تعيش اليمن حالة من التدهور الاقتصادي المستمر ليعيش بذلك الإنسان اليمني وضع معيشي كارثي ينذر بوقوع مجاعة قد تتسبب بموت ملايين اليمنيين في ظل انهيار العملة، واستمرار الحرب، وتدهور الوضع المعيشي بشكل غير مسبوق. الأممالمتحدة حذرت من خلال منظماتها المختلفة من خطر الكارثة الإنسانية التي تهدد اليمنيين جراء انخفاض قيمة الريال اليمني وارتفاع الأسعار، الأمر الذي فاقم حالة الجوع في اليمن التي يواجه فيها نحو 16.2 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي هذا العام. وقالت الأممالمتحدة في وقت سابق إن نحو 21 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الغذائية، بينهم 12 مليون يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة بسبب فقرهم، إضافة إلى وجود 4 مليون يمني نازح جراء الحرب وهم بحاجة إلى مساعدات متنوعة. وتخطى سعر صرف الدولار في المناطق المحررة حاجز 1500 ريال يمني لأول مرة في تاريخ البلاد، مما ضاعف أسعار المواد الغذائية بنسبة 70٪ هذا العام. ويعاني ملايين اليمنيين من أزمة إنسانية لعدم قدرتهم على شراء المواد الغذائية بعد ارتفاع أسعارها، حيث يصل متوسط راتب الموظف اليمني إلى 50 ألف ريال مما يعادل 33 دولار أمريكي في الشهر. حلول حكومية وفي سياق استمرار تدهور الاقتصاد اليمني الذي انعكس سلبًا على الوضع المعيشي الذي بات مهدد بالمجاعة، وأقر مجلس الوزراء، اطلاق العلاوات السنوية لموظفي الدولة لكافة وحدات الخدمة العامة على المستويين المركزي والمحلي والوحدات المؤجلة للأعوام 2014- 2020م. جاء ذلك بناءً على العرض المقدم من وزير الخدمة المدنية والتأمينات، ونظراً للظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة الراهنة. موجهاً وزارتي المالية والخدمة المدنية باستكمال الإجراءات، وفق القواعد والاسس والإجراءات التنفيذية المنظمة لذلك والتي أعدتها وزارة الخدمة المدنية. فيما ناقش مجلس الوزراء، آليات مواجهة التضخم في الأسعار والناجم عن تراجع سعر صرف العملة الوطنية، وكيفية حماية الفئات الضعيفة المتضررة عبر مجموعة من الإجراءات التي سيتم تنفيذها، إضافة الى التكامل بين السياستين النقدية والمالية لوقف تراجع العملة، وتقييم المعالجات التي تمت وما يكن اتخاذه من إجراءات إضافية في هذا الجانب، بما في ذلك ضبط الأسعار للسلع الأساسية وأكد المجلس على ضرورة بذل المزيد من الجهود للحد من المعاناة القائمة في الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين وأهمية العمل على استكمال تنفيذ الخطط المقرة وتكثيف الجهود من اجل تسريع الدعم المتوقع من أشقاء وأصدقاء اليمن. ودعا في الوقت ذاته إلى التنبه من حملات التحريض والتضليل والتشويه التي تستهدف اثارة الفوضى وتعطيل عمل مؤسسات الدولة، والزج بالعاصمة المؤقتة عدن في دوامة الفراغ التي لم تتعافى منها بعد وماتزال الحكومة وكل القوى السياسية الوطنية تعمل على تجاوز اثارها الفادحة على الاستقرار والاقتصاد والأمن، وبدعم الأشقاء والمجتمع الدولي. غائبون عن الحل يبدو ان حكومة معين عبدالملك تتخذ حلولًا ترقيعيه لتدارس الأزمة الاقتصادية بصورة عشوائية، ففي الوقت الذي اقر فيه مجلس الوزراء، اطلاق العلاوات السنوية لموظفي الدولة لكافة وحدات الخدمة العامة على المستويين المركزي والمحلي، يبقى المواطن الكادح بعيدا عن متناول الحل. وفي السياق، كشفت تقارير اقتصادية أن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بات المسلسل الأبرز الذي يتصدر معاناة المواطنين حيث يتفاجأون يومياً بتغيُر أسعار السلع الغذائية على مستوى اليوم الواحد. فأين سيهرب المواطن الفقير الذي لا يمتلك وظيفة حكومية من بطش تدهور الاقتصاد المحلي، في ظل غياب الرقابة الحكومية على الأسواق وإخضاع تجار السلع الغذائية للمحاسبة بسبب استغلال. يتعرض المواطنون نتيجة لتدهور العملة وضعف الاقتصاد الوطني الى ابتزاز السوق نتيجة لارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة، وهو ما ينعكس على امنهم الغذائي. فيما يبرر تجار الجملة ذلك بانهيار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية رغم أن المواد الغذائية الأساسية مدعومة ولكن عدم تفعيل الرقابة عليهم يجعلهم يغالون دون إكثرات العواقب والالتفاف لمعاناة المواطنين الذين أصبحوا ضحية الجنون الاقتصادي . وطالب اقتصاديون بضرورة تفعيل قرار الإشهار السعري الصادر من قبل وزارة الصناعة والتجارة بنشر قوائم أسعار السلع في المحلات التجارية ووضع سعر المنتج على العبوة والنزول الميداني لمراقبة حركة الأسعار في الأسواق لمنع أي زيادة قد تطرأ. وبحسب الاقتصاديين فإن ارتفاع أسعار السلع الغذائية خصوصاً التي تم شراؤها بأسعار منخفضة هدف التجار للحصول على ربح أكبر ما يخلق معاناة وأنيناً مميتاً للمواطنين . ويمثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية معضلة كبيرة لذوي الدخل المحدود إذ يتفاجأون أن المبالغ القليلة التي يحصلون عليها لم تعد كافية للوفاء بمتطلبات توفير الغذاء لأسرهم ما زاد من اتساع رقعة الفقر لتتجاوز نسبة ال 80 في المئة بالتزامن مع ظهور بقع مجاعة كبيرة في عدد المناطق لتصبح الأزمة الإنسانية هي الأسوأ على مستوى العالم وفق تصنيف الأممالمتحدة .. كارثة التحالف الكاتب والصحفي اليمني عبدالرقيب الهدياني يتحدث ل "الموقع بوست" بالقول: إن من أسباب انهيار الوضع المعيشي هو التحالف المفوض دولياً بإدارة الحرب في اليمن، ومراعاة البعد الإنساني ووضع معالجات لهذه الكارثة، لكنه لم يقم بواجباته. ويضيف "مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي لم يقوما بالدور المنوط بهم داخل اليمن، هناك تقصير واضح من التحالف، إضافة إلى أنه حاصر الحكومة الشرعية ولم يمكنها من القيام بواجباتها". ويرى الهدياني أن هناك "سياسة واضحة تتمثل في تطويل الحرب والأزمة اليمنية، بسبب التجاذبات الإقليمية والمشاريع المتصارعة على الأرض اليمنية، مما ساهم في إطالة الحرب والأزمة في البلاد، وانعكس كل ذلك سلباً على وضع المواطن اليمني". ويستطرد قائلاً" اليوم ارتفع سعر الغاز العالمي إلى 12 ضعف قيمته، والحكومة اليمنية مكبلة من تصدير الغاز وبيعه، ولو فعلت لساهم ذلك في تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن اليمني، وعزز قيمة العملة الوطنية، لكن الحكومة محاصرة من قبل التحالف". مسؤولية الشرعية من جانبه يرى الكاتب السياسي صدام الحريبي أن من يتحمل المسؤولية هي "الشرعية التي تتهاون في مسألة التحرر من دول التحالف وامتلاك قرارها والعمل بما يتناسب مع احتياجات البلاد بمعزل عن تأثيرات السعودية والإمارات اللتان هرعتا للجلوس في طاولة واحدة مع إيران ألد عدو لهما، بينما تهددان الشرعية في حالة التفكر بالبحث عن حليف يخرج البلاد من المستنقع الذي أدخلتاه هاتين الدولتين فيه". ويؤكد ل "الموقع بوست "أن الشرعية " لم تبدي أي موقف تجاه تدهور الوضع الاقتصادي، بل إنها تنتظر من السعودية أن تضع الحلول، ولا تفكر أن الحوثي عندما انقلب عليها استخدم الورقة الاقتصادية، ولا يستبعد أن يكون هذا التدهور ورقة يستخدمها الحلفاء ضد الشرعية لتمكين طرف ثالث يتواجد في الساحل حالياً". ويقول الحريبي" الانهيار الاقتصادي شكل ضغطاً كبيراً على المواطن اليمني، وحجم الأثر كبير جدا إزاء ذلك، ولولا أن الشعبَ اليمنيُ يدرك أن البديل عن الشرعية هم مرتزقة إيران شمالاً ومرتزقة الإمارات جنوباً، لخرج في ثورة أكبر وأمتن من ثورة 11 فبراير ولأسقطوا النظام حرفيًا".