المتأمل لتهاوي أنظمة الاستبداد كأوراق الخريف يكشف ما لا يدع مجال للشك ان حاكما قرر شعبه عزله بموجب حقه الشرعي والدستوري في هذا الشان كون الحاكم أجير عند الامة ان أحسن أعانته وان أساء عزلته .. وهذا ما يقوم به الثوار في كل الأقطار العربيه . هذا امر لا خلاف عليه .. لكن اين حكمة القائد الملهم و ردود أفعاله تجاه ما بجري داخل بلده وتهديد وجوده بالكامل لماذا لم تسعفه تلك الحكمة ان يجعل لنفسه مخرجا ولأسرته وقبل ان يقتل ويدمر . أصم آذاننا الاعلام الرسمي بصفات ذلكم القائد الملهم الحكيم صاحب القلب الكبير العطوف على شعبه الشغوف بخدمتهم صاحب المواقف العظيمة حتى وصل الامر الى وصفه بصفات لا تليق الا بالجبار جل جلاله ومن تلك الفضائع في المغالات في شخص ذلك الزعيم ان قيل عنه ( قبلك عدم وبعدك ندم ) هذا الزعيم الذي اشتق له صفه لا ينبغي ان تطلق الا لله سبحانه وهي الإيجاد من العدم . اين تلكم الصفات وتلك المغالات من تعاطيه مع شعبه فالمتامل لسلوك على صالح من بداية الثورة وحتى تاريخ اليوم منح على صالح فرص كثيرة لكن يبدوا ان حكمته لم تسعفه وهو مصر ان ينعم هو بتلك الحكمة ويطبقها على نفسه كما جربها على شعبه خلال 33 سنه عجاف دمرت تلك الحكمة كل ما هو جميل في هذا البلد المعطاء كما يحلو له ان يصفه في خطاباته . ولا ندري الى اين ستقوده هذه الحكمة خاصة بعد مقتل القذافي ذلك النموذج السيئ والذي كان على صالح يستلهم منه كل تلك الحكمة فاي عقل لهذا الرجل وهو يرى مصائر ثلاثة من اعتى الزعامات فبن علي هرب وحسني حبس ويحاكم والقذافي قتل ويا هل ترى اي نموذج سيختارة صاحبنا وقد علق بعض شباب الثورة على هذه الجزئية بان علي صالح ( سيأتي بما لم تأتي به الاول ) كما وصف بذلك مرارا وهو في اوج قوته ، قالوا سوف يهرب ويقبض عليه ويحاكم محاكمة عادله وسيكون مصيرة القتل جزاء ما ارتكب من مجازر . هذه هي الحكمة التي تورد المهالك وهي نفسها التي كانت تطبق على هذا الشعب لكن كانت براعة الاعلام الرسمي تبدع في تجميل وتزيين هذه الصفه العظيمة التي كانت تمارس في الظلام لكن اليوم اصبحت هذه الحكمة تمارس بشكل علني وبدون اي منتاج امام مرأى ومسمع كل العالم. ومن حقنا كشعب ان نبدئ راينا في هذه الحكمة التي مورست علينا ظلما وهي لم تسعف صاحبها عندما احتاج لها .. فأرى ان سبب عناد الرجل ومكابرته هو إرادة ربانيه لفضح الرجل فكل يوم وفي كل مرحله من مراحل الثورة يحرق اكثر ويخسر حلفاء اكثر وكان آخرهم خلال الاسبوعيين الأخيرين الغطاء الخارجي الذي استطاع الثوار بسلميتهم وثباتهم إحراج المجتمع الدولي للاعتراف بثورتهم والضغط على الرجل للرحيل من السلطة وكل يوم والخناق يزيد اكثر فاكثر وسيكون مصيره مصير أسلافه في الماضي القريب والبعيد . من ذلك ما قام به الخليفه هارون الرشيد بقتل البرامكه وابادتهم بعد ان كانت للبرامكة مكانة عالية في الدولة العباسية، فقد كان يحيى بن خالد البرمكي مسؤولاً عن تربية الرشيد، اما زوجته فقد أرضعت الخليفة هارون الرشيد، وقد قام يحيى بن خالد على أمر وزارة الرشيد وقد فوضه الرشيد بكل الأمور. أما الفضل بن يحيى بن خالد فقد كان أخ الرشيد من الرضاعة ووكله على تربية ابنه الأمين بن هارون الرشيد. وفي ليله وضحاها من ليالي عام 803م تحول كل ذلك السلطان والنعيم الى قتل و قيود واغلال من قبل الرشيد فيسأل احد صغار السن من البرامكه وهو مقيد وبقيه قومه في السجن ( بالأمس كنا وزراء وآمرا واليوم نحن في السجن ) فرد عليه احد عقلائهم ، نعم رب دعوة مظلوم إصابتنا ليلا ونحن عنها غافلين .. فلا نستغرب من تخبط الرجل فكم في هذا الشعب من مظلوميين ارسلوا سهامهم ليلا وهو عنها مكابر ومعاند .