بعد أيام فقط من تباكي زعيم الجماعة الحوثية في أحدث خطاباته على تدهور الوضع الاقتصادي وعجز جماعته عن إدارة المناطق التي تسيطر عليها، افتعل الحوثيون أزمة وقود جديدة في صنعاء والمناطق الخاضعة لهم، في مسعى يرجح المراقبون أنه يمهد لفرض زيادة جديدة على أسعار المشتقات النفطية. وجاء ذلك في وقت واصلت الجماعة الانقلابية أعمالها القمعية بحق التجار والصرافين ومصادرة العملة المطبوعة من قبل البنك المركزي الخاضع للحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، إلى جانب استمرارها في قمع الناشطين والصحافيين وإخضاعهم للمحاكمات غير القانونية. وأدت الأزمة الخانقة التي افتعلتها الجماعة الحوثية في المشتقات النفطية إلى عودة الطوابير الطويلة للسيارات أمام المحطات، وسط حالة من الهلع في أوساط سكان العاصمة صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة، على إثر إيعاز عناصر الميليشيات بإغلاق أغلب المحطات في وجوههم. وبحسب شهود تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» انتعشت من جديد في صنعاء أمس السوق السوداء، إذ اضطر ملاك العربات إلى شراء الوقود بأسعار مضاعفة، فبدلا عن السعر المفروض سابقا لمادة البنزين من قبل الجماعة وهو 9 آلاف ريال للصفيحة سعة 20 لترا بات سعره في السوق السوداء أكثر من 15 ألف ريال (حوالي 25 دولارا). واتهم سائقو سيارات الأجرة الجماعة الحوثية بأنها مسؤولة عن افتعال الأزمة على الرغم وجود كميات كبيرة من مخزون الوقود بأنواعه في خزانات المحطات وفي الخزانات المركزية لشركة النفط اليمنية الخاضعة للجماعة في منطقة الصباحة، فضلا عن تدفق عشرات الناقلات إلى صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة بشكل يومي. ويرجح المراقبون أن الجماعة تسعى إلى مضاعفة معاناة السكان في المحافظات الخاضعة لها عبر فرض زيادة جديدة، في أسعار الوقود، لجهة زيادة الأرباح التي تجنيها من تجارة النفط التي تحتكرها في مناطق سيطرتها وتسخر عائداتها المالية لتمويل المجهود الحربي. وبحسب تقديرات أممية، تحصل الجماعة الموالية لإيران على أرباح يومية تقدر بنحو ثلاثة ملايين دولار، جراء بيع وتسويق المشتقات النفطية من قبل التجار الموالين للجماعة وأصحاب المحطات، بعد أن قررت احتكار تجارة الوقود منذ انقلابها على الشرعية في 2014 وقيامها بإلغاء دور شركة النفط الحكومية من القيام بهذه المهمة الخدمية. وستؤدي أي زيادة في أسعار الوقود، إلى مضاعفة معاناة السكان لجهة زيادة أجور النقل والمواصلات، والذي ينعكس بدوره على زيادة أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، بخاصة أن الجماعة تمتنع عن دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها منذ أكثر من عامين، تحت ذريعة أن الشرعية قامت بنقل البنك المركزي إلى عدن.