وضع رئيس الوزراء/ محمد سالم باسندوة الشعب اليمني أمام خيارين لا ثالث لهما، يتمثلان برفع الدعم عن المشتقات النفطية أو انهيار الدولة.. وذلك خلافاً لما كانت الحكومة قد أعلنته بالسابق بأن لا توجه لديها لفرض الجرعة على الشعب اليمني. وقال باسندوة - في حوار مع صحيفة "اليقين"- : نحن الآن نقف أمام خيارين.. الخيار الأول أن تستمر الدولة في دعم المشتقات النفطية في ظل محاصرة الموارد؛ وهذا سيجبرنا على استخدام الاحتياط النقدي للبلد من أجل تغطية أسعار هذه المشتقات، وسيترتب على هذا الإجراء انهيار اقتصادي شامل، وليس فقط الحياة المعيشية هي التي ستنهار إذا ما ارتفع سعر الدولار إلى أضعاف مضاعفة، ولكن أيضاً ستنهار الدولة بصورة عامة.. وهذا يعني أن خيار استمرار الدعم هو مغامرة بمصير البلاد من خلال قبول الانهيار الاقتصادي وبالتالي انهيار الدولة بصورة عامة، والخيار الآخر هو خيار رفع الدعم عن المشتقات النفطية.. وحول ما إذا كان راضيا عن نفسه وعن أدائه في رئاسة حكومة الوفاق الوطني.. أجاب باسندوة إنه لا يستطيع القول بأي حال من الأحوال بأنه راضٍ "لأن أية جهود تبذل في مثل هذه الظروف هي لا تحقق إلا أقل القليل مما نتوخاه" حد قوله. وكشف رئيس الوزراء عن تقدمه بطلب استقالة أكثر من مرة، مشيرا إلى أنه تحدث بهذا الأمر مع رئيس الجمهورية ومع قيادات اللقاء المشترك ومع المبعوث الأممي جمال بن عمر. وأوضح باسندوة أنه تم رفض الاستقالة نظراً لصعوبة التوافق على بديل والبلد لا تتحمل أن تواجه ظرفاَ من هذا النوع وأن لا يكون لديها حكومة وأكد أن الكل مارس عليه الضغوط من أجل الاستمرار في رئاسة الحكومة، موضحاً أنه لم يتخل كلياً عن فكرة الاستقالة ولكن عندما يشعر بأن هناك ظروفاً أفضل وستكون هذه الاستقالة مقبولة فإنه لن يتردد في تقديمها. ولفت إلى أنه لا تزال هناك هوة بين الأطراف المتصارعة على الساحة وأن مشكلات عديدة تواجهها الحكومة وبالذات المشكلات المتعلقة بالموارد، وقال: المعروف أن الميزانية العامة للدولة في بلادنا تعتمد تقريباً 85% من مواردها على النفط، ولكننا نعلم جيداً الآن أن هناك من يقوم بتفجير أنبوب النفط بين وقت وآخر.. وهذا أدى إلى حرمان الميزانية العامة للدولة من مليارات الدولارات.. كما أن هناك أعمالاً تخريبية تتمثل في ضرب أبراج الكهرباء وهذا أيضاً تترتب عليه خسائر مادية كبيرة، بالإضافة إلى الحالة الأمنية التي لا زال حتى الآن يصعب السيطرة عليها بشكل كامل. واستدرك باسندوة: لكن بالمقابل إذا ما نظرت إلى هذه الحكومة كجهاز مسؤول عن إدارة الدولة أستطيع أنا أقول بأن الحكومة نجحت في أن تحقق قدراً لا بأس به من الانسجام والتناغم بين مكوناتها، والانقسامات القائمة في البلد لا تظهر الآن على الحكومة؛ فالحكومة- رغم أنها تمثّل أطرافاً مختلفة- لكنها تعمل بانسجام أكبر.. وهذا يمثّل في نظري نجاحاً سياسياً مهماً؛ لأن اليمن كانت تقف أمام مصير مجهول عندما تم التوقيع على المبادرة الخليجية والشروع في تشكيل حكومة الوفاق الوطني. وأشار إلى أن عائدات الميزانية العامة من العملة الصعبة تراجعت إلى حد كبير بفعل الضرب المتكرر لأنبوب النفط.. إذ وصل حجم الخسائر جراء ذلك إلى ما يقارب 280 مليار ريال خلال العام الماضي فقط، الأمر الذي دفع بالحكومة لصرف 3 مليارات دولار لشراء مشتقات نفطية لتغطية احتياجات السوق المحلية في 2013م، و 2,6 مليار دولار عام 2012م، مردفا: وهذا أدى إلى وجود صعوبات في توفير السيولة المالية الكافية لتغطية الدعم الذي تقدمه الدولة للمشتقات النفطية وهو دعم يصل إلى (330 بليون ريال يمني).. وهذا مبلغ كبير لا يمكن تحمّله خاصة في ظل هذا الحصار الذي تواجهه الدولة وخاصة فيما يتعلق بموارد ميزانيتها العامة. وأضاف باسندوة إن الجانب الآخر من الأزمة مفتعل، وان هناك من يحاول أن يستفيد من هذه الأزمة من خلال بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء؛ كما أن هؤلاء يكسبون أموالاً طائلة من وراء الدعم الذي تقدمه الدولة للمشتقات النفطية. وأضاف: طبعاً نحن أكثر من مرة نقوم بتوزيع كميات كبيرة من المشتقات النفطية على محطات الوقود وبالذات في أمانة العاصمة، ولكن نفاجأ بأنها تختفي بسرعة، مع أننا نحرص على توفير المشتقات النفطية بأكثر من الكمية المستهلكة في العاصمة، ولكن ما يحدث هو أن هذه الكميات تختفي بسرعة في الوقت الذي تظل رائجة في السوق السوداء.. وفي ظني أن هناك بعض الأطراف تحاول أن تكرّس هذه الأزمة معتقدة بأنها تستطيع أن تستثمر حالة الصخب لدى الناس ضد الحكومةوقال: على هؤلاء أن يفهموا بأن التفكير بهذه الطريقة هو عمل مدمّر؛ لأنه في الأخير محاولة لتحقيق الأهداف السياسية من خلال افتعال المعاناة وتغذيتها ثم استثمار هذه المعاناة.