يتزايد الإقبال على الإسلام في الغرب واضحة ومؤشرات كاشفة رغم العقبات، وإذا كان المعتنقون الجدد له في ديار المسيحية واليهودية بأوروبا وأمريكا ينتقلون من دين إلى آخر، فإن إعادة اكتشافه بين المسلمين أنفسهم تجعلهم يعيشون شعائره ومشاعره كيوم ولدتهم أمهاتهم. التحول نحو الإسلام بالتعبير الغربي، أو الدخول فيه واعتناقه بالتعبير الديني العربي؛ ظاهرة تمضي دون زوبعة إعلامية، لكن الأعين الرقيبة لا تتركها دون رصد وتحليل وتفسير واستشراف، ولا شك أن هذه الظاهرة حاضرة بقوة في كثير من القرارات والحسابات والسياسات التي يجري تنفيذها سراً وعلانية، كما أن هذه الظاهرة تؤكد أن الإسلام دين طيار ينشر نفسه بنفسه، وينفلت من الأيدي المتنفذة والمراصد اليقظة على الرغم من الحالة البئيسة للمسلمين في ديارهم وبلدانهم أو في بلدان الهجرة الحديثة. وفي قلب تحولات دينية عالمية عميقة تنشرح الصدور ليغمرها النور، ويتنفس الإصباح بعد انجلاء ليل طويل آذنت نهايته، ودقت ساعته، وحتى نفهم هذا الفتح المبين في القرن الواحد والعشرين لا بد من استطلاع جوانب من هذه التحولات، وكيف يهتدي فيها الحائرون إلى الفجر وسط أمواج من الظلم والفتن. في أوروبا القارة العتيقة، وفي أمريكا القارة الجديدة، وفي القارات الأخرى كلها ظهر النور المؤيد، وتعرف الناس على الإسلام بطرق شتى، ومسالك لا تعد ولا تحصى، تكاد تتعادل عدداً مع كل فرد يشهد "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، هذه بعض الأرقام والإحصائيات من روسيا في آسيا ومن فرنساوإسبانيا وبلدان أوروبية أخرى ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية. من العقبات الكبيرة أمام الحصول على تعداد حقيقي للمسلمين في أوروبا عدم التمكن من معرفة عدد المعتنقين الجدد للإسلام من المواطنين الأوروبيين من مصدر لآخر، ومن بلد لآخر يختلف العدد بشكل كبير من 1 % إلى 10% من السكان "ذوي الثقافة المسلمة" كما أشار إلى ذلك ستيفانو أليفييي في كتابه (المعتنقون للإسلام)، فإنه يصعب معرفة العدد الحقيقي لهؤلاء مادام الدخول إلى الإسلام عملاً فردياً لا يقتضي أي دعاية مؤسساتية، ويتم بحضور شاهدين مسلمين فقط، وأحياناً بعيداً عن الأضواء. ومما يزيد في صعوبة الأمر تنوع أسباب اعتناق الدين الإسلامي (استجابة لآمال أسرة الزوج في حالة الزواج المختلط، أو بحث شخصي عن استجابة لحاجة روحية وهوياتية للشبان المهمشين المنحدرين من أصول المهاجرين، وأحياناً تقليد لظاهرة جماعية). في فرنسا مثلاً وحسب دراسة قام بها محمد طلحين في مسجد باريس، سجلت 1689 حالة اعتناق خلا العامين المنصرمين، ولاشك أن هذا العدد تضاعف منذ ذلك التاريخ إذ أصبح اليوم حسب المنظمات الإسلامية حوالي 500000أما في هولندا فيصل العدد إلى 200000، بينما في ألمانيا بين 350000وفي إيطاليا حوالي 100000، وفي إسبانيا بين 30000 و50000. غير أن الظاهرة الأكثر دلالة في الولاياتالمتحدة، فكما هو الحال لا يتم التنصيص على الديانة في بطاقات الهوية في أوروبا وفي أمريكا معاً، وفي غياب إحصاء دقيق تحوم عدة تقديرات إلى أن عدد المسلمين في الولاياتالمتحدة هو حوالي 6 ملايين، خصوصية الإسلام الأمريكي تكمن في أن نصف المسلمين تقريباً هم من المعتنقين الجدد، كما أن أغلبهم من السود، و30% منهم اعتنقوا الإسلام في السجون الأمريكية.