روائع جمعتها من بطون الكتب سقت لك بعضها كما هي وشذبت وهذبت بعضها وعلقت على بعضها وهي روائع متنوعة ستخلب لب القارئ وتدهشه وتفيده فإلى الروائع : أعطيك مالي إن شئت! ( لما ولي عمر بن عبد العزيز أتت عمة له إلى فاطمة امرأته، فقالت: إني أريد كلام أمير المؤمنين. فقالت لها: اجلسي حتى يفرغ، فجلست فإذا بغلام قد أتى فأخذ سراجاً. فقالت لها فاطمة: إن كنت تريدينه فالآن، فانه إذا كان في حوائج العامة كتب على الشمع، وإذا صار في حاجة نفسه دعا بسراجه. فقامت فدخلت عليه فإذا بين يديه أقراص وشئ من ملح وزيت وهو يتعشى، فقالت: يا أمير المؤمنين أتيت لحاجة لي، ثم رأيت أن ابدأ بك قبل حاجتي! قال: وما ذاك يا عمة؟ قالت: لو اتخذت لك طعاماً ألين من هذا؟ قال: ليس عندي يا عمة، ولو كان عندي لفعلت! قالت: يا أمير المؤمنين؛ كان عمك عبد الملك يجري علي كذا وكذا، ثم كان أخوك الوليد فزادني، ثم كان أخوك سليمان فزادني، ثم وليت أنت فقطعته عني. قال: يا عمه؛ إن عمي عبد الملك وأخي الوليد، وأخي سليمان كانوا يعطونك من مال المسلمين، وليس ذلك المال لي فأعطيكه، ولكني أعطيك مالي إن شئت! قالت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: عطائي مائتا دينار فهل لك فيه؟ قالت: وما يبلغ مني عطاؤك؟ قال: فلست املك غيره يا عمه فانصرفت عنه! ) وبسبب هذا السلوك وهذه المواقف عد عمر بن عبدالعزيز من الخلفاء الراشدين الذين ساروا على نهج الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم .
عقيد المجد والجود كان لمعن بن زائدة شاعر يغشى مجلسه في كل يوم، فانقطع عنه أياماً، فلما دخل عليه قال: ما أبطأك؟ قال: ولد لي مولود! قال: فما سميته؟ قال: سميت معناً بمعنٍ، ثم قلت له: هذا سميُّ عقيد المجد والجود قال: يا غلام؛ أعطه ألف دينار، وقل بيتاً آخر؛ فقال: سما بجودك جود الناس كلهم فصار جودك محراب الأجاويد قال: يا غلام؛ أعطه ألف دينار، وقل بيتاً آخر، فقال: أنت الجود ومنك الجود أوله فإن فقدت فما جود بموجود قال: يا غلام؛ أعطه ألف دينار، وقل بيتاً آخر، فقال الغلام: لا تقل شيئاً بعد ذلك، والله لم يبق في بيت المال إلا ما أخذت؛ ثم انصرف! أسمع بالعجائب قيل لرجلٍ من بني بكر بن وائلٍ قد كبر حتى ذهبت منه لذة المأكل والمشرب والنكاح، أتحب أن تموت؟ قال لا . قيل له : فما بقي من لذتك في الدنيا؟ قال : أسمع بالعجائب. وأنشأ يقول: وهلك الفتى أن لا يراح إلى الندى ... وأن لا يرى شيئاً عجيباً فيعجبا معنى " يراح " يرتاح، ومعنى الكلام وأن لا يعجب إذا رأى العجب. أتوا للزناءِ لا للغناءِ !! ( قال محمد بن خازمٍ - و كان شاعراً ظريفاً - : دعانا بشار بن برد وكانت عنده قينتان تغنيان، فكان في المجلس من يعبث بهما ويمد يده إليهما فأنفتْ له من ذلك فكتبت إليه من الغد: إتَّق الله أنت شاعر قيسٍ ... لا تكن وصمةً على الشعراءِ إن إخوانك المقيمين بالأم ... س أتوا للزناءِ لا للغناءِ أنت أعمى وللزناة هناتٌ ... منكراتٌ تخفي على البصراء هبك تستسمع الحديث فما علم ... ك فيه بالغمز والإيماء والإشارات بالعيون وبالأي ... دي وأخذ المعاد للإلتقاءِ قطعوا أمرهم وأنت حمارٌ ... موقرٌ من بلادةٍ وغباءِ فأدخلهما السوق فباعهما.) لقد قبل الشاعر بشار - رغم شهرته بالفسق – نصيحة صديقه وتخلص من الجاريتين المغنيتين فورا ولو حدث هذا في زمننا ونصحت بعضهم بما نصح به بشار لفتح للمغنيتين كبارية ومرقص وتحول لرجل أعمال فاسق فاجر ثم سيسارع لفتح قناة تليفزيونية ودقي يامزيكا !!! مع رقصات عارية تافهة هابطة وهات يافن !! أما قلت لكم إن لصوص زمان غير الآن وحتى فسقة زمان غير فسقة هذا الزمان !! تذم دنياك ذماً لأبي العتاهية أبيات غاية في الروعة يقول فيها : يستغنم القوم من قومٍ فوائدهم ... وإنما هي في أعناقهم ربق ويجهد الناس في الدنيا منافسةً ... وليس للناس فيها غير ما رزقوا أخي ما نحن من حزم على ثقةٍ ... حتى نكون إلى الخيرات نستبق تذم دنياك ذماً ما تبوح به ... إلا وأنت لها في ذاك معتنق كل امرىءٍ فله رزقٌ سيبلغه ... والله يرزق لا كيسٌ ولا حمق ما نحن إلا كركبٍ ضمهم سفرٌ ... يوماً إلى ظلِّ أيكٍ ثم نفترق ولن يقيم على الأسلاف عابرهم ... إلا وهم بهم من بعد قد لحقوا أخي إنَّا لفي دارٍ نصيب بها ... جهلاً ونحن لها في الذم نتفق دار لها لعقٌ ما زال ذائقها ... يغص فيها بها طوراً ويختنق إذا نظرت إلى دنياك مقبلةً ... فلا يهمك تعظيمٌ ولا ملق الحمد لله حمداً لا انقطاع له ... ما يعظم الناس إلا من له ورق الثلث يا أبا لبابة ( كان أبو لبابة ممن تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فربط نفسه بسارية ثم قال: والله لا أحل نفسي منها ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله علي فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً حتى كاد يخر مغشياً عليه ثم تاب الله عليه فقيل له: قد تيب عليك فقال: والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني بيده فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فحله بيده ثم قال أبو لبابة: يا رسول الله! إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " يجزئك الثلث يا أبا لبابة " ) هؤلاء هم الذين فتحوا الدنيا وانتصروا على أعظم إمبراطوريتين في الأرض وكانوا جيلا فريدا رضي الله عنهم . وفاء نادر كان عبد الحميد بن يحيى بن سعد - صاحب الرسائل والبلاغات، وهو أول من أطال الرسائل، واستعمل التحميدات في فصول الكتب، واستعمل الناسُ ذلك بعده – كاتبا للخليفة الأموي مروان بن محمد فقال له مروان حين أيْقَنَ بزوال ملكه: قد احْتَجْتُ أن تصير مع عدوي وتظهر الغدرَ بي، فإن إعجابهم بأدبك وحاجتهم إلى كتابتك تدعوهم إلى حسن الظن بك، فإن استطعت أن تنفعني في حياتي، وإلا لم تعجز عن حفظ حُرَمِي بعد وفاتي، فقال له عبد الحميد: إن الذي أشرتَ به عليَّ أنْفَعُ الأمرين لك، وأقبحهما بي، وما عندي إلا الصبر حتى يفتح اللّه أو أُقتل معك، وقال: أسِر وَفَاء ثم أظهر غدره ... فمن لي بعذرٍ يُوسِعَ الناس ظاهره؟ وأبى عبد الحميد مفارقته، وبقي معه إلى أن قتلا معا بمصر عام 132ه أغنياء عظماء حسان بن سعيد بن حسان بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن منيع بن خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي المنيعي، كان في شبابه يجمع بين الزهد والتجارة حتى ساد أهل زمانه، ثم ترك ذلك، وأقبل على العبادة والزهد والبر والصلة والصدقة وغير ذلك، وبناء المساجد والرباطات ولما وقع الغلاء كان يعمل كل يوم شيئا كثيرا من الخبز والاطعمة، ويتصدق به وكان يكسو في كل سنة قريبا من ألف فقير ثيابا وجبابا، وكذلك كان يكسو الارامل وغيرهن من النساء، وكان يجهز بنات الايتام وبنات الفقراء، وأسقط شيئا كثيرا من المكوس والوظائف السلطانية عن بلاد نيسابور، وهو مع ذلك في غاية التبذل والثياب والاطمار، وترك الشهوات ولم يزل كذلك إلى أن توفي في سنة 463ه ، في بلدة مرو الروذ، تغمده الله برحمته، ورفع درجته ولا خيب الله له سعيا. تنويه هام: تم تغيير عنوان البريد الإلكتروني للكاتب من السابق إلى العنوان الجديد وهو . [email protected]
طرائف ونوادر 22 قال بعض الملوك لبعض وزرائه وأراد محنته: ما خير ما يرزقه العبد ؟ قال: عقل يعيش به . قال: فإن عدمه ؟ قال: فأدب يتحلى به قال: فإن عدمه ؟ قال: فمال يستره . قال: فإن عدمه ؟ قال : فصاعقة تحرقه فتريح منه العباد والبلاد. وصحب طفيلي، رجلاً في سفر، فقال له الرجل: امض فاشتر لنا لحماً. قال: لا و الله، ما اقدر، فمضى هو فاشترى. ثم قال له: قم فاطبخ. قال: لا أحسن، فطبخ الرجل. ثم قال له: قم فاثرد. قال: أنا و الله كسلان، فثرد الرجل. ثم قال له: قم و اغرف. قال: أخشى أن ينقلب على ثيابي، فغرف الرجل. ثم قال له: قم الآن، فكل. قال الطفيلي: قد والله استحييت من كثرة خلافي لك.. وتقدم فأكل . [email protected]