منذ ظهورهم في هذه المحافظة مثلوا المصدر الأول للقلق في أوساط المواطنين، كانوا يتظاهرون بالرحمة وحاولوا قدر المستطاع التعايش مع فئة الشباب على وجه التحديد، لكن الجميع كان يعلم الهدف الحقيقي لتوافدهم على المحافظة، فضلوا دائماً منبوذين. بعد ان استولى المتشددون على عاصمة المحافظة ، أو أن سلمت المدينة لهم كما يصف الوضع أبان سيطرة تلك الجماعات على المدينة وأغلب معسكرات الجيش والأمن في مدينة زنجبار وما تلا ذلك من قصف مدفعي مكثف شرعت فيه القوات اليمنية أستهدف في غالبيته مساكن المواطنين، في تلك الأثناء لطالما أجتهد أمراء الجماعات المسلحة في سؤال المواطنين (هل ما أصابكم من قصف كان بأسلحة المجاهدين) في ايحاء مبتذل بأنهم ضحايا مثلهم مثل النازحين. ليسوا ضحايا فهم مدفوعون ومدفوع لهم مسبقاً ، هكذا يصفونهم نازحي أبين الذين ألتقينا بهم، ويضيف هؤلاء النازحين بأن تلك الجماعات، حاولت أرتداء قناع الملائكة في تعاملهم مع أبناء المحافظة كي لا يثور ضدهم المواطنين ولعلهم يتمكنون من تجنيد بعض من المراهقين عن طريق خدعهم بتلك المظاهر الكاذبة. بعد نزوح الآلاف من أبناء مدينة زنجبار في الأيام الأولى والذين كانو في غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنين، تعاملت تلك الجماعات مع من بقى المدينة بأسلوب راقي لا يوصف، يقول أحد أبناء المدينة ويدعى (ف. ع م) ان تلك الجماعات كانت تقاسمنا الطعام وعادةً ما يهتمون بأخبارنا والسؤال عن حالنا، وبعد أن أشدت حدة الاشتباكات بين الجماعات والقوات المسلحة غادر المدنية غالبية أهلها خلا أشخاص هناك وهناك مكثنا لحماية منازلنا ومنازل جيراننا من السرقة، حينها لاحظنا تغير أسلوب تلك الجماعات في التعامل معنا، وعادة ما يتغير أسلوبهم في التعامل بعد أن يحاولوا استقطاب الشخص للقتال معهم ويفشلون، الأمر الذي دفع كثيراً منا للرحيل خصوصاً بعد اعتداءاتهم على الكثير من الأشخاص واتهامهم بالجاسوسية، يقول المواطن الذي فضل عدم الكشف عن هويته، كنا نعرف بأن هذه أساليب تطفيش لا أكثر، بغية خروجنا من المدينة، كون تلك الجماعات لا تتهاون مع من ثبت لديهم تورطه في أعمال تجسس فجزاءه التصفية الجسدية مباشرة، لكن ترويع المواطنين بتلك الطريقة والاعتداء عليهم وطالبتهم بالرحيل، كشف الوجه الحقيقي لهؤلاء المتشددين. شرعت تلك الجماعات في تنفيذ الحدود، باعتبارها إمارة إسلامية قائمة على أساس العدل ، فقد تم قطع يد فتى يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً ، وشاباً آخر معه بتهمة سرقة كابلات كهربائية من على الأعمدة في المدينة ، في منحاً خطير لتلك الجماعات حيث طبق الحد في جريمة لا تعد حدية شرعاً، فمن أركان جريمة السرقة التي تستوجب الحد بقطع اليد، أن يكون المسروق مملوكاً لشخص (مال خاص وليس عاماً)، ومن أهم أركان السرقة الحدية أن يكون المال المسروق محرزاً، أي مغلق عليه والسارق في سبيل الأستيلاء عليه قد قام بالكسر ، كأن يكون المال في بيت وكسر الباب أو في صدوق وكسر قفله ، وإذا افترضنا أن جريمة السرقة حدية مستوفيه لأركانها ، لكن في الوضع الحالي التي تعيشه المدينة فقد توفر أحد موانع تنفيذ الحدود ، فقد نقل أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عام المجاعة أوقف تطبيق الحدود واستعاض عنها بالتعزير، أن هذا الأمر يضهر مدى جهل هؤلاء المتشددين بأحكام الشرع. بالمقابل فأن تلك الجماعات تهاونت مع بعض عناصرها التي قامت بنهب المرافق الحكومية وتركها قاعاً صفصا، بل واكثر من ذلك فقد توافر في عناصر تلك الجماعات ، أكتمال كثير من أركان الجرائم الحدية، فمنهم من نهب مساكن المواطنين ، وقطع الطرقات لسرقة السيارات (جريمة الحرابة) ، وجريمة شرب الخمر ، لكن أياً من هؤلاء لم يتم تأنيبه حتى على ارتكابه الجرم المشهود. شر البلية ما يضحك، هكذا بدأ المواطن (ن. س. ع) والذي يرقد حالياً في أحد المستشفيات الخاصة في عدن جراء الأعتداء، الوحشي عليه من قبل تلك الجماعات، يروي لنا قصته قائلاً: جاء إلي مجموعة من المسلحين وأنا في بيتي بمنطقة الكود ينصحونني بمغادرة المنطقة سريعاً كونهم يملكون معلومات بأن الجيش سيقصف المنطقة عند حلول المساء، وعندما أخبرتهم بأنني لا أملك مكان آخر أوي إليه، تركوني وهم يقولون اللهم هل بلغنا اللهم فاشهد ، دب الرعب في قلبي ، ولأنني بالفعل لا أملك مكان آخر ألجئ إليه بقيت في منزلي مردداً الشهادتين طيلة تلك الليلة ، عند الصباح عاد إلي الأشخاص أنفسهم وبادروني بالضرب فتشوا منزلي وعبثوا بكل محتوياته،ثم صادروا جوالي وحققوا معي عن هوية كل الأسماء والأرقام الموجودة فيه، ومع كل رقم كنت ألقى سيلاً من اللكمات والركلات والتهم، بعدها أمهلوني ساعة واحدة لأغادر المنطقة مالم فأنهم سيعودون لقتلي، لذا غادرت المنطقة وأنا بهذه الحالة المزرية. مثل الحالة السابقة يقول لنا الكهل ( ع . ع . ش ) أن خمسة مسلحين جاءوا إليه ليطلبوا منه المغادرة، فأجابهم بانه وزجته سيبقون في بيتهم حتى ينزل الله أمره ، فلم يعد في العمر ما يستحق أو يستحمل البهذله ، غادروا وهم يشددو عليه بالرحيل ، وماهي إلا ساعتين حتى عادوا من جديد ويحمل أحدهم سيفاً، وقالو له إما أن تغادر الان أو سنقطع رؤسكم ونعلقها على باب البيت باعتبارك جاسوس ، ثم غادر المسن منزله وأغلق باب البيت وهم لا زالوا بجواره حتى أطمئنوا بأنه سيغادر المحافظة. هذه بعض من مشاهد إرهاب المواطنين في أبين من قبل من يسمون أنفسهم (أنصار الشريعة) ، هل هذا هو النموذج الأمثل لدول الخلافة الإسلامية التي ينادون بها ، هل ستبقى معاناة المواطنين هناك طويلاً أم أنها ستنتهي قريباً ، أو أن رقعة هذا الكابوس الجغرافية ستتسع في ضل الفشل المتكرر للجيش اليمني في حسم الأمور هناك، نسئل الله فرجاً قريباً لهذه المعاناة وأن لا يولي علينا بذنوبنا من لا يخافه فينا ولا يرحمنا.