كان المقاتلون من جبهات القتال المختلفة والمتواجدون في تعز قد شكلوا من أنفسهم طابور عرض دون أن يعملوا البروفات المعتادة، وكان يتقدمهم المناضل علي ناصر محمد حاملاً علم الجبهة القوميةوالذي هو علم دولة الوحدة "الجمهورية اليمنية حالياً"، وكان يأتي بعده الفقيد بالليل راجح لبوزة وسالم ربيع علي وعبدالله مطلق وعبدالله مفتاح وبخيث مليط علي وسالم علي بن حلبوب وعلي محسن سليم وسالم عبدالرب جحاف وأحمد مهدي المنتصر وعلي محمد الشعبي وعبدالله محفوظ راجح وعمر عبدالصمد وبالليل جيوب قاسم ودعره سعيد الأعضب ومهيوب علي غالب وعبدالرحمن يحيى السيلاني وأحمد غالب سيف وأحمد قاسم راجح والحاج حسين بن علي عامر وسالم عبدالله عبدربه ومحمد عبدالرب بن جبير. وبعد ذلك جاءت خطوة 13 يناير 1966م وكنا والفقيد بالليل بن راجح والكثير من المناضلين الملتزمين بخط الثورة وليس لحركة القوميين العرب، كنا إلى جانب جبهة التحرير لكن ظلت علاقاتنا واحترامنا للطرف الذي رفض الدمج قائمة ولا تشوبها أي شائبة ولقد حضر بالليل بن راجح لبوزة إلى القاهرة كغيره من قادة جبهات القتال بمقابلة لجنة الأممالمتحدة التي وصلت إلى مصر وحضر اللقاء الذي رتب له المناضل علي ناصر محمد في شقته الكائنة بشارع سليمان جوهر بحي الدقي وذلك للاستماع للأخوين فيصل عبداللطيف الشعبي ومحمد أحمد البيشي القادمان من تعز مجبران من قبل القيادة العربية بعد أن تم اعتقثالهما من قبل عناصر التنظيم الشعبي بمنطقة المسيمير يوم 8/8/1967م وسلما للقيادة العربية التي قامت بإرسالهما إلى القاهرة ونزلا بميدان العتبة بملابس الحرس الشعبي المعروفة ولقد كنت ومعي الأخ عمر حسين من طلاب الكلية الحربية حاضران ذلك اللقاء الذي رتب له علي ناصر محمد وكان النقاش محصوراً حول التداعيات التي جاءت بعد استشهاد عبدالنبي مدرم والتدهور الذي وصلت إليه العلاقة بين الجبهتين القومية والتحرير وفي الأيام التي تلت اعتراف الجيش بالجبهة القومية في 7/11/1967م كانت الأحداث تمشي متسارعة وكان المستقبل لشعب الجنوب ومناضليه يبدو قاتماً فقد تبدد كل أمل كنا نتطلع إليه فهذا ذئب دبسان الأحمر وابن أول شهيد سقط في ثورة 14 أكتوبر 1963م لم يشهد فرحة احتفال شعبه بالاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م وكان الكثير مثله من الثوار والأحرار في كافة المراحل والمنعطفات التي شهدتها ساحة الجنوب اليمني في مقاومتها للاستعمار ومن خلال برنامج نهاية إمبراطورية الذي كان يبث من محطة "BBC" التلفزيونية شاهدت المقابلات التي كانت تجريها المحطة مع القادة العسكريين والسياسيين البريطانيين الذين عملوا في عدن وقد تحدث الكثير من هؤلاء القادة عن معركة وادي دبسان بلاد القطيي ردفان وحضر البعض ممن شارك في تلك المعركة وبحوزتهم بعض أشرطة فيديو سجلتها قيادة الشرق الأوسط في عدن تم الإفراج عنها مؤخراً ويوجد لدينا نسخة من تلك الأشرطة تثبت أن قرية الفقيد دبسان كان العدو قد واجه فيها أصعب المعارك التي شهدتها ردفان ضد المحتل كما واحتفظ بنسخة من مقال للصحفي الراحل جمال حمدي في مجلة "روزا ليوسف" الصادرة في 29 مايو 1964م والدور المميز الذي قام به الفقيد بالليل راجح لبوزة في مرافقته لرحلة القافلة المحملة للسلاح والتي انطلقت من درب ذي ناعم البيضاء مروراً بمنطقة يافع ووصولاً إلى كنضارة مقر القيادة الميدانية التي يتوافد إليها المقاتلين لأخذ احتياجاتهم من العتاد العسكري لمقاومة المحتل وكان رحمه الله لا يعرف الكلل أو الملل وقد وصفه البروفسور اليهودي جوزيف كوستينر المتخصص في الشؤون اليمنية في كتابه "صراع اليمن الجنوبي" بأن بالليل راجح لبوزة قد استلم زمام قيادة الثورة في ردفان بعد أن سقط والده شهيداً في 14/10/1963م ويشرفني إنني قدمت له صورة من هذا الكتاب بحضور المناضل الكبير علي أحمد ناصر السلامي أطال الله في عمره. لقد عاش الفقيد بالليل راجح لبوزة عفيفاً شريفاً يقول كلمة الحق ولا يخشى لومة لائم ولهذا لم يكن مقرباً من أصحاب النفوذ الذين لا يعجبهم مثل هذا الصنف من الرجال الشرفاء. رحم الله الفقيد المناضل بالليل بن راجح لبوزة برحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.