لم تجد "فائزة- 29 عام" للخلاص من سعير الحرب في المدينة سوى ترك منزلها، واللوذ بطفليها نحو أحد الأرياف.. لكن الهروب، من التفكير الذي يعصف بحياتها- كلما نظرت إلى طفليها اليتيمان الأب، بمن سيعتني بهما لو توفت أو حصل لها شيء- يبدو صعباً للغاية.. في يوليو من العام الماضي فرت "فائزة" من مدينة تعز، بعد أن توفي زوجها، إلى قرية العزاعز، شمال غرب المدينة، حيث تعيش الآن مع طفليها "أميرة- 12 سنة، ومحمود- 8 سنوات".. تقول: "عندما أرى أطفالي أميره ومحمود، دائما أفكر بمن سيعتني بهم إذا ما حصل لي شي.. تضيف:" بعد وفاة زوجي بسبب قلة الخدمات الصحية وقلة المال لعلاجه خارج البلاد، شعرت بأني فقدت كل شيء، وشعرت بأنها النهاية". غير أنها تستدرك:" أنا مؤمنة أن الحل هو ببقائي قوية، وأن لا افقد الأمل، وفي يوم ما سنرجع إلى تعز ولمنزلنا وسنقوم ببنائه عن جديد". بعد تركها لمنزلها في مدينة تعز بسبب الحرب بدأت المرأة الثلاثينية العمل كمتطوعة.. "هذا فعلا غير لي حياتي، وأعطاني قوة لمقاومة كل الصعوبات": تقول "فائزة"، التي ماتزال تصر على العودة بينما تضيف:" أريد أن يعود أطفالي للمدرسة، ويعيشوا حياة طبيعية، بعيدا عن الخوف من الحرب والضياع": تقول فائزة من تعز. أعلى المعدلات تعد "فائزة" واحدة من بين أكثر من 3 مليون نازح بسبب الصراع المتصاعد في اليمن، بحسب آخر إحصائية، أوردها تقرير دولي حديث.. لتسجل اليمن بهذا الرقم أعلى المعدلات عالمياً من الحرب العالمية الثانية فيما يخص النازحين داخليا هروباً من العنف والصراع والحرب الدائرة منذ أكثر من عام في البلد.. تقول منظمة أوكسفام أنه من بين 60 مليون شخص نزحوا فراراً من أعمال العنف والصراعات في أعلى رقم منذ الحرب العالمية الثانية، نزح 2.8 شخص داخلياً في اليمن.. مشيرة إلى أن أكثر من 14 مليون يمني أصبحوا اليوم بحاجة إلى مساعدات إنسانية فورية، مع أكثر من 7.6 مليون شخص في مرحلة الطوارئ في إنعدام الغذاء. الجمعة 19 أغسطس/آب أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة أن عدد النازحين في اليمن تجاوز 3 ملايين بسبب الصراع الدائر هناك.. في أحدث تقرير لهما، بينت المنظمتان أن عدد النازحين بسبب الصراع المتصاعد في اليمن منذ أكثر من عام، ارتفع إلى 3 ملايين و154 ألفاً و527 شخصاً. تفاقم الأزمة التقرير المشترك الصادر عن المنظمتين الدوليتين، ذكر إن عدد المهجرين قسرياً بسبب الصراع المتصاعد منذ أكثر من عام، ارتفع إلى 3 ملايين و154ألفاً و527 شخصا.. تقول إيتا سخويتي، نائب ممثل مفوضية اللاجئين في اليمن في بيان: أن الأزمة الراهنة تجبر المزيد والمزيد من الناس على ترك منازلهم بحثا عن الأمان.. تضيف:"حيث إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص يعيشون حاليا حياة عابرة وغير مستقرة تحفها المخاطر ويكافح هؤلاء من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية". يشير التقرير إلى أن النزوح الداخلي شهد ارتفاعا قُدّر بنسبة 7% منذ أبريل/نيسان الماضي، أي ما يقارب 152 ألفاً و9 أشخاص من الفارين من العنف. يضيف بأن عدداً كبيراً من النازحين يحاولون العودة إلى ديارهم، أي أن نسبة الزيادة تصل إلى 24% ، وقُدرت هذه النسبة ب 184 ألفاً و491 شخصاً. يلفت البيان إلى أن الأرقام التي صدرت الجمعة عن مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة تبين أن النزوح في أنحاء اليمن في ازدياد.. محاولات حذرة وفقاً لبيان المسئولة الأممية، تظهر الأرقام، في التقرير الأخير والصادر عن الفريق المعني بحركة السكان، كونه فريق تقني مختص في مفوضية اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية حيث يعد الفريق هذا التقرير جزءا من الاستجابة الإنسانية للأزمة في اليمن. يقول البيان: "وسط تصاعد الصراع وتفاقم الأوضاع الإنسانية، شهد النزوح الداخلي في جميع أنحاء البلاد ارتفاعا قدر بسبعة في المائة منذ أبريل الماضي".. يؤكد التقرير الصادر عن منظمتي اللاجئين والهجرة أن عددا كبيرا من النازحين يحاولون العودة إلى ديارهم، أي أن نسبة الزيادة تصل إلى 24%.. كما يفيد التقرير بأن محاولات العودة لا تزال مترددة يشوبها الحذر الشديد حيث يترقب السكان تحسنا ملموسا في الصراع القائم. في وقت سابق من العام الجاري كان تقرير صادر عن ذات المنظمتين أوضح أن الصراع في اليمن يجبر 2.4 مليون شخص على النزوح من منازلهم مع توقع ازدياد الوضع سوءاً. انسداد الآفاق عام واحد تقريباً مضى على الصراع في اليمن أجبر قرابة 3 مليون شخص على النزوح من منازلهم. وانتقل أغلبهم إلى مناطق يصعب الوصول إليها.. التقرير أكد أنه من المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً، مع انسداد الأفق السياسية وتفاقم الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية. جاء في تقرير لفريق العمل المعني بحركة السكان- والذي يرأسه بالمشاركة كل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة- أن عدد النازحين داخلياً في اليمن قد بلغ 2,430,178. يعد فريق العمل المعني بحركة السكان جزءً من خطة الاستجابة الإنسانية الخاصة بأزمة اليمن التي أخذت في التصاعد في مارس 2015. رغم أن هذا الرقم يمثل انخفاضاً طفيفاً من الرقم 2.5 مليون نازح في اليمن بسب الصراع، والذي ورد في تقرير فريق العمل السابق الذي صدر في ديسمبر 2015- وذلك بسبب تطور أساليب استقصاء أعداد النازحين الذين آثروا العودة لمنازلهم خاصة في جنوب البلاد، إلا أن نسبة النزوح العالية لا تزال مدعاة للقلق. تعز الأولى يؤكد التقرير تدني الأوضاع، وتفاقم المعاناة، وتزايد الاحتياجات الناتجة عن استمرار الصراع. لذلك حثت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة جميع الأطراف على السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر تضرراً، حيث يتواجد معظم النازحين. مشددتان على أهمية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وإبقاء الطرق مفتوحة لتسليم المواد الغذائية وغيرها من الخدمات الأساسية. جاء في التقرير أن عدد النازحين في تزايد مستمر، وبشكل ملحوظ في المناطق المتفاقمة من المواجهات ولاسيما في تعز، وحجة، وصنعاء، وعمران، وصعدة. وتمثل هذه المحافظات مجتمعة 68% تقريباً من مجموع النازحين في اليمن. يأتي من محافظة تعز العدد الأكبر من النازحين في البلاد والذي يقدر ب 555,048 من الأفراد (23% من مجموع النازحين داخلياً).. تليها حجة (353,219 شخص)، ثم صنعاء (253,962 الأفراد )، وتليها عمران (245,689 شخص)، وأخيراً صعدة (237,978 شخص). بالإضافة إلى ذلك فإن صعدة وصنعاءوعمران، كمحافظات مضيفة للنازحين، لديها أعلى نسب من النازحين: 33%، 21%، و20%على التوالي. البحث عن أمان يسلط التقرير الضوء على استمرار الآثار السلبية والإنسانية المنعكسة على هؤلاء الفارين من منازلهم، جراء الصراع، وهم يبحثون باستماتة عن الأمان، وغالباً دون الكثير من ممتلكاتهم.. حيث لجئوا مع أقاربهم وأصدقائهم للمدارس والمباني العامة واتخذوها كملاجئ مؤقتة، والبعض منهم في العراء مع توفر قليل من الحماية والخدمات، أو لا شيء منها. خطة الاستجابة الإنسانية الخاصة باليمن، والتي صدرت في جنيف في شهر فبراير، هدفت لجمع 1.8 مليار دولار.. وذلك لتوفير القدرة على تقديم المساعدات الماسة والمنقذة للحياة لنحو 13.6 مليون شخص ممن هم في حاجة إليها، من خلال أكثر من 100 من الشركاء في المجال الإنساني.. لكن تلك الأموال لم يرد منها سوى 2% فقط من مبلغ التمويل المستهدف، وفقاً لتقرير منظمة اللاجئين والهجرة. احتياجات ملحة في مايو أفادت إحصاءات دولية أن الحرب الدائرة في اليمن، منذ أكثر من عام أجبرت شخصا من كل عشرة يمنيين على الفرار والنزوح بعيداً عن داره.. بحسب ما أظهرت تحليلات فريق العمل المشترك بين الوكالات التابع للأمم المتحدة بشأن حركة نزوح السكان في اليمن، فإن غالبية النازحين يتمركزون في محافظاتتعزوحجةوصنعاءوعمران وصعدة وجميعها في القسم الشمالي من البلاد. في تقرير إنساني، صدر في الحادي عشر من مايو 2016م، ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن "معظم النازحين يعيشون مع أقاربهم أو أصدقائهم أو في المدارس أو المباني العامة أو المباني المهجورة أو في ملاجئ مؤقتة أو حتى في العراء".. وفيما أشار إلى الاحتياجات الأكثر إلحاحاً متمثلة في المأوى والمياه والغذاء والمواد غير الغذائية. أوضح التقرير أن عدداً كبيراً من النازحين فقدوا أعمالهم ومصادر عيشهم.. إذ باتوا، وفقاً للتقرير، يعانون من البطالة، بعد فرارهم من ديارهم ومناطقهم مصطحبين معهم بعض مقتنياتهم، كما أن بعض الأسر ما تزال تبحث عن مفقودين لها اختفوا أثناء الفرار أو النزوح. ضغوط الاستضافة سجلت محافظات صعدة وصنعاءوعمران أعلى نسب في استضافة النازحين، بحسب التقرير، إذ تستضيف صعدة (معقل المتمردين الحوثيين) 33 في المائة، غالبيتهم من مناطق أخرى من نفس المحافظة، وعمران 21 في المائة، وريف صنعاء 20 في المائة. أما عن مصدر النزوح فقد خرج معظم النازحين من كل من محافظاتتعز وصعدة وأمانة العاصمة وحجة وريف صنعاء. لفت التقرير أيضاً إلى 2300 أسرة نازحة أخرى (نحو 13800 نسمة) فرت من منازلها في نوفمبر/تشرين الثاني، بسبب أعاصير تشابالا وميغ وما يزال معظمهم متواجدين في محافظة حضرموت (شرق). تشير التقارير إلى أن نزوح الناس من مناطق المواجهات شكل ضغطاً على الخدمات الصحية المتواضعة في الأساس في المجتمعات المضيفة للنازحين. إضافة إلى أن ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع كلفة المواصلات، بسبب ارتفاع أسعار الوقود، جعلا الأسر تكافح لتوفير لقمة العيش قبل البحث عن الدواء.