا أعذب من فكرك الساخر، الذي أختزل الوطن بكل ما فيه من حزن وإبتسامات وحب وإيمان وثورة واحساس وفقر ومعاناة وكلمات ومشاعر.كيف ننساك وأنت الذي علمتنا أن الوطن يكون في أشد قوته حين يعزف الكلمات الساخرة بتحد وإستبسال، لو كان الوطن رجلا لكان جلال عامر، ولو كانت الكلمات الساخرة فرسا جموحا لكنت فارسها الأشجع والأقرب إلى القلوب. كنت منصفا الى الدرجة التي يغار فيها الحق. ومخلصا الى الدرجة التي جعلتك ثائرا ساخرا من المهد الى اللحد، ومن الأبتسامة إلى الوجد، ومن النجاح الى المجد ومن الوفاء الى العهد، أي بديل يمكن أن يعوضنا عن الأبتسامة التي كنت ترسمها على قلوبنا بكلماتك البسيطة العميقة اللاذعة، فتجمع بأقل عدد من الكلمات فلسفة للبسمة تمزج الواقع مع الصدق، وسحر المنطق مع عذوبة الإسلوب، وبداهة الفكرة مع معاناة الواقع. كم كنت رائعا ومخلصا ووطنيا وصادقا حتى وأنت تموت، من يقرأ كتاباتك حتى آخر لحظات حياتك يعتقد أنك الحياة بكل ما فيها حياة، ومن يدري آخر صورة لك وأنت تهتف بكل وطنية وأخلاص في مظاهرة " المصريين بيموتوا بعض"، ومن شدة إحساسك بوطنك وحزنك عليه تباغتك أزمة قلبية فتسقط وفيا للوطن وللكلمة وللحب المخلص، ربما يدرك العالم كله عظمة السخرية التي كنت أحد عظمائها ، ويعلمون انك كنت ترسم الإبتسامة الفريدة على قلوبنا بإحساسك الصادق والنبيل بوطنك، وبدموعك النقية الطاهرة في حبة، وبروحك الحزينة من أجلة، تلك الروح التي بذلتها رخيصة فداء لمصر. وكم كان إبنك رامي محقا وهو يودعك بهذه الكلمات: " جلال عامر لم يمت، فكيف تموت الفكرة؟! الفكرة مقدر لها الخلود". رحمة الله تغشاك ياجلال عامر، وإنا لله ونا إليه راجعون". عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي. صحيفة الأولى