لم يكن متوقعا أن يغدوا الحوثيون(أنصار الله)في يومٍ ما حكاماً بعد أن كانوا محكومين . لم يكن متوقعاً أن تصل جماعتهم إلى أغلب مدن ومناطق الشمال بعد أن كانوا محاصرين في مساحة صغيرة من صعدة، ولم يكن متوقعا أن يتحول عناصر الحوثي من كهوف مران وحيدان إلى قصور الستين والسبعين، فعلا إنها لمفارقة عجيبة، ولكن رغم ذلك يبقى الأمر كما هو في الشمال وفي شكل النظام، فلم يتغير شيء سوى أن قوة زيدية صعدت وأخرى تراجعت ولا تزال منظومة الحكم ماركة زيدية بامتياز, فيما لايزال أبناء المناطق الوسطى في معمعان الدرجة الثانية لا يأثرون ولا يتأثرون. الحرب على الحوثيين ستة حروب بِحُلْوِها ومُرِّها خاضها الحوثيون منذ 2002م مع نظام صنعاء وجيشها ورغم ما قيل ويقال عن هذه الحرب ولغزها الذي يرى الكثير من النقاد أنه لم يُحل.. نعم رغم ذلك تبقى مظلومية الحوثيين محل إجماع وذلك نتيجة ما تعرضوا له من حصار وقتل وتشريد السكان من مناطق صعدة جراء الحروب الست التي شنها الجيش اليمني على جماعة الحوثيين في صعدة على مدى عقد من الزمن. استراتيجية وتكتيك الحوثيين من صعدة حتى بلوغهم صنعاء تمكين الحوثيين لأنفسهم في صعدة وتوطيد أركانهم فيها وصولا لحكمها وقبل ذلك التزود بالعدة والعتاد على مدى الستة الحروب التي تصدوا فيها للجيش اليمني, ومن ثم التمدد باتجاه عمران وقتل القشيبي الموالي للإصلاح وبسط نفوذهم على المحافظة وكسرهم لشوكة الاصلاح وال الاحمر (الاخوان المسلمين) وصولا إلى مشارف صنعاء ومن ثم توظيف الجرعة الحكومية لتجيير ثورة شعبية أوصلتهم لصنعاء العاصمة وتمكينهم فيها ودقهم لآخر مسمار في نعش الإصلاح (إخوان اليمن) وال الاحمر.. كل ما سبق ذكره في الفقرة السابقة هو استراتيجية وتكتيك عالٍ منظم ومدروس ومخطط له فاجأ الحوثيون من خلاله الداخل والخارج لاسيما والتكتيك الذي بدأ من صعدة تدرج ووظف كل ما في طريقه حتى بلغ صنعاء وكان لسان حالهم حين انطلقوا (لابد من صنعاء وإن طال السفر) وفعلا بلغ الحوثيون صنعاء ليفرضوا أمرا واقعا على حين غرة من الداخل والخارج. تراجع شعبية الحوثيين بعض الأفعال التي ترتبت على تواجد جماعة أنصار الله في صنعاء أفقدتهم بعض التأييد في الشمال ومع سعيهم نحو فرض الأمر الواقع خلال تلكم المرحلة وتمددهم في الشمال إلى أن وصلوا مع القوى السياسية الشمالية إلى محطة اتفاق السلم والشراكة وما أعقبها بفترة بسيطة بدأت شعبيتهم في التراجع واعدائهم يزدادون والموقف الخارجي يتذمر من تصرفاتهم, وبالتالي كبرت الرقعة عليهم فغاب عن تكتيكهم حسن التنظيم واختلطت عليهم الأوراق وأضحت تصرفاتهم تنعكس عليهم سلبيا. أخطاء جسيمة للحوثيين الدستور وتمريره كان محل استفزاز للحوثيين الذين لم يحسنوا التصرف حياله فأقدموا على سلسلة أخطاء ابتداءً باختطاف بن مبارك ومن ثمّ إجبار الرئيس هادي وحكومة بحاح على الاستقالة ليطل زعيم الحوثيين على الملأ في خطاب مطول عقب تلكم الأحداث ويبرر إقدامهم على هذا التحرك بنظرية المؤامرة التي يقول أنها تستهدف اليمن وتمزيقه معللا ذلك بالقول إن تحركهم أقل كلفة من الكلفة التي كانت سوف تترتب على تمرير هذه المؤامرة, ليأتي بعدها أعظم الأخطاء التي يقدم عليها الحوثيون ألا وهو احتجاز القيادات الجنوبية العاملين في سلطة صنعاء ليضعهم تحت الإقامة الجبرية.
ظهور نوايا الحوثي تجاه الجنوب وضع القيادات الجنوبية وعلى رأسهم الرئيس هادي ورئيس الوزراء بحاح ووزير الدفاع الصبيحي تحت الإقامة الجبرية في صنعاء دون الشماليين وكذلك حديث زعيم الحوثيين بقوله (إن حضرموت لكل اليمنيين وكل اليمنيينلحضرموت, وعدن لكل اليمن وكل اليمن لعدن) بين نوايا جماعة الحوثي تجاه الجنوب واضحى الجنوبيون-المتعاطفون مع الجماعة- يدركون أن أفعالهم لا تخرج عن نمط الاحتلال القديم الجديد رغم الأقوال المعسولة مع العلم أن غالبية الجنوبيين ينظرون للحوثي كنظام فعلي (يدير السلطة من خلف الكواليس) من منظار الاحتلال. تورط الحوثيون في فرض الإقامة الجبرية على القادة الجنوبيين في صنعاء وقبلها استقالة هادي وحكومة بحاح أوجدت فراغا دستوريا ووضعت الحوثيين في الواجهة وأمام الأمر الواقع ولعل عدم اعتراض الحوثيين على الوساطة التي تبذلها بعض الأطراف لثني هادي وبحاح عن الاستقالة إلا خير دليل على أن الحوثيين في ورطة سياسية. ولا ننسى هنا أن مساعي الحوثيين كغيرهم من قوى الشمال والتي دأبت على إدارة النظام من خلف الكواليس وتجنب الظهور وتحمل المسئولية تؤزم من الورطة التي أوقع الحوثيون أنفسهم فيها أضف إلى ذلك تشعب المواجهة على الحوثيين وخروج احتجاجات شعبية في الشمال مناهضة لهم. خاتمة: رغم البداية الصعبة للحوثيين ومفاجأتهم للداخل والخارج ببلوغهم صنعاء باستراتيجية وتكتيك منظم ومدروس إلا أن الوضع الذي أوقع الحوثيون أنفسهم فيه قد يصنع بداية النهاية لكل ما حققوه..؟؟؟ صحيفة الامناء