في بيان للقوات المسلحة اليمنية.. لا يمكن السكوت على أي هجوم وعدوان أمريكي مساند للعدو الإسرائيلي ضد إيران    دول المنطقة.. وثقافة الغطرسة..!!    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (1)    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : المعركة واحدة من قطاع غزة إلى إيران    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    كأس العالم للأندية: ريال مدريد المنقوص يتفوق على باتشوكا المكسيكي بثلاثية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    مرض الفشل الكلوي (9)    30 صاروخاً على دفعتين.. رشقة صاروخية كبيرة من إيران وإصابات مباشرة في "تل أبيب" وحيفا    - رئيس الجمارك يطبق توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية عل. تحسين التعرفة الجمركية احباط محاولةتهريب( ربع طن)ثوم خارجي لضرب الثوم البلدي اليمني    منظمات أممية تحذر من مجاعة في مناطق سيطرة الاحتلال    "وثيقة".. مشرفون بحماية اطقم ومدرعة يبسطون على اراضي القضاة غرب العاصمة صنعاء    مناقشة مسودة التطوير الإداري والمؤسسي لمعهد للعلوم الإداري    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    انتشال جثة شاب مات غرقا بسد التشليل في ذمار    - وزير خارجية صنعاء يلتقي بمسؤول أممي ويطالبه بالاعتراف بحكومة صنعاء \r\n*الأوراق* تنشر عددًا من الأسباب التي    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    51 شهيدا في غزة بينهم 7 من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفيرة بريطانيا ومسؤولي البنك الدولي آخر المستجدات السياسية وأزمة الكهرباء    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    فئة من الأشخاص عليها تجنب الفراولة    الحديدة و سحرة فرعون    الدولار في عدن 3000    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواجهة الحوثيين في اليمن.. رؤية أمريكية
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 04 - 2017

في زيارة تاريخية لمنطقة الشرق الأوسط زار جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي المعادي لإيران العاصمة السعودية الرياض، مؤكداً أن التصدي للنفوذ الإيراني سيوصل اليمنيين إلى اتفاق من أجل الحل السياسي في اليمن. وسبق أن تقدم للبيت الأبيض يطلب دعم السعودية والإمارات، لتحرير ميناء الحديدة بعد أن رفضت إدارة أوباما السابقة طلباً من أبوظبي عام 2016م بذلك.
ستتدخل واشنطن بشكل مباشر لدعم الرياض والحكومة اليمنية من أجل تحرير ميناء الحديدة، لكن ذلك سيجبر الإدارة على إصلاح الخلافات الكبيرة داخل الإدارة الأمريكيَّة، ولن يكون هناك تدخل بري في اليمن،بل سيقتصر الدعم على عدة أوجه، مخابراتياً، وطائرات دون طيار، وصور بالأقمار الصناعية، إلى جانب مستشارين عسكريين للقوات المحلية في اليمن، والمشاركة في منع إمدادات السلاح من الوصول إلى الحوثيين، والذي تقوم بتهريبه إيران.
تجد إدارة ترامب في اليمن فرصتها المثلى لتحقيق توجهاتها في السِّيَاسِة الخارجية، فسيمكنها ذلك من محاربة (الإرهاب) ممثلاً بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب التي تعد اليمن منطقته الساخنة، إضافة إلى كسب ثقة الحلفاء القدماء للولايات المتحدة، وتقليم أظافر إيران في المنطقة. وتعتبر مواجهة واشنطن للمتمردين الحوثيين في اليمن تغير جذري في سياستهاوهي المواجهة الأولى للولايات المتحدة مع إحدى ميليشيات إيران في المنطقة.
سيُلقي التدخل بتداعيات إقليمية ودولية لكن السعودية ستتمكن بدبلوماسيتها- التي بدأت بالفعل- من امتصاص صِدام أمريكي-روسي في اليمن وهي مهمة حَرجة، فيما تصل الرسالة لإيران أن الحرب على ميليشياتها قد بدأت بالفعل في وقت لن تستطيع تقديم الكثير للحوثيين لعدة عوامل جغرافية، بالرغم من حاجتها للانتصار في اليمن مع تأثر أوراقها بالفعل في سوريا والعراق. أما الاتحاد الأوروبي والصين فسيقفون مع علمية تحرير الحديدة، من أجل ضمان عدم زعزعة الأمن في خطوط الملاحة الدولية.
زار وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس المملكة العربية السعودية، الأربعاء (19ابريل/نيسان 2017م)، بالرغم أن العادة التي جرت لدى الإدارات الأمريكيَّة السابقة أن يكون وزير الخارجية هو المبعوث الدبلوماسي لمنطقة الشرق الأوسط؛ فيما يبدو أنها رسالة دعم قوية لدول مجلس التعاون الخليجي إزاء التهديدات الإيرانيَّة المتواصلة إضافة إلى مواجهة التهديدات الإرهابية، التي باتت واشنطن تعتبر طهران أحد مموليها.
كانت اليمن محور لقاءات ماتيس مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز و نائب ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ويبدو أن الأمريكيين باتوا مقتنعين أكثر من أي وقتٍ مضى أن إخراج إيران من اليمن سيؤدي إلى سلام دائم في البلاد التي تشهد حرباً منذ أكثر من عامين.
الرؤية الأمريكيَّة الجديدة باليمن
أنهى وزير الدفاع الأمريكي، يوم الأربعاء (19ابريل/نيسان 2017م) يومين من المباحثات في العاصمة السعودية الرياض مع كبار المسؤولين بينهم الملك وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ ضمَّ الوفد الذي جاء مع ماتيس مراسلين من الصحف الأمريكيَّة، أخبرهم بشكل واضح أنه يتطلع إلى إنهاء الحرب في اليمن عن طريق المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، لكنه خلال تعليقات مع الأمير محمد بن سلمان بعد المحادثات قال لهم أيضاً إنه ومن أجل الوصول إلى تلك المفاوضات يجب "التصدي للنفوذ الإيراني في اليمن".
تغير الخطاب الأمريكي في الإدارة الجديدة عن خطاب السنوات الأخيرة من حكم إدارة الرئيس باراك أوباما، فقد عانت العلاقات السعودية-الأمريكيَّة توتراً ملحوظاً منذ قيادة الرياض تحالفاً لمساندة الشرعية اليمنية في (مارس/آذار 2015م) بالرغم من أن الولايات المتحدة أعلنت دعمها للعمليات العسكرية لوجستياً ومخابراتياً، لكنه ما لبث أن تناقص بانحدار متسلسل حتى توقف-أو انخفض جداً- مع إيقاف شحنات أسلحة كانت السعودية قد اشترتها من واشنطن. لتعيد إدارة دونالد ترامب تلك الشحنات من القنابل الذكية والموجهة إلى شحنها مجدداً باتجاه المملكة العربية السعودية.
يعد هذا التقارب وهذه الخطوات نتيجة لجهود ماتيس الذي يعد معارضاً كبيراً لإيران. ففي (مارس/آذار2017) وجه رسالة إلى المستشار في شؤون الأمن القومي ماكماستير يقترح تقديم مساعدة عسكرية كبيرة ليس فقط للسعودية ولكن أيضاً للإمارات، كذلك فإن ما يحدث يعود إلى الإدارة الجديدة التي رات كيف أثر استمرار تدخل طهران في شئون الدول في المنطقة.
بالقدر الذي ترغب فيه أمريكا بأن ترى نهاية للحرب الأهلية في اليمن، إلا أن تركيزها الرئيسي ينصب على مكافحة متطرفي تنظيم القاعدة في جنوب اليمن ووسطه، فهو هاجسها الأمني الأبرز، ويعتقد المسؤولون الأمريكيَّون أن تهديد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أكبر من ذلك المتأتي من تنظيم الدولة، الذي تحاربه أمريكا في كل من العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان وغيرها. ولأجل هذا التركيز فهي تحتاج إلى دولة تبسط نفوذها في اليمن لتثبيت دعائم الاستقرار ومنع استغلال الحرب الدائرة لتوسيع التنظيم لنفوذه، ولن يحقق ذلك بقاء جماعة الحوثي بالسلاح الثقيل بكونها جماعة "عقائدية" لا تقل إرهاباً عن القاعدة، وحسب تعبير قائد القيادة المركزية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، جوزيف فوتيل فإن تهديد القاعدة في اليمن "أربع نجوم" مقارنة بتهديد إيران.
وبينما كان ماتيس في الرياض قال وزير الخارجية الأمريكي إن إيران تواصل أنشطتها في مساعدة الحوثيين "لمحاولة قلب نظام الحكم في اليمن من خلال توفير المعدات العسكرية والتمويل والتدريب اعترضنا شحنات أسلحة واكتشفنا وجود شبكة إيرانية معقدة لتسليح وتجهيز الحوثيين". في جلسة للأمم المتحدة لمناقشة التقارير الربعية (20 ابريل/نيسان) قالت نيكي هايلي المندوبة الأميركية إن إيران تواصل "تسليح الجانب الحوثي المنشق في اليمن"، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى تناول هذه المسألة كأولية عند مناقشته لهذا البند.
المكاسب الأمريكيَّة في اليمن
تمثل الجمهورية اليمنية الساحة المناسبة للإدارة الأمريكيَّة، لإثبات رؤيتها السِّيَاسِيَّة للخارج بأقل التكاليف السِّيَاسِيَّة الدَّوْلِيَّة والعسكرية من خلال عدة أوجه:
محاربة الإرهاب: سيمثل مساعدة قوات التحالف العربي فرصة ليس لها مثيل لسحق تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب الذي يتخذ من جنوب اليمن مقرا رئيسيا له، ويمثل خطراً إقليمياً ودولياً، وسبّق أن أكدت الإدارة الأمريكيَّة أن التنظيم يهدد الأمريكيين في الداخل إضافة إلى دول أوروبا، خاصة بعد أن سبق وشن هجمات على المصالح الأمريكية منذ تسعينيات القرن الفائت.
مواجهة إيران: على غير التدخل في سوريا والعراق يمثل التدخل الأمريكي في اليمن بمساندة حلفاءها مواجهة لإيران وإيقاف خططها الشرق أوسطية المهددة لدول الخليج العربي، فالتدخل في سوريا يصطدم بروسيا والصين، كما أن تعقيدات العراق وولوج إيران المبكر فيها لن يسمح بإيقاف المنهجية الإيرانيَّة المتبعة مع الميليشيات المسلحة، وذات الأمر في لبنان، فاليمن ليست محورية بالنسبة لروسيا والصين كما أن حكومتا البلدين مؤيدة تماماً لشرعية الرئيس اليمني، لكن ذلك لن يخلو من تعقيدات.
استعادة الحلفاء القدماء للولايات المتحدة الأمريكيَّة: حالة عدم الاستقرار في اليمن مصدر قلّق لجيرانها الذين يمثلون حلفاء الولايات المتحدة وبوقف حالة انعدام الأمن المهدد للأمنين الإقليمي والدولي فإن واشنطن تستعيد بذلك ثقة الحلفاء والتحالفات معها بعد أن أصيبت التحالفات الأمريكيَّة الدَّوْلِيَّة بالريبة بعد أن تخلت إدارة أوباما عن اتفاقاتها.
عدم خسارة قوة أمريكية: لا تعترف القوات الأمريكيَّة بوجود قوات خاصة في اليمن، عدا تلك التي تقوم بعمليات عسكرية من ذلك النوع الذي استهدف قرية "يكلا" في محافظة البيضاء وسط اليمن في 29يناير/كانون الثاني 2017م، لكنها تؤكد وجود مستشارين عسكريين إما في غرفة العمليات التابعة للتحالف أو عبر القيادة المركزية الأمريكيَّة للشرق الأوسط. إن ترسيخ عودة الدولة اليمنية بجيش قوي وبمساندة من دول التحالف العربي يعزز الرؤية الأمريكيَّة للإدارة الجديدة بعدم بعث مقاتلين جدد إلى مناطق الصراع.
إعادة الاستقرار إلى اليمن يبعث بتفاؤل دولي وإقليمي بالإدارة الأمريكية الجديدة: وهذا الأمر ينعكس ذاتيا على الملفات التي عَلقت في عهد إدارة باراك أوباما. ومن شان العودة الأمريكية وبقوة إلى المنطقة، أن يسهم في استعادة واشنطن لنفوذها الذي انحسر بشكل طفيف في منطقة الشرق الأوسط في عهد إدارة (أوباما)، ما أدى إلى الإخلال بالتوازن فيها، وظهور لاعبين جدد أججّوا الصراعات.
كيفية التدخل في اليمن؟
لا تملك الولايات المتحدة الأمريكيَّة نيّة إرسال قوات عسكرية إلى اليمن لمواجهة المسلحين الحوثيين، ستضطر إدارة "ترامب" إلى إصلاح خلافات عديدة بداخلها إذا ما قررت التدخل المباشر، فمن الصعب تواجد تلك القوات على الأرض بعد حادثة مقتل الضابط الأمريكي في العملية العسكرية في "يكلا". وتواجه إدارة ترامب حملة في الكونجرس الأمريكي من أجل وقف أي مساعدة أمريكية للخليج في العملية وهذه الضغوط إلى جانب وسائل الإعلام التي لم يرُق لها سياسات "ترامب" بَعد، بقدر أنها لن تُثني الإدارة الأمريكيَّة عن مساعدة حلفاءها إلا أنها سترضخ في النهاية إزاء دعم أمريكي للحلفاء ومساعدتهم في تحرير ميناء الحديدة الواقع غربي اليمن، والخاضع لسيطرة الحوثيين.
وقَدم جيمس ماتيس وزير الدفاع طلباً للبيت الأبيض في مارس/آذار 2017م يطالب فيه بدعم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من أجل تحرير محافظة الحديدة من الحوثيين، وهو طلب كانت أبو ظبي قد تقدمت به منتصف عام 2016م لكن إدارة أوباما تجاهلته.
ستقدم الولايات المتحدة الأمريكيَّة تدخلها في اليمن على كونه دعماً للحلفاء لمواجهة التمدد الإيراني بغرض الوصول إلى مفاوضات شاملة للأطراف اليمنية المتصارعة للوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة في البلاد من أجل محاربة الإرهاب وسيقدم تحرير ميناء الحديدة فرصةً لوقف الأزمة الإنسانية المتصاعدة في البلاد كما أنه يجفف منابع تمويل الحرب لدى الحوثيين فالميناء الاستراتيجي يستقبل 80 بالمائة من الواردات إلى البلاد.
ويبدو أن أوجه هذا الدعم سيكون لوجستيا ويقتصر على التالي: إدارة العمليات العسكرية مع قيادات التحالف والجيش اليمني، مستشارين عسكريين للقوات الحكومية اليمنية، طائرات دون طيار لاستهداف قيادات الحوثيين وتمركز قواتهم إضافة إلى المسح الأرضي للاستطلاع، صور فضائية عبر الأقمار الصناعية لمسح الألغام وتقدم القوات ومعرفة أماكن تواجد الحوثيين وخنادقهم. زيادة واردات السلاح الحديث (ضمنه قنابل موجهة).
تداعيات التدخل ضد الحوثيين
تمثل المواجهة الأمريكيَّة ضد الحوثيين أول تدخل من نوعه ضد ميليشيا موالية لإيران وبالتأكيد فإن لهذا التدخل تداعياته المرتقبة دولياً وإقليمياً، لكن وجود المملكة العربية السعودية كقوة ناعمة وأكبر المؤثرين في الشرق الأوسط إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة سيخفف من ردة الفعل تلك.
الموقف الرسمي الروسي رافض للمساعدة الأمريكيَّة من أجل تحرير ميناء "الحديدة". وحذرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" في نسختها الروسية من صِدام مرتقب بين واشنطن وموسكو، ووصفت الصحيفة المساعدة الأمريكيَّة ب"الغزو المباشر لليمن الذي قد يؤدي إلى تصعيد عسكري، ستشارك فيه روسيا وإيران بصورة غير مباشرة". ويبدو أن موسكو تريد الرد على القصف الأمريكي لقاعدة عسكرية سورية في (ابريل/نيسان2017م) بعد مجزرة دموية باستخدام سلاح كيمائي راح ضحيته المئات من الأطفال في خان شيخون.
تقوم الرياض بمهمة حرجة، من أجل تَطويع الموقف الروسي تجاه الأزمة اليمنية وعدم ربطه بتداعيات الملف السوري الذي يقف الكرملين بكل قوته إلى جانب إيران ونظام بشار الأسد. وتبرر موسكو غضبها من المساعدة الأمريكيَّة للتحالف العربي خوفاً من تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد بإغلاق ميناء الحديدة. لذلك ومنذ منتصف (ابريل/نيسان2017م) تتحرك الدبلوماسية السعودية باتجاه موسكو كما تتحرك الرغبّة الأمريكيَّة بالتدخل في اليمن، فأرسلت وفداً من ضمنه "عبد الله ربيعة" المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والتقى بمبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف- جلّ اهتمامات المركز بالأزمة الإنسانية في اليمن-. إلى جانب ذلك زارت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي (البرلمان) فالنتينا ماتفيينكا ضمن وفد برلماني كبير العاصمة السعودية الرياض والتقت العاهل السعودي وكبار المسؤولين خلال ثلاثة أيام (بين 16-19 ابريل/نيسان2017) مؤكدة "الشراكة في مكافحة الإرهاب"( ). وأعلنت الخارجية الروسية زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السعودي (عادل الجبير) في (26ابريل/نيسان)، كما أعلنت موسكو عن زيارة مرتقبة نهاية العام (2017) للملك سلمان بن عبد العزيز. والتقى بالفعل ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو يوم الخميس (20ابريل/نيسان) ويملك الرجلان ثقة متبادلة في عدد من الملفات الإقليميَّة كالأزمة الليبية.
لذلك فإن المُهمة على عاتق الرياض وأبوظبي تَصّب في اتجاه عدم حدوث صِدام محتمل بين موسكو وواشنطن في اليمن، أو على الأقل تحييد روسيا في الملف اليمني.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الانخراط الأمريكي أكثر في الصراع العسكري باليمن يشكل مؤشرا على موقف أكثر عدائية من قبل الولايات المتحدة تجاه إيران. فتصعيد البيت الأبيض- ترامب الإجراءات ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن، هي جزء من خطة أوسع لمواجهة طهران من خلال استهداف حلفائها في دول الخليج. فاليمن بالنسبة لإدارة ترامب هي ساحة المعركة الأولى مع إيران.
ونتيجة لتلاشي أو جمود الأوراق الإيرانيَّة في سوريا والعراق، ستدفع إيران لكسب معركة الحديدة المرتقبة لكن سيكون بلا فائدة دولياً فسيتلاشى تأثيره وصخبة الدولي بسكّوت روسيا عن المساعدة الأمريكيَّة؛ وستفقد إيران منفذاً هاماً لعبور السلاح والخبراء عبر ميناء الحديدة مع استمرار منع الطيران من الهبوط في المطارات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
إيران لا تملك قوة حالياً لدعم الحوثيين مع رغبتها بزيادة الدعم العسكري والتدريبي إلى أعلى المستويات لكن عدة عوامل جغرافية وسياسية دولية تعوق عملها إلا من القليل النادر، ومن فُرص محدودة تحسن إيران استغلالها.
أوروبياً سيقف الاتحاد إلى جانب بريطانيا في دعم تحرير ميناء الحديدة، لدواعٍ إنسانية وتأميناً لمصالحها في اليمن، فدول الاتحاد لديها نفس المخاوف من تأثير الحوثيين على الملاحة الدَّوْلِيَّة مع الهجمات الصاروخية التي استهدفت سفناً من سواحل البحر الأحمر وبزيادة قدرات الحوثيين ليصل إلى زوارق (بدون رُبان) انتحارية، وألغام بحرية واسعة الانتشار، فتجارة النفط عبر البحر الأحمر تغذي معظم تلك الدول، لذلك فإن تأمين هذا الممر الدولي الهام يعد أولوية استراتيجية بالنسبة للحكومات الأوروبية وكذلك الصين.
ويعتقدون كما الأمريكيين أن تأمين خط الملاحة بمساعدة قوات عربية (ضمن اتفاقيات أمن البحر الأحمر) ومساندة أمريكية يحفظ هذا الخط واستمراره ولا يطيل مسألة الصراع الذي قد يمتد إلى مصالحهم الاستراتيجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.