عزا الدكتور/ عادل الشرجبي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء تأخير عملية رحيل النظام إلى حكمة الشعب اليمني وعدم انجراره إلى العنف. وقال الشرجبي في تصريح ل"أخبار اليوم" إن المعروف تاريخياً عن النظام أنه لا يتعامل مع خصومه عبر التسويات بل عبر التصفيات، ومن المستحيل القضاء على الثورة اليمنية بالقوة في حال حاولت السلطة، وحتى إن كان بمقدورها ذلك فلن يستطيع النظام أن يحكم اليمن ، لأنه أصبح غير مرغوب فيه. وأضاف : إذا وقع الأخ الرئيس على الاتفاقية، فمن المتوقع بعد ذلك أن يبدأ النظام بشكل عام حتى المؤتمر والمقربين من الرئيس باختلاق الأعذار لعدم تنفيذ باقي البنود وبالذات المتعلقة بتقديم الرئيس استقالته بعد 30 يوماً من التوقيع على الاتفاقية. وتابع الشرجبي: بعض بنود الاتفاقية الخليجية مرنة كالتي تنص على أن تقوم الحكومة بتسوية الأوضاع والقضاء على عملية التوتر السياسي والأمني، حيث هنا يمكن للنظام اختلاق عذر بعدم قيام الحكومة بتنفيذ ما ورد في هذا البند، مشيراً إلى أن النظام يريد أن يشتري وقتاً لاعتقاده أن باستطاعته إعادة ترتيب أوضاعه وصفوفه وحشد المناصرين له ، إضافة إلى حشد قوات عسكرية...إلخ، من أجل القضاء على الثورة بأسلوب عسكري في المستقبل وبالتالي فمن المتوقع مع كل محطة من محطات الاستحقاقات المتعلقة بهذه الاتفاقية أن يختلق النظام بعض المبررات التي من شأنها أن تؤجل هذه الاستحقاقات. وأردف بالقول: المبادرة ليس فيها عيوب، غير أن سلوك النظام بطبيعته وطريقة إدارته للسلطة وتعامله مع الآخر يمكن أن يحدث فشلاً للاتفاقية، التي قبلت بها الأطراف المختلفة، إلا أن الثورة هذه المرة كانت أوسع وأكثر من قدراته في القضاء عليها بالأسلوب الذي تعود عليه وبهذا يسعى النظام للحصول على وقتٍ كافٍ لإعادة ترتيب صفوفه والقضاء عليها عن طريق التصفية. ويرى الشرجبي أن النظام لن يقبل بالتنحي إلا إذا واجه تحدياً حقيقياً، حيث سبق للنظام أن حاول القضاء على الثورة بالقوة، ولكنه مُني بالفشل في ذلك، لنجد إنهياراً كبيراً في النظام الذي طلب من المملكة العربية السعودية وأصدقائه الأميركيين تقديم مبادرات للحل والتوسط مع الأطراف المختلفة في الثورة وبالذات المنظمة منها "اللقاء المشترك" حسب تعبيره. وأضاف أن النظام في تلك الفترة كان في أضعف حالاته ولهذا يسعى لإعادة تنظيم صفوفه بغية المحاولة مرة أخرى القضاء على الثورة حسب توقعه. واعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي المبادرة الخليجية الفرصة الأخيرة للنظام وتسوية الوضع، كون اليمنيين دائماً متسامحين وإن كانوا يمتلكون السلاح، إذ لديهم قلوباً رحيمة، كما وصفهم الرسول "صلى الله عليه وسلم". وأشار إلى أن النظام لم يعد مقبولاً شعبياً حتى لو استطاع أن يقضي على الثورة وهو الأمر المستحيل حد قوله ، إلا أن الشعب لا يريد للدماء أن تسفك، كما أن النظام في حال حقق المستحيل في القضاء على الثورة فلم يعد باستطاعته أن يحكم اليمن، كونه أصبح غير مرغوب فيه. واستطرد الشرجبي: عدم تقديم استقالة فورية للنظام من شأنه أن يخلق الأعذار، إذ أنه كان يمكن للاتفاقية أن تتضمن تنحٍ فوري للرئيس، ثم تأتي المقترحات الأخرى في جدول زمني بعد ذلك، يكفل ما يتعلق مثلاً بعدم الملاحقات وضمان عدم وجود ثأر سياسي، مشيراً إلى أن التأخير لمدة شهر قد تتيح فرصاً للنظام في التنصل أو التهرب أو التمديد للآجال الزمنية لتنفيذ البنود التي احتوتها الاتفاقية ورغم ذلك يعتقد الشرجبي أن الاتفاقية في حال تم التوقيع عليها سوف تنفذ، وقد يتم أثناء التنفيذ بعض التأجيل والتأخير والخلافات، لكنها في الأخير سوف يتم تنفيذها. وكان عبدالله أحمد غانم- عضو اللجنة العامة، رئيس الدائرة السياسية للمؤتمر الشعبي العام- قد صرح بأن علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لن يقدم استقالته إلاّ بعد أن تنفذ أحزاب اللقاء المشترك التزاماتها الواردة في المبادرة الخليجية والمتمثلة بإنهاء الاعتصامات وأعمال التقطع وما وصفه بالتمرد العسكري في بعض وحدات القوات المسلحة ووقف نشاط الحراك المسلح والتمرد الحوثي وغيرها من أسباب التوتر السياسي والأمني.. وأضاف في حوار للميثاق أن المشترك لا يريد من المبادرة الخليجية إلاّ استقالة الرئيس وهذا لن يكون لهم إلاّ بتنفيذ النقطة رقم (2) من المبادرة، كون حزبه المؤتمر تنازل عن حقه في تشكيل الحكومة كاملة مقابل تنفيذ تلك النقطة. ونبه الأشقاء من خطورة إعطائهم ضمانات للمشترك بعدم رفع الاعتصامات وإنهاء المظاهرات والتمرد، لأن هذه الضمانات تتنافى مع ما تهدف إليه المبادرة. إلى ذلك وحسب رأي المحلل السياسي السعودي/ يحيى الأمير فإن المبادرة الخليجية أصبحت وسيلة لتمديد الوقت واللعب على العامل الزمني بالنسبة للرئاسة اليمنية، مؤكداً أن على دول الخليج أن تدرك بأن الجانب الكبير من المشكلة يكمن في الرئاسة اليمنية قبل أن تضطر إلى تحويل اجتماع وزراء خارجيتها إلى اجتماع لوزراء داخلية مجلس التعاون لحماية حدودها مما قد ينتج عن أي تدهور في اليمن.. وأكد الأمير خلال مداخلته لبرنامج بانوراما في قناة العربية مساء أمس الأول أن مراوغة الرئيس وإصراره على البقاء في الحكم من خلال اشتراطه على تسليم السلطة لأيادٍ أمينة تكشف أنه سيعمل على خلط أكثر من سيناريو لا تؤدي إلى الحل حتى بعد التوقيع على المبادرة.