حوالي ستين باخرة وسفينة تم اختطافها هذا العام من قبل قراصنة صوماليين والعمليات في تزايد مستمر على المياه في عدن، وإذا كانت عوائد هذه الأعمال الهمجية كغنائم قد وصلت إلى ثلاثين مليون دولار ، فإن الجزء الكبير من هذه الغنائم يذهب لتطوير قدرات القراصنة... والسؤال الذي يفرض نفسه إزاء هذه الظاهرة هو من المستفيد من وراء أعمال القرصنة؟.. الواقع أن طموحات دول في المنطقة مثل إيران، والولايات المتحدة الأميركية تشتغل على هذا الجانب بقدر كبير من الأهمية، لإيجاد فوضى في الحياة الإقليمية تخول للدولتين التدخل السافر تحت ذريعة تأسيس الممر البحري للسفن التجارية وغيرها. وإذا كان هذا هو الهدف الأميركي الذي يستخدم كذريعة لتدخل سافر في بسط النفوذ والهيمنة على باب المندب في البحر الأحمر كممر يؤدي إلى قناة السويس فإن استغلال إيران لهذا الحماس الأميركي يجعلها نشطة في إيجاد تحالفات تدعم هذه القرصنة وتزيد من رقعة إتساعها لضرب المصالح المصرية "عائدات قناة السويس" من جهة، ومن أجل أحداث فوضى أمنية كهدف تسعى إلى تحقيقة إيران التي صرح قادة سياسيون لها أنهم سيجعلون الخليج العربي مضطرباً أمنياً ولكن ليس قبل البحر الأحمر ليكتمل "سيناريو" التدخلات الخارجية على دول المنطقة. وإزاء خطورة هذه الأوضاع تأتي زيارة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية إلى جمهورية مصر العربية بأجندة واضحة محددة حيث يؤكد المحللون السياسيون أن من أهم الملفات المطروحة على القمة المصرية اليمنية للمباحثات واتخاذ معالجات جديه بشأنها هي أعمال القرصنة في مياه البحر الأحمر.. وهنا تأتي ضرورة التنسيق بين البلدين للحد من هجمات القرصنة الصومالية، وتفويت المشروع الفارسي الأميركي الذي يستهدف شرعنة الوجود العسكري للولايات المتحدة الأميركية، وضرب المصالح الاقتصادية لجمهورية مصر إذا ما أدركنا أن من نتائج أعمال القرصنة أنه يؤدي إلى تراجع كبير في معدلات العبور إلى قناة السويس وارتفاع كبير على نسبة التأمين للسفن التي تمر من ذات الخط. وإذ كانت بلادنا تمتلك سواحل كبيرة على مياهها الإقليمية وموانئ كثيرة فإنها الأقدر على تقديم كامل الدعم للقضاء على القرصنة فيما لو أن هناك مساع جدية من قبل الدول الأورو - أميركية التي تذهب في أحد أهم حلولها إيجاد صيغة قرار يصوت عليه يشرعن للوجود الأجنبي وإن كان متواجداً اليوم بصورة غير شرعية، ومع ذلك يتساهل أو يغض الطرف عن أعمال القرصنة ويسندها في كثير من الأحيان.. وإلا ماذا يعني رصد السفن الحربية الأميركية للسفينة الأوكرانية من بداية اختطافها حتى اللحظة، ولا يتخذ حيال ذلك أي شيء؟!! الأمر وأضح وجلي تمكين القوى الأجنبية من التدخل والهيمنة العسكرية بصورة شرعية بذريعة القضاء على القرصنة.. ولا شك أن القمة اليمنية المصرية تدرك أهمية هذا المخطط وضرورة تفاديه وتجاوزه من خلال معالجات صحيحة وواقعية، فاليمن هي البلد الأول من الدول المطلة على البحر الأحمر القادرة على حمايته إذا ما توفرت لها الإمكانيات اللازمة لذلك.. والواقع أن رغبة صهيو - أميركية تسعى إلى إيجاد اضطرابات أمنية على باب المندب في البحر الأحمر وتدعوا في ذات القوت إلى البحث عن أماكن عبور أخرى جديدة.. والغرض من كل ذلك الحد من المداخيل التي تحصل عليها مصر من قناة السويس وإثارة مشاكل لصالح إيران التي تراهن في تنامي تهديدها ومخاطرها على إقلاق الأمن في الخليج العربي والبحر الأحمر، وهو أمر لا نستغرب له إذا ما تذكرنا تصريحات وزير الدفاع الإيراني قبل شهرين في هذا السياق، والذي أكد على استهداف مياه الخليج، وما يجري على البحر الأحمر جزء من هذا "السيناريو" المتعدد الأطراف الذي نرى بوادر تشكله تلوح في الأفق، مما يستدعي الوقوف بجدية أمام هذا الملف الأمني.. ويقيناً أن القمة المصرية اليمنية اليوم ستقف بمسؤولية أمام أعمال القرصنة، وتجد حلولاً ناجعة تفشل رهانات الأعداء، والمباحثات التي تلقي الضوء على هذا الملف وتضعه في سلم الأولوية إنما تعبر عن وعي القيادتين السياسيتين في اليمن ومصر بمخاطر التداعيات الأمنية على المياه الإقليمية في البحر الأحمر وما يجر ذلك من تبعات اقتصادية وسياسية لصالح قوى طالما ساعدت الإرهاب ودعمته وأدانته في آن واحد.