للمرة الثانية على التوالي سيحمل المنتخب الجزائري على عاتقه آمال كرة القدم العربية في بطولة كأس العالم عندما يخوض المونديال البرازيلي في حزيران/يونيو المقبل كأحد فرسان القارة الأفريقية في هذه النسخة من بطولات كأس العالم وكممثل وحيد للكرة العربية في بلاد السامبا، ويتطلع المنتخب الجزائري (الخضر) لبلوغ الدور الثاني في البطولة للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته علما بأنه يخوض النهائيات للمرة الثانية على التوالي والرابعة في تاريخه. وكانت الفرصة سانحة أمام الفريق من قبل لبلوغ الدور الثاني خاصة في مشاركته الاولى بالبطولة وذلك في مونديال 1982 بأسبانيا ولكن الحظ عاند الفريق ووقفت العديد من العوامل أمام تحقيق هذا الحلم رغم ما امتلكه الفريق من عناصر النجاح وأبرزها الجيل الذهبي للكرة الجزائرية في الثمانينيات من القرن الماضي، ومع عودة الفريق لاكتساب الخبرة بالبطولة العالمية من خلال مشاركته في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا، ستكون الخطوة الجديدة التي يسعى إلى تحقيقها هي بلوغ الدور الثاني في المونديال. ويخوض المنتخب الجزائري فعاليات الدور الأول للبطولة ضمن المجموعة الثامنة التي تضم معه منتخبات بلجيكاوكوريا الجنوبية وروسيا مما يعني أن فرصة الفريق سانحة للمنافسة على إحدى بطاقتي هذه المجموعة المتوازنة إلى الدور الثاني (دور الستة عشر) ويستهل الفريق مسيرته في البطولة بلقاء نظيره البلجيكي في 17 حزيران/يونيو بمدينة بيلو هوريزونتي ثم يواجه كوريا الجنوبية بمدينة بورتو أليجري وروسيا بمدينة كوريتيبا في يومي 22 و26 من الشهر نفسه ويأمل المنتخب الجزائري في استعادة نغمة الانتصارات ببطولات كأس العالم والتي غابت عنه في المشاركتين السابقتين حيث خاض الفريق تسع مباريات في مشاركاته الثلاث السابقة بالمونديال وفاز في مباراتين على ألمانيا 2/1 وتشيلي 3/2 خلال مشاركته الأولى في 1982 بأسبانيا والتي خسر فيها مباراته الأخرى أمام النمسا صفر/2 كما تعادل الفريق في مباراتين أمام أيرلندا الشمالية 1/1 في مونديال 1986 بالمكسيك وإنجلترا سلبيا بمونديال 2010 في جنوب أفريقيا وخسر الفريق خمس مباريات كانت أولها أمام النمسا بمونديال 1982 ثم أمام البرازيل صفر/1 وأسبانيا صفر/3 في 1986 وسلوفينيا والولايات المتحدة بنفس النتيجة صفر/1 في 2010 وعلى مدار المباريات التسع ، سجل الخضر ستة أهداف في مرمى منافسيهم وهو ما لا يتناسب مع قوة هجوم الفريق لكن شباكهم تلقت ضعف هذا العدد وكانت المباراة أمام إنجلترا في مونديال 2010 هي الوحيدة التي انتهت بالتعادل السلبي في مباريات الجزائر ببطولات كأس العالم. وما زال الجزائريون يتذكرون جيدا تاريخ 16 حزيران/يونيو 1982 الذي تغلب فيه منتخب بلادهم على منتخب ألمانيا الغربية العملاق بمدينة خيخون الأسبانية في أول ظهور للفريق ببطولات كأس العالم حيث أبهر المنتخب الجزائري العالم بهذا الفوز لكن أحلام الجزائريين توقفت سريعا بعدما ودع منتخبهم البطولة من الدور الأول تاركا تأشيرتي المرور للدور الثاني لمنتخبي ألمانياوالنمسا اللذين أطاحا بالجزائر عندما فاز المنتخب الألماني على نظيره النمساوي 1/صفر في مباراة اعتبرها كثيرون مؤامرة بين الفريقين كما وصفها البعض ب"العار" وكانت هذه النتيجة هي الوحيدة التي تطيح بالمنتخب الجزائري "محاربو الصحراء" رغم تساويه في عدد النقاط مع ألمانياوالنمسا (أربع نقاط لكل منتخب) وكانت هذه المباراة مبررا كافيا أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لإقرار إقامة مباراتي الجولة الأخيرة في كل مجموعة بالدور الأول لبطولات كأس العالم في توقيت واحد. وأكد رابح سعدان المدير الفني السابق للمنتخب الجزائري أن الفريق كان قادرا على بلوغ الدوري قبل النهائي والنهائي في بطولتي 1982 و1986 خاصة وأنه كان يملك جيلا ذهبيا من اللاعبين الموهوبين فضلا عن الإمكانيات الهائلة التي وضعتها الحكومة تحت تصرف الفريق ويعزو سعدان الأسباب التي جعلت الخضر يفشلون في تخطي الدور الأول في حقبة الثمانينيات لغياب الاستقرار والفشل في تسيير المجموعة من قبل المسؤولين السياسيين والإداريين وقال "عندما شاركنا في مونديال أسبانيا كان لدينا منتخب ممتاز من الناحية الفنية يضم لاعبين مهاريين فضلا عن الانسجام الكبير بينهم. هذا المنتخب اعتمد بشكل كبير على اللاعبين الذين ينشطون في الدوري الجزائري. وعلى مستوى الاستعداد للبطولة ، كان بنفس مستوى كثير من منتخبات الدول الأوروبية المتقدمة. كل هذا كان نتاج مشروع الإصلاح الرياضي الذي أطلقته الحكومة في السبعينيات من القرن الماضي". وعلى عكس ما كان عليه الحال في 1982 حيث اعتمد المنتخب الجزائري على مجموعة من اللاعبين بالدوري المحلي ، يعتمد الفريق حاليا على عدد كبير من النجوم المحترفين بالأندية الأوروبية ويبرز من هؤلاء النجوم سفيان فيجولي لاعب خط وسط بلنسية الأسباني ونبيل بن طالب لاعب توتنهام الإنجليزي وسفير تيدر نجم خط وسط انتر ميلان الإيطالي وعدلان قديوره المحترف في كريستال بالاس الإنجليزي ورفيق حليش مدافع أكاديميكا البرتغالي وفوزي غلام مدافع نابولي الإيطالي وحسن يبده نجم أودينيزي الإيطالي ورفيق جبور مهاجم نوتنجهام فوريست الإنجليزي والعربي هلال سوداني مهاجم دينامو زغرب الكرواتي وإسلام سليماني مهاجم سبورتنج لشبونة البرتغالي كما يتألق في صفوف الفريق المدافع صاحب الخبرة الكبيرة مجيد بوقرة قائد المنتخب الجزائري والمحترف في صفوف لخويا القطري كما يشارك الفريق في المونديال البرازيلي تحت قيادة أوروبية حيث يدربه البوسني وحيد خليلودزيتش الذي سبق له المشاركة في كأس العالم 1982 بالذات وإن شارك في مباراتين فقط كلاعب احتياطي. ورغم خبرته الكبيرة بالتدريب في الأندية الفرنسية ، اقتصرت خبرة خليلودزيتش في التدريب بأفريقيا على تدريب المنتخب الإيفواري لمدة تزيد قليلا على عام ونصف العام بداية من أيار/مايو 2008 وحتى شباط/فبراير 2010 حيث أقيل بعد الهزيمة من المنتخب الجزائري بالذات في دور الثمانية لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2010 بأنجولا وأقيل خليلودزيتش من تدريب الأفيال قبل أربعة شهور فقط من مشاركة الفريق في مونديال 2010 رغم قيادته الفريق إلى النهائيات بجدارة ولهذا ، ستكون كأس العالم 2014 هي التجربة التدريبية الأولى لخليلودزيتش في المونديال. ويعتقد سعدان ، الذي كان عضوا بالجهاز الفني للفريق في مونديال 1982 ، أن إقالة كل من وزير الشباب والرياضة ورئيس اتحاد الكرة وتغيير الجهاز الفني قبل شهور قليلة من انطلاق مونديال 1982 لم يصب في مصلحة الفريق الذي افتقد لآليات العمل التي تعود عليها كما أن المسؤولين الذين جرى تعيينهم وقتها افتقدوا للخبرة اللازمة في التعامل مع بطولة بحجم كأس العالم وتسبب هذا في ظهور مشاكل خلال الإعداد للبطولة ، وتكررت مطالب اللاعبين للحصول على المكافآت مما خلق جوا مشحونا كان بالإمكان تفاديه بقليل من احترافية المسؤولين. وأكد النجم السابق صالح عصاد ، هداف منتخب الجزائر في بطولات كأس العالم بفضل هدفين سجلهما في مرمى تشيلي ، أن طموح مسؤولي الكرة الجزائرية في ثمانينيات القرن الماضي لم يكون بمستوى طموحات اللاعبين وأوضح أن طموح المسؤولين اقتصر على المشاركة في البطولة مما أضاع على الجزائر تحقيق نتائج تاريخية في كأس العالم وقال عصاد، " خلال مشاركتنا في بطولتي كأس العالم 1982 و1986، اعترضتنا الكثير من المشاكل بسبب السياسيين والمسؤولين الذين افتقدوا النظرة الحقيقية والطموحة لكرة القدم. لهذا ، خرجنا مبكرا من البطولة رغم أنني ما زلت مقتنعا حتى اليوم بأننا كنا نستطيع بلوغ الدور الثاني على الأقل في مونديال 1982 ودور الثمانية في 1986 نظرا لروعة اللاعبين بالفريق وقتها". ويستحضر سعدان الذي تولى مهمة المدير الفني بعد ذلك نفس السيناريو والمشاكل لتبرير المشاركة المتواضعة للجزائر في مونديال 1986 رغم قناعته بأن الفريق كان يملك إمكانيات الفوز على البرازيل في الدور الأول والتأهل للدور الثاني واعترف سعدان بأن الأمور التنظيمية تحسنت كثيرا خلال المشاركة في مونديال جنوب أفريقيا 2010 بقدوم مسؤولين على درجة كبيرة من الكفاءة والاحترافية وهو ما ساعد الفريق على تحقيق نتائج إيجابية في بطولة كأس أمم أفريقيا 2010 بأنجولا رغم الهزيمة أمام منتخب مصر صفر/4 في المربع الذهبي وكان الاستعداد للمونديال في أفضل الظروف وقال "جنوب أفريقيا كانت بالنسبة لنا محطة العودة لركوب قطار نهائيات كأس العالم بعد غياب دام 24 عاما. لم يكن من السهل أبدا تحقيق نتائج كبيرة. ورغم هذا ، حاولنا أن نكون عند حسن الظن". ويرى عصاد، الذي اختير كأحد أفضل لاعبي الجناح في مونديال 1982 وحظى بإشادة خاصة من بيليه ويوهان كرويف وفرانز بيكنباور ، أن طموح اللاعبين هو الذي سيحدد هدف منتخب الجزائر في مشاركته بالمونديال البرازيلي وأن أي لاعب مهما كانت قيمته يتمنى المشاركة في المونديال كما أكد أن المنتخب الحالي يضم لاعبين أصحاب إمكانيات جيدة من شأنها ان تساعدهم على تحقيق هدف المرور للدور الثاني. وشدد سعدان على أن مدة شهر واحد ستكون كافية للجهاز الفني الذي يقوده البوسني وحيد خليلودزيتش لتجهيز اللاعبين على النحو الأمثل وأن مستوى الاستعداد الذي يسبق البطولة سيكون حاسما في أداء اللاعبين وأكد أن اللاعبين لديهم الحافز بالفعل لأنهم يستعدون للمشاركة في أكبر تظاهرة كروية داعيا إياهم إلى اللعب بهدف بلوغ الدور الثاني الذي يظل طموحا مشروعا ليس للاعبين والجهاز الفني ومسؤولي الكرة فقط وإنما لملايين الجزائريين الذين يعشقون اللعبة كما ان اكتساب المسؤولين للخبرة المطلوبة سيكون عامل نجاح إضافي لا يمكن إغفاله.