عمت فرحة غامرة فصائل الثورة الیمنیة بمناسبة فوز الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسیة المصریة، وتظاهر عشرات الآلاف من الیمنیین في صنعاء مساء أول من أمس فور إعلان فوز مرسي في الانتخابات الرئاسیة في مصر ورفع بعضھم شعارات تحتفل بإعلان الدكتور محمد مرسي رئیسا لمصر، وسجد بعضھم على الأرض شكرا لفوز مرسي برئاسة مصر حسب ما أفادت وسائل إعلام محلیة. وخضبت الفتیات أیدیھن بأعلام البلدین وعبارات تبارك لمحمد مرسي فوزه، دون أن تغفل الأمل لنجاح الثورة الیمنیة التي لا یرى الشباب أنھا حققت أهدافھا كاملة. واخترقت مسیرة شباب الثورة لأول مرة الضاحیة الجنوبیة من العاصمة صنعاء، حیث مرت بشوارع منطقة حدة الراقیة، مرورا بالقرب من القصر الرئاسي ومعسكر الأمن المركزي وعدد من السفارات العربیة والأجنبیة، ورجوعا إلى ساحة التغییر بصنعاء. وردد المحتجون خلال المسیرة شعارات تبارك للشعب المصري بفوز مرسي بالانتخابات الرئاسیة، مطالبین المصریین بالتوحد والوقوف إلى جانب رئیسھ المنتخب. وعلى المستوى الرسمي بعث الرئیس الیمني عبد ربھ منصور هادي برقیة تھنئة إلى الدكتور محمد مرسي بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسیة. مراقبون: فوزه خیبة أمل لقوى الثورة المضادة.. و(بقایا النظام) كانت تعد لاحتفالیة بفوز شفیق
وأبدى الرئیس الیمني الارتیاح الشدید والسعادة لما اتسمت بھ هذه الانتخابات من نزاهة ما یؤكد على أن مصر قد ولجت عھدا جدیدا یتسم بالدیمقراطیة والحریة واحترام حقوق الإنسان حسب ما أوردت وكالة الأنباء الیمنیة (سبأ).
ویعد خروج عشرات الآلاف من الیمنیین احتفالا بفوز محمد مرسي في الانتخابات الرئاسیة المصریة ملمحا من ملامح التواشج الطبیعي بین الیمن ومصر تأكیدا للمقولة القدیمة: «یحدث الحدث في القاهرة ویتردد صداه في صنعاء» كما یقول راجح بادي نائب رئیس تحریر صحیفة «الصحوة» الناطقة باسم التجمع الیمني للإصلاح ذي التوجھ الإسلامي في الیمن في حدیث ل«الشرق الأوسط» عبر الھاتف من لندن.
ویضیف بادي «التاریخ السیاسي الیمني الحدیث یحاكي التاریخ السیاسي المصري الحدیث، ولا توجد دولة في العالم من وجھة نظري تتأثر بما یحدث في مصر مثل الیمن على الرغم من البعد الجغرافي بین البلدین» وفي رد على سؤال حول ما إذا كان للوجود القوي للتیارات الإسلامیة في فصائل الثورة الیمنیة، دور في هذه البھجة والفرحة التي عمت الشارع الثوري الیمني، قال بادي «علاقة التأثر والتأثیر بین الشعبین المصري والیمني ممتدة في التاریخ قبل وجود الإخوان المسلمین في البلدین.. ربما كان لوجود الإسلامیین في الشارع الیمني دور في زخم الفرحة لكن ذلك جزئیة إذ إن تاریخ العلاقة بین الشعبین تتجاوز وجود الإخوان في كلا البلدین».
وبدوره یقول الدكتور عبده غالب أمین الدائرة السیاسیة للتنظیم الوحدوي الشعبي الناصري والناطق الرسمي باسم تكتل أحزاب اللقاء المشترك في حدیث عبر الھاتف مع «الشرق الأوسط» في لندن «فوز محمد مرسي في مصر یمثل انتصارا لكل الثورات العربیة في إطار الربیع العربي، وهو بالتأكید انتصار للثورة الیمنیة، على اعتبار أنھ دعم للإرادة الشعبیة الثوریة في الیمن، وانتكاسة حقیقیة للقوى المضادة للثورة في بلدان الربیع العربي».
وأضاف العدیني «نحن في الیمن نرحب بھذا الانتصار، ونرحب بما تحقق لمصر على الصعید الدیمقراطي والثوري، ونھنئ مرسي والمصریین ونھنئ أنفسنا، ونأمل أن یضع هذا الانتصار مصر على الطریق الصحیح الذي یلیق بدورها ومكانتھا التاریخیة».
وعلى الرغم من أن وسائل إعلام یمنیة تناقلت خبر تھنئة الرئیس الیمني السابق علي عبد الله صالح لمحمد مرسي بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسیة المصریة، فإن فوز محمد مرسي ربما لم یكن ما یتمناه أنصار الرئیس السابق، على اعتبار أن فوزه سیعطي زخما قویا للقوى الثوریة ولأحزاب اللقاء المشترك والقوى السیاسیة والقبلیة الأخرى التي أیدت الثورة الشعبیة الشبابیة في الیمن.
وحول أثر فوز الدكتور محمد مرسي على ما یسمى في الیمن «بقایا النظام»، وهي التسمیة المقابلة لما یسمى في مصر ب«الفلول» یقول راجح بادي «لا شك أن فوز مرسي یمثل خیبة أمل كبیرة للجانب الآخر، حیث تؤكد المعلومات أن أنصار النظام السابق في الیمن كانوا یھیئون أنفسھم لاحتفالات واسعة في حال أعلن فوز أحمد شفیق في الانتخابات الرئاسیة في مصر».
ویرى الدكتور العدیني «لو فاز شفیق في الانتخابات الرئاسیة المصریة، فإن ذلك كان من الممكن أن یشكل ضربة موجعة للثورات العربیة، تماما كما أن فوز مرسي أعطى هذه الثورات زخما جدیدا»، وأضاف العدیني «لا شك أن القوى المناهضة للثورات العربیة ستتأثر سلبا بفوز مرسي، كما كان لھ أثر إیجابي على الثوار والقوى المؤیدة للثورة في الیمن».
وفیما إذا كانت القوى الحداثیة واللیبرالیة المؤیدة للثورة في الیمن تتخوف من أن فوز مرسي سیعطي زخما قویا للإسلامیین في الیمن على حساب القوى السیاسیة الأخرى قال العدیني «في الحقیقة نحن في الیمن نعتز بتجربتنا في اللقاء المشترك التي كان لھا دور كبیر في تطور التفكیر السیاسي في الیمن نحو إدراك حقیقة أنھ لم یعد ممكنا أن یتم بناء دولة مدنیة من خلال فریق سیاسي واحد أو رؤیة واحدة، وما جرى في مصر یؤكد صواب رؤیتنا في اللقاء المشترك، وهذا یعني أن حزب الحریة والعدالة لا یمكنھ بمفرده أن یقود دولة كبیرة في حجم مصر دون اللجوء إلى الشراكة السیاسیة مع كافة القوى الوطنیة الأخرى».
وفي هذا الموضوع یقول راجح بادي «لا شك أن بعض الشخصیات لھا مخاوف محددة في هذا الخصوص، ولكن في هذه المرحلة یبدو أن هذه المخاوف أجلت لإتاحة الفرصة لاستكمال الزخم الثوري، ولأن القوى الثوریة ترى الیوم أن المعركة الحاسمة لیست بین القوى المؤمنة بالثورة، ولكن المعركة هي معركة انتصار الثورة لأن المرحلة دقیقة وحساسة وإما أن تكون هناك ثورة أو لا تكون، وهذا ما جعل بعض المخاوف من سیطرة الإسلامیین تؤجل لدى بعض القوى السیاسیة الأخرى في الیمن»