أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    احتجاجات للمطالبة بصرف الراتب في عدن    "تسمين الخنازير" و"ذبحها": فخ جديد لسرقة ملايين الدولارات من اليمنيين    الكشف عن آخر التطورات الصحية لفنان العرب "محمد عبده" بعد إعلان إصابته بالسرطان - فيديو    دورتموند يقصي سان جرمان ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    ردة فعل مفاجئة من أهل فتاة بعدما علموا أنها خرجت مع عريسها بعد الملكة دون استئذانهم    اعلامي مقرب من الانتقالي :الرئيس العليمي جنب الجنوب الفتنة والاقتتال الداخلي    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يجدد فوزه امامPSG    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    إهانة وإذلال قيادات الدولة ورجالات حزب المؤتمر بصنعاء تثير غضب الشرعية وهكذا علقت! (شاهد)    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    الأمم المتحدة: لا نستطيع إدخال المساعدات إلى غزة    صنعاء.. إصابة امين عام نقابة الصحفيين ومقربين منه برصاص مسلحين    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    البنك المركزي اليمني يكشف ممارسات حوثية تدميرية للقطاع المصرفي مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34789 شهيدا و78204 جرحى    قيادات حوثية تتصدر قائمة التجار الوحيدين لاستيرات مبيدات ممنوعة    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    الاتحاد الأوروبي يخصص 125 مليون يورو لمواجهة الاحتياجات الإنسانية في اليمن مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في مديرية بيحان بمحافظة شبوة    ارتفاع اسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    العين يوفر طائرتين لمشجعيه لدعمه امام يوكوهاما    ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    تنديد حكومي بجرائم المليشيا بحق أهالي "الدقاونة" بالحديدة وتقاعس بعثة الأمم المتحدة    الأمم المتحدة: أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة مميز    مجلس النواب ينظر في استبدال محافظ الحديدة بدلا عن وزير المالية في رئاسة مجلس إدارة صندوق دعم الحديدة    باصالح والحسني.. والتفوق الدولي!!    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    مليشيا الحوثي توقف مستحقات 80 عاملا بصندوق النظافة بإب بهدف السطو عليها    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    تهامة.. والطائفيون القتلة!    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسئول هندي التعاون العسكري والأمني    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد اليدومي: القوى الإسلامية لن تستأثر أو تنفرد بالقرار السياسي والإصلاح متمسك بتحالف المشترك
نشر في المصدر يوم 25 - 09 - 2012

نشر رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد عبدالله اليدومي مقالاً مطولاً على صفحته على «الفيس بوك» تحدث فيه عن علاقات الإسلاميين بعد ثورات الربيع العربي، وأبدى تمسك التجمع بتكتل أحزاب اللقاء المشترك الذي يضم خمسة أحزاب إلى جانب الإصلاح. وفيما يلي نص المقال:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
إلى إخوتي وأخواتي...
إلى أبنائي وبناتي على كل الأرض اليمنية الطاهرة.. وإلى كل يمني ويمنية في أرض المهجر..
إليكم جميعاً أخط هذه السطور، على أمل – إن شاء الله- أن نكون في تواصل مستمر؛ نسعى من خلاله للتشاور والتعاون لما فيه مصلحة شعبنا، ورفعة وطننا الحبيب واستقراره وازدهاره ورفاهيته..
مما لاشك فيه أن العالم- في القرن الماضي- قد بدأ في التغير والتبدل في اللحظات التي سقط فيها جدار برلين واشتعلت فيها الثورات الشعبية في أوروبا الشرقية, والزلزال الكبير الذي دك أركان احدى أعتى اركان دولة قامت على الطغيان واستمرت حتى تفككت وتهاوت أمام إصرار الشعب الروسي على نيل حريته واسترجاع آدميته, ولم تكن الشعوب العربية في معزل عما يجري من حولها, لقد كان لتطور وسائل الإعلام, والنقل الفضائي المباشر أثره الكبير في ظل عقود من الظلم والطغيان والاستبداد والتفرد والإقصاء والتهميش والاستحواذ على مصادر الثروة والقوة قد عاشتها أمتنا، على يد أنظمة حكم لم ترقب في شعوبها إلاً ولاذمة، وأذاقتها من صنوف العسف والقهر ما أعجز الأقلام والحروف من رسم الصورة البشعة التي حفرتها أجهزة القمع وأدوات التنكيل في أجساد المعذبين في الأرض العربية، والذين حرمتهم أنظمة الفساد والإفساد من أبسط حقوقهم الإنسانية والكرامة الآدمية، واتجهت بهم نحو مآلات بالغة الخطورة، هددت كيانهم السياسي والاجتماعي بالانهيار، ودمرت بسياساتها وممارساتها التي اتسمت طيلة فترات تسلطها، بالفردية المشخصنة، وطبعتها بالعشوائية والمزاج الفردي المتقلب، والتي لم تتوقف لحظة واحدة عن تفكيك عُرى البنى الوطنية والاجتماعية والاخلاقية، والتقاليد المؤسسية الجنينية والتي تراكمت لفترات طويلة من الزمن، وسعت للتحلل من كل القيم الدستورية والضوابط القانونية.
لقد وصلت الأوضاع في وطننا العربي حداً لم يعد احد قادراً على المجاهرة بدعوة الشعوب العربية بضرورة الصبر والتحمل لما تعانيه من تخلف مريع في أغلب وأهم مجالات حياتها، ومن فقر مدقع سرى وانتشر في كل مفاصل مجتمعاتها، وقُدمت للمحافل الدولية وصناديق الاقتراض كشحاذ ليس له من سبيل الا بسط الأكف، والانحناء الدائم للمتصدقين.
لقد أدركت شعوبنا- وفي مقدمتها قواها السياسية المختلفة - خطورة الاوضاع التي تمر بها المرحلة التاريخية الراهنة، وانتبهت فزعه لجسامة المخاطر المحدقة بها في حال استمرار هذه الاوضاع على هذا النحو الذي سيفضى بها –لا محالة – الى انهيار ما تبقى لها من حاضرها، وضياع مستقبلها وقادم أيامها لا قدر الله...
فكان أن قررت التغيير والرفض الصارم لكل الوعود الفاقدة للمصداقية والتي طالما زايدت بها أنظمة الفساد والإفساد، ونفضت عن كاهلها غبار الذل والمهانة، وتحررت من كل عوائق النهوض، وأذابت بحرارة إيمانها بقضية تحررها أغلال الاستعباد وقيود الاستبداد.
لقد ضاق الحال بالأمة، واستحكمت حلقات الطغيان بكل جوانب الحياة، وهُددت الشعوب في حاضرها ومستقبلها، ووجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما:
فإما أن تثور على واقعها المأساوي، وإما أن تموت ذلاً للطغاة وهوانا على الناس..
واختارت الثورة.. وقررت أن تكف عن مواجهة هذا الواقع المزري بالتهريج اللفظي، والطموحات المرتكزة على الأوهام المصادمة للقدرة على الفعل الإيجابي في المحيط الذي تعيش فيه، أو في المحيط الأوسع من حولها..
ولقد كان لطبيعة الإسلام الثائر على الظلم أبداً أثره-أولا وأخيرا- في ثورة الشعوب العربية التي اقتلعت طغاتها من جذورهم.
صحيح أن هذه الثورة قد ترعرعت ونمت وأينعت في إطار بعض الشعوب العربية، الا أنها كانت جرس إنذار لمن تبقى من الانظمة الحاكمة، وجعلتها أمام واقع جديد بدأ منتهاه يتشكل: إما اعتدالا أو اعتزالا.. وهذه سنة جارية في الانظمة الحاكمة.. والتاريخ خير شاهد على ذلك في القديم والحديث..
لقد شارك الكثير من مكونات المجتمع وقواه الوطنية في صناعة الثورة، وهدم قلاع الاستبداد والفساد، وكان للقوى الإسلامية بَصْمَتها الواضحة - كغيرها – في المشاركة الفاعلة في هذه الثورة بعد معاناة عقود من التعسف في حقها، وإنكار أبسط مقومات المواطنة لها، من أنظمة حكم قل أن تجد الإنسانية لها مثيلا في تاريخها في السوء والطغيان..
لقد وضعت ثورات الربيع العربي جميع القوى أمام محطات الاختبار الديمقراطي التي طالما نادت بها في أيام سيرها النضالي، وطالما تغنت بقيم الحرية والعدالة والمساواة والتداول السلمي للسلطة، وضمان الحقوق السياسية لجميع المواطنين- بلا استثناء - وقيم الحكم الرشيد الذي يجب أن يسود في مجتمعاتها.
إن القوى الوطنية الثائرة تقف اليوم على المحك.. فإما أن تصدق في التزامها بما رفعته من شعارات قبل وأثناء وبعد الثورة؛ وتعترف بالآخر الذي تختلف معه فكريا وسياسيا باعتباره شريكا لا نقيضا، وتجعل من صناديق الاقتراع حكما فيما بينها وتحافظ على منجزات ثورتها، وإما أن تعيد إنتاج نفس الأنظمة السابقة وتتحول إلى خنجر مغروس في خاصرة الثورة.. إما أن تنشغل بتحقيق ما وعدت به جماهيرها من تقدم ورفاه، وإما أن تتلهى ببعضها، ويعيق بعضها البعض الآخر، وتتآكل فيما بينها كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله..! وعلى الجميع الاقتناع الكامل ان لا عودة للتفرد والاستبداد.
إن الثورات قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك؛ أن القوى الإسلامية مكون هام وأساسي من مكونات القوى الوطنية، وأنها حقيقة سياسية واجتماعية طالما تجاهلتها القوى الحاكمة المستبدة , والمتحالفة معها وسائل الإعلام الرسمية والأهلية لفترات طويلة، وأنكرت تأثيرها الكبير في شعوبها، وعمق احترام الشعوب لها، وهذا ما لا يصح الاستمرار فيه، ولا التغافل أو التعامي عنه..
إن على كل القوى التي تشعر بضعف قوتها في مجتمعها أن تسعى جاهدة لمراجعة حساباتها، وأن تبذل وسعها في تجذير نفسها في وسط شعبها بنفي كل ما يصادم مجتمعها، وينفر الجماهير منها، وتزيل عن بصرها وبصيرتها غشاوة الغرور التي كثيراً ما جعلها تتوهم شعبية لا وجود لها في واقعها السياسي والاجتماعي، مما جعلها في كل تنافس ديمقراطي تشعر بالإحباط للنتائج التي تحصدها، مما يدفع بأعدائها الى الوقيعة بينها وبين من مد لها يد التعاون، وساهم معها في اقتلاع جذور الطغيان والاستبداد، ويكفي ما حصل في الماضي من وقوف في صف الديكتاتورية بحجة الكراهية للقوى الإسلامية والتخوف من التعامل معها، والاستمرار في تشويه صورتها أمام العالم الخارجي والمحافل الدولية والتي لم تعد -اليوم- تجد لها صدى الا عند النزر اليسير ممن أعماهم الهوى أو تجذرت الأحقاد في قلوبهم.
قد يكون هناك تخوف شديد، وقلق مشروع من سيطرة لون واحد على الحياة السياسية، كما قد يكون هناك توجس عند البعض من سوء تطبيق الإسلام وإغلاق منافذ الفساد المجتمعي الذي تراه بعض القوى حرية شخصية لا ينبغي المساس بها..
وعليه فقد بادرت القوى الإسلامية لإزالة مثل هذا القلق، وأعلنت أنها لن تستأثر أو أن تنفرد بالقرار السياسي، وبمكونات الدولة، وقدمت تنازلات عديدة في رسالة واضحة للجميع أنها قادرة على التعايش مع غيرها، وأن الكثير من قيم الحياة الحرة الكريمة والتعايش السلمي والمنافسة الشريفة، وبناء الوطن؛ قواسم مشتركة لا أحد يستطيع أن يدعيه لنفسه دون غيره من المكونات، كما كانت تدعيه الانظمة السابقة..
وكانت هذه قفزة نوعية في فكر المكونات الاسلامية، وكان لا بد منها لتعطي استقرارا في الحياة السياسية، لتتجه بعدئذ جميع الطاقات للبناء الداخلي، والإسهام في العمران المدني، والتأسيس المطرد للدولة الحديثة، وبناء الإنسان القادر على انجاز الفعل الحضاري.
إن ما ذكرته سابقا ليس مجرد كلام نظري، أو تنظير ليس له في واقعنا شهود.. فثمة تجربة رائدة في مجال العلاقة بين الاسلاميين ومكونات الثورة في اليمن، وشركاء الحياة السياسية ممتدة قبل الثورة بسنوات..
إذ التقى التجمع اليمني للإصلاح مع مكونات كانت معه على عداء صارخ، جمعته بهم المصلحة العليا للوطن والشعب، فتكون لقاءً رائعا- يضرب به المثل - من التكتلات السياسية والحزبية والشخصيات البارزة على أنه أروع نموذج حتى الآن، جمع الاسلاميين بغيرهم على قاعدة وفاق عريضة اجتمعت عليها المصلحة العامة، لا المصالح الخاصة؛ ذلكم ((اللقاء المشترك)) الذي جمع ستة أحزاب سياسية، واستطاعت هذه الاحزاب مجتمعة في هذا التكتل من تنسيق أعمالها، وتوحيد أهدافها وبرامجها، بل والاجتماع على وسائل محددة لمقاومة الاستبداد، وبلغ أوج تكاتفها في تقديم مرشح رئاسي عام 2006م، وتبني برنامج النضال السلمي، وأصبح لهذا التكتل لوائح وأدبيات وإصدارات توضح المنطلق لأعمال ((اللقاء المشترك)) واصبح الجميع ينطقون باسم الواحد، واصبح الواحد ينطق باسم الجميع الى حد كبير، وقدمت احزاب ((اللقاء المشترك)) رؤية مشتركة للإصلاحات السياسية على الساحة الوطنية، ورؤية أخرى للإنقاذ الوطني شخصت فيه الحالة الوطنية، وقدمت رؤيتها للحل.
وأخيراً شارك ((اللقاء المشترك)) بفاعلية وإيجابية في صناعة الثورة اليمنية والتي بدأت إرهاصاتها في 3 فبراير2011م، واشتعل أوارها في 11 فبراير2011م. وأظهر قدرة عالية في التعامل مع الائتلافات الشبابية والتي وصل عددها في أمانة العاصمة وحدها إلى 672 إئتلافاً ومثل هذا العدد -تقريباً- في بقية محافظات الجمهورية, كما تشكلت كيانات عسكرية من ضباط وجنود الجيش والأمن الذين انضموا إلى الثورة الشبابية الشعبية, وكذلك الحال بالنسبة للذين انظموا من الدبلوماسيين والأحزاب الاخرى التي لم تنضوي في إطار ((اللقاء المشترك))؛ إذ اشترك الجميع مع ((اللقاء المشترك)) في لجنة عليا لإدارة الثورة، وعقدت معهم العديد من اللقاءات لترشيد حركتها، ونتج عن هذا التقارب مع كل المكونات التي ظهرت على الساحة الثورية أن تشكل ((المجلس الوطني لقوى الثورة)) الذي مارس دوره السياسي والثوري لإنجاز الثورة، وتكلل هذا الدور في آخر المطاف بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض في 23 نوفمبر2011م، والتي بها انتهى حكم علي صالح في اليمن والذي استمر ثلاثا وثلاثين عاما.
واستطاع الإصلاح في اليمن مع شركاء الثورة تقاسم نصيب المجلس الوطني في التشكيل الحكومي المنصوص عليه في المبادرة الخليجية، دون حدوث أي تنازع بينهم..
لقد كان لهذا التعامل الشفاف بين مكونات الثورة، الأثر الكبير في تقدير الإقليم والعالم، ورأوا من خلاله وحدة الموقف واتفاق الكلمة..
ولقد تكهن بعض الساسة المعادين والمناوئين للثورة، أن التكتل الثوري بين الإسلاميين والقوى الأخرى في المجلس الوطني سيتفكك بعد توقيع المبادرة، والتنافس على المقاعد الحكومية... لكن التجمع اليمني للإصلاح فاجأْ الجميع وأعلن أن بقاء الشراكة مع جميع المكونات الثورية ضرورة وطنية، ومصلحة مجتمعية، لأكثر من ثلاث دورات انتخابية قادمة وحتى تتكون الدولة اليمنية الحديثة بمؤسساتها المختلفة.
ولم يكن يُقصد بهذا الإعلان المزايدة السياسية، وإنما هو موقف صادق أعلن عنه ((الإصلاح)) في برنامجه السياسي المقر في مؤتمره العام الأول الذي انعقد في العشرين من سبتمبر عام 1994م.
والذي جاء في مقدمته: ((إن التجمع اليمني للإصلاح، يدرك فداحة الإرث الذي خلفته عهود الحكم الملكي والاستعمار، وعهود التشطير، وحجم تداعياتها في تكريس واقع التخلف الذي لا يمكن تجاوزه خلال فترة قصيرة، وبجهد منفرد محصور في أي حزب أو تنظيم أو جماعة، أو من خلال برنامج محدود يقتصر على إحداث تعديلات محدودة في البنى السياسية وتغييرات في مواقع السلطة، وإنما بتفاعل ومشاركة كل أفراد الشعب وقواه الاجتماعية والسياسية، وتكاتف جميع المخلصين من أبناء هذا البلد، وإفساح المجال أمام كل الطاقات والقدرات للإسهام في البناء والإصلاح)).
تلك قناعتنا في التعامل مع الآخر، أعلناها منذ ثمانية عشرة عاماً، ولا تزال هي قناعتنا اليوم، وستبقى نفس قناعتنا غداً إن شاء الله تعالى.
فالأوضاع التي رافقت وترافق الثورة، لازالت تحتاج الى مزيد من الجهد والوقت والإخلاص من الجميع، للوصول الى الاوضاع المثلى لتطبيق الحياة السياسية الحرة، وتوطيد أركان الدولة القادرة على الحفاظ على منظومة القيم التي نهض الجميع من أجلها، وتشييد الموانع القوية والاسوار العالية التي تمنع استنساخ أنظمة الحكم المستبدة، أو عودة المستبدين أنفسهم أو من شابههم.
وعليه فإننا نجزم أن استمرار العلاقة بين القوى الإسلامية، وباقي مكونات الثورة أمر لا مفر منه لضمان عدم عودة روح الاستبداد، ولإعادة تشكيل الذهنية العربية من خلال تأسيس دولة العدل والحرية، ليشاهدها الإنسان العربي رأي العين في واقع حياته، وحتى لا تظل حبيسة أقوال وأقلام اللاعبين السياسيين.
إننا ندرك تمام الإدراك أن الحكم مطلب كل القوى السياسية - وهو مطلب مشروع - مما يجعل الكل يتخوف من الجزء، والجزء يتخوف من الكل، وخاصة أن منظومة الأجهزة والإدارات المانعة للاستبداد مفقودة في هيكل الدولة، ولازالت بعض الدساتير تمنح الحاكم السلطة المطلقة، كما أن الذهنية الشعبية لا زالت في حاجة الى مزيد من التوعية السياسية والتبصير بحقوقها في اختيار ومراقبة وخلع من يحكمها ويدير شؤونها.
وأخيرا.. إن من أهم الأمور التي يجب على الإسلاميين وشركائهم في قيام الثورة أن يتعاونوا في تأسيس الدولة اليمنية على أساس وطني يتجاوز القبيلة أو العائلة، ويحقق العدالة والمساواة في حياة المواطنين فعليا وعمليا من خلال تكافؤ الفرص أمام الجميع لكيلا تكون مواقع السلطة وإدارة شؤون البلاد وثرواتها دُولة بين حفنة من الناس يدَّعون التميز على غيرهم وادعاء الحق الإلهي في توليهم مقاليد الأمور، وتجاوز التفسير العائلي للإسلام والذي تناثر في بعض كتب التراث التي آن الأوان للوقوف عندها وإزالة كل ما يصادم مقاصد الاسلام وأهدافه التي جاء ليحققها في حياة البشرية كلها وليس في حياة المسلمين وحدهم.
إن على الإسلاميين أن يدركوا - بلا مبالغة – أن أنظار العالم تتجه صوبهم، وأن شعوبهم تنتظر منهم تحقيق الكثير من المنجزات التي طالما حلمت بها هذه الشعوب، والتي طالما – ايضا – وعدوا شعوبهم بتحقيقها ورفعوا شعاراتها ردحا من الزمن..
صحيح أن التركة التي ورثوها عن الأنظمة التي ثاروا عليها ثقيلة في واقع الناس، وأن هذه التركة الثقيلة قد أنهكتها وحطمت معنوياتها وعملت على سلب كرامتها، وهتك حرمة أدميتها، وسعت الى جعلها لا تفكر في أي قيمة عليا، ولا تطمح للوصول الى مصاف الدول المتقدمة عليها، ووضعتها أمام خيارين أحلاهما مر..
فإما أن تستكين للظلم والاستبداد والإفقار المتعمد لها، وإما أن تهجّر من أوطانها بحثا عن لقمة عيش شريفة تتقاسمها مع ذويها وأهليها الذين اجبروا على مغادرتهم وتركهم بلا عائل لهم في داخل أوطانهم.

لقد أثبتت الثورات العربية، وما نتج عنها من تطورات، أن الحركات الاسلامية قادرة – بعد عون الله عزوجل وكرمه – ثم بقوة تنظيماتها وانضباط قواعدها، واتساع دائرة جماهيرها وأنصارها وقناعتها بالشراكة مع كل القوى الأخرى في المجتمع على الإسهام في عملية النهوض بشعوبها وأمتها، والانتقال بها من الحالة المزرية التي ثارت ضدها، إلى مرحلة الرفاه التي تطمح إليها..

(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.