سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
على خلفية انخفاض أسعار القمح عالمياً وصمت الحگومة تجاوباً مع ضغوطات التجار .. د.العسلي يطالب بإنشاء محكمة لمقاضاة تجار القمح المتلاعبين بالأسعار أسوة بالإرهابيين والمتمردين
في الوقت الذي سجلت فيه أسعار بورصة القمح انخفاضاً حاداً حيث سجل سعر القمح للطن الواحد انخفاضاً بنسبة تزيد عن "50%" ليصل سعر الطن بهذا الانخفاض إلى "260" دولاراً أي أنه ومن خلال هذا الانخفاض الكبير يفترض أن يكون سعر كيس القمح الواحد في اليمن بمبلغ لا يتجاوز "3300" ريال بحسب تأكيدات مصادر حكومية ل "أخبار اليوم" إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس على السوق المحلية في اليمن في حينكانت اليمن أسرع الدول تأثراً بارتفاع أسعار القمح عالمياً وظل التجار متمسكون بالأسعار العالمية المرتفعة حتى يومنا هذا وسط تواطؤ رسمي وحكومي يشجع التجار على امتصاص دماء أبناء الشعب اليمني من خلال رفضهم التعامل بالأسعار العالمية الجديدة الخاصة بالقمح والذرة والصويا. وفي هذا السياق أشارت مصادر حكومية للصحيفة إلى أن الحكومة عقدت خلال اليومين الماضيين اجتماعاً مطولاً مع كبار تجار القمح في اليمن لمناقشة انخفاض سعر القمح عالمياً، موضحة أن التجار طلبوا من الحكومة الصمت عن المستجدات في انخفاض أسعار القمح وأقنعوها بعدم استطاعتهم على خفض الأسعار إلا بعد انتهاء المخزون الذي لديهم من القمح كون الكلفة الشرائية لذلك المخزون مرتفعة متناسين في الوقت ذاته وكذلك الحكومة بأن التجار لم يتعاملوا بهذا المفهوم عندما ارتفعت أسعار القمح عالمياً كان المخزون الذي لديهم بكلفة شرائية منخفضة بكثير عن السعر الذي وصلت إليه أسعار القمح عالمياً آنذاك مع بداية العام 2007م. وفي هذا السياق اعتبر البروفيسور/ سيف العسلي وزير المالية السابق والخبير الاقتصادي، اعتبر هذه الظاهرة تدل على اختلال واضح في السوق اليمني مرجعاً هذا الاختلال إلى ثلاثة أسباب رئيسية وأوضحها بالقول الأول هو تعامل التجار في تقييم سلعهم بالعملة التي يريدون حيث أنه عندما ارتفع الدولار مؤخراً وانخفض اليورو أمام الريال اليمني ذهب التجار إلى تقييم سلعهم بالدولار وعندما انخفض الدولار وارتفع سعر اليورو في وقت سابق ذهبوا إلى تقييم سلعهم باليورو وهم بهذا يحمون مصالحهم غير المشروعة من حيث اختيارهم للعملة التي يريدونها والتي تخدم مصالحهم دون أن يأبهوا لمصالح المجتمع، صحيح أن هناك اختلاف في السياسة النقدية بهذا الأمر إلا ان هذا لا يبرر فعلهم هذا. أما السبب الثاني يتمثل في عجز الحكومة وعدم قدرتها على معاقبة هؤلاء التجار في حين أنه يفترض أن يكون هناك عقوبات صارمة ضد من يمارس هذه الأفعال لأنها تضر بالمصلحة الوطنية وليس لها أي مبررات اقتصادية كما أن هذا الوضع يدل على أن هناك وضع احتكاري من قبل التجار ويجب على الحكومة فضحهم أمام الناس وتعرية مواقفهم اللاإنسانية التي تتناقض مع القيم الإسلامية. أما السبب الثالث فقد لخصه الدكتور العسلي خلال حديثه ل "أخبار اليوم" بقوله: هذا الأمر يدل على جشع القطاع الخاص في اليمن على الرغم مما قيل من خلال تشجيعه، لكن جشع القطاع الخاص يدل أنه لا يمكن أن يكون هذا القطاع أحد عوامل التنمية في اليمن. وأوضح العسلي أنه لا يمكن أن يكون الحل متمثلاً بالعودة إلى القطاع العام كون هذا القطاع يمثل أكثر ضرراً من القطاع الخاص وإنما يجب تنظيم القطاع الخاص تنظيماً صحيحاً من خلال إعادة النظر في القوانين التي بعضها شطرية وبعضها جاءت بعد الوحدة وجميعها متناقضة ولا تحدد بوضوح الحقوق والواجبات التي للتجار وعليهم، مؤكداً أنه لا توجد رقابة من قبل الحكومة وهذه الرقابة مشتتة بين وزارة التجارة والصناعة والمؤسسات التابعة لها ولتكون بعد ذلك تراكماً لا يمكنها فيما بعد الأخذ بعين الاعتبار بهذه القضايا. وأضاف: يجب أن ينظر إلى عملية التلاعب بالأسعار إلى أنها قضايا تدهور أمن المجتمع وترتفع أهميتها بأن تكون هناك محكمة حماية أمن المجتمع كما هو موجود مثل محكمة حماية أمن الدولة لأن هذه التصرفات "التلاعب بالأسعار" لا تقل أخطارها عمن يمارس الإرهاب ويقطع الطريق والتمرد لأنها في كل الأحوال تمثل ممارسة الظلم على الناس البسطاء، كما أن على الحكومة أن تنظر إلى هذه القضية وتعالجها بالأهمية التي تستحقها خاصة ونحن على أبواب أزمات اقتصادية فإذا ما تركنا قوت المواطن دون اهتمام، وسمحنا لكل تاجر أن يتلاعب مثل ما يريد فإن ضرر هذا الأمر مثل ضرر الحروب الأهلية والأزمات وغيرها من الأعمال المسيئة. وأشار إلى أن الحكومة غير مهتمة وغير عاجزة عن التعامل مع مثل هذه القضايا المهمة وأن على التجار أن يقيموا سلعهم بعملة واحدة وأن لا يتعاملوا بمعيارين فيما يخص مسألة الارتفاعات والانخفاضات السعرية العالمية للسلع وأن يتعاملوا بمعيار واحد، فأما أن تخضع سلعهم للانخفاض العالمي عند الانخفاض وأن ترتفع عن حدوث أي ارتفاعات سعرية عالمية لا أن يخضعون سلعهم للارتفاعات السعرية العالمية فقط ليحمون مصالحهم، ولا يتحدثون عن أي مخزون سابق عند حدوث الارتفاعات كون التجارة ربحاً وخسارة.