فور إعلان خبر تنحي الرئيس المصري "محمد حسني مبارك" عن منصب رئيس الجمهورية، وتكلَّيفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد عَلَت الهتافات وصيحات الفرح بين مئات الآلاف من المتظاهرين المحتشدين في معظم المدن المصرية، وعلى الأخص العاصمة القاهرة، ففي الوقت الذي هتفت فيه الجماهير: "مصر حرة .. مصر حرة" سجد بعض المتظاهرين شكراً لله. وفي هذا السياق أعتبر الخبير في النظم السياسية بمركز الأهرام للسياسات الإستراتيجية الدكتور/ عمرو الشوبكي ل"أخبار اليوم"؛ ما جرى بمصر انتصاراً لكل العالم العربي وكذا ما حدث في تونس.. وأكد الشوبكي أن رياح التغيير والثورة باتت على كل الأبواب وأنه حان الوقت أن تحدث إصلاحات حتى ولو بأشكال مختلفة داخل العالم العربي، مشيراً إلى أن الطريقة القديمة لم تعد قابلة للاستمرار في المنطقة العربية. وأشار الخبير في النظم السياسية إلى أن الثورة المصرية ستؤثر تأثيراً كبيراً على الأنظمة العربية، خاصة إذا نجحت مصر في تحقيق الانتقال الآمن نحو الديمقراطية، لافتاً إلى أن تأثيرها سيكون أكبر في النظم الجمهورية. وأضاف: وفي كل الأحوال لا يوجد نسخة ستتكرر في كل الأقطار العربية، لكن فكرة التغيير ستكون حاكمة الوطن العربي في الفترة القادمة. وقال: نحن أمام تحدي بناء نظام سياسي ديمقراطي في مصر يضمنه الجيش وكيف يمكن إنجاز هذا التحول ووضع الضمانات لتحقيقه، منوهاً إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تحدث في دول العالم، حيث في منتصف السبعينيات ضمن الجيش في البرتغال عملية التحول الديمقراطي؛ إذ أن ما حدث بمصر ليس تجربة فريدة من حيث المبدأ. وكان عمر سليمان قد أصدر بياناً مقتضباً مساء أمس الجمعة ، قال فيه: "إن الرئيس حسني مبارك يتنحَّى عن رئاسة الجمهورية، ويُكلِّف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد". وما إن سمعت الحشود في مصر ذلك البيان الرئاسي حتى سادت حالة من الفرح الشديد، وباتوا يهتفون: "مصر حرة.. مصر حرة"، وسط موجة من الزغاريد والرقص والغناء. وكان التلفزيون المصري قد أعلن خبراً قال فيه: إن بياناً هاماً وعاجلاً سيصدر عن رئاسة الجمهورية، فيما كشفت تقارير أن الرئيس المصري، حسني مبارك، وعائلته غادروا القاهرة إلى مُنتَجَع شرم الشيخ في شبه جزيرة سيناء المُطلِّ على البحر الأحمر . لحظات البهجة لم تدم طويلاً حتى ارتفعت أصوات مصرية كثيرة تطالب بالتهدئة والحوار الوطني والتفاعل مع الجيش باعتباره ضمانة التغيير الديمقراطي. فقد حيا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مساء أمس الجمعة شباب مصر وجيشها على "دورهما في تحقيق التغيير التاريخي" مع تنحي الرئيس حسني مبارك بعد "30" عاماً في السلطة، ودعا إلى "بناء سليم لمصر قائم على توافق وطني". وقال موسى "بقدر ما أحيي الشباب، فإنني أؤكد ضرورة النظر للأمام وأن تكون الخطوات القادمة قائمة على الديمقراطية والإصلاح". وأشاد بالقوات المسلحة ودورها في الحفاظ على مصر، مشدداً على "ضرورة استمرار هذا الدور من أجل بناء مصر الجديدة". وقال عضو بارز بجماعة الإخوان المسلمين أكبر جماعات المعارضة المصرية إن المصريين حققوا الهدف الرئيسي من انتفاضتهم الشعبية بعد تنحي الرئيس حسني مبارك. وأضاف محمد الكتاتني الرئيس السابق للكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان في مجلس الشعب المصري "أحيي الشعب المصري والشهداء، ها قد تحقق هدف الثورة... هذا يوم نصر للشعب المصري." وأوضح الكتاتني أن الإخوان ينتظرون الخطوات القادمة التي سيتخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى مقاليد السلطة في البلاد بعد قرار مبارك بالتخلي عن السلطة. وقال المعارض المصري البارز محمد البرادعي إن هذا "أعظم يوم" في حياته حين أعلن نائب الرئيس المصري عمر سليمان تنحي الرئيس حسني مبارك وتسليمه السلطة للجيش. وأضاف البرادعي "انتظرنا هذا اليوم لعقود، نتطلع جميعاً للعمل مع الجيش للإعداد لانتخابات حرة ونزيهة، أتطلع لفترة انتقالية تشهد تقاسم السلطة بين الجيش والشعب." من جهته قال السياسي المصري المعارض "أيمن نور" إن مصر ولدت من جديد وان الجيش يعي مهمته في الإعداد لحكم مدني. وأضاف نور "ننظر إلى المرحلة الانتقالية باعتبارها المرحلة التي ستمهد إلى الوصول إلى الدولة المدنية وإلى مطالبنا المشروعة في دولة حرة مدنية، في دولة تقوم على حقوق الإنسان والمواطنة." وتابع نور الذي حل ثانياً بعد مبارك بفارق واسع في أول انتخابات تعددية في تاريخ مصر "اعتقد أن الجيش يدرك أن مهمته هي حماية الأوضاع إلى أن تنتقل الأمور إلى مرحلة مدنية."