تعتبر عملية التعليم من أصعب الأشياء التي تشغل بال العاملين في مجال التربية والتعليم، هذا الأمر جعل هؤلاء ينشغلون بالبحث المستمر عن السبل والطرق التي من شأنها أن تنهض بالتربية والتعليم وتعمل على تنميتها وتطويرها عاماً بعد عام.. وبالرغم من الجهود المكثفة التي تقدم لخدمة هذا المجال الحيوي والهام.. إلا أننا لا نزال في بلادنا نشكو من استمرار تدني مستويات الطلاب والطالبات.. والحديث عن تدني مستوى الطلاب الدراسي والتعليمي حديث ذو شجون.. وقد كثرت الأحاديث عنه بعد أن صار بمثابة ظاهرة ينبغي الوقوف إزاءها ووضع كل الحلول والمخارج من أجل القضاء عليها حتى لا تستفحل في أوساط فلذات أكبادنا.. وبهذا الخصوص التقت صحيفة "أخبار اليوم" عدداً من المدرسين والتربويين، وطرحت أمامهم موضوع "تدني المستوى التعليمي"وخرجت بهذه الحصيلة: أسباب عدة في البداية تحدث الأستاذ/ صالح أحمد الشاطرة وكيل مدرسة سابقاً حيث قال: من الأسباب المساهمة في تدني مستويات التلاميذ عدم قدرة معظم المعلمين في مدارسنا على توصيل المعلومة إلى أذهان التلاميذ، كونهم لا يحظون بالتأهيل المناسب، بالإضافة إلى صعوبة وحشو بعض المقررات الدراسية التي تخلق الملل والسأم، سواء للتلميذ أو المعلم وكذا عدم تعرض المعلم لطرق التدريس وإعطاء كل درس طريقة معينة تشد التلميذ إلى المادة بالأساليب السهلة البسيطة أثناء شرح الدرس، بما يسهل عملية تقبلها وفهمها لدى التلميذ، ولا ننسى هنا أن نذكر شطحات بعض المعلمين للأسف الشديد في اتباع أساليب جامدة وأحياناً قاسية في معالجة الفروق الفردية للتلاميذ واستخدام ألفاظ التقريع والسخرية عند وجود أخطاء من قبل التلاميذ، ما يولد الخوف والخجل عندهم ، وبالتالي زرع الكراهية في نفوسهم للمادة الدراسية والمعلم. ويضيف في سياق حديثه قائلاً: لا يعمل بعض المعملين أثناء تصحيح أعمال التلاميذ على توضيح الأخطاء التي وقعوا فيها، ما يؤدي بهم إلى اعتبارهم صحيحة، ناهيكم عن عدم اكتراث الأسر بدراسة أبنائهم والاهتمام بتفتيش كراساتهم وتوجيه أبنائهم إلى المراجعة والاستذكار، بالإضافة إلى وجود هوة كبيرة في معظم الأحيان في العلاقة ما بين أولياء الأمور والمدرسة، فالاعتماد الكلي على المدرسة لا يكفي، فلا بد من زيارة ولي الأمر للمدرسة بشكل متكرر للحصول على نتائج مثمرة ، وهنا كثير من الآباء والأمهات عند استدعائهم للحضور إلى المدرسة،لسؤالهم عن تدني مستوى أبنائهم التعليمي وعدم كتابتهم للدروس أو إهمالهم لواجباتهم المدرسية , فإما أنهم يحضرون على مضض أو أنهم يتجاهلون هذا الأمر، ما يزيد التلميذ إهمالاً وضرباً بكافة التوجيهات والإرشادات والنصائح التي تقدم لهم من المعلمين في المدرسة عرض الحائط. ولخص الأستاذ/ صالح أحمد الشاجرة أسباب تدني مستوى الطلاب في الأمور التالية: كثافة الفصول الدراسية في بعض المدارس والتي لا يتمكن المعلم من الاهتمام بكل التلاميذ ومتابعة أعمالهم. المبالغة والمغالاة عند وضع الاختبارات من قبل بعض المعلمين باختيارهم أسئلة تعجيزية وتصوير الاختبارات كغول في نفوس التلاميذ اعتماد التلميذ على الغش في الامتحانات بحيث لا يعطي اهتماماً للاستذكار المستمر لدروسه تساهل معظم الأسر في انشغال أبنائها عن المذاكرة المنزلية إما بقضاء الساعات الطويلة في مشاهدة التلفزيون أو اللعب خارج المنزل إلى وقت متأخر من الليل خصوصاً في فئات المذكور إنشغال معظم آباء التلاميذ في الحصول على لقمة العيش دون الالتفات إلى ما درس أبناؤهم في المدرسة يومياً، وأحياناً الدفع بهؤلاء الأبناء للعمل في سن مبكرة للمساعدة في توفير الدخل. أجيال تتعرض لتجهيل: من جهته قال الأستاذ/ علي عبدالله اليافعي مدير مدرسة منطقة زارة "إن تدني المستوى التعليمي والتربوي في بلا دنا يعود إلى أسباب عديدة، وقام بتخلصيها مشكوراً في النقاط التالية: ظاهرة ترفيع الطلاب الراسبين، وعدم وجود إستراتيجية تعليمية صحيحة لوضع منهج دراسي واحد للتعليم، لأن جل ما يدرسه التلاميذ والتلميذات عبارة عن مقررات دراسية توليفية، بالإضافة إلى قصور في المقررات وعدم مواكبتها لتطورات العصر واحتياجات الزمن وعدم وجود المعلمين المؤهلين تأهيلاً جيداً، وغياب عملية التقييم الصحيح والتقويم المناسب للإدارات المدرسية، والافتقار إلى المعينات التعليمية ووسائل الإيضاح وكذا إلى المباني المدرسية المتكاملة، بالإضافة إلى الكثافة الطلابية في معظم المدارس، إن لم يكن في كلها.. ويواصل الأستاذ اليافعي حديثه الشيق حول ظاهرة تدني المستوى فيقول: "لا أنسى أن أقول بأن هناك ضعفاً واضحاً وملحوظاً في عملية إعداد المعلم، ناهيكم عن محدودية تدريبه وتأهيله أثناء فترة خدمته في سلك التدريس، وأجدها فرصة لأقول ومن على منبر "أخبار اليوم" إن ظاهرة تسرب الطلاب من مدارسهم ازدادت في الآونة الأخيرة، وينبغي أن يكون هناك تعاون جاد بين المدرسة والأسرة حتى نتمكن معاً من القضاء على هذه الظاهرة ونعمل سوياً من أجل أن نخلق جيلاً متسلحاً بالعلم والمعرفة. عدم وضع المعلم المناسب في المكان المناسب. من جانبه تحدث الأستاذ/ عبدالكريم المرزوقي أخصائي اجتماعي حول أسباب تدني مستوى الطلاب والطالبات في بلادنا ولخص ذلك في النقاط التالية: عدم تأهيل المعلمين والمعلمات وعدم وضع المعلم المناسب في المكان المناسب، أي أن يعمل ويدرس وفق تخصصه، إضافة إلى عدم اختيار الإدارات المدرسية الكفأة، بل ما يحدث هو التعيينات وفقاً للمحاباة والمحسوبية وكذا عدم ارتباط البيئة بالمدرسة وعدم تفعيل مجالس أولياء الأمور من قبل الإدارات التربوية والمدرسية وكذا ضعف المكانة الاجتماعية للمعلم أو وعدم إعطائه حقه. اختيار المعلم المتخصص والكفء أما الأستاذ/ محمد عيدروس مدير عام المجمع التربوي بالعين فقد أدلى بدلوه حول هذا الموضوع وتحدث إلى الصحيفة قائلاً: "هناك عوامل كثيرة ومتعددة سواء كانت من المعلم أو الطلاب وأولياء الأمور وأركز على المراحل القصوى للتركيز على التعليم الأساسي، وبالأخص السنوات الأولى من سنة أولى إلى سنة رابعة من التعليم الأساسي، وهذا يتطلب من قيادة التربية والتعليم سواء كان ذلك ممثلاً بوزارة التربية والتعليم أو من خلال مكاتب التربية والتعليم بالمحافظات وبالذات التي يهمها الارتقاء وخصوصاً في السنوات الأولى بمستويات فلذات أكبادنا وعلى هذا الأساس ينبغي الآتي: التركيز على اختيار المدرس المتخصص الذي يتمتع بالكفاءة التامة، وضع عدد مناسب في الصف بحيث لا يزيد عن "35" طالباً أو طالبة كي يتسنى للمدرس متابعتهم، والتواصل المستمر بين المدرسة وولي الأمر من شأنه متابعة مستوى الطالب الدراسي سواءً كان عالياً أو هابطاً وبحث الأسباب، وإيجاد الحلول والتي في الأخير سوف تصب في خدمة تطوير مستواه إلى الأحسن، مع عدم التساهل مع التلميذ سواءً من قبل المدرس أو أولياء الأمر، لما من شأنه إنقاذ الطلاب من لإهمال. وأضاف: أناشد كل أولياء الأمور للتواصل والمتابعة مع المدرسة، لأن هذا الارتباط يجب أن يعزز وفي الأخير ستنعكس نتائجه في الطلاب والطالبات. الثواب والعقاب من جانب آخر الأستاذ/ محمد ناصر منذوق مدير التعليم العام سابقاً في مديرية لودر لخص حديثه حول أسباب تدني مستوى التعليم بالنقاط الآتية: كثافة المنهج، ظاهرة الغش التي أصبحت منتشرة في ربوع اليمن وعدم المتابعة من قبل جهات الاختصاص في المحافظة والمديرية وتقييم العملية التعليمية، إضافة إلى عدم متابعة أولياء الأمور لأبناءهم الطلاب والطالبات... ويواصل الأستاذ/ محمد حديثه قائلاً:" أتوجه بالنصيحة للإخوة والأخوات مدراء ومديرات المدارس أن يختاروا مدرسيهم بأمانة وبالذات للسنوات الأولى من "14" ولكن للأسف الملاحظ أن بعض الإدارات يهمها إشغال الفراغ لهذه المراحل وفي الأخير يؤدي إلى عدم تغيير أي شيء في سلوك الطالب التعليمي بحيث يرفع الطالب إلى سنة ثانية وبالمثل أيضاً في سنة ثالثة يرفع إلى سنة رابعة وهو لا يجيد القراءة والكتابة وهنا تكون الكارثة. واختتم حديثه:أطالب عبر "أخبار اليوم" الأخ/ فضل الطلي مدير مكتب التربية والتعليم بمحافظة أبين -بأن يولي هذه المسألة الأهمية القصوى وإعطاء دورات تأهيلية وتنشيطية لمعلمي ومعلمات الصفوف الأولى، كونها المرتكز الرئيسي لجميع مراحل التعليم، فإذا كان البناء ركيكاً فسينهد يوماً على ساكنيه.