إذا طلبت من قطاع عريض من الرأى العام البريطاني أن يصف لويس سواريز مهاجم ليفربول الإنجليزي ومنتخب أوروجواي بكلمة واحدة ، ستكون أكثر الصفات شيوعا هي "عبقري" و"مخادع" و"عضاض" و"عنصري". وعلى مدار السنوات القليلة الماضية ، لم يبزغ مثل سواريز سوى عدد قليل من اللاعبين لما يتمتع به من موهبة عبقرية في التعامل مع الكرة بالقدمين كما يسبب المشاكل دائما لمدافعي الفرق المنافسة ليحظى بتشجيع أسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييجو مارادونا. وخلال ثلاث سنوات قضاها في صفوف ليفربول، تعرض سواريز لإيقافات بلغ مجموعها 18 مباراة منها ثماني مباريات بسبب إهانته العنصرية للفرنسي بتريس إيفرا نجم مانشستر يونايتد وعشر مباريات بعدما عض برانيسلاف إيفانوفيتش مدافع تشيلسي. وقال سواريز إن اتهامه وإدانته بالعنصرية يرجع غلى سوء تفاهم على المستوى الثقافي ولكنه اعترف بأن وقائع "العض"، (حيث كانت هناك واقعة مماثلة خلال مسيرته مع أياكس الهولندي) ، كانت لحظات من الجنون. وإذا كان لكل عبقري سقطة كبيرة، فإن سواريز هو أكثر من ينطبق عليه هذا. ولكنه نجم هائل غير قابل للتشكيك أو الجدل. إنه لاعب بارز من طراز عالمي ولاعب يمكن أن يكون له أثر كبير وبصمة واضحة في كأس العالم 2014 بالبرازيل. ويدرك مواطنو أوروجواي البالغ تعدادهم نحو 5ر3 مليون نسمة هذه الحقائق عن سواريز بالطبع خاصة بعدما رأوا سواريز وهو يتألق ليساهم بقدر فعال في بلوغ الفريق المربع الذهبي لبطولة كاس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. ولكن رغم ذلك طغى اسم سواريز على المسيرة الرائعة لمنتخب أوروجواي في مونديال جنوب أفريقيا بعدما منع اللاعب بيده هدفا لمنتخب غانا خلال الوقت الإضافي لمباراة الفريقين في دور الثمانية للبطولة حيث أبعد الكرة بيده من فوق خط المرمى، ورغم طرده بسبب هذه اللعبة، احتفل سواريز بشكل هائل عندما أهدر المنتخب الغاني ضربة الجزاء المحتسبة له بسبب لمسة يد سواريز. وبعد فوز منتخب أوروجواي في المباراة بضربات الترجيح التي احتكم إليها الفريقان ، استعار سواريز لفظة "يد الله" ، التي أطلقت على هدف مارادونا نفسه في كأس العالم 1986 ، ليصف هذا الهدف الذي تصدى له. وعندما تسير الأمور في المباريات بشكل هادئ ، يقدم سواريز علامته الفريدة في الأداء الساحر بل إن سرعته في التعامل مع الكرة بقدميه تظهر منافسيه وكأنهم يلعبون بطريقة "العرض التلفزيوني البطيئ" . ونال سواريز الإشادة من الجميع، وحتى من ألد منافسيه، بفضل مهارته وتحركاته الواعية في الملعب وقدرته على المراوغة والتمويه في مواجهة المنافس ومعدلات الجهد الرائعة والعالية التي يبذلها في المباريات. وقال واين روني مهاجم مانشستر يونايتد والمنتخب الإنجليزي "بالنسبة لي ، سواريز يرتقي لمرتبة أفضل اللاعبين في العالم مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو". ويصطدم روني وسواريز في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل حيث يلتقي منتخبا إنجلترا وأوروجواي في مجموعة واحدة بالدور الأول للمونديال البرازيلي. كما يصف الإنجليزي الدولي ستيفن جيرارد قائد فريق ليفربول زميله سواريز بأنه "عبقري" خاصة وأن أهدافه الوفيرة مع الفريق هذا الموسم ، والتي بلغت 31 هدفا ساهمت بقدر هائل في وضع ليفربول على طريق إحراز لقب الدوري الإنجليزي للمرة الأولى منذ 1990 وإن ذهب اللقب في النهاية لمانشستر سيتي بفارق نقطتين فقط. والأكثر من هذا ، يتميز سواريز بقدرته على صناعة الأهداف لزملائه كما يسعى لفعل كل شيء يخدم الفريق. وقال جيرارد "إنه ليس أنانيا على الاطلاق.. في بعض الاحيان ، طلب منه أن يلعب دورا أكبر من مجرد الهجوم وتسجيل الأهداف وأظهر مدى إجادته اللعب الجماعي.. حتى عندما لم ينجح في هز الشباك ، كان يروع المدافعين ويصنع لنا الأهداف". وقال جيمي كاراجر نجم دفاع ليفربول والمنتخب الإنجليزي سابقا ، والذي اعتزل اللعب نهاية الموسم الماضي ، إن سواريز قد يكون "أفضل لاعب ارتدى قميص ليفربول.. هذا فيما يتعلق بالإمكانيات الطبيعية وما نراه منه أسبوعا بعد الآخر". وأصر بريندان رودجرز المدير الفني لليفربول على مساندة ودعم سواريز على مدار الأوقات العصيبة التي مر بها اللاعب وخاصة في فترات الإيقاف ، ونال رودجرز المكافأة على هذا من خلال الأداء الراقي والأهداف المؤثرة والغزيرة لسواريز. وقال رودجرز "لا يثير الكثير من القلق. إنه عقلية رائعة" مشيرا إلى أن الإصرار هو أبرز مميزات وأسلحة هذا اللاعب الذي يعد ظاهرة كروية. ولم يتأخر سواريز عن تلبية استدعاء منتخب أوروجواي في أي مباراة ليؤكد أن لديه إخلاصا وولاء رائعا للفريق. كما يتصدر سواريز حاليا قائمة أفضل هدافي منتخب أوروجواي عبر التاريخ برصيد 35 هدفا في 73 مباراة دولية خاضها حتى الآن. وإذا تجنب سواريز آفة الإصابة ، فإنه يستطيع تعزيز هذه الأرقام من خلال مباريات كأس العالم بالبرازيل. وعندما أسقط ليفربول منافسه مانشستر يونايتد حامل اللقب في عقر داره خلال آذار/مارس الماضي ، نهض مارادونا من مقعده ليصفق إعجابا بالروح العالية التي يلعب بها سواريز والتي تقترب كثيرا من روح مارادونا في الملعب. وينافس سواريز الأسطورة مارادونا في سلوكياته المثيرة ببطولات كأس العالم. ويرى جيمي جريفز الفائز مع المنتخب الإنجليزي بلقب كأس العالم 1966 أن سواريز يمكنه السير على نهج مارادونا أيضا وإحراز لقب كأس العالم مع منتخب بلاده. وقال جريفز مؤخرا "عندما يكون هناك لاعب بهذا المستوى الذي لا يمكن مقاومته ويفوز في المباريات بمجهود فردي ، يكون الفريق بحاجة إلى لاعبين اثنين آخرين يقدمان أداء رائعا ويجدان المساندة من باقي عناصر التشكيلة ليقدم الفريق عروضا قوية ومستقرة يستطيع من خلالها الفوز بلقب بطولة". وأوضح "هذا ما حدث مع دييجو مارادونا والمنتخب الأرجنتيني (في 1986) . وأرى أن منتخب أوروجواي يفعل نفس الشيء". وإذا قاد سواريز منتخب أوروجواي للمجد في المونديال البرازيلي ، سيحجز لنفسه مكانا رائعا في تاريخ كرة القدم.