في ظل الحديث عن تراجع العائدات النفطية لليمن والاحتياطي من النقد الأجنبي والفساد المستشري أقر البرلمان أمس السبت الموازنة العامة للدولة 2010م بعجز 7. 7% رغم الانتقادات البرلمانية لما تضمنته الموازنة من تناقضات مع ما تبنت الحكومة في الخطة الخمسية وإستراتيجيتها في تحقيق نموا في القطاعات غير النفطية بمعدل 12. 5%. ويتضمن مشروع الميزانية عجزاً قدره 492مليار ريال ما يعادل 7. 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فيما خبراء اقتصاديون يعتبرون إقرار الموازنة للعام المقبل بهذا العجز تعطيلاً للتنمية وأنها تنذر بكارثة. . وفي هذا الصدد أوضح الخبير الاقتصادي علي الوافي في تصريح ل"أخبار اليوم" أن الموازنة كما عهدناها في اليمن لا تعطي عادة بإيراداتها ونفقاتها التقديرية مؤشرات قريبة من المؤشرات الفعلية المتوقعة وإنما هي أرقام توضع بصورة جزافية، وربما بنيت هذه الموازنة على أساس مؤشرات 2008م. بالنسبة للإيرادات حيث بلغت الإيرادات أكثر من 2 تريليون ريال، وهي أكبر إيرادات وتاريخ الدولة اليمنية. وأشار الوافي إلى أن الأصل في العجز لا يتجاوز الحدود الآمنة وهي 3-4% من الناتج المحلي الإجمالي، مضيفاً أن الموازنة عندما تبني على الحجز بإنفاق تنموي يوسع من حركة النشاط الاقتصادي ويوجد فرص عمل ويحسن من دخل الفرد تكون سلبياتها أقل ضرراً وإن كان هذا العجز سيؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية، مستدركا- الخبر الاقتصادي - أن المشكلة في حالة زيادة النفقات والعجز الكبير عن حجم الإيرادات في ظل إنفاق غير تنموي وغير اجتماعي لا يحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للتنمية وإنما أنفاق غير مبرر وغير ضروري الأمر الذي تكون الموازنة فيه أكثر خطورة. وقال الوافي : ليس بالضرورة أن تبني الموازنة على عجز الأصل أن تكون المؤشرات العقلية للثلاث السنوات الماضية هي المؤشرات التي تبن عليها حقائق الموازنة. الموازنة العامة للعام القادم لم تأت بجديد عن موازنة العام الماضي، ولم تضع في الحسبان تحديدات تترصد اليمن في المستقبل القريب حيث تزايدات في الآونة الأخيرة التحذيرات التي ربطت أزمة المياه في اليمن بالتحديات والمخاطر الكبرى التي سيواجهها النظام اليمني وذلك حسب العديد من الخبراء والمراقبين الذين لم يقللوا من خطورة أزمة المياه عن بقية التحديات السياسية والاقتصادية الأخرى إذ أن الحكومة خصصت في موازنتها للعام المقبل 13 مليار لبناء الجسور و5 مليون ريال لدراسة الأحواض المائية. . وبالرجوع إلى ما قاله الوافي لدى تصريحه للصحيفة أن من حيث التداعي الأولي على هذه الموازنة ، وضوح التركيز على الكهرباء أكثر فيها ، مؤكداً أننا أمام تحديات حقيقية سواء في إطار المياه أو المشروعات التنموية الأخرى لذا نحن بحاجة إلى تنمية بشرية وبناء قدرات وكفاءة الإنسان اليمني من أجل تصديره للعمل في الخارج بأسواق العمل الخليجي، وبحاجة إلى تحلية مياه كون الحل أصبح في التحلية، كما نحن في اليمن بحاجة - حد قوله - خبير الاقتصاد "الوافي"- لزيادة الطاقة الكهربائية لغرض الاستخدام المنزلي والأغراض التجارية والصناعية، كما هي حاجتنا لاستكمال البنية التحتية حتى تكون جاذبية للاستثمار في ظل تناقص الموارد لتراجع الإيرادات النفطية، منوهاً إلى أن البلاد أمام تحديات حقيقية لم تكن قد واجهتها سابقاً ولا سيما في ظل غياب البدائل وعدم ترشيد استخدام الموارد المتاحة اليوم والتي قد تكون غير متاحة غداً. وعلل الوافي تأهيل العمالة اليمنية للاستفادة منها لمتطلبات السوق المحلي ثم متطلبات السوق المجاورة في دول مجلس التعاون الخليجي التي تستقطب أكثر من "10" مليون عامل من الدول الأسيوية لذا ينبغي أن يكون لليمن في هذه السوق نصيب يذكر، مشدداً على إعطاء مجال تأهيل وبناء الإنسان اليمني أولوية فعلية، إذ كانت الحكومة اعتبرت هذا الجانب من الأولويات فلا بد من إيجاد برامج تدريب وتأهيل متوسطة وقصيرة الأجل لتأهيل العمالة اليمنية من أجل المنافسة في أسواق العمل الخليجية وبدون وجود عمالة ماهرة، متخصصة وفنية ليس بالإمكان التواجد بهذه الأسواق، معتبراً الوافي أن هذا المجال أول المجالات التي ينبغي التركيز عليها في إطار الشراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي. ونوه الوافي إلى أن العمالة اليدوية لها نصيب خاصة في البناء والتشييد وهو ما ينبغي أن يستند إلى الحلول الأخوية والروابط الجغرافية وروابط الجوار ، مستدركاً قوله : والحقيقة أن دول الخليج بشكل عام متقاعسة عن مساعدة اليمن في هذا الجانب وأنه بالإمكان استيعاب نسبة من هذه العمالة بدلاً من العمالة الوافدة غير العربية وغير المسلمة والتي تشكل خطراً حتى على الهوية الخليجية ذاتها.