طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    "نوخان شبوة" تُسقط شبكة مخدرات: 60 كيلو حشيش في قبضة الأمن    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    انفجار مقذوف من مخلفات الحوثي في 3 أطفال في قعطبة    الحوثيون والبحر الأحمر.. خطر جديد على كابلات الأعماق مميز    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطعيم بالمناطقية.. سياسة إماراتية لإذكاء الصراع في الجغرافيا الجنوبية لليمن
التطعيم بالمناطقية.. إستراتيجية إماراتية لتغذية المشاريع الانفصالية وإذكاء الصرع جنوب اليمن
نشر في أخبار اليوم يوم 14 - 06 - 2020

تحفز مناعة المشاريع الضيقة، التي تحاول تفتيت التراب الواحد، وضرب النسيج الاجتماعي للأمة، وتهدد مناعة الدولة، من خلال حقنها باميكروبات المناطقية، وتطعيمها بثقافات عنصرية وتشطيرية ومليشيات انفصالية.

وباء مصطنع من قبل بعض الدولة الاستكباريه في منظومة التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن، سعت إلى خلخلة وتفكيك المجتمع اليمني، من خلال اللعب على ثنائيات المناطقية، للوصول إلى مبتغاها التوسعي الذي يسير في التوازي مع القضاء على مناعة الدولة اليمنية وتفتيت ترابه والواحد.

هذا الوباء الذي بداء في التفشي بشكل مخيف خلال سنوات الحرب، نتيجة انحرف بوصلة التحالف العربي، الغارقة في مستنقع الحرب باليمن، سعى إلى الفتك بجهاز الدولة الشرعية باليمن المناعي، التي يحارب من اجل إعادتها، حسب أبجدياته.

هو السلوك المارق الذي نهجه التحالف العربي، وخاصة الشريك الثاني "الإمارات"، خلال سنوات الحرب، وتسبب بمضعفات وجودية للحكومة الشرعية باليمن، منعاها من إنتاج الأجسام المضادة التي تكافح، هذه النعرات المناطقية والعنصرية قبل استفحالها، في إذكاء مبتكر للصراع في البلاد المنهك، يقول البعض.

فريق أخر يرى أن، ثقافة الحقد والكراهية والنعرات العصبوية، التي تمارسها أبوظبي، عبر حلفائها في مايعرف بالانتقالي الجنوبي، حاملة في مضامينها وأهدافها معاول هدم، لتفتيت للنسيج الاجتماعي والكيان الوطني، في أثواب جديدة باختلاف شعاراتها وأدواتها ودوافعها، ستقود حتما إلى تكرار سيناريو مشابه لمذبحة 1986، بين رفقاء الحزب الاشتراكي انذاك، أو مايعرف بصراع، "الطُّغمة" و"الزمرة".

تنامت هذه الثقافة المحدثة بدعم إماراتياً، في العاصمة المؤقتة عدن، وبعض المحافظات الجنوبية، عقب الفشل الذريع الذي مني به اتفاق الرياض الذي تشرف عليها السعودية، وبالتزامن مع احتدام الصراع بين قوات الجيش الوطني ومليشيا الانتقالي الجنوبي، التي بداء يتقلص مؤشر نفوذها العسكري في محافظات أبين جنوب البلاد، الأمر الذي أسفر عن تصاعد حدة التوتر بين قادة المليشيا المدعومة من حكومة أبوظبي.

الحراك المناطقي الذي يقوده حلفاء الإمارات في محافظة عدن، وصل إلى ذروته مع تصاعد مخيف لعمليات الاغتيالات المناطقية، وتنامي الرفض الشعبي في المحافظات الجنوبية والشرقية لمليشيات الانتقالي الجنوبي ومشروع الانفصال الذي تبناه.

ويتهم ناشطون سياسيون من أبناء عدن، دولة الإمارات، بأنها تعمل باتجاه إحياء وإشعال النزعات المناطقية والعنصرية بين أبناء الجنوب، مؤكدين أن أبو ظبي تدعم أبناء الضالع ويافع، الذين يحتويهم المجلس الانتقالي ضد أبناء مدينة عدن الذين ينشدون السلام، مشيرين إلى أن قيادات المجلس الانتقالي سواء السياسية أو العسكرية أصبحت تنكر على أبناء عدن وبعض المحافظات الجنوبي الاخرى، انتماءهم لليمن بشكل عام وللجنوب بشكل خاص.

* دورة عنف مناطقي
أن سيناريوهات المناطقية التي باتت تعصف بالمحافظات الجنوبية, وترتد إلى صدر مايعرف بالإنتقالي الجنوبي، الذي يشرب من ذات ألكاس الخطير الذي استخدمه ولعب بناره وبنى عليه مشروعه بدعم من ابوظبي، ما لبث أن امتد إلى أعلى هرم هذا المجلس الانفصالي.

بحسب خبراء في الشأن اليمني، فأن الصراع المناطقي بين قادة الانتقالي الجنوبي، تجاوز إطاره العام بعد أن وصلت حد المواجهات بين فصائل مليشيا المجلس الانتقالي نفسها، وآخرها ما حدث من مواجهات عنيفة بين مليشيا الحزام الأمني في مديرية كريتر بعدن، التي يقودها "إمام النوبي"، أحد القيادات السلفية، ومليشيا العاصفة بقيادة "أوسان العنشلي"، وكلاهما من الفصائل التي أنشأتها وسلحتها الإمارات وأتبعتها بالمجلس الانتقالي، الأداة الأبرز لتنفيذ أجنداتها في المحافظات الجنوبية.

مصادر إخبارية نقلت عن النوبي، أنه تلقى تهديدا من قوات ما يسمى بالعاصفة التي يقودها "أوسان العنشلي"، بالتصفية الجسدية هو وقواته إذا لم يخرج من عدن ويتوجه بقواته إلى أبين.

وأكد النوبي أنه سيبقى مع قواته داخل عدن رغم تهديدات مليشيا العنشلي، وأنه لن يخرج إلى أي مكان، مشددا على ما أسماه حق الدفاع عن النفس، الأمر الذي عده مراقبون مؤشرا على عودة المواجهات بين القوتين، مشيرين إلى أن أبناء كريتر هم المتضرر الأول مما سيحدث من عنف.

تصريحات النوبي جاءت بعد يوم على مواجهات وصفت بأنها حرب شوارع دارت في مديرية كريتر، بين مليشيا الحزام الأمني التي يقودها النوبي وقوات العاصفة بقيادة العنشلي، المقرب من "عيدروس الزبيدي"، رئيس مايعرف بالمجلس الانتقالي.

وعلى صعيد متصل كشفت مصادر عسكرية في الجيش الوطني، أن مايعرف بالانتقالي الجنوبي يحاول إضفاء الصراع المناطقي عقب الخسائر العسكرية الكبيرة التي تكبدها في محافظة أبين.

وكان بعض القيادات مليشيا الانتقالي المحسوبة على محافظة الضالع، قد حملت قائد مليشياتها في أبين "عبد اللطيف السيد"، مسؤولية هذه الخسائر، واتهامه بالخيانة والتواطؤ مع قوات الشرعية، فقط لأنه من محافظة أبين، وبحكم أن أغلب القيادات في طرف الشرعية هم من المحافظة.

وفي أواخر العام الماضي، عصفت بقيادات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، موجة استقالات جماعية وفردية على خلفيات مناطقية.

بحسب تقارير صحفية، فأن من ضمن الأسباب الرئيسية التي عصفت بقيادات المجلس الانتقالي، تعود للمناطقية المتعمدة والتناقض و إصرار الأخير على التفرد في تمثيل القضية الجنوبية، ورفضه التعاطي مع غيره من المكونات الجنوبية الأخرى، التي سبقته بسنوات طوال في الميدان.

الاستقالات الجماعية لقيادات الانتقالي، دشنت من محافظة شبوة، الأمر الذي دفع رئيس مايعرف بالانتقالي الجنوبي "عيدروس الزبيدي" لتوجيه اتهامات لقيادات الانتقالي بشبوة, بالخيانة والتأمر لإسقاط المحافظة بيد قوات الجيش الوطني.

الاتهامات المناطقية الصادرة عن عيدروس لم تكن الأولى فقد سبق وان وجه إعلام الانتقالي وناشطوه ذات الاتهامات لقيادات الانتقالي بشبوة بمختلف انتماءاتها, مع استذكار حرب يناير الأسود 1986م والتي اتهموها بارتكاب المجازر بحق الجنوبيين, وبيع الجنوب لنظام الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح"، في حرب صيف 94م .

وفي لحج برزت قبائل الصبيحة في المحافظة كرأس حربة في معركة مفتوحة ضد مليشيا الانتقالي الجنوبي، بعد سلسلة من الحملات القمعية التي تعرض لها منتمون لتلك القبائل المعروفة بشراستها على اسس مناطقية، من قبل تلك المليشيا المدعومة إماراتيا.

وشهدت مدينة عدن والمدن المجاورة لها تصاعدا في وتيرة المواجهات المناطقية، بين مليشيا ما تسمى "الحزام الأمني" المدعومة من دولة الإمارات والتي يهيمن عليها أقرباء "عيدروس الزبيد" التابع لمحافظة الضالع، وقبائل الصبيحة التابعة لمحافظة لحج جنوب البلاد، التي ينضوي معظم إفرادها في قوات العمالقة.

وتتهم قبائل لحج قيادات المجلس الانتقالي الجنوب الموالي للإمارات، بجر الجنوب إلى مربع الاقتتال والصراع المناطقي من خلال عمليات الاقتحامات والاعتقالات والقتل المتعمد من قبل المليشيا المدعومة إماراتيا، محملة إياه تبعات هذه الممارسات المناطقية.

وتؤكد مصادر قبلية في محافظة لحج، رفضه القاطع لممارسات الانتقالي المتمثلة بتحويل الصراع السياسي إلى صراع قبلي ومناطقي قائم على الهوية القبلية والعرقية.

في خضم ذلك، أعلن الانتقالي الجنوبي في 25 أبريل، ما أسموه ب “حكما ذاتيا”، فيما رفضت محافظة حضرموت وشبوة والمهرة وأبين وسقطرى ولحج، إعلان حلفاء الإمارات مصنفين الإعلان ألتصعيدي من قبل الانتقالي، بالخطوة التي تعزز المناطقية في الجنوب اليمني.

وعبرت في بيان لها عن رفضها ادعاء المجلس الانتقالي تمثيل أبناء الجنوب. وأشارت إلى أن "خطوة الانتقالي تمثل محاولة جر اليمن إلى مزيد من الفوضى والعنف والتمزق والشتات".

إلى ذلك يتضح من ما سبق، أن حلفاء الإمارات "الانتقالي الجنوبي" يحاولون، الترويج لأنفسهم بأنهم “مركزاً مقدساً”، يحتكر السلطة السياسية والعسكرية، في تمثيل القضية الجنوبية.

وقد سعى الإنتقالي منذ تأسيسه منتصف عام 2017،على ان يكون الكيان الأوحد متجاهلا ،غيره من المكونات الجنوبية، وهو ما جعل تلك المكونات تسعى لتوحيد جهودها ردا على هذا التهميش.

هي أبعاد كثيرة ومتشعبة ومتداخلة في ما يخص الطابع المناطق الذي يمارسه الانتقالي الجنوبي في احتكار لمركز القوة، أحد هذه الأبعاد هو البعد الخارجي الذي يستمثر بكل طاقتها في هذا المشروع المناطقي، ما ينذر على المدى القريب من حرب ضروس بين المكونات الاجتماعية والسياسية في محافظات الجنوب اليمني، على غرار إحداث 1986، يقول مراقبون.

* "الطُّغمة"و"الزمرة"
كانت الجغرافيا الجنوبية لليمن، أثناء الاحتلال البريطاني مقسما إلى سلطنات وإمارات متصارعة، ولما اندلعت الثورة الجنوبية في عدن عام 1963، تم الإعلان عن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، كجمهورية مستقلة برئاسة قحطان الشعبي، أول رئيس لليمن الجنوبي بعد الثورة.

حاولت الجمهورية وقتها صهر تلك المشيخات ضمن الدولة، لكن الصراعات ما لبثت أن اندلعت بين الفصائل الجنوبية للسيطرة على عدن، فنشب أول صراع بين الجبهة القومية وجبهة التحرير اليسارية.

أسفر الصراع عن إجبار الرئيس قحطان الشعبي على تقديم استقالته، ثم تلت ذلك صراعات، أسفرت عن الانقلاب على الرئيس سالم ربيع علي، الملقب (سالمين)، ثم مقتله في يوليو/تموز 1978 على يد علي شايع، والد شلال شايع، رجل الإمارات الحالي في عدن.

واندلعت الصراعات مرة أخرى بين فصائل الحزب الاشتراكي الحاكم، وأسفرت عن استقالة رئيس الجمهورية حينها، عبدالفتاح إسماعيل في أبريل/نيسان 1980

وفي 13 يناير/كانون الثاني 1986، نشب الصراع الأكثر دموية في تاريخ الجنوب بين الفصائل الجنوبية، أو من يسمونهم "الرفاق" من قادة الحزب الاشتراكي الحاكم حينها.

الصراع نشب تحديدا بين فصيل "عبدالفتاح إسماعيل" أمين عام اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي والرئيس الأسبق، وفصيل "علي ناصر محمد" أمين عام الحزب الاشتراكي ورئيس الدولة حينها، وانتهت الأمور بهزيمة فصيل علي ناصر وفراره إلى اليمن الشمالي.

بدأ الأمر بمواجهة مسلحة داخل قاعة الاجتماعات في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني بعدن، أسفر عن مقتل أكبر قيادات الحزب الاشتراكي، وانتهت بحملة مداهمة وتفتيش للبيوت والمارة والسيارات، وأسفرت عن مقتل نحو 9 آلاف شخص، وإصابة نحو 16 ألف جريح خلال أسبوع.

اتخذت التصفية حينها شكلا مناطقيا، بين ما تم تسميته حينها فصيل (الطُّغمة) وفصيل (الزُّمرة)، والطغمة هم أبناء الضالع ويافع الموالون لعبدالفتاح إسماعيل وعلي سالم البيض الرئيس الأسبق لليمن الجنوبي، في حين أن الزمرة هم أبناء أبين وشبوة الموالون لعلي ناصر محمد والرئيس الحالي هادي، وتمت التصفية بالهوية واتخذت بعدا مناطقيا.

ومنذ دخول الإمارات إلى عدن عملت على استثمار وإذكاء ذلك الصراع التاريخي القبلي والمناطقي بين أبناء القبائل في المدن الجنوبية، فكانت من ناحية تستدعي مفاهيم ذلك الصراع التاريخي في حديثها عن فصيل (الزمرة) و (الطغمة).

* إحياء الصراع
لعبت دولة الإمارات منذ سيطرتها على العاصمة المؤقتة عدن، على ثنائيات المناطقية لتفتيت جنوب اليمن، لتحقيق اجنداتها التوسعية.

وترفض الإمارات فكرة دولة جنوبية واحدة، لأن فكرة الدولة الواحدة ستفضي لدولة متماسكة وهو ما تأباه الإمارات، لأنه يحد من قدرتها على تمرير مشروعها الذي يعتمد في الأساس على إستراتيجية النفس الطويل في إضعاف الدولة وتقويض سلطاتها، وهي السياسة التي انتهجتها الإمارات منذ تدخلها في الجنوب.

ويرى مراقبون، أن الإمارات في مخططها التشطيري، لا تسعى لفصل جنوب اليمن عن شماله وإعادة نموذج ما قبل وحدة 1990 بين شطري اليمن، بل تريد تقسيم جنوب اليمن ذاته إلى دويلات، في مشهد يذكرنا بالسلطنات والمشيخات المتصارعة قبل قيام الثورة جنوبي البلاد في أكتوبر/تشرين الأول 1963.

ويضيف المراقبون، من ناحية أخرى اعتمدت الإمارات بشكل أساسي في تشكيل الميلشيات الموالية لها على أبناء يافع والضالع، فصيل (الطغمة سابقا)، واعتمدت عليهم في التحضير والقيام بعملية الانقلاب الأخيرة، في مواجهة أبناء أبين ولحج وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى، الذين عرفوا بموالاتهم للحكومة شرعية.

وحضر ذلك التقسيم (الطغمة والزمرة) أثناء الاصطفاف لعملية الانقلاب على السلطات الشرعية باليمن في أغسطس من العام الماضي، وعقب إعلان حلفاء الإمارت الانتقالي الجنوبي ما اسموه ب "الادارة الذاتية للجنوب" وفي معركتها الأخيرة مع قوات الجيش الوطني في محافظة أبين، في مشهد يعيد التاريخ الدامي إلى الأذهان، ويكون هو الحاضر الأبرز في المعارك.

وفي ذات الاتجاه كشفت، تسريبات صوتية لقادة في الانتقالي الجنوبي ممن شاركوا في التحضير لعملية الانقلاب على السلطات الشرعية، عن تهديدات بين فصائل الانقلاب المدعوم إماراتياً، أخذت بُعدا مناطقيا بين أبناء قبائل أبين وأبناء قبائل يافع و الضالع.

تفيد معطيات الواقع، أن الإمارات استطاعت استثمار، تلك التعددية المناطقية ولعبت عليها في خلق حالة من الصراع بين المكونات الجنوبية، وذلك لتقوية سلطاتها في مقابل إضعاف سلطة المكونات القبلية الموالية لها في الجنوب اليمن، الذي سينعكس بدوره على تاسيس حالة من الفوضى تتيح لأبوظبي من التحرك بمرونة من خلالها.

هذه الإستراتيجية، في ضرب الفصائل الجنوبي ببعضها وتسليح الأطراف المتصارعة، في محاولة لإضعافها وإنهاكها، أثبتت نجاعتها في إضعاف تلك المكونات الجنوبية في مقابل تقوية سلطتها السياسية والعسكرية لتمرير أجندتها وتنفيذ مشاريعها في اليمن.

* ضحايا المناطقية
تتعدد ضحايا الممارسات المناطقية من قبل الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا في بعض المحافظات الجنوبي وخاصة في العاصمة المؤقتة عدن.

لاتنحصر ضحايا هذه الممارسات المناطقية على أبناء المحافظات الجنوبية فقط، لكنها تشمل أيضا أبناء المحافظات الشمالية العاملة في محافظة عدن وبعض المحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلاب "الانتقالي الجنوبي".

حيث أصبحت عملية طرد مواطني المحافظات الشمالية من مدينة عدن، العاصمة اليمنية المؤقتة، سلوكاً معتاداً تقوم به بين فترة وأخرى مليشيا المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من قبل دولة الإمارات، وسط صمت وعدم اتخاذ موقف من قبل الحكومة الشرعية.

وتتخذ مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، موقفاً متطرفاً من البسطاء، لكنها في الوقت نفسه تقبل بتحركات القيادات العسكرية ك ""طارق صالح وورفاقه في عدن؛ لكونهم مدعومين إماراتياً.

ويشكو عمال ومواطنون ينتمون للمحافظات الشمالية من انتهاكات يقوم بها مليشيا لمجلس الانتقالي، تصل بعضها إلى درجة القتل أو الجرح والاعتقال.

وتُتهم الإمارات، الدولة الثانية في التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بدعم الفوضى والمناطقية والانتهاكات التي ترتكب بحق الأيادي العاملة في جنوب اليمن، إضافة إلى دعمها اللامحدود للانفصاليين في الجنوب.

وفي سياق متصل شهدت، مدينة عدن، العديد من الوقائع خلال الأشهر الماضية، تمثل بعضها في ترحيل المئات من مواطني المحافظات الشمالية، واعتقال العشرات منهم، إضافة إلى التنكيل بهم وبتجارتهم أو مصدر دخلهم.

وقوبلت هذه التعسفات بإدانات محلية ودولية واسعة، فيما طالبت منظمات حقوقية بمحاكمة مرتكبي هذه الانتهاكات.

هذه الانتهاكات الممارسة من قبل الانتقالي الجنوبي بدعم إماراتي، تزامنت مع حملة تحريضية ممزوجة بالمناطقية، قادها بعض قيادات الانتقالي الجنوبي، وبعض أبواق حكومة أبوظبي على منصات التواصل الاجتماعي، تطالب بترحيل المواطنين الشماليين من عدن.

وفقا لخبراء في الشأن اليمني، فأن تلك الممارسات المناطقية ضد أبناء المحافظات الشمالية، من قبل حلفاء الإمارات الانتقالي الجنوبي تعكس، رغبة حلفاء الإمارات الانتقالي الجنوبي، في تعميق الفجوة المجتمعية بين أبناء الجنوب والشمال.

ويضيف الخبراء، أن أطراف إقليمية مثل أبوظبي، لديها مشاريع صغيرة تغذي مثل تلك الأعمال، ولديها أجندة خاصة لتعزيز الانقسام المجتمعي".

ويعتبر أن، ما يحدث في عدن هو "نتاج طبيعي للتعبئة الخاطئة والمقيتة ضد كل من هو شمالي".. مشيرة إن "كل تلك الممارسات تمثل خروجًا عن القانون وانتهاكًا للحقوق والحريات التي نصت عليها القوانين الوطنية قبل الدولية".

* الخلاصة
تتجاوز الممارسات المناطقية الممنهجة من قبل الإمارات وحلفائها الانتقالي الجنوبي، الانتهازية السياسية المعهودة التي كان البعض يلجأ إليها ويلعب بورقتها للظفر بحصة من المغانم السياسية.

وعملت الإمارات عبر الانتقالي الجنوبي منذ سيطرتها على مدينة عدن، في ضل الغياب الحكومي في العاصمة المؤقتة، على تطعيم الجغرافيا الجنوبية لليمن بالمناطقية، لإحياء النعرات التاريخية، غير عابئين بما ينتج عن ذلك من تدمير للنسيج الاجتماعي وصراع أزلي لن يكون أحد بمعزل عنه، وقد يمتد لسنوات عديدة، وينتقل إلى المكونات الأساسية للمجتمع والقبائل في الجنوب اليمني.

في موازاة فأن، الإستراتيجية الإماراتية بأبعادها التفكيكية التي تسعى، إلى تبرير المطالبة بانفصال جنوب اليمن عن شماله، عملت على تحفيز المسبب في جسد الحكومة الشرعية المناعي، لإنتاج الأجسام المضادة لهذه المشاريع المناطقية والعنصرية، والتعامل معها قبل استفحاله أو التسبب في موتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.