يعاني أهالي مدينة عدن، جنوبي اليمن، أوضاعاً صعبة في كل مناحي الحياة، فعلى المستوى الغذائي تعاني المدنية من ارتفاع ملحوظ في أصناف عديدة في السلع اليومية والضرورية كالسكر والدقيق وغيرها من الأنصاف التي تفاوتت فيها نسبة الارتفاع من صنف لآخر. في ظل ما تشهده المدنية من غياب للعملة الصعبة وانحدار في العملة المحلية تجاه العملة الأجنبية على الرغم من الجهود الاقتصادية التي وصفت بالعقيمة والغير مجدية. أزمات متعددة وعلى مستوى الخدمات، فالكهرباء لم يتحسن حالها على الرغم من الجهود الذي تبذل من جميع الأطراف والدولة و آخرها ما تقدمت به دول قطر من مولدات لكهرباء عدن. إلا أن الانقطاع بات مستمر وبشكل يبعث على القلق على الرغم ما تعيشه المدينة من أجواء باردة مما يعني أن مدة ساعات الانقطاع سوف تتضاعف في فصل الصيف، في ظل مناشدة مجتمعية ملحة من قبل المواطنين لتفادي ذلك. أما الجانب الصحي فتعاني مستشفيات المدنية من زحام نظراً لكثرة وجود الجرحى فيها من جبهات الحرب علاوة على تعانيه من نقص في المستلزمات وكذا الطواقم. الأمر الذي جعل بعض دول التحالف بالتدخل من خلال إرسال الطواقم كالذي قامت به دولة السودان من إرسال طاقم طبي للمساهم في الجانب الجراحي في مستشفيات المدنية. وفي الصعيد ذاته تعصف بالمواطنين أزمة باتت تثقل كاهل المواطن البسيط بالدرجة الأساسية وهي انعدام الوقود، إذ يتفاوت اشتدادها بين الفينة والأخرى، مع وجود موجة احتجاجات واضطرابات تشهدها المدنية في القطاع النقابي والعمالي في بعض المرافق الخدمية في محافظة عدن كالذي تشهده شركة النقط من إضراب، وكذا الضرائب من إضراب لمدة ساعة في اليوم نظرا لمطالب تقدمت بها عمالة ونقابة الضرائب. وكذا ما يعانيه المواطن من تأخر في صرف مرتبات موظفي الدولة. فاتورة صراع وإزاء ما تشهده المدينة استطلعت صحيفة أخبار اليوم أراء بعض المواطنين. حيث اعتبر فواز العويضاني، محامي وناشط حقوقي، ماذا يريد المواطن؟ أن صراع بين الجبابرة-على حد تعبيره- والذي دفع بالمواطن أن يدفع فاتورة هذا الصراع. وهو ما أكدته عهد ياسين، إعلاميه، إن تردي الخدمات مرتبط بصراع الأطراف السياسية، متمنية كمواطنة أن يتم إبعاد الصراعات عن الخدمات باعتبارها شي أساسي للمواطنين نظراً لما يشكله التردي للخدمات من يصعب في حياة المواطنين. ويشير العويضاني، إلى أن جل ما يريده هذا المواطن هو حياة كريمه من خلال توفير أمن يحميه ويخدمه وعدالة تضمن حرياته، وخدمات أساسيه، وعمل يضمن منه توفير لقمة عيشه له وأسرته. ويضيف:" غير ذلك فلا أظن أن المواطن يريد أكثر،هي ليست طموحات هي حقوقه وبالمقابل هي واجبات تقع على عاتق الحاكم وذات العلاقة الذي وجب عليهم أولا أن يفهموا أن وجودهم في مناصبهم تلك ليس تشريف لهم بل وجودهم في تلك الوظائف العامة إنما لخدمة المواطن والسياسة يجب أن تخدم المجتمع لضمان بقاء هؤلاء المسؤلين في مراكزهم ولا ينبغي استغلال الوظائف العامة في أمور أخرى.. مؤكداً على أن غياب القضاء أو ربما ضعف القضاء في الغالب سبب رئيسي من أسباب تردي الأوضاع بشكل عام، فإن وجود قضاء قوي سيكون صمام أمان وكفيل لديمومة كل الخدمات ومحاسبة المخالفين. مخلفات الحرب فيما يرى نزار سرارو، محامي ونشاط مجتمعي، أن أهم أسباب تردي الخدمات في عدن هي الحرب التي شنتها مليشيات صالح والحوثي التي سببت دمار للبنيه التحتية للمدينة. ناهيك عن الاستيلاء على أموال الدولة وعزوف المواطن عن تسديد فواتير الخدمات وفراغ خزينة الدولة يمنع الحكومة من تنفيذ مشاريع تأهيل الخدمات وتحسينها ومن الأسباب عدم توفير النفط الخام للمصافي الذي يرفد خزينة الدولة بالأموال اللازمة لتوفير الخدمات وتحسينها. محملاً الحكومة سبب هذا التردي، إذ يقول: الحكومة تتحمل جزء كبير من تدهور الخدمات من خلال تعيين المسئولين بالوجاهة وليس بالكفاءة. ويضيف:" وبالتالي وضع الشخص غير المناسب في موقع اتخاذ القرار وبالتالي فشله في توفير الخدمات بقرارات فاشلة لا ترتكز على أسس علميه". متمنياً كمواطن أن تتحمل الدولة مسئوليتها تجاه المواطن وتشغيل مرافق وأجهزه الدولة وفق أسس علميه سليمة واختيار الكفاءات عند التعيين في المناصب حتى ننعم بحياة كريمه وبخدمات ممتازة. غياب الضمير تعتقد أريج الخضر، نائب مدير عام الشؤون القانونية، جامعه عدن، أن سبب تردي الخدمات في عدن يعود لضعف الضمير الإنساني عند بعض أصحاب الوظائف الخدمية في عدن. وتقول:" أني كمواطنه ماذا أريد؟ أريد كهرباء وماء وشارع نظيف وجميل أيضا عندما أجد هذي الأشياء هذا بيعزز الجانب الإنساني فيه سأذهب لشغلي في جو سعيد وبنفسية مبدعة في بعملي". وتضيف أريج، أن عمال الكهرباء وما يقوموا به من تقصير ينالهم جزء من التهمة في تقصيرهم في عملهم، وخاصة حينما تتلف المولدات. مؤكدة على إخلاص القيادة بقولها: نحن بحاجه ماسه لقيادات مخلصه تعمل من أجل عدن مش قيادات شاطره علي هذا الشعب الغلبان، الإمكانات متوفرة لتلافي رداءة الخدمات بالعزيمة ووضع الرجل المناسب بالمكان المناسب نتجاوز الصعاب. محسوبية وفشل تخطيط هذا واستطرد المحامي احمد فيصل الأبي، رئيس بيت العدالة الإنسانية، أن نظام الحكم السابق الذي كان ينفذ المشاريع الخدمية بمستوى متدني خلافا للشروط والمواصفات والمقاييس الجودة المعتبرة، فقد شجع نظام الحكم السابق الفساد في جميع مناحي الحياة وخاصة في قطاع المشاريع الخدمية. وقال: إذ كان أذيال النظام الحاكم هم أكبر المستفيدين من آلية تنفيذ المشاريع الحكومية وفي نفس الوقت كان نظام الحكم يتشدق بمشاريعه المنجزة، سوء التخطيط واستغلال الموارد المتاحة. وأضاف:" فمثلا يتم تنفيذ مشروع لسفلتة طريق و بعد أشهر وأحيانا أسابيع يتم تنفيذ مشروع للصرف الصحي أو الهاتف فيتم إجراء عمليات الحفر في الطريق و هذا بالطبع إهدار للمال العام ناجم عن سوء التخطيط". لافتاً النظر إلى المحسوبية، وأنها هي أساس كل التعيينات في الجهاز الإداري للدولة، لذلك فمن يتولى التخطيط على سبيل المثال تكون خطط مشاريعه موصومة بالفشل لانعدام كفاءته ففاقد الشيء لا يعطيه. ويضيف:" ومن يعينون في الرقابة أو مكافحة الفساد ينطبق عليهم نفس الأمر إذ طالما عين الشخص بناءا على المحسوبية فإنه سيظل يداهن الفاسدين حفاظا على منصبه، وان إدارة المشاريع الحكومية بعد افتتاحها وتشغيلها تعين فيها قيادات بناءا على المحسوبية وتتأثر بمنظومة الفساد المالي والإداري هذا إن كانت بالأصل كفوءة ولا تتم أعمال الصيانة الدورية وسرعان ما يتهاوى المشروع الخدمي". معتقدا أن الحلول والمعالجات للنهوض من هذا الواقع المتردي أنه لن يكون إلا بالقضاء على الأسباب المذكورة والعمل على ترسيخ الدولة المؤسسية لتحقيق التنمية الحقيقية. غياب سلطة الدولة يرى مبين الهتاري، ناشط مجتمعي، أن أهم الأسباب التي أدت إلى تردي الخدمات بمحافظة عدن هو غياب سلطة الدولة، بالذات في المرافق الإرادية، وتعيين أشخاص ليس لديهم الخبرة الكافية بكيفية إدارة المنشأة ألإيراديه، إضافة إلى صراع السلطات داخل أروقة السلطة الحاكمة نفسه مما أدى إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من الإيرادات المالية التشغيلية للمرافق الدولة الخدمة، كالصحة والتعليم والضمان الاجتماعية، إضافة إلى بعض المرافق التي هي بالأساس مرافق إيرادية للدولة مثل المؤسسة العامة للاتصالات والكهرباء والمياه. معتقدا أن كل هذا أدى إلى الفشل والعجز في رفد خزينة الدولة بالأموال اللازمة للقيام بواجباتها تجاه المجتمع، فالدولة لا تستطيع إجبار كبار التجار بدفع الضرائب المستحقة للدولة، فضلاً عن استطاعتها إجبار صغار الموظفين بدفع فواتير الخدمات التي تقدمها لهم. وأضاف مبين، أن غياب السياسة العامة للدولة وغياب رقابة السلطة التشريعية لها ممثلة بمجلس النواب يجعل الحكومة غير آبه بما يعانيه المواطن المغلوب على أمره وكسب الشرعية لولاء الأشخاص دون النظر إلى خبراتهم وما يمكن أن يقدموه للارتقاء بالبلد وتحسين من وضعها. مسئولية الدولة وعلاوة على ما ذكر يرى مراقبون إن أبناء عدن اليوم باتوا لا يشعرون بالفارق ما بين الأوضاع التي شهدتها عدن قبل وأثناء فترة الحرب بعد مرور عامين على الانتصار المؤزر الذي تحقق على أيدي أبنائها الأبطال مقاومين الأمس حماة و حراس أمنها واستقرارها اليوم. برغم ذلك الدعم السخي الجهد العظيم الذي تبدله دول التحالف العربي و برغم ذلك الدعم السخي و العطاء اللا محدود إلا أن معاناة عدن وأبنائها ما زالت تتفاقم يوما بعد يوم فالأزمات ما زالت تتوالى وتتصاعد في الجانب الإنساني أوضاع المؤسسات الحكومية الهامة كالكهرباء والماء والتي تمس حياة الناس المباشرة و الملحة أصبحت تشهد إنهيار وشيك في تقديم تلك الخدمات للناس. مشددين على أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة وأن عليها أن تتحمل مسؤولياتها التي تقع على عاتقها في توفير تلك الخدمات و تسهيل وصولها للمواطنين وعلى رأس تلك المؤسسات هي المؤسسة الحكومية والسلطة المحلية في العاصمة عدن.