انتهت عملية التمرد بالمسجد الأحمر في إسلام آباد بمقتل زعيم المتحصنين داخله عبد الرشيد غازي ونحو «50» من رفاقه واستسلام الباقين بعد مواجهات مع قوات الأمن استمرت سبعة أيام. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية جواد شيما إن غازي قتل أثناء اشتباك مع قوات الأمن تلا تحديد مكانه في الطابق السفلي من المبنى مع أربعة أو خمسة ناشطين كانوا يواصلون إطلاق النار. وأضاف أن جثة غازي لازالت في المبنى وأن عمليات تمشيط تتواصل ببعض أقسامه. ويكون المتحدث الباكستاني عاد بذلك عن الرواية التي أعطاها سابقا وأشارت إلى مقتل غازي برصاص الناشطين أنفسهم. وكانت القوات الباكستانية قد نفذت عملية اقتحام لمبنى المسجد الأحمر فجرا واشتبكت مع النشطاء المتحصنين فيه ما أدى إلى مقتل ثمانية جنود وإصابة «29» آخرين إضافة إلى نحو «50» طالبا مسلحا. وتتوقع مصادر مستقلة أن تزيد محصلة القتلى النهائية عن ذلك بكثير مع انتهاء عملية الاقتحام. وقد أثار مقتل عبد الرشيد غازي نائب إمام المسجد الأحمر بالعاصمة الباكستانية إٍسلام آباد أمس الثلاثاء جدلا واسعا في باكستان منذ الحملة التي أطلقها قبل «6» أشهر مع شقيقه الشيخ عبد العزيز غازي إمام المسجد وأنصارهما للمطالبة بتطبيق الشريعة في البلاد، وإنشاء محكمة شرعية في المنطقة المحيطة بالمسجد، وهي الحملة التي تخللها عمليات تهديد وخطف لأجانب واحتجاز رجال شرطة. وتصدر عبد الرشيد غازي «43 عاما» عناوين الأحداث منذ نحو أسبوع بعد اندلاع الأزمة الأخيرة التي اشتعلت في 3 يوليو الجاري، حيث قاد عشرات من الطلاب المسلحين وتحصنوا داخل المسجد للضغط على الحكومة لتطبيق الشريعة، وقد أدى ذلك إلى اشتعال موجة من الاشتباكات بين الطلاب والمئات من قوات الأمن والجيش التي حاصرت المسجد وأوقعت عشرات القتلى، بحسب الإحصاءات الجهات الأمنية الباكستانية. ورفض غازي دعوات الرئيس الباكستاني برويز مشرف بالاستسلام هو وأنصاره أو مواجهة الموت المحقق، واعتبر في تصريحات نقلتها عنه الصحف الباكستانية موتهم شهادة ستؤدي إلي إثارة «ثورة إسلامية» في باكستان. وبعد انهيار مفاوضات وساطة قادها علماء دين وشيوخ باكستانيون لإنهاء مواجهة مضى عليها أسبوع، بدأت قوات أمن باكستانية فجر أمس الثلاثاء باقتحام مجمع المسجد الأحمر في قلب العاصمة إسلام آباد؛ ما أودى حتى الآن بحياة «3» جنود و ومقتل أكثر من «50» من الطلبة المتحصنين داخل المسجد، وإصابة العشرات من الطرفين بجروح. وعبد الرشيد هو النجل الثاني للشيخ محمد عبد الله خلف غازي أول أئمة المسجد في خمسينيات القرن العشرين الماضي، والشقيق الأصغر للشيخ عبد العزيز غازي إمام المسجد الحالي. وعلى عكس أخيه الشيخ عبد العزيز، الذي أعده والده ليخلفه في مهامه الدينية والسياسية، كان عبد الرشيد شخصًا من نوع آخر، فقد أتعب والده للغاية في حياته؛ حيث كان يرغب والده في أن يتبع ابنه سيرته ويتم دراسته في المدارس الدينية، لكن عبد الرشيد كان عنيدًا. ورغم أنه حفظ القرآن في صغره، إلا أنه أكمل تعليمه الثانوية في المدارس الحكومية، ورفض طلب أبيه أن يلتحق بمدرسة دينية، ولما ألحّ عليه والده التحق بمدرسة «الجامعة الفريدية» التابعة للمسجد الأحمر، لكنه هرب من المدرسة وتركها، وترك التعليم الديني والتحق بجامعة قائد أعظم الحكومية «من كبريات الجامعات في العاصمة الباكستانية» وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ، وأتقن الإنجليزية. وحصل عبد الرشيد على وظيفة حكومية محترمة في وزارة التعليم عام 1989م، ثم انتدب للعمل في مكتب إسلام آباد «يونسكو» التابع للأمم المتحدة، وعمل في المكتب المذكور مستشارًا للشئون التعليمية لعدة سنوات، واستغني عنه بعد أحداث 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدة عام 2001م. ولما قتل والده تغير عبد الرشيد غازي تمامًا، وأطلق لحيته، وبدأ يهتم بأمور المدرسة وخطابة المسجد فرحّب به أخوه الكبير الشيخ عبد العزيز وعيّنه نائبًا له في خطابة المسجد الأحمر «لال مسجد»، لكنه استمر في الوظيفة الحكومية. وكان أول ظهور لعبد الرشيد غازي على الساحة الإعلامية والسياسية عام 2001م عندما شكلت الجماعات الدينية «حركة الدفاع عن أفغانستان» أثناء الهجوم الأميركي على أفغانستان لإسقاط حركة طالبان. ويعد عبد الرشيد غازي من أهم الشخصيات المنظمة للمظاهرات والمسيرات التي كانت تخرج للاحتجاج على الهجوم الأميركي على أفغانستان في تلك الفترة، وكان ذلك على خلفية علاقات والده الوطيدة بحركة طالبان.