في خضم المعاناة والواقع المؤلم يستمر في وطني نزيف الدم في الوقت التي تتواصل رحله الجنوبيين نحو تحقيق الأهداف والبحث عن استعادة الوطن المفقود منذ عقود ، ونتيجة للرفض الشعبي هذا وعدم القبول بالواقع المفروض بقوة السلاح وما خلفته وحدة الزيف والخداع أضحى المواطن في الجنوب بل الوطن والشعب برمته هدف وعرضه لآلة القتل اليمنية نظراً لمطالب الجنوبيين المشروعة والعادلة والتي تتمثل بالتحرير والاستقلال . في وطني دماء سفكت وتلونت بها الشوارع والساحات وتلطخت بها جدران المنازل المهدومة حينها يختلط الدم الطاهر بتراب وركام المنزل المهدوم على رؤوس ساكنيه ... في وطني ارواح بريئة ازهقت واجساد تمزقت واشلاء تناثرت وتطايرت جراء قذيفه دمرت المنزل او رصاصه اخترقت جدرانه ونوافذه ،وبالتالي لم يعد بمقدور أحد الوقوف امام تلك الرصاص والقذائف المنهمرة لأنها حتماً سوف تودي بحياته ويسقط شهيداً مضرجاً بدمه.
انها الرصاصة الغادرة والأسلحة الفتاكة التي عادة ما تستخدم ألا في الحروب اضحت في وطني لا تفرق بين صغير وكبير طفله وامرأة لتحصد أرواح الكثيرين وتغتال الآمنين والمسالمين ..
حتى الأطفال دفعوا ثمن مطالبهم المشروعة ... طفولة معروف عنها بالبراءة اكتست وجوههم السعادة حتى الابتسامة لا تكاد ان تفارقهم لحضه ، حصدتهم آلة القتل اليمنية واغتالتهم أيادي الغدر والخيانة في أماكن متعددة وبصورة متعمده ووحشيه ، بعضهم نال الشهادة لحضه خروجه من المسجد حينما كان يؤدي الصلاة وآخرون سقطوا في النقاط المستحدثة سواء الممتدة على طول الخطوط والطرقات الطويلة او الموجودة في التقاطعات وجولات المدن الرئيسية، وآخرون أيضاً سقطوا وهم وسط غمرة او في مظاهرة سلميه يهتفون للحرية بأصوات تلعلع سماء المدينة لتنهمر الرصاص الحي على رؤوسهم وتصيب احدهم ليفارق الحياه نتيجة تعرضه للإصابة حينها يخيم الحزن سماء المدينة ويعتريها السواد وهي تودع احد ابنائها الميامين الى مثواه الأخير .. قتلوهم وهم لا يحملون سلاح ولا رشاشات ولا حتى صواريخ قد تهدد حياه القتلة بقدر ما هم يحملون علم وطنهم ويتوشحون فيه .. يحملون صور شهداء سقطوا قبلهم .. ينشدون الحرية ويحلمون بالعيش في وطن ينعم فيه الأمن والأمان ، الأمر الذي لم يروق لعصابات القتل وقادة الألوية والمعسكرات فضلاً عن اولئك الحاقدين من الجنود اليمنيين اصحاب العقول الصدئة والمتمترسين خلف العربات والمصفحات الضاغطين على الزناد بأصابعهم المرتجفة وأياديهم القذرة الملطخة بالدماء وهي تطلق الرصاص عليهم بدون تأنيب للضمير او خوف من الله او حتى وجل لتجهز على احلامهم الكبيرة المفعمة بالأمل وتخطف منهم الحياه وتنهي مستقبلهم المنشود .
في وطني مدن تعيش على وقع الرصاص التي تلعلع في السماء وفوهات المدافع التي تهز جدران المنازل .. اشاوس الامن المركزي تنتشر بكثافه وتقتحم الأحياء السكنية ،، تزعزع الامن والاستقرار فيها وتغلق السكينة العامة تعتلي اسطح المباني وتهدد حياه الناس بالخطر .. تداهم البيوت وتلاحق النشطاء في الشوارع والأزقة وتبث الرعب بين اوساط المواطنين ، وأمن سياسي الى جانب مسلحين يتبعون احزاب يمنيه يقلون سياراتهم التي لا تحمل ارقام توزع الموت وتضل تتربص بحياة الناس وتغتال الكوادر العسكرية والأمنية الجنوبية المعروف عنها بالكفاءة .
اذاً هكذا هو المشهد في وطني (الجنوب) منذ اجتياحه وحينما وطأة اقدام العابثين أراضيه.. تدمير وقتل وبطش وانتهاكات ومداهمات .. دماء تسيل وأرواح تزهق في طريق الحرية ورفض شعبي وعدم القبول بالواقع المأساوي الذي افرزته الوحدة العمياء والمؤلمة حقاً.