سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اليدومي: القوى الثائرة على المحك إما أن تصدق في التزاماتها وإما أن تعيد إنتاج الأنظمة السابقة أكد تمسك الإصلاح بتحالف المشترك وأن القوى الإسلامية لن تنفرد بالقرار السياسي..
قال رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح إن القهر والإذلال والظلم والاستبداد والفساد الذي انتهجته الأنظمة العربية ضد شعوبها هو من فجر ثورة الربيع العربي. وأضاف محمد عبدالله اليدومي في مقال نشره على صفحته في "الفيسبوك" لقد ضاق الحال بالأمة، واستحكمت حلقات الطغيان بكل جوانب الحياة، وهُددت الشعوب في حاضرها ومستقبلها، ووجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما, إما أن تثور على واقعها المأساوي، وإما أن تموت ذلاً للطغاة وهواناً على الناس, فاختارت الثورة, وقررت أن تكف عن مواجهة هذا الواقع المزري بالتهريج اللفظي، والطموحات المرتكزة على الأوهام المصادمة للقدرة على الفعل الإيجابي في المحيط الذي تعيش فيه، أو في المحيط الأوسع من حولها". وقال :"لقد كان لطبيعة الإسلام الثائر على الظلم أبداً أثره-أولاً وأخيراً- في ثورة الشعوب العربية التي اقتلعت طغاتها من جذورهم". وأكد اليدومي أن الثورة التي اندلعت في عدد من الدول العربية كانت جرس إنذار لمن تبقى من الأنظمة الحاكمة، وجعلتها أمام واقع جديد بدأ منتهاه يتشكل إما اعتدالا أو اعتزالا". وتابع اليدومي مقاله قائلا" لقد شارك الكثير من مكونات المجتمع وقواه الوطنية في صناعة الثورة، وهدم قلاع الاستبداد والفساد، وكان للقوى الإسلامية بَصْمَتها الواضحة في المشاركة الفاعلة في هذه الثورة بعد معاناة عقود من التعسف في حقها، وإنكار أبسط مقومات المواطنة لها، من أنظمة حكم قل أن تجد الإنسانية لها مثيلا في تاريخها في السوء والطغيان". وأضاف رئيس هيئة الإصلاح "لقد وضعت ثورات الربيع العربي جميع القوى أمام محطات الاختبار الديمقراطي التي طالما نادت بها في أيام سيرها النضالي، وطالما تغنت بقيم الحرية والعدالة والمساواة والتداول السلمي للسلطة، وضمان الحقوق السياسية لجميع المواطنين وقيم الحكم الرشيد الذي يجب أن يسود في مجتمعاتها". ونبه القوى الوطنية الثائرة بأنها تقف اليوم على المحك فإما أن تصدق في التزامها بما رفعته من شعارات قبل وأثناء وبعد الثورة؛ وتعترف بالآخر الذي تختلف معه فكرياً وسياسياً باعتباره شريكاً لا نقيضاً، وتجعل من صناديق الاقتراع حكما فيما بينها وتحافظ على منجزات ثورتها، وإما أن تعيد إنتاج نفس الأنظمة السابقة وتتحول إلى خنجر مغروس في خاصرة الثورة.. إما أن تنشغل بتحقيق ما وعدت به جماهيرها من تقدم ورفاه، وإما أن تتلهى ببعضها، ويعيق بعضها البعض الآخر، وتتآكل فيما بينها كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله..! وعلى الجميع الاقتناع الكامل أن لا عودة للتفرد والاستبداد". وأكد أن الثورات أثبتت أن القوى الإسلامية مكون هام وأساسي من مكونات القوى الوطنية، وأنها حقيقة سياسية واجتماعية طالما تجاهلتها القوى الحاكمة المستبدة, وأنكرت تأثيرها الكبير في شعوبها، وعمق احترام الشعوب لها، وهذا ما لا يصح الاستمرار فيه، ولا التغافل أو التعامي عنه", مطالبا القوى التي تشعر بضعف قوتها في مجتمعها أن تسعى جاهدة لمراجعة حساباتها, وقال "يكفي ما حصل في الماضي من وقوف في صف الديكتاتورية بحجة الكراهية للقوى الإسلامية والتخوف من التعامل معها، والاستمرار في تشويه صورتها أمام العالم الخارجي والمحافل الدولية والتي لم تعد -اليوم- تجد لها صدى إلا عند النزر اليسير ممن أعماهم الهوى أو تجذرت الأحقاد في قلوبهم", مشيراً إلى أن القوى الإسلامية قد بادرت بإزالة القلق الذي كان ينتاب البعض من أنها ستنفرد بالقرار السياسي، وأعلنت أنها لن تستأثر أو أن تنفرد بالقرار السياسي، وبمكونات الدولة، وقدمت تنازلات عديدة في رسالة واضحة للجميع أنها قادرة على التعايش مع غيرها, وكانت هذه قفزة نوعية في فكر المكونات الإسلامية". وأشار اليدومي إلى نموذج في اليمن وقال " التجمع اليمني للإصلاح التقى مع مكونات كانت معه على عداء صارخ، جمعته بهم المصلحة العليا للوطن والشعب، فتكون لقاءً رائعا "اللقاء المشترك"- يضرب به المثل - من التكتلات السياسية والحزبية والشخصيات البارزة على أنه أروع نموذج حتى الآن، جمع الإسلاميين بغيرهم على قاعدة وفاق عريضة اجتمعت عليها المصلحة العامة، لا المصالح الخاصة". واستطاعت ستة أحزاب مجتمعة في هذا التكتل من تنسيق أعمالها، وتوحيد أهدافها وبرامجها، والاجتماع على وسائل محددة لمقاومة الاستبداد، وبلغ أوج تكاتفها في تقديم مرشح رئاسي عام 2006م، وتبني برنامج النضال السلمي". وقال إن هذا التعامل الشفاف بين مكونات الثورة في اليمن كان له الأثر الكبير في تقدير الإقليم والعالم، ورأوا من خلاله وحدة الموقف واتفاق الكلمة, مشيراً إلى تكهن بعض الساسة المعادين والمناوئين للثورة، بأن التكتل الثوري بين الإسلاميين والقوى الأخرى في المجلس الوطني سيتفكك بعد توقيع المبادرة، والتنافس على المقاعد الحكومية, لكن الإصلاح فاجأْ الجميع وأعلن أن بقاء الشراكة مع جميع المكونات الثورية ضرورة وطنية، ومصلحة مجتمعية، لأكثر من ثلاث دورات انتخابية قادمة وحتى تتكون الدولة اليمنية الحديثة بمؤسساتها المختلفة. وأشار إلى أن الأوضاع التي رافقت وترافق الثورة، لازالت تحتاج إلى مزيد من الجهد والوقت والإخلاص من الجميع، للوصول إلى الأوضاع المثلى لتطبيق الحياة السياسية الحرة، وتوطيد أركان الدولة القادرة على الحفاظ على منظومة القيم التي نهض الجميع من أجلها، وتشييد الموانع القوية والأسوار العالية التي تمنع استنساخ أنظمة الحكم المستبدة، أو عودة المستبدين أنفسهم أو من شابههم. وأكد رئيس الإصلاح أن استمرار العلاقة بين القوى الإسلامية، وباقي مكونات الثورة أمر لا مفر منه لضمان عدم عودة روح الاستبداد، ولإعادة تشكيل الذهنية العربية من خلال تأسيس دولة العدل والحرية، ليشاهدها الإنسان العربي رأي العين في واقع حياته، وحتى لا تظل حبيسة أقوال وأقلام اللاعبين السياسيين. وشدد على ضرورة تعاون الإسلاميين وشركائهم بقيام الثورة في تأسيس الدولة اليمنية على أساس وطني يتجاوز القبيلة أو العائلة، ويحقق العدالة والمساواة". وطالب الإسلاميين بأن يدركوا بأن أنظار العالم تتجه صوبهم، وأن شعوبهم تنتظر منهم تحقيق الكثير من المنجزات التي طالما حلمت بها هذه الشعوب، والتي وعدوا شعوبهم بتحقيقها ورفعوا شعاراتها ردحا من الزمن". واختتم اليدومي مقالته بالقول :"لقد أثبتت الثورات العربية، وما نتج عنها من تطورات، أن الحركات الإسلامية قادرة على الإسهام في عملية النهوض بشعوبها وأمتها، والانتقال بها من الحالة المزرية التي ثارت ضدها، إلى مرحلة الرفاه التي تطمح إليها".