حلم المواطن اليمني منذ زمن طويل بتوحيد الشطرين , وتمنى أن تأتي هذه اللحظة التاريخية قبل ان يوارى جسده المتعب الثرى , ليرى ويعيش هذا الحلم الجميل واقعاً على ارض السعيدة , لينعم بخيرات الوطن الواحد , والتنقل بحرية في أرجاء الوطن الكبير بعيداً عن القيود وكبت الحريات , وليهنأ بالهدوء والسكينة بعد المكايدات والصراعات التي حدثت بين حكام الشطرين ( وليس الشعبين ) وجاء هذا اليوم الذي استبشر اليمنيون خيراً ببزوغ فجره في 22/مايو /1990م ولكن سرعان ما تلاشى ذلك الحلم الجميل , وهذه الفرحة الغامرة بفعل السياسات الخاطئة والطائشة التي انتهجها النظام السابق وبعض الشخصيات التي لا زالت حتى اليوم في مواقع القرار , هذه السياسات التي حولت حلم الشعب إلى كابوس مخيف وجعلت المواطن في المحافظات الجنوبية يشعر بالغبن والحسرة على مثل هكذا وحدة !! والتي طالما حلم وتغنى بها , والعيب ليس في الوحدة فالوحدة أنزه وأسمى من كل ذلك ( نعيب زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيب سوانا ) بل العيب في المتربعين على هرم السلطة , والسؤال الذي يطرح نفسه ويتجاهله الكثير بل ويخجل منه البعض !! لماذا لم نسمع أو نرى على طول البلاد وعرضها مواطن واحد فقط من أبناء المحافظات الشمالية ينادي بفك الارتباط ؟؟؟بينما نسمع ونرى من ينادي بذلك من المحافظات الجنوبية !! هل لأن أبناء تلك المحافظات التي لا تنادي بفك الارتباط أكثر وحدوية ووطنية من تلك التي تنادي بفك الارتباط ؟؟؟ سؤال يحتاج من أصحاب الرأي والقرار وعقلاء الأمة الوقوف عليه بمسؤولية والبحث عن أسبابه وتداعياته , وطرح الحلول العملية والصحيحة وليس الترقيعية ( كما كان يفعل نظام العائلة ) بعيدا عن المزايدات والنفاق السياسي , حيث وان النظام المستبد الذي زرع هذا الحقد وهذه الكراهية بين أبناء الشعب الواحد , والذي تفنن بتعذيب وتجويع واهانة الشعب باسم الوحدة ( البريئة من أفعاله المشينة ) ليتهرب من وضع المعالجات والحلول لهذا السرطان الذي زرعه في جسد الأمة , قد ذهب غير مأسوف عليه إلى مزبلة التاريخ والى غير رجعة بإذن الله , تقع المسؤولية اليوم على قادتنا ثم علماؤنا الأجلاء ومثقفينا لمداواة الجرح الغائر والنازف في جسد الوطن , والعمل على إعادة الثقة لأبناء الوطن , وخصوصاً في المحافظات الجنوبية وذلك بعودة الحقوق المسلوبة وإعادة المسرحين إلى أعمالهم , وخلق ثقافة الحب والوئام والأخوة بين أبناء الوطن الواحد لتحل بديلاً عن مصطلح ( الوحدة أو الموت ) الذي ابتدعه الدكتاتور علي .. لأخذ الحقوق وظلم الشعب بهذا المصطلح !! فالشعب اليمني من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه أكثر حرصاً على وحدته من ذلك المعتوه "الطالح" .