عدن اون لاين/خاص/فؤاد مسعد مؤخرا بدأت التناولات الإعلامية تشير إلى علاقة جديدة طرفاها الحراك الجنوبي من جهة و مرجعيات إيرانية أو وكلاء لها من جهة ثانية، و مع أن الموضوع بدا قبل فترة من خلال تكهنات و تخمينات إلا أن تصريحات بعض قيادات حراكية مؤيدة لهذا التقارب عززت من تلك التناولات، وفي مقدمتها ما قاله علي سالم البيض لصحيفة الأخبار اللبنانية الشهر الماضي عن إمكانية فتح باب للتعاون مع أي طرف إقليمي لحشد الدعم لقضية الجنوب، و ليس خافيا من هو الطرف الإقليمي الذي ينشد البيض دعمه في ظل الواقع الذي يعيشه الحراك الجنوبي في الفترة الراهنة مما يصفه من تجاهل إقليمي لقضيته، و ما يشكو كثيرون من قياداته من تعتيم إعلامي على فعالياته و مطالبه، و الملاحظ أن علاقة من هذا النوع تعد مطلبا ملحا لقيادات الحراك و قواعده بعد انسداد الأفق الإقليمي والدولي لصالح المبادرة الخليجية التي ترى حل القضية الجنوبية ضمن حوار وطني شامل يشارك فيه الجميع، غير أن التقارب بين الحراك و إيران مهما كانت الظروف أمر غير مرحب به من قيادات أخرى سيما القيادات الميدانية البارزة وفي المقدمة العميد/ ناصر النوبة والدكتور/ ناصر الخبجي، حيث نقلت صحيفة الشرق عن رئيس الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب العميد ناصر النوبة قوله أنه والقوى السياسية في جنوب اليمن "لن يسمحوا لمن دأب على سلوك الأهواء والمجازفات السياسية لتحويل القضية الجنوبية رأس حربة بيد إيران لتوجيهها صوب أشقائنا في دول الخليج". وحذر النوبة بعض القيادات الجنوبية مما وصفها مغبة نتائج اللقاءات التي تجريها هذه القيادات في بعض العواصم العربية والإسلامية، التي تكشف عن نوايا مبيتة لهم ولأطراف أخرى لجر الحراك الجنوبي وقضيته العادلة إلى أتون المزايدات والصراعات الإقليمية التي تخدم بعض القوى في الشرق الأوسط وتستهدف المحيط الإقليمي والجيران في منطقة الخليج العربي. و يرى الخبجي أنه لا وجود لقواسم مشتركة تربط الحراك بالحوثيين إلا من قبيل تعاطف الحراك مع الحوثيين خلال الحروب السابقة وليس تعبيرا عن وجود علاقات تنسيق بين الطرفين، وقال "إن الحراك الجنوبي تعاطف مع قضية صعدة والحروب الستة التي شنها النظام عليهم في فترات متفاوتة من منطلق أنها حروب ظالمة، لكن في الوقت نفسه لا يعني ذلك وجود قواسم أو تحالفات مع الحوثيين لأنهم يشكلون تحالفا استراتيجيا مع أحزاب اللقاء المشترك وهم جزء لا يتجزأ من الثورة في الشمال ولا ينسجم توجههم مع ثورتنا السلمية في استعادة دولة الجنوب وهذه إرادة شعب الجنوب وعلى الجميع احترام هذه الإرادة بعيدا عن التحالفات التي لا ترقى إلى مستوى استعادة الدولة الجنوبية." و إن كان ما يجعل الخبجي يستبعد الحوثيين لكونهم جزءا لا يتجزأ من الثورة (في الشمال) إلا أنه يمكن أن ينسحب تصريحه على أي تقارب مع إيران خصوصا و أن التقارب مع الحوثيين هو جواز العبور بالنسبة للحراك في الداخل و عليه يعول بعض قيادات الحراك الذين لا يمانعون من إنشاء علاقة التقارب التي يراد أن تجمع بين الطرفين. ومن المفيد الإشارة إلى أن تصريحات النوبة والخبجي تأتي في ضوء رؤية بعض القيادات الميدانية للحراك التي ترى أنه من الخطأ وضع القضية الجنوبية محل التجاذبات الإقليمية والصراعات لأن من شأن ذلك إلحاق الضرر بالقضية بخلاف قيادات فك الارتباط في الخارج التي يتزعمها البيض ولا ترتبط بأية علاقة مع السعودية و دول الخليج فهؤلاء يعدون العلاقة مع إيران و التقارب معها ورقة رابحة من حيث إمكانية التلويح بها في وجه مسئولي الخليج الذين يديرون ظهورهم للقيادات الجنوبية المطالبين بالانفصال، و بالتالي فإن ابتزاز الإقليم بمخاوف سقوط مربع مهم في جنوب الجزيرة العربية تحت السيطرة الإيرانية سيجعل أمراء الخليج يعيدون النظر في تعاطيهم مع الحراك الجنوبي و قضيته و إعطائهم أهمية أكبر من اعتبارهم مجرد طرف من الأطراف السياسية في اليمن كما هو وارد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، كما أن أشياع هذه الفكرة يقللون من كون أبناء الجنوب في الأساس ليسو مرحبين بأي تقارب مع إيران لاعتبارات مذهبية و حتى في حال بالغ الطرف الذي يتبنى هذا التقارب و يتحمس له فالمؤكد أن المحافظات الجنوبية ليس بمقدورها أن تتحول صعدة جديدة أو تكون كما هي ضاحية بيروتالجنوبية معقلا لمسلحي الفكر الشيعي. وزير الداخلية الأسبق حسين عرب وهو من القيادات الجنوبية المعروفة حذر من تواجد إيراني في الجنوب، و في تصريح نقلته وسائل إعلام محلية الأسبوع قبل الماضي أشار إلى إمكانية استغلال إيران للقضية الجنوبية و ردود الفعل نحوها من قبل دول الخليج، وقال أن إيران تسعى حاليا وبقوة لأجل ذلك. و أضاف "إن دولة إيران تحاول اليوم استغلال حالة التذمر الحاصلة جراء المظالم التي قال أن نظام الرئيس صالح مارسها ضد الجنوبيين منذ العام 1994م. و في حين تعد التحديات التي يواجهها البيض أبرز ما يجعله يبحث عن طرف إقليمي يدعمه في المطالبة بالانفصال، خصوصا و أنه يواجه عددا من المعوقات منذ خروجه على وسائل الإعلام منتصف العام 2009م بخلاف الرئيسين علي ناصر والعطاس الذين يحظيان بعلاقات واسعة و يقومان بحركة دؤوبة تتوافق ومتطلبات المرحلة، و هو ما بدا على البيض مؤخرا حين ظل ظهوره الإعلامي على ما تبثه قناة (عدن لايف) التي يدعمها و يشرف عليها، و في الآونة الأخيرة بدأ ظهور البيض في وسائل إعلام لبنانية محسوبة على التيار الشيعي و من خلالها تم الترويج لفكرة التقارب. بسام السيد أحد خطباء عدن يفسر بحث البيض عن علاقة مع إيران تعبير عن "الإفلاس أو الطيش السياسي هو ما يقود ببعض الأسماء أو الأحزاب في الجنوب للتهافت والاستقواء بإيران، و في تصريحات صحفية نقلتها صحيفة الأخبار اللبنانية يقول السيد إن المتهافتين لا يمثلون إلا أنفسهم، و هو ما يتفق معه الشيخ/ علي الأحمدي القيادي حركة النهضة السلفية،الذي يعتقد أن علاقة الحراك بإيران أمر خطير، و من شأنه أن يضرّ بالقضية الجنوبية. من جهة ثانية فلا يستبعد أن إيران في هذا الظرف الحرج تبحث عن شراكة جديدة و علاقات جديدة مع أطراف في اليمن خصوصا في ضوء التطورات الأخيرة التي استجدت في اليمن والمنطقة، و إذا كانت المبادرة الخليجية المدعومة من خصوم إيران في الخليج و الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية فإن السعي الجاد من إيران لإفشال المبادرة والعمل على تصعيد الموقف و تفجيره إن أمكن في أكثر من منطقة يمنية هو الخيار الأقرب لإيران و حلفائها و من ينوون إقامة تحالف معها، و ذلك على قاعدة العداء للمبادرة بوصفها وصفة سعودية أمريكية، و رفضها يعني رفض التدخل السعودي والهيمنة الأمريكية، وهو ما دأب عليه إعلام الحوثيين و الإعلام المدعوم من إيران حين ظل يرفض المبادرة باعتبارها تدخلا أمريكيا و سعوديا، و على سبيل المثال فإن قناة العالم و أخواتها يطلقن على المبادرة وصف (مبادرة الرياض) في سياق ربطها بالمملكة العربية السعودية مع أن الأمر المسلم به لدى الجميع أن المبادرة مبادرة خليجية بامتياز و يتفق في ذلك المؤيدون لها والرافضون لها، والغريب في الأمر أن حلفاء إيران القدماء و الجدد (التاريخيين والطارئين) في سياق تحذيرهم من تغلغل سعودي أو تدخل أمريكي لا يتورعون عن التبشير بفكر إيراني جديد ظاهره دعم القضايا والمظلومين و باطنه استحداث بؤر صراع على أسس مناطقية و مذهبية و طائفية.