تحول ميدان التحرير في قلب القاهرة بمصر إلى ساحة معارك حقيقية، إثر اقتحام الآلاف من الموالين للرئيس المصري حسني مبارك بعد ظهر أمس الأربعاء الميدان الذي يتجمع فيه منذ تسعة أيام آلاف المتظاهرين المطالبين برحيل مبارك. وبدأت الاشتباكات عقب تمكن مئات المشاركين في تظاهرة حاشدة مؤيدة للرئيس مبارك ضمت أكثر من 20 ألف من الوصول إلى مشارف الميدان من جهة المتحف المصري قادمة من شارع جامعة الدول العربية في الجيزة وخلفت الاشتباكات "500" إصابة على الأقل في هذه المواجهات التي مازالت مستمرة. ورأى صحافي من وكالة "فرانس برس" سيارات إسعاف تنقل الجرحى تباعاً في مجموعات بعضها من أربعة أشخاص إلى المستشفيات فيما يقوم محتجون بنقل جرحى آخرين إلى عيادات ميدانية أقيمت في عدة أماكن من الساحة ويعمل فيها متطوعون بوسائل إسعاف أولية. وقال الصحفي إنه علم من مصادر طبية أن ثلاثة مستشفيات استقبلت الجرحى في القاهرة وهي القصر العيني والهلال واحمد ماهر، مشيراً إلى أن اثنين من المصابين على الأقل في حالة خطرة، ومعظم هؤلاء الجرحى مصابون في الرأس والعيون. واتهمت ثلاث مجموعات احتجاجية رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية باقتحام الميدان "لترويع" المتظاهرين. وعلى صعيد متصل قال وزير الصحة المصري في بيان نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية إن عدد الأشخاص الذين أصيبوا بجروح في أحداث العنف في القاهرة يوم أمس الأربعاء ارتفع إلى 611 شخصياً. وفي وقت سابق من يوم أمس الأربعاء أعلنت وزارة الصحة عن مقتل شخص نتيجة للاشتباكات بين مؤيدي الرئيس المصري حسني مبارك ومعارضيه في ميدان التحرير بوسط القاهرة، والقتيل جندي بالجيش توفي إثر سقوطه من على جسر. إلى ذلك حث الداعية الإسلامي البارز الشيخ/ يوسف القرضاوي جماهير المصريين على المشاركة في "المسيرة الملايينية" التي أعلن تنظيمها غداً وأطلق عليها "جمعة الحسم" ل"تكثيف الضغط على الرئيس المصري حسني مبارك، الذي فقد شرعيته" بالرحيل. واعتبر القرضاوي الذي يرأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "النزول إلى الشارع وخصوصاً يوم الجمعة للمشاركة في الاحتجاجات واجباً شرعياً على كل قادر على الوصول إلى أماكن التجمع، وليس له عذر يمنعه". وجدد القرضاوي دعوته إلى الرئيس المصري للاستجابة "لصيحات الشعب، وألا يعرِّض وطنه لمزيد من الاضطراب والخراب، وسفك الدماء". وحث الداعية المصري الأصل الرئيس مبارك على التخلي عما وصفه ب"الألاعيب المكشوفة، مثل تسيير المظاهرات التي نراها تتكون من عشرات الأفراد، أكثرهم من الشرطة السرية، والمأجورين في مقابلة المسيرات المليونية". وأشاد القرضاوي بموقف الجيش المصري خلال المظاهرات والمتمثل في "مبادئ ستة كلها مرضية عند الشعب، منها أن حرية التعبير السلمي في الاحتجاج حق لكل مصري، وأنه يتفهَّم مطالب الشعب المشروعة، وأنه لم ولن يستخدم القوة ضد شعب مصر العظيم، وأنه يراقب الموقف حتى يستقر". ورأى أن "الجيش هو الذي يستطيع أن ينقذ الموقف الآن، بتعيين رئيس مؤقت هو رئيس المحكمة الدستورية، حيث أن رئيس مجلس الشعب لا يصلح، لإجماع الشعب المصري، على أنه مجلس مزور على أعلى مستويات التزوير". واقترح القرضاوي "أن يشكل الرئيس الجديد حكومة إنقاذ مختارة من سائر القوى تمثل اتجاه الأمة الجديد، كما تختار لجنة حكماء تضع مسودة دستور، إلى أن تنتخب جمعية تأسيسية". وحث عالم الدين المشهور علماء الأزهر وخريجيه على المشاركة في مسيرات الاحتجاج وحماية الكنيسة، من "غي الماكرين، الذين قد يلعبون على الفتنة الطائفية". وأشار البيان إلى وجوب مجاهدة الحاكم الظالم وقال "حمَّل الإسلام الأمة في مجموعها مسئولية تقويم الحاكم ومجاهدة الظالم؛ ليرتدع عن انحرافه وظلمه". من جانبه عبر "بان كي مون" الأمين العام للأمم المتحدة يوم أمس الأربعاء عن "قلقه العميق" للعنف في مصر وحث كل الأطراف على ضبط النفس في الوقت الذي اشتبك فيه محتجون مع أنصار للحكومة. وقال إثر لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في لندن "أشعر بقلق عميق لاستمرار العنف في مصر وأحث مجدداً كل الأطراف على ضبط النفس"، مشيراً إلى أن الأممالمتحدة نبهت خلال السنوات العشر الماضية إلى الحاجة للتغيير في الدول العربية.