أبدت أوساط سياسية استغرابها ومخاوفها في آن واحد، من الحضور اللافت الذي تسعى السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية من تسجيله في محافظة حضرموت، شرقي اليمن، أكبر المحافظاتاليمنية من حيث المساحة، خاصة مع ورود أنباء عن سعي أميركي لإنشاء قاعدة عسكريها لها، باسم التحالف العربي، في حضرموت، سيما وأن الولاياتالمتحدة الأميركية لديها وحدة عسكرية تتواجد بشكل دائم منذ أكثر من عام في محافظة حضرموت، حيث نقلت بعض المعدات الخاصة بمكافحة الإرهاب التي كانت في السفارة الأميركية بصنعاء إلى حضرموت، بعد مقتل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح. صباح يوم الخميس المنصرم وصل سفيرا المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة، "محمد آل جابر" و"ماثيو تولر"، إلى مدينة المكلا مركز المحافظة. وقالت مصادر محلية: إن السفيرين وصلا على متن طائرة سعودية إلى مطار الريان، الذي صار جزء كبير منه قاعدة إماراتية أمريكية مشتركة، ولا يزال مغلقاً أمام الطيران المدني منذ إنهاء سيطرة مسلحي القاعدة على المدينة، منتصف العام 2016م. وأشار المصدر، إلى أن هذه الزيارة تعد الثانية للسفير الأمريكي للمكلا؛ حيث زار العام الماضي القاعدة العسكرية في مطار الريان، الذي تتواجد فيه قوات رمزية أمريكية إلى جانب القوات الإماراتية، فيما تأتي زيارة السفير السعودي بغرض تدشين منحة النفط السعودية المقدمة لكهرباء حضرموت، التي وصلت دفعة كبيرة منها إلى ميناء المكلا صباح يوم الخميس. وبدأ السفيران برنامج زيارتهما بفعالية استقبال أقيمت داخل مطار الريان (القاعدة العسكرية)، ودُعي له عدد محدود من الإعلاميين، وشارك فيها اللواء/ فرج البحسني محافظ المحافظة قائد المنطقة العسكرية الثانية، وسالم الخنبشي نائب رئيس الوزراء. وتأتي هذه الزيارة بعد ساعات فقط، من عودة محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء فرج سالمين البحسني، إلى المكلا قادما من أبوظبي بعد زيارة غير معلنة للإمارات استمرت يوماً واحداً. كما تأتي هذه الزيارة في ظل أنباء تتحدث عن احتمالات بوجود توجه للتحالف العربي لإقناع قيادة الحكومة الشرعية بدمج المنطقتين العسكريتين "الأولى والثانية"، المتمركزتين في حضرموت، في منطقة عسكرية واحدة يقودها اللواء/ فرج البحسني، الذي قد يغادر منصبه كمحافظ لحضرموت، بعد أن قام بترشيح شخص آخر للإمارات لتولي مهام المحافظة. ويرى كثير من القادة العسكريين أن دمج المنطقتين العسكريتين "الأولى والثانية" في منطقة واحدة، الهدف منه تعزيز المناطقية والعنصرية في أوساط المؤسسة العسكرية برعاية سعودية، إماراتية، أميركية، حيث تسعى خطة الدمج لإخراج جميع الضباط والجنود الذين ينتمون لأي محافظة من المحافظات الشمالية، في حين أن القيادات الجنوبية هي من تتولى معظم المناصب القيادية في مؤسسات الدولة التي لم يتمكن التحالف والحكومة الشرعية من استعادتها من المتمردين الحوثيين، بعد ما يقارب "4" سنوات من الحرب. وفي محاولة من السفيرين السعودي والأميركي إلى لفت الأنظار بعيداً عن أهداف بلديهما العسكرية في حضرموت، ذهبا لإطلاق تصريحات عن الخطر الإيراني في المنطقة، حيث شدد السفير الأمريكي لدى اليمن "ماثيو تويلر" على ضرورة إنهاء حرب اليمن بطريقة "تعيد سيطرة الحكومة على المؤسسات". وقال تويلر، في مقابلة مع وكالة "اسوشيتد برس" خلال حضوره عرضاً عسكرياً في المكلا شرقي البلاد، يوم الخميس: "الحل في اليمن يكمن في تضافر الأطراف وإيجاد طريقة لتقاسم السلطة بسلام". واتهم الدبلوماسي الأمريكي إيران "بإلقاء البنزين على النار" في صراعات الشرق الأوسط، وتعهد بأن تدافع أمريكا عن مصالحها الإقليمية، وأنها لن تتجنب المشاكل عندما تصبح صعبة. وتكتسب تصريحات "تويلر" أهمية إقليمية في السياسة الأمريكيّة؛ بكونه الآن مرشح الرئيس "دونالد ترامب" ليكون السفير التالي في العراق، وهي البلد الذي فيه الميليشيات التي تقودها إيران ذات النفوذ العسكري، في وقت تسيطر طهران على النفوذ السياسي. وتابع تولر " رأينا حالة من عدم الاستقرار، هنا في المنطقة - وأنا لا أقول إن إيران هي مصدر كل حالة عدم الاستقرار - لكننا نرى ذلك انتهازيًا، وهم يتدخلون". وقال تويلر: "إننا نعتبر إيران واحدة من القوى الرئيسية التي تحاول تعزيز عدم الاستقرار". وأضاف: "لنفكر للحظة ولننظر إلى ما لدينا في اليمن، لدينا طرف فاعل غير حكومي، ميليشيا، أطاحت بالحكومة، ومع ذلك فهي تتلقى السلاح والمعدات والدعم من دولة إيران". في حين ذهب السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، إلى القول: إن إيران تسبب الفوضى في كل مكان "وألَّا مكان لها في شبه الجزيرة العربية". وقال آل جابر في مقابلة مع وكالة "اسوشيتد برس" الأمريكية، يوم الخميس خلال حضوره عرضاً عسكرياً بمدينة المكلا شرقي اليمن: "إن إيران تخلق فوضى في المنطقة، وتسبب الفوضى في كل مكان، في العراق، والبحرين، وسوريا، وفي لبنان من خلال حزب الله، وفي اليمن". وتابع: "لا مكان لإيران في شبه الجزيرة العربية، إنها تخلق الفوضى والإرهاب في كل مكان، ولا أعتقد أن أولئك القادرين على مثل هذه الأعمال، قادرون على السلام. " وبعيداً عن الخطر الإيراني في اليمن، غرد السفير في صفحته على تويتر يوم الخميس، متحدثاً عن منحة المشتقات النفطية السعودية المقدمة لحضرموت بالقول: "دشنت مع معالي نائب رئيس الوزراء اليمني، وسعادة محافظ محافظة حضرموت حفل وصول المشتقات النفطية لميناء المكلا لتشغيل محطات الكهرباء في العديد من المحافظات، وعلى رأسها حضرموت، بما يضمن عمل الكهرباء 24ساعة، لدعم النشاط الإنساني والاقتصادي ولتحقيق الأمن والاستقرار". وبالعودة إلى الجانب العسكري، فقد تم يوم الخميس أيضاً الإعلان عن تسليم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، ، مهام حماية وإدارة سواحل وموانئ حضرموت إلى قوات خفر السواحل اليمنية بالمحافظة، والتي تم تشكيلها على أساس مناطقي حيث لا يوجد ضمن هذه القوة أي من أبناء المحافظات الشمالية، الذين يمثلون الغالبية في تعداد السكان. وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن ذلك يأتي بعد تلقي القوات اليمنية تدريباً عسكرياً مكثفاً من التحالف العربي والجانب الأمريكي، بهدف أمن سواحل بحر العرب، ومنع كافة أنواع التهريب. حضر التسليم سفير المملكة العربية السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الولاياتالمتحدةالأمريكية ماثيو تولر، ووزير الخارجية اليمني، ونائب رئيس مجلس الوزراء اليمني سالم الخنبشي، ومحافظ حضرموت فرج البحسني. ونقلت الوكالة عن السفير محمد آل جابر قوله: " إن قوات خفر السواحل اليمنية ستكون قوة لليمن وللجزيرة العربية والمنطقة لمكافحة التهريب والعمليات الإرهابية، مؤكّدًا بأنه قد تم القضاء على الإرهاب في اليمن". وأضاف آل جابر بأن قوات التحالف قامت بتدريب (1000) عسكري، ودعمتهم بمعدات وأجهزة مختلفة من الرادارات والعربات، مبينًا بأن التدريبات شملت على عمليات المناورات والتكتيكات العسكرية. من جانبه، قال ممثل القوات البحرية في القوات المشتركة للتحالف، اللواء الركن صالح الغامدي: "إن المتدربين تلقوا أيضًا دورات في عمليات التفتيش والتدقيق ومكافحة جرائم القرصنة البحرية، بالتعاون مع الجانب الأمريكي". وأشار إلى أن "خفر السواحل اليمنية عضو مشارك في قوات التحالف الدولي (150) والذي يقع مقره في مملكة البحرين". وبيَّن اللواء الغامدي، أنه تم تسليم قوات خفر السواحل اليمنية (37) زورقًا، مجهزة بأسلحة وأجهزة اتصالات ورادارات مطورة، لحراسة سواحل محافظة حضرموت". ويبلغ طول سواحل محافظة حضرموت -الواقعة جنوب شرق اليمن- (350) كم، ويوجد فيها سبعة موانئ رئيسة، إضافة إلى عشرات المرافئ الصغيرة. ويضم قطاع خفر السواحل في بحر العرب (4) محافظات يمنية هي: (حضرموت، والمهرة، وشبوة، وسقطرى)، وتوجد قيادة المركز الرئيس في مدينة المكلا عاصمة حضرموت.