أعلنت وزارة الدفاع العراقية رفع حالة التأهب القصوى في البلاد للحفاظ على سيادة الدولة والمنشآت الحكومة والأهداف الحيوية، يأتي ذلك بعد أن اتسعت المظاهرات التي تشهدها البلاد لليوم الثاني لتشمل إلى جانب العاصمة بغداد مدنا عدة بينها بعقوبة (شرق) وكركوك (شمال) وبابل وكربلاء والديوانية والمثنى والبصرة وذي قار (جنوب). وفي مواجهة المظاهرات أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المدمع والرصاص المطاطي والحي، مما أدى لقتلى بين المتظاهرين وإصابة العشرات. وذكرت مصادر حقوقية عراقية أن أربعة قتلى بمدينة الناصرية بمحافظة ذي قار (جنوب) بينهم شرطي وثلاثة متظاهرين. ويأتي اتساع المظاهرات رغم الاستنفار الكثيف للقوات الأمنية، والقطع الجزئي لخدمة الإنترنت وإغلاق بعض الطرق العامة. وقال مراسل الجزيرة في بغداد إن عشرات من المتظاهرين أغلقوا الطريق المؤدي إلى مطار بغداد الدولي غربي العاصمة العراقية. وكانت مصادر مطلعة قد أفادت بتجدد المظاهرات في ساحة السنك، القريبة من ساحة التحرير وسط بغداد. وفي بعقوبة مركز محافظ ديالى (شرق بغداد)، قالت مصادر محلية إن مئات تظاهروا مرددين شعارات تندد بالفساد وتدعو إلى إصلاح المؤسسات. وفي محافظة كركوك، قالت مصادر من المحافظة إن عشرات تظاهروا قرب ديوان المحافظة شمال البلاد. وأفادت مصادر محلية عراقية بأن قوات أمنية بمحافظة المثنى (جنوب) اعتقلت نحو عشرين متظاهرا بعد احتجاجات غاضبة أمام مقرات الأحزاب. من جهتها قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق إن عشرات المتظاهرين اعتقلوا وأطلق سراحهم لاحقا بعد أخذ تعهدات منهم، وهو ما يتنافى مع حقوق الإنسان وحرية التعبير. وأضافت المفوضية أن المظاهرات سلمية وأن مطالبها مشروعة وأن المفوضية رصدت تعاملا سلبيا من قوات الأمن، من خلال استخدامها العنف المفرط وعدم احترامها مبادئ حقوق الإنسان. ودعت المفوضية البرلمان العراقي لعقد اجتماع طارئ لمحاسبة الجهات الأمنية المسؤولة عن إدارة هذا الملف. من جانبه أكد مجلس الأمن الوطني العراقي برئاسة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، حرية التظاهر والتعبير والمطالب المشروعة للمتظاهرين. كما أعرب المجلس في الوقت نفسه عن استنكاره لما دعاها الأعمال التخريبية التي رافقت هذه المظاهرات، مؤكدا اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة. ويطالب المتظاهرون بتوفير الخدمات، وتحسين الواقع المعيشي، وتوفير الوظائف للعاطلين، والقضاء على ظاهرتي البطالة والفساد المالي والإداري في دوائر الدولة ومؤسساتها. وكان الرئيس العراقي برهم صالح دعا مساء أمس الأول (الثلاثاء) لتلبية مطالب المتظاهرين بالإصلاح وتوفير فرص العمل. وأكد صالح في تغريدة له على تويتر أن التظاهر السلمي حق مكفول، وأن القوات العراقية مكلفة بحماية حقوق المواطنين. دعوة للتحقيق من جهتها، وجهت رئاسة مجلس النواب الأربعاء بفتح تحقيق في الأحداث التي رافقت المظاهرات، وقالت في بيان إنها دعت لجنتي الأمن والدفاع وحقوق الإنسان النيابيتين لفتح تحقيق في الأحداث التي رافقت المظاهرات يوم الثلاثاء في ساحة التحرير. بدوره، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الرئاسات الثلاث في العراق إلى فتح تحقيق عادل في مقتل متظاهرين وإصابة مئات خلال المظاهرات التي شهدتها بغداد. وكان الصدر انتقد في بيان مقتضب الإجراءات الأمنية ضد المتظاهرين، مشددا على أن هيبة الدولة لا تكون على حساب الشعب والفقراء. تندد ودعوة لتلبية المطالب من جانبها نددت الولاياتالمتحدةالأمريكية، أمس الأربعاء، باستخدام العنف في احتجاجات تشهدها عدة مدن عراقية، فيما دعت بريطانيا إلى احترام حق “التظاهر السلمي” وتلبية مطالب المحتجين “المشروعة”. وقالت السفارة الأمريكيةببغداد، في بيان، إنها تأسف ل “استخدام العنف، وتحث على تخفيف حدة التوتر”، و”تواصل مراقبة الاحتجاجات عن كثب”. وأضافت أن “التظاهر السلمي هو حقٌ أساسي في جميع الأنظمة الديمقراطية، ولكن لا مجال للعنف في التظاهرات من جانب أي طرف”. وتابعت: “نشعر بالأسى على الأرواح التي زُهقت، ونقدم تعازينا لذوي الضحايا، مُتمنين الشفاء العاجل لجرحى القوات الأمنية والمحتجين”. ودعت السفارة الأمريكية “الأطراف كافة إلى نبذ العنف، مع ضبط النفس في الوقت ذاته”. فيما قال السفير البريطاني في بغداد، جون ويلكس، إن “المظاهرات الحالية في العراق تستحق الاحترام، تجسيدًا لحق التظاهر السلمي، ويتطلب ذلك إبداء ضبط النفس من جانب القوات الأمنية العراقية”. وأردف ويلكس، في تغريدة عبر حسابه ب “تويتر”: “من المهم تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين في الإصلاح، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحسين الخدمات، ومحاربة الفساد”.