أعلنت الشرطة الإسرائيلية حالة التأهب في صفوفها بجميع أنحاء إسرائيل في أعقاب مواجهات اليومين الماضيين بين المواطنين العرب واليهود في مدينة عكا بشمال إسرائيل. وكانت الشرطة قد أغلقت المدينة واستخدمت القنابل الصوتية وخراطيم المياه لفض الاشتباكات التي اندلعت مساء الأربعاء بعد اعتداء يهود على سائق سيارة عربي داخل أحد الأحياء المختلطة بذريعة خرقه حرمة صوم يوم الغفران. وقد أسفرت المواجهات عن جرح ثلاثة أشخاص واعتقال 12 آخرين، وتدمير عشرات من المحال التجارية والسيارات حسب ما أفاده متحدث باسم الشرطة، لكن عضو مجلس بلدية عكا أحمد عودة قال إن مواجهات الخميس أوقعت 15 جريحا بين العرب. وذكرت صحيفة هآرتس أن سيارات الإسعاف تعرضت للرشق بالحجارة عدة مرات احتجاجا على عملها في يوم العطلة، وأشار مريض مسن يبلغ من العمر 76 عاما إلى أن نحو خمسين طالبا دينيا يهوديا ألقوا الحجارة من جسر على عربة الإسعاف التي كانت تنقله إلى مستشفى في حيفا. وكان مراسل الجزيرة نت في عكا وديع عواودة قد أفاد تجدد الاشتباكات العنيفة بين مئات المواطنين اليهود والعرب داخل مدينة عكا في أراضي 48 الليلة الماضية التي يقطن بها 51 ألف نسمة 30% منهم عرب. وعن سبب اندلاع الاشتباكات أوضح الناشط الأهلي سامي هواري من جمعية "الياطر" في عكا أن الشجار نشب على خلفية تحرشات واعتداءات غير جديدة أقدم عليها متطرفون يهود في حي مشترك بالمدينة هوجم خلالها مواطن عربي وحوصر هو وأسرته داخل بيته وتعرضوا للضرب والرشق بالحجارة. وأشار هواري للجزيرة نت إلى أن الكثير من المواطنين العرب تعرضوا لاعتداءات مماثلة عند محاولتهم تخليص الأسرة المحاصرة، ثم استعرت نار الاشتباكات عقب انتشار شائعة عن قتل شاب عربي. وأكد هواري أن مجموعات من الشباب اليهود هاجموا الأحياء العربية وحطموا المراكب وواجهات الحوانيت فيها. وقال إن مشاهد الاعتداء والخراب تعيد "ليلة البلور" التي تعرض فيها يهود ألمانيا لاعتداءات النازيين نهاية الثلاثينيات. وعبر عن خشيته من ارتكاب مذبحة جديدة للفلسطينيين في عكا، ولفت إلى حيازة طلاب المدارس اليهودية الدينية السلاح منوها إلى اعتداءاتهم المتكررة على العرب في مثل هذا اليوم من كل عام. واعتبر هواري أن الاشتباكات تنم عن حالة توتر واحتقان شديدة في ظل التمييز ومساعي تهويد المدينة العربية الإسلامية العريقة. وأضاف أنه "في مثل هذه الأيام يحيي فلسطينيو 48 الذكرى الثامنة لهبة القدس والأقصى التي قتل وجرح فيها عشرات الشباب العرب في حين تصر إسرائيل على إغلاق ملف الجريمة ليبقى المجرمون طلقاء". من جهته أكد الشيخ محمد ماضي أن حي "فولسون" المختلط شهد مؤخرا احتكاكات بين العرب واليهود في ظل وجود كنيس في الحي السكني حيث يقوم المتطرفون اليهود باستعراض عضلاتهم وهم يحملون السلاح جهارا. وأضاف أن الآلاف من العنصريين اقتحموا الحي بشكل استفزازي وهم يهتفون "الموت للعرب"، ورجموا المواطنين العرب ومنازلهم المجاورة للكنيس بالحجارة. أما الشيخ عباس زكور ابن عكا فأوضح أن عصابات يهودية هاجمت المواطنين العرب في منازلهم، كما أن الشرطة التي وصلت إلى المكان باشرت مهاجمة المواطنين العرب في حيهم، وأوسعتهم ضربا مبرحا ثم غادرت المكان. وأجرى النواب العرب اتصالات مع وزير الشرطة وطالبوه بالعمل الجاد لوقف الاعتداءات على العرب في عكا، وحذروا من انتشار المواجهات، وشددوا على ضرورة خروج رجال الدين والساسة اليهود عن صمتهم. من جانبه دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى الحفاظ على نسيج الحياة المشتركة في المدينة وناشد العرب واليهود استعادة السكينة. بالمقابل أوضح النائب يوسي بيلين من حزب "ميرتس" أن إسرائيل تتحمل المسؤولية لاستنكافها عن تنفيذ توصيات لجنة التحقيق الرسمية في "أحداث أكتوبر 2000" وإمعانها في تكريس التمييز بحق المواطنين العرب. وأضاف بيلين في بيانه "نحن نقيم على برميل بارود ونفاجأ بانفجاره كل مرة من جديد". وقد حمّل النائبان محمد بركة وواصل طه الحكومة كلها والشرطة مسؤولية ما وصفاه بجرائم عصابات الفاشيين اليهود الإرهابية ضد المواطنين العرب في مدينة عكا، وقالا إن الشرطة تتواطأ بدعم جهات عليا، لإفساح المجال أمام هذه العصابات لتنفيذ جرائمها. ودعا بركة إلى أوسع تضامن من فلسطينيي 48 والقوى التقدمية مع أهالي عكا في معركة البقاء المتجددة في مدينتهم، ولمواجهة مؤامرات الترحيل التي يواجهها المواطنون العرب في المدن الفلسطينية العريقة، حيفا ويافا واللد والرملة. كما بعث النائب بركة رسالة إلى وزير الأمن الداخلي يطالبه فيها بإصدار أوامره السريعة للشرطة للتدخل ووقف جرائم العصابات الفاشية ضد المواطنين العرب، وإجراء تحقيق بشأن تواطؤ الشرطة مع هذه العصابات.