الكثيري يتفقد فرع البنك المركزي بسيئون    الدعم السريع يسيطر على أهم منطقة نفطية في السودان    جرحى المرتزقة بتعز يغلقون مكاتب حيوية احتجاجاً على الإهمال والتجاهل    حمى الإستقطاب    نسائية همدان تنظم فعاليات بذكرى الزهراء وتجدد موقفها المناصر لفلسطين    تعز الجديدة.. نموذج يتحدى الإخوان والسعودية والإمارات ويفضح أجنداتهما    الصين تؤكد هيمنتها على الصادرات بفائض تجاري يتجاوز تريليون دولار    27 ساحة لإحياء ذكرى مولد الزهراء    مباريات حاسمة في ابطال أوروبا    أزمة غاز خانقة تشلّ الحركة داخل عدن المحتلة    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    كيف يوظف الاحتلال السعودي الإماراتي صراع الأدوات؟    سر اهتمام واشنطن المسبق بحضرموت والمهرة    مصرع واصابة 32 مهاجرا في حادث غرق قبالة جزيرة كريت اليونانية    ماذا يحدثُ في المُحافظاتِ الجنوبيَّةِ والشَّرقيةِ اليمنيَّةِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ السُّعوديِّ ومَشيخةِ الإماراتِ؟    منع دخول "درع الوطن" لعدن مع تصنيفها "إرهابية"    القرار الأمريكي ضد الإخوان يربك العليمي.. والجنوب يقترب من الحسم    خطورة المرحلة تتطلب مزيداً من الحكمة في التعامل مع الإقليم    عاجل: قوات درع الوطن اليمنية تصل إلى مأرب وسط تغيرات ميدانية لافتة    انضمام أربعة من نواب "الشرعية" إلى الكتلة البرلمانية للمقاومة الوطنية    بوادر أزمة غاز في عدد من المحافظات.. ومصدر يحذر من توسعها    مليشيا الحوثي تحتكر المساعدات وتمنع المبادرات المجتمعية في ذروة المجاعة    يا يَمنَ العِزِّ    الخارجية الروسية توصي بعدم زيارة اليمن والسفارة تحذر الروس المتواجدين على الاراضي اليمنية    اكتشاف أكبر موقع لآثار أقدام الديناصورات في العالم    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    محافظ عدن يصدر قراراً بتكليف أرسلان السقاف مديراً عاماً لمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    حين يضحك النهار    النفط عند أعلى مستوى له في أسبوعين مدعوما بخفض الفائدة الأمريكية    اللواء الرزامي يعزّي في وفاة المجاهد محمد محسن العياني    الرئيس الزُبيدي يطّلع من محافظ البنك المركزي على الإجراءات المنفذة في خطة الإصلاحات المالية والمصرفية    اللجنة الوطنية للمرأة تنظم مؤتمرًا وطنيًا في ذكرى ميلاد الزهراء    استئناف الرحلات الجوية في مطار عدن الدولي    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    صنعاء.. تمديد العمل بالبطاقة الشخصية منتهية الصلاحية    وفاة 7 صيادين يمنيين إثر انقلاب قارب في البحر الأحمر    الأرصاد: صقيع خفيف على أجزاء من المرتفعات وطقس بارد إلى شديد البرودة    التحالف يوقف تصاريح التشغيل لرحلات الطيران المدني إلى المطارات اليمنية    الخطوط الجوية اليمنية توضح بشأن الرحلات المجدولة ليوم الإثنين    الريال يسقط بشكل مهين على ملعبه أمام سيلتا فيجو    مجلس إدارة هيئة الاستثمار برئاسة العلامة مفتاح يوافق على مشروع اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار 2025م    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    اطلّع على نشاط نادي أهلي صنعاء.. العلامة مفتاح: النشاط الشبابي والرياضي والثقافي جبهة من جبهات الصمود    العصر الثاني في هذا العصر    المنتخب الأولمبي يخسر أمام الإمارات في بطولة كأس الخليج    بدء الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التقيظ الدوائي في شركات الأدوية    في ذكرى ميلاد الزهراء.. "النفط والمعادن" تحيي اليوم العالمي للمرأة المسلمة وتكرم الموظفات    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب كأس الدوري الأمريكي    بمشاركة الكثيري: مكتب تنفيذي الوادي يؤكد مباشرة العمل تحت راية علم الجنوب    عاجل: وزير ومستشار لرشاد العليمي يدعو لتشكيل حكومة يمنية مصغرة في مأرب    عاجل: القوات الجنوبية تحكم قبضتها على سيحوت وقشن وتدفع بتعزيزات كبيرة نحو حصوين في المهرة    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح الدين الأيوبي.. وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس ..الحلقة الثالثة والثلاثون


3- القضاء على الأرمن:
ولم يتوقف نصر صلاح الدين بالقضاء على شركة السودان بل أتبعه بفل شوكة الأرمن، وهم الفرقة التالية للسودان قوة وعدداً، فأحرق داراً للأرمن بين القصرين وفيها عدد كبير من الجنود الأرمن ، معظمهم من الرماة ولهم رواتب من الحكومة، وكان هؤلاء قد حاولوا أن يعرقلوا حركة قوات صلاح الدين في أثناء المعركة مع السودان برميهم بالنشاب فلقواجزاءهم، وأما تبقى منهم فنفاهم صلاح الدين إلى الصعيد، أضعف صلاح الدين بقضائه على شوكة السوادان والأرمن الدولة الفاطمية إلى حد بعيد، بحيث أصبح من الواضح أaن القضاء على الدولة الفاطمية نفسها لم يعد بعيداً.
4- اهتمام صلاح الدين بتقوية جيوشه:
أخذ صلاح الدين يعمل حال توليه الوزارة على إعداد جيش أيوبي ليكون نواة لجيش مصري جديد يدافع به عن حكمهم، وعن مصر من الغزو الإفرنجي ولم يخف عليه تدهور وضع الجيش الفاطمي لأنه خبره في أثناء رحلاته الثلاث إلى مصر بين سنة "559ه" وسنة "564ه/1163م - 1168م" وعرفه معرفة جيدة من حيث مصادره البشرية والمالية والحربية ومن حيث تنظيمه وفرقه المبنية على أساس عرقي، مثل السودان والأرمن، والمصريين والديلهم والأتراك والعربان، وكان يعرف بالتفصيل وضع كل فرقة من هذه الفرق، وكان القاضي الفاضل قد عمل في إدارة هذه القوات في عهد رزيك بن الصالح وساهم معها في بعض وقائعها الحربية خلال الحملة الفرنجية الشامية الثانية على مصر كما أشرنا سابقاً، وشاهد قادة الفرق المختلفة من هذه القوات وهم يتنافسون في شأن السلطة، الأمر الذي أنهك القوات وأضعف مصر إلى حد أصبحت تعجز معه عن الدفاع عن استقلالها، أو حتى عن بقائها، وعرف القاضي الفاضل الكثير عن القوات المصرية عن طريق عمله في ديوان الجيش وفي ديوان الإنشاء الذي كان يتعامل مع ديوان الجيش ويشرف على العيون والرسل، فألم بهده القوات وعرف دخائلها واطلع على كلف فرقة منها وعلى نيات كل قائد من قوادها، وظل طول عمله مع صلاح الدين يشرف على عساكره، ويراقب إعدادها وتنظيمها ومواردها المالية، ويصحبها من مصر إلى الشام لتحارب مع صلاح الدين ومن الشام إلى مصر لتستعد وتتجهز لحملات مقبلة ضد الفرنج، وقد أنشأ صلاح الدين في بداية عهده في الوزارة جيشاً كبيراً ازداد عدداً وعدة بمرور الوقت واتساع عملياته الحربية ضد الفرنج، وكان قوام هذا الجيش في مصر الحرس الخاص، والجيش النظامي في مصر، ثم الجيوش الشعبية التي تكونت من أمراء الإقطاع وجنودهم، ولا سيما في الشام والجزيرة بعد سنة "570ه/ 1174" والبدو ويأتي بيان ذلك بإذن الله تعالى مفصلاً في الحديث عن الدولة الأيوبية وصلاح الدين.
رابعاً: التصدي للحملة الصليبية البيزنطية المشتركة وحصار دمياط "565ه":
أدرك الإفرنج خطورة موقفهم بعد فتح مصر، وتولى صلاح الدين وزارتها، فاتفق ملك القدس "عموري" مع إمبراطور بيزنطة على غزو مصر بأساطيلهم وحاصروا دمياط تنفيذاً لذلك التحالف، وأرسل صلاح الدين قواته بقيادة خاله شهاب الدين محمود وأبن أخيه تقي الدين عمر، وأرسل إلى نور الدين يشكو ما هم فيه من المخاوف ويقول: إن تأخرت دمياط ملكها الإفرنج، وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها بالشر، وخرجوا من طاعتي، وساروا في أثري، والفرنج أمامي، فلا يبقى لنا باقية.
وقد قام نور الدين بالدور المتوقع منه واتخذ القرار السليم فسير إلى صلاح الدين العساكر ثم سار هو بنفسه إلى بلاد الفرنج الشامية، وقام بشن الغارات على حصون الفرنجة وقلاعهم، ووصلت سراياه إلى المدى الذي لم تصله من قبل في بلادهم ليخفف الضغط عن مصر وفي ذلك تعزيز ودعم لصلاح الدين حتى يتمكن من إحكام السيطرة على مصر، ليتفرغ بعد ذلك للمساعدة في تحقيق الهدف الاستراتيجي الكبير المتمثل في تحرير سواحل بلاد الشام من الاحتلال الفرنجي.
وقد قامت حامية دمياط بدور بطولي في الدفاع عن المدينة وألقت سلسلة ضخمة عبر النهر، منعت وصول السفن اليونانية، إليها وأنزل المسلمون المدافعون الخسائر بالأسطول البيزنطي اليوناني، وهطلت أمطار غزيرة حولت المعسكر الصليبي إلى مستنقع فتهيؤوا للعودة وغادروا دمياط بعد حصار دام خمسين يوماً، وعندما أبحر الأسطول البيزنطي هبت عاصفة عنيفة، لم يستطع البحارة الذين كادوا أن يهلكوا جوعاً من السيطرة على سفنهم فغرق معظمها، ونصر الله المسلمين نصراً مؤزراً.
1- أسباب فشل الحملة على دمياط:
يعود فشل الحملة الصليبية البيزنطية على دمياط إلى عوامل تتعلق بالمسلمين والصليبيين والبيزنطيين وبالجانبين الصليبي والبيزنطي معاً:
أ - فيما يتعلق بالجانب الإسلامي يمكن رصد العوامل التالية:
صمود سكان دمياط في وجه المعتدين.
سرعة إمداد صلاح الدين المدينه بالمؤن والسلاح، مما رفع معنويات سكانها المحارين.
التعاون الصادق بين القوات الإسلامية في كل من بلاد الشام ومصر بهدف التصدي للمعتدين.
القدرة القتالية للقوات الإسلامية، وحسن تخطيطها وتنظيمها الدقيق.
موقف نور الدين محمود الداعم، فقد أرسل بعوثاً كثيرة يتبع بعضها بعضاً، ثم إن نور الدين اغتنم غيبة الفرنج عن بلادهم فصمد إليهم في جيوش كثيرة فجاس خلال ديارهم وغنم من أموالهم، وقتل من رجالهم، وسبى من نسائهم وأطفالهم شيئاً كثيراً، وعندما بلغ الفرنج بدمياط ما فعله نور الدين اضطروا لترك دمياط.
استغلال المسلمين الجيد للفرص التي أتيحت لهم: فقد استغلوا فرصة معاناة البيزنطيين من الجوع، فشنوا هجوماً عليهم جاء فعالاً، كما استغلوا هبوب الرياح الجنوبية لإشعال النار في الأسطول البيزنطي بواسطة حراقة والأهم من هذا كله توفيق الله وحفظه ومعيته وإنزال نصره على عباده المجاهدين.
ب - فيما يتعلق بالجانب الصليبي:
لقد أخر الملك عموري الأول الهجوم على المدينة مدة ثلاثة أيام حتى يصل الأسطول البيزنطي، مما أعطى فرصة للمسلمين لتحصين المدينة وإمدادها بالرجال والعتاد.
إحجام القوات الصليبية عن إمداد القوات البيزنطية بالمؤن عندما تعرضت لهجوم المسلمين، حيث وقفت موقف المتفرج.
ج- فيما يتعلق بالجانب البيزنطي فيمكن تدوين العوامل التالية:
عدم استخدام القائد كونتوستيفانوس الأسطول البيزنطي استخداماً عسكرياً وبدا كأنه قائد بري وليس قائداً بحرياً.
اقتصر دور الأسطول البيزنطي على نقل القوات حتى ساحل دمياط.
افتقر القائد البيزنطي إلى النظرة العسكرية السليمة عندما ترك السفن البيزنطية متلاصقة في النيل مما سهل مهمة القوات الإسلامية في إشعال النار في عدد منها.
تراخي القيادة البيزنطية ف تطبيق القواعد العسكرية التي تكفل أمن سفنها حين تركت البحارة يبيتون خارج سفنهم أيام العمليات العسكرية أنشاء المجاعة بين القوات البيزنطية.
د- هناك أسباب مشتركة تتعلق بالجانبين الصليبي والبيزنطي، منها:
سوء اختيار توقيت خروج الحملة، وتنفيذ الحصار الذي جرى في فصل الشتاء، حيث تعرضت القوات المتحالفة للسيول التي أغرقت معسكراتها وللعواصف التي كانت تبعد قطع الأسطول عن الشاطئ.
سوء اختيار المكان الذي عسكرت فيه القوات المتحالفة، وهي المنطقة التي تمتد بطول الساحل، والبالغة حوالي الميل الواحد، فلم تستوعب أفراد الحملة البالغ عددهم خمسين ألفاً حيث حشروا في هذا المكان الضيق، ففقدوا حرية الحركة والانتشار الضروريين للدخول في معركة ناجحة.
أدى سوء اختيار المكان أن أضحت القوات المتحالفة هدفاً سهلاً لمرمى المسلمين وهجماتهم.
عدم وجود قيادة موحدة، وافتقرت القيادتان الصليبية والبيزنطية إلى التنسيق فيما بينهما، مما تسبب في فشل عمليات الهجوم على المدينة، وتفشي الشائعات داخل معسكراتها، واتهام كل جانب الجانب الآخر بأنه السبب في فشل الحملة.
2- نتائج الحملة على دمياط:
بعد فشل الحملة الصليبية - البيزنطية المشتركة على ديماط، أصبحت هذه الحادثة نقطة تحول هامة في تاريخ الشرق الأدنى، لأنه نجح التحالف النصراني في تحقيق غايته لكان من الممكن أن يمنع اتحاد بلاد الشام ومصر، الذي يشكل خطراً مباشراً على أوضاع الصليبيين في الشام ، ويعرقل جهود المسلمين في التصدي للصليبيين، وإخراجهم من المنطقة.
يعد فشل الحملة النصرانية نقطة تحول هامة، أيضاً - في مستقبل صلاح الدين، الذي ظهر بمظهر المتمكن في حماية مصر، وأقنع الدولة الفاطمية المتداعية بأنه يستطيع حماية البلد من غارات المعتدين بالإضافة إلى حماية مركزه من دسائس المتآمرين، وبذلك حاز على إعجاب الكثير.
بات المسلمون يهددون بشكل مباشر الإمارات الصليبية بحيث شعر الصليبيون يوماً بعد يوم بازدياد تضيق المسلمين عليهم، وبعد أن كانوا يحصرون نشاطهم ضد خطر نور الدين محمود من ناحية الشمال، أضحوا يوزعون قواتهم بين الشمال والجنوب لمواجهة نور الدين محمود وصلاح الدين.
إذا كانت تولية صلاح الدين منصب الوزارة بداية النهاية للدولة الفاطمية، فإن هزيمة النصارى أمام دمياط، شكلت خطوة أخرى نحو القضاء على هذه الدولة حيث تطلع الخليفة العاضد إلى التحرر من نفوذ صلاح الدين، ولكن المصير الفاشل الذي آلت إليه خيَّبت أمله، وأتاحت لصلاح الدين فرصة الانفراد بالسلطة في مصر، وتوجيه اهتمامه نحو إضعاف المذهب الشيعي الإسماعيلي، وفقدت الدولة الفاطمية الأمل الأخير من التخلص في قبضته القوية ، وأضحى سيد مصر دون منازع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.