كعاصفة موسمية هبّت حول السرير، أزاحت الغطاء عن وجهي، وبصوت غاضب يخلو من نعومة ألفتها: أي كسول أنت وأي بليد، الشباب يفترشون الساحات، يرفعون الشعارات، يطالبون بالتغيير، وأنت تغط في نوم عميق. - الأمر لا يعنيني، ولا يهمني من يثور ويغضب ..! - ألا تريد رحيل النظام؟؟ يا لك من شاب مستهتر بالحياة وقاسي القلب؟؟ ألبست لك مطالب وحرية تريد أن تنشدها؟؟؟ هيا قم بسرعة أيها الكسول!!!! - مطالب! ههههه لماذا؟ أنا ابن مسؤول كبير، أقيم في فيلا خدماتها خمس نجوم، وظيفة مغرية، رصيد في البنك، سيارة حديثة، سهر، سفر ...أصحاب.. - وإن كان، ألا تؤازر شباب الثورة، الذين يموتون في سبيل محاربة الفقر والفساد، وإيجاد الحلول لشعب مسحوق، جائع، يسعى للعيش الكريم؟ - لقد خرجوا لأنهم معدمون لا يملكون شيئاً أما أنا فأملك كل شيء فلماذا أخرج؟؟ - إنك حقاً عديم الإحساس والمسؤولية!!!! - أمي.. تمهلي، تمتعي بأيامك وبما تملكين، فربما تلك المطالب غدا تتحول ضدك وأصابع الاتهام تتجه إليك: "من أين لكِي هذا؟"، وتقودك خلف القضبان، والاعتصام في الميادين والساحات قد يصبح قلادة تلف حبل مشنقة حول عنقك وعنق زوجك، فيفتر حماسك بعد أن تجرّدي من رفاهية نعمت بها سنوات طويلة، وأنت تعلمين أن هناك من يعيش تحت خطوط الفقر، بينما مساعداتك لا تتعدى حدود التباهي بخدمات اجتماعية تنشر صور المحسنة الكبيرة لتنافس أسماء سيدات المجتمع المخملي في العمل الخيري. دعيني أكمل نومي في فراشي الوثير قبل أن يسحب من فوقي الغطاء, وقبل أن يتجمهر الشباب حول قصرنا هذا فيحرموني ساعتها لذة النوم وهذا الفراش الوثير... وكأن على رأسها الطير تسمّرت لحظة في مكانها، وقبل أن تصل كفها إلى شفتي لأطبع قبلة مصالحة سحبتها بنزق رمتني بالوسادة، خرجت مسرعة تقلّب الكلام في رأسها، وتعيد حساباتها...ربما تقول لنفسها الآن: كنا ولازلنا نغرق في ملايين هذا الشعب البائس منذ سنين لماذا لم نساعدهم من قبل؟؟ كيف نصبح اليوم ثواراً وقد كنا شيئاً أخر..شيئاً بشعاً بالأمس.. لعله حقاً يقول الحقيقة التي هربت منها طويلاً...