السياسي ثمة معطيات وشواهد تشير إلى أن قادمنا الوطني قد يكون أسوء من حاضرنا ان لم نستوعب قوانينه ونتلافي تداعياته بوعي وطني مسؤول، فالمؤشرات الجادة تدل على أن ثمة جهات إقليمية ودولية وثمة أجهزة ومكونات تآمرية قد استأسدت بل ربما أدمنت (فكرة استهداف أمننا الوطني واختراق مكوناتنا الاجتماعية)، وهذه الجهات تعمل بوتيرة عالية على تقويض نسيجنا وأمننا وتخوض في تفاصيل ظواهرنا الاجتماعية والوطنية بطريقة الخبير العارف، كيف؟ ومن أين تؤكل كتف اليمنيين الأرض والإنسان؟ وهذا ما نخشاه ونستجير منه بمناشدات صادقة نوجهها لشركاء المشهد الوطني ونأمل منهم راجين ومتوسلين أن يتركوا تنابزهم الثنائي والجمعي جانباً وينتبهوا لما يحاك لنا وللوطن ولمسيرتنا الوطنية ولوجودنا الحضاري الوطني، إذ هناك من يريد أن يزج بوطننا من "المهرة إلى صعدة" في أتون الأزمات والتناحر والانفلات، وتصر بعض الجهات والأجهزة على أن تصنع وتقدم لنا المزيد من الظواهر والعوائق التي تقف بيننا وبين التوافق والانسجام فيما بيننا، وحتى فيما بين المكون الوطني الواحد بدليل أن "الحزب الحاكم" مثلاً لا يجمع بين أعضائه جامع وهو يحيا في سياق "تجنحات وتكتلات وشلل"، وما لدى الحاكم ليس غريباً عن الفعاليات "المعارضة" ومع كل هذه الحقاق نجد أن لا "الحاكم" يستوعب حجم المخاطر والتحديات المحدقة بالوطن ولا "المعارضة" تدرك فداحة ما نحن فيه ويتصور كل فريق من هؤلاء أنه بعيداً عن "الكوارث" القادمة وخارج معادلتها ومن يتوهم بجد هذا الوهم هو "واهم وخاسر" ولا يفقه أبجديات السياسة وقوانين الصراع. بيد أن دافعنا لهذا القول هو الوضع الذي نحن فيه وهذه النوائب التي تتكالب علينا والوطن في وقت نرى فيه أصحاب الشأن خارج دائرة الوعي والفعل والمعادلة والاستحقاق. ثمة أنشطة مريبة تجري على خارطة الوطن، وثمة ظواهر خطيرة تعبر عن نفسها بشفافية وصراحة فيما رد فعلنا تجاهها لا يزال دون المستوى المطلوب، إذ هناك ظاهرة التهريب والتجارة بالسلاح أخذة في النمو والتزايد الملفت، وهناك نشاطات مريبة تشهدها بعض المحافظات اليمنية وخاصة محافظة "المهرة" التي تشهد حركات مثيرة للريبة وثمة معلومات تشير إلى تواجد نشاط تخريبي يتمثل بتهريب وتجارة السلاح والمخدرات وراءها أجهزة استخبارية ووكلاء لهذه الأجهزة، ولدينا لمن لا يدرك شاطئ يمتد لأكثر من "2200 كم" وهذا الامتداد الساحلي يجعل الوصول لمجتمعنا من قبل الجهات التي تستهدفنا فعل سهل ويسير طالما توفرت لهذه الأطراف الخارجية النوايا في تعكير صفو أمننا واستقرارنا مع غياب إرادتنا الوطنية في التصدي لمثل هذا الاختراق، وكما تؤكد الكثير من التقارير الأمنية فإن هناك تحركات لتجار السلاح والمخدرات والمهربين لكل أشكال الاستهداف الممنهج، والمؤسف أن هذه الحملة لا تأتي في سياق التجارة المحرمة المعروفة بل تأتي في سياق استهداف اليمن الأرض والإنسان وهي جزء من هذا السيناريو التآمري الذي نعيشه ويستهدف كل مكوناتنا الوطنية ومكاسبنا وحضارتنا وتحولاتنا، هناك ما يمكن وصفه بعمل "وكلاء طهران" الذين ينطلقون من دولة أفريقية مجاورة "نحتفظ باسمها" ليس من باب الإحراج بل تجنباً لمزيد من العاهات التي قد تصيب واقعنا ولكنا بذات القدر نحذر ولن نغفل واجبنا الوطني تجاه الظواهر التي نرى أنها تشكل خطراً على أمننا الوطني وسيادتنا، بدليل أننا كنا ولا نزال نحذر من التساهل تجاه الخارجين على القانون أياًِ كانوا ومهما كانوا وما كنا نخشاه تابعناه وشهدنا بوادر إيلامه يوم أمس حين راح علينا بعض أبنائنا من رجال الأمن شهداء في ساحة غير ساحة الشهادة المقترضة فما حدث في محافظة الضالع من اغتيال لجنود الأمن وحراس الوطن الأوفياء هو جريمة بكل المقاييس جريمة لا تبرر ولا تغتفر ولا يمكن الصمت عليها أو السكوت عمن قام بها وارتكبها، لكن بذات الوقت لا نحبذ جدلية الفعل ورد الفعل ولكنا نطالب شركاء المشهد أن يعودوا لرشدهم ويتقوا الله في الوطن والشعب وأمنهما ومكاسبهما وتحولاتهما الوطنية، على شركاء الوطن في الحكم والمعارضة أن يتقوا غضب الله والشعب عليهم وأن يبادروا لتلافي ما يمكن تلافيه ويعملوا على التوافق وضبط إيقاعات الحياة والعلاقة فيما بينهم أولاً ثم بعدها يجلسوا ويفكروا برؤى ووعي وطنيين في كيفية معالجة كل هذه الظواهر وهذا العبث الذي يخيم على سمائنا وأرضنا ويستبيح بحارنا وشواطئنا وأجوائنا وصحارينا بصورة تهريب وتهرب وجرائم وانتهاكات لكل مجالاتنا السيادية الوطنية بكثير من ظواهر الغدر والخيانة والتواطؤ والتفريط والتنازلات التي نقدمها بصورة مواقف سياسية متخاذلة على الصعيدين الرسمي والمعارض، فالسلطة لا تزال لم تحسم موقفها من كل ما يجري والمعارضة لا تقل عنها تخاذلاً في تحديد المواقف والوطن يدفع ثمن كل هذا والمواطن وهناك طرف ثالث يقدم التضحيات تباعاً دون أن يجد من يسنده، وهذا الطرف هو مؤسساتنا العسكرية والأمنية التي تعمل وتخوض غبار المعترك وعلى كافة الجبهات وأكثرها صعوبة وقساوة وتحديات وعوائق ومع كل هذا يتعامل هؤلاء الأبطال مع كل هذه الجبهات في وقت فشل شركاء المشهد السياسي في السلطة والمعارضة من الوصول لتوافق وأن من باب احترام تضحيات الشهداء وتقديراً لمواقفهم الوطنية النبيلة والراقية وهذا ما يجعلنا نحذر ونجدد تحذيرنا كل صباح من مغبة التهاون بحسم القضايا، بل من مغبة التمادي في الخصومة والتناحر الحزبي وتمزيق كل ممكنات التواصل والتفاهم الوطنيين؛ لأن هذا السلوك وفي هذا الوقت العصيب لا يسلكه إلا جاحد بحق الوطن والشعب والثوابت والتحولات فليس ثمة وطني غيور يقبل هذا الحال وهذه الاستكانة ويقبل أن يظل هذا التنافر الحزبي قائماً والوطن يعاني من كل هذه المشاكل والأزمات، إننا فقط نؤدي واجبنا ونحذر ولا نستهدف أياً كان ولسنا موجهين ضد هذا الطرف أو ذاك لكن دافعنا هو غيرتنا على هذا الوطن الذي يستباح من قبل الجميع وفي المقدمة من يفترض عليهم حمايته فهل من يعقل نرجوا هذا.