بالنسبة للسيدة سعاد محمد، 40 عاما- التي فرت وأطفالها الخمسة من الحرب في صعدة إلى عمران حيث تعيش أسرتها الآن من الصدقات- لم يعد العلاج أولوية، فكل ما تحصل عليه من مال تجنيه من التسول في السوق تنفقه لإطعام أطفالها. تقول السيدة الأربعينية: "نذهب كل صباح إلى السوق للتسول، ولا نجني الكثير عادة، إذا قد يصل أكبر مبلغ إلى 1,000 ريال، ما يعادل 3 دولارات، ومن هذا المبلغ نقوم بشراء كيلو من القمح أو الأرز لتناول طعامنا لذلك اليوم. هذه هي الطريقة التي نتدبر فيها حياتنا كل يوم". حال سعاد يلخص حجم المأساة الإنسانية التي وصلت إليها اليمن حيث بلغت الأوضاع الإنسانية المتردية بعد عامين من الحرب في البلد مرحلة حرجة في ظل تدمير حياة الملايين. فثلثي السكان في البلد يعانون من الضعف ويحتاجون إلى الدعم، وفقاً لمنظمات دولية. تعاني سعاد من مشاكل في العين بينما تعاني ابنتها من مشاكل في الكلى. وتصل تكاليف العلاج إلى 8,000 ريال حوالي 24 دولاراً.. تقول: "العلاج ليس أولوية بالنسبة لنا الآن، فنحن ننفق كل الأموال التي نجنيها على الغذاء لإطعام الأطفال". ارتفاع ظاهرة التسول وارتفعت ظاهرة التسول في الشارع اليمني مع الحرب التي تشهدها البلد، وأصبحت جميع الأماكن مزدحمة بالمتسولين وذوي الفاقة، لا سيما مع انقطاع المرتبات التي أثرت بشكل كبير على المجتمع اليمني وجعلته رهن الجوع والحاجة. وبحسب الدكتورة أنجيلا أبو أصبع- رئيس مؤسسة أنجيلا للتنمية والاستجابة الإنسانية فإن المجتمع اليمني قد أصبح في وضع متدهور تماما مع الحرب اليمنية التي استعرت في أراضيه وأصبح التسول ظاهرة مجتمعية مشهودة. وقالت، في تصريحات صحفية، إن الحرب المستعرة في اليمن منذ أكثر من عامين، فاقمت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، وأجبرت الكثير من الأسر على التسول للحصول على لقمة العيش. وتضيف أنجيلا أن التسول قد انتشر في جميع المدن باليمن وخاصة في صنعاء والمشهد المتكرر بجميع المدن هو أن تجد سيدات يحملن أطفالهن ويتسولن بهم في الشارع. وتشير إلى أن إيقاف المرتبات في جميع أنحاء اليمن أفرز ظاهرة التسول التي استفحلت بقوة في الشارع اليمني، وفي ظل عدم وجود دعم عربي حقيقي يعوض اليمن عن الخسائر التي تعرضت لها. وكشفت أن ظاهرة التسول انتشرت مؤخرا في اليمن، وباتت أعداد المتسولين في زيادة مستمرة، لاسيما بعد قطع جميع الرواتب في البلاد منذ ما يزيد عن 6 أشهر. وذكرت أنجيلا أن حالات اليمنيين المعيشة بات معقدة، فأصبحوا غير قادرين على أعباء الحياة، أو دفع إيجارات المنازل أو أجور مدارس الأطفال. تزايد المعاناة وتواجه البلاد واحدة من أكبر الأزمات الطارئة في العالم على صعيدي الغذاء والحماية، وتزيد المواجهات والحرب المستمرة من المعاناة.. ويصف مسئولون أمميون اليمن بأنه يمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم اليوم، في إشارة منهم إلى خطر المجاعة الحقيقي المحدق به. وبحسب النشرة الإنسانية لشهر أبريل الصادرة عن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية "أوتشا" فقد الأعمال القتالية المتواصلة في البلاد وحشية على السكان العاديين الذين تحملوا العبء الأكبر من الغارات الجوية المتواصلة والقتال المحلي. وقد تسببت الحملة العسكرية المتواصلة في تدمير الاقتصاد وأدت إلى الدفع ببلد يعاني أصلاً من الضعف والفقر نحو الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والمؤسسي. ظروف معيشية هشة ونزح خلال العامين الماضيين ما يقدر بنحو ثلاثة ملايين شخص من ديارهم. وقد عاد مليون من النازحين إلى ديارهم مؤقتا، وإن كانت هذه العودة في كثير من الأحيان إلى ظروف معيشية هشّة. وقد تزايد طول مسافات النزوح وصار أكثر بعداً مع اتساع رقعة النزاع، كما أسفر القتال المكثف عن موجات جديدة من النزوح، لا سيما في المناطق الساحلية الغربية. ويفتقر نصف سكان اليمن إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي وأدوات النظافة الشخصية، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية. وهناك نقص ملموس في الأدوية المخصصة لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان والأمراض المزمنة الأخرى، كما أن هناك نقص حاد في المعدات الطبية الضرورية. وعلى مدى أكثر من ستة أشهر، تلقت المرافق الصحية في اليمن- أسوة بجميع خدمات القطاع العام- دعما ماليا غير منتظم لتغطية التكاليف التشغيلية ومرتبات الموظفين. وما زال الصراع يزهق أرواح الأطفال ويتسبب في تدمير مستقبلهم. إذ تشير البيانات إلى أن عدد الأطفال الذين قتلوا في النزاع قد ارتفع بنسبة 70 في المائة، وأن ما يقرب من ضعف هذا العدد من الأطفال قد أصيبوا وجرحوا في القتال منذ شهر مارس 2016 مقارنة بالفترة نفسها من العام قبل الماضي. وهناك 18.8 مليون شخص – أي ما يقرب من ثلثي سكان اليمن - بحاجة إلى نوع من الدعم الإنساني أو الحماية. نزوح وفقر مدقع السيدة نجود هي أرملة تبلغ من العمر 37 عاما ولها سبعة أطفال، فقدت زوجها في القتال المرتبط بالنزاع. تم تهجير نجود وعائلتها من صنعاء إلى عمران قبل عامين بسبب غارة جوية ضربت هدفا مجاورا وألحقت أضرارا بالغة بمنزلها. وأصبح شقيق نجود قبل تعرضه للإصابة هو المعيل الرئيسي لأسرتها. كما أنها كانت تساعد في المزارع المجاورة مقابل حصولها على بعض المحاصيل. ومع ذلك، تقول نجود إن مساعدتها لم تعد مطلوبة في المزرعة لأن القطاع الزراعي في المنطقة قد تضرر بشكل كبير بسبب النزاع ولم يعد نشطا بسبب نقص المدخلات. ولقد انضم اثنين من أبناء نجود الأكبر سناً للقتال للمساعدة في الإنفاق على أسرتهم. نساء يدفعن الثمن وتدفع النساء والفتيات ثمنا فادحا بسبب النزاع في جميع أنحاء اليمن. إذ تشير التقارير إلى 1.1 مليون امرأة حامل يعانين من سوء التغذية بسبب افتقارهن إلى ما يكفي من الغذاء. وتعتبر النساء والفتيات من بين الأشخاص الأشدّ تضرراً من النزاع في اليمن. حيث أدت الشحّة المتزايدة للمواد الغذائية إلى إصابة ما يقدر بنحو 1.1 مليون امرأة حامل بسوء التغذية. ويقدر صندوق الأممالمتحدة للسكان أن ذلك يهدد حياة 52280 امرأة واللواتي من المحتمل أن يتعرضن لمضاعفات أثناء الولادة. كما أن هذا الأمر يضرّ أيضاً بصحة ما يقدر بنحو 2.2 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب. لم يعد يعمل سوى 35 في المائة فقط من خدمات صحة الأمهات والمواليد. الافتقار للخدمات وقدرت الأممالمتحدة معدل وفيات الأمهات في اليمن في عام 2015 م بنحو 385 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية، وهي واحدة من أعلى المعدلات في المنطقة العربية. وتبلغ نسبة الولادات في المنزل أكثر من 45 في المائة دون مساعدة من القابلات، وذلك وفقا للمسح الصحي الديموغرافي لعام 2013م. ويعتقد مكتب "أوتشا" أن هذه الأرقام قد ارتفعت في العامين المنصرمين، على الرغم من عدم توفر الأرقام الرسمية. تقول وردة البالغة من العمر 20 عاما: "مع تكثيف القتال في صعدة، سعينا أنا وزوجي للجوء إلى منطقة أكثر أمناً". "لقد كنت حاملا في شهري الثالث في ذلك الوقت، فبدأت أنزف بشدة. وعندما وصلنا إلى عمران، هرع زوجي بي إلى عيادة متنقلة. لكن الأوان كان قد فات، لقد فقدت الطفل ودخلت بعدها مباشرة في حالة اكتئاب". الافتقاد للحماية وتكشف النشرة الإنسانية عن تزايد ضعف النساء والفتيات، بما في ذلك زواج الأطفال. فقد عانت النساء في اليمن من الافتقار إلى الاحتياجات أصلاً قبل النزاع، غير أنهن أصبحن الآن يفتقدن حتى لآليات الحماية وأصبحن أكثر عرضة للعنف وسوء المعاملة. حيث ازدادت حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي بأكثر من 63 في المائة منذ تصعيد النزاع، فقد أصبحت 2.6 مليون امرأة منذ يناير 2017م عرضة للخطر وفقا لتقديرات صندوق الأممالمتحدة للسكان. وتم الإبلاغ عن وقوع أكثر من 10,800 حالة عنف قائم على النوع الاجتماعي في عام 2016م. وكانت معظم الحالات مرتبطة بالإيذاء النفسي والعاطفي، يليها الحرمان من الموارد، والعنف الجسدي، وزواج الأطفال، والاغتصاب والاعتداءات الجنسية. ومع ذلك، فمن المرجح أن يكون النطاق الحقيقي أكبر بكثير نظراً للعادات والتقاليد الاجتماعية التي تثني النساء عن الإبلاغ. لقد أدى الانهيار في المؤسسات القضائية والاجتماعية خلال الأزمة إلى تفاقم الأخطار التي تهدد أمن الفتاة وعافيتها. هذا وقد أجبرت الأزمة أيضاً العديد من النساء والفتيات على رعاية أسرهن وحدهن. وتبين وثيقة الاحتياجات الإنسانية لعام 2017 أن 10.3 في المائة من الأسر النازحة تعولها نساء، منها 2.6 في المائة تعولها قاصرات. أكبر أزمة إنسانية وكان ستيفين أوبراين، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية وعمليات الإغاثة الطارئة، أكد أن اليمن يمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم اليوم، مشيرا إلى خطر المجاعة الحقيقي المحدق به. وقال المسئول الأممي، خلال مؤتمر للمانحين رفيع المستوى الذي عقد في الخامس والعشرين من أبريل المنفرط في المدينة السويسرية، جنيف أن دعم المانحين للنشاط الإنساني المحايد والنزيه في اليمن سيجنب البلد المجاعة. ستيفان دوجاريك- المتحدث باسم الأممالمتحدة أيضاً قال إن "اليمن هو أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج 19 مليون شخص أي نحو ثلثي عدد السكان إلى المساعدات". وأضاف: "ويحتاج نصف هذا العدد إلى المساعدة الفورية لإنقاذ حياتهم أو ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة. اليمن يشهد أيضا أكبر حالة طوارئ لانعدام الأمن الغذائي في العالم، ويقترب من حافة المجاعة". جيل يتضور جوعاً وبحسب إحصاءات دولية، يبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن ما يقرب من 17 مليون شخص، من بينهم 7 ملايين يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة/ أنطونيو غوتيريش إلى أن ما يقرب من ثلثي السكان في اليمن، أو حوالي 19 مليون شخص، بحاجة إلى دعم طارئ، فضلا عن معاناة نحو 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعل الأزمة في اليمن أكبر أزمة جوع في العالم. وقال: "كما هو الحال دائما، فالأطفال هم أكبر المتعرضين لخطر الموت. في المتوسط، يموت في اليمن طفل دون الخامسة من العمر لأسباب يمكن الوقاية منها كل عشر دقائق". وأضاف: "كان من الممكن منع كل هذه الوفيات. وسيتأثر العديد من الأطفال بالتقزم وسوء الحالة الصحية طوال حياتهم. إننا نشهد جيلا بأكمله يتضور جوعا ويصاب بالشلل، وعلينا أن نتحرك الآن لإنقاذ الأرواح". وتابع الأمين العام أن اليمن يشهد اليوم مأساة هائلة الأبعاد، حيث دمر عامان من الصراع حياة اليمنيين العاديين والاقتصاد والخدمات الصحية، وأجبرت الحرب ثلاثة ملايين شخص على ترك منازلهم، مما جعل الكثيرين غير قادرين على كسب قوتهم أو زراعة المحاصيل. نقطة الانهيار وحذر غوتيريش من انهيار الخدمات الأساسية، مع تضرر أو دمار ما يقرب من 300 مرفق صحي بسبب إطلاق النار أو القصف أو الضربات الجوية، مما يعرض الملايين لخطر المرض والتهديدات الأخرى. وقال: "أثرت الحرب على كل جوانب الحياة، ووصل الناس إلى نقطة الانهيار. حيث نفدت مدخراتهم ولم يعد لديهم أصول ليبيعوها، فقد استنفدوا كل آليات التأقلم... وفيات الأمهات هي الأعلى في المنطقة، وتعاني أكثر من مليون امرأة حامل من سوء التغذية". وأضاف: "هناك ما يقدر بنحو مليوني طفل خارج المدرسة، مما يجعلهم عرضة للتجنيد أو التطرف من قبل الجماعات المسلحة. وتزوج الفتيات البالغات من العمر 13 عاما، حيث تسعى الأسر اليائسة إلى الحصول على أموال المهر لتلبية الاحتياجات الأساسية. لقد سلبت هذه الأزمة- التي هي من صنع الإنسان- حياة وأمل وكرامة ملايين الناس". تأمين القوت اليومي ودفعت الحرب والقتال في اليمن بنسبة كبيرة من الأسر اليمنية إلى الخروج للتسول لتأمين قوت يومهم. ويلجأ الكثير من الرجال والنساء إلى التسول من أجل كسب المال بسهولة مستخدمين مختلف الحيل، بما في ذلك الأطفال المعاقين والمصابين بأمراض مختلفة مثل الاختلالات العقلية، في حين يدعي البعض المرض لتحريك مشاعر الرحمة في الآخرين والحصول على المال. تقول أنجيلا: "التسول زاد ليس فقط في أماكن توقف السيارات والأماكن المزدحمة، بل في كل مكان، الشوارع باتت مكتظة بنساء تحملن أطفالهن من أجل التسول". وأشارت إلى أن مدينة صنعاء تعد الأكثر تكدسا بالمتسولين، خاصة النساء، والأطفال وكبار السن. وحول أسباب توسع الظاهرة قالت رئيس مؤسسة أنجيلا للتنمية إنَّ السبب يعود إلى الحرب المستعرة في اليمن، والحصار المفروض وانعدام الرواتب، مطالبة الجهات المعنية بالتكاتف لحل الأزمة. الأوضاع في اليمن- بحسب أنجيلا- باتت كارثية، فهناك ما يزيد عن 22 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بالإضافة إلى انعدام المياه، وأزمات الإيواء والغذاء. الجوع يهددهم ويجد الأطفال في اليمن ومئات غيرهم من الفتية أنفسهم مضطرين للتسول من أجل تأمين الطعام لعائلاتهم بعد مقتل أولياء أمورهم أو فقدانهم مصدر رزقهم جراء الحرب الدائرة في البلاد. وقال أحمد القرشي، رئيس منظمة "سياج" المستقلة التي تعمل على تعزيز وحماية حقوق الطفل ومقرها صنعاء، إن "الأطفال هم أكثر من يدفع ثمن الحرب"، مشيرا في حديث وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن هناك ارتفاعا كبيرا في عدد الأطفال المتسولين في العاصمة. وتحولت شوارع المدينة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى ما يشبه منازل ثانية لهؤلاء الأطفال الذين يأكلون ويشربون فيها خلال فترة تسولهم المال والطعام. ويتجمع معظمهم أمام المساجد والمطاعم، وتبدو على وجوههم وأجسادهم النحيلة آثار التعب والإرهاق جراء قلة الغذاء. ويجلس بعضهم قرب أمهاتهم اللواتي يبعن المحارم الورقية أو يمسحن زجاج السيارات. وحذر برنامج الأغذية العالمي من تدهور وضع الأمن الغذائي وتزايد معدلات سوء التغذية لدى الأطفال في اليمن. ويخشى البرنامج أن "جيلا كاملا يمكن أن يصاب بالعجز بسبب الجوع". وطلبت الأممالمتحدة 2.1 مليار دولار لتؤمن مساعدات هذه السنة لنحو 12 مليون شخص متضررين من النزاع في اليمن، أي قرابة نصف عدد سكان هذا البلد. تفشي البطالة والفقر وأدت الحرب إلى تدهور المستوى المعيشي للسكان، وانعدام الخدمات، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانهيار أنشطة الأعمال، وتفشي البطالة والفقر. وقال مسؤول العمليات الإنسانية لدى الأممالمتحدة ستيفن أوبراين إن "سنتين من الحرب ألحقتا الخراب باليمن وبملايين الأطفال والنساء والرجال الذين هم بحاجة ماسة لمساعدتنا. ومن دون دعم دولي، فإنهم يواجهون خطر التعرض لمجاعة عام 2017". ويتركز عشرات المتسولين الجدد من النساء والأطفال أمام المطاعم الشعبية ومراكز التسوق ومواقف الباصات وفي تقاطعات الشوارع، أو يطوفون على المحلات التجارية. وكثيرا بعد الحرب، تجد فتيات نظيفات في العشرينيات من العمر، تستوقفك إحداهن بشكل لطيف "لحظة يا أخي لو سمحت ممكن كلمة"، وعندما تستمع لها تقول إنها خرجت من بيتها مضطرة، وإنهم لا يجدون قيمة الأكل، ولا يستطيعون شراء أسطوانة غاز. وهناك من المتسولات من تقول إنها نزحت من مناطق القصف داخل العاصمة وبيتها تضرر وتقطن مع عدد كبير من النازحين في إحدى المدارس وتنتظر المساعدة. وهناك متسولون يحملون آلات عمال البناء، يقترب منك أحدهم ويهمس، "محتاج مساعدة، أطوف الشوارع كل يوم ولا أجد عملاً، ساعدني بقيمة الأكل أو بتوفير عمل".