صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    شبكة امريكية تكشف تكلفة عملية ترامب العسكرية على اليمن    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    في واقعة غير مسبوقة .. وحدة أمنية تحتجز حيوانات تستخدم في حراثة الأرض    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    "وثيقة" .. مكتب اعلام الحديدة يستغني عن موظف بدون مبررات قانونية    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: العدوان الإسرائيلي على غزة "جريمة القرن" وتفريط الأمة له عواقب    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    السودان.. اندلاع حريق ضخم إثر هجوم بطائرات مسيرة في ولاية النيل الأبيض    الأرصاد يحذر من تدني الرؤية الأفقية والصواعق الرعدية وعبور الجسور الأرضية    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد اليمن.. فرحة مبتورة
الحرب والكوليرا والتشرد والأوضاع المعيشية تسرق بهجة المناسبة الدينية..
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 07 - 2017

للعام الثالث على التوالي، حل عيد الفطر المبارك واليمن يعيش تحت وطأة حرب تعدى زمنها العام الثاني، واستقبل اليمنيون عيدهم هذا العام بظروف أكثر قسوة مقارنة بأعياد عامين سابقين.
لا جديد في عيد اليمنيين منذ بداية الحرب الدائرة رحاها في بلد كان يطلق عليه "اليمن السعيد"، ولم يعد سعيداً في عيده، وكذلك أبنائه الذين وصفوا بأنهم "أهل الحكمة وألين أفئدة"، سوى أن مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية تفاقمت وتعقدت أكثر عما قبل، ومعها تفاقمت معاناة أكثر.
ورغم تدهور الأوضاع الإنسانية، إلا أن مواطنين حرصوا على الاحتفاء به تحت قاعدة "إن العيد لمن استطاع إليه سبيلا".. فيما وصل الحال بكثيرين إلى أن يلغوا فرحة السنة الوحيدة لأطفالهم وأقربائهم، ليمر العيد عليهم بفرحة مبتورة.
أفراح مؤجلة وبهجة مفقودة
أتى عيد الفطر هذا العام، في وقت لا يزال اليمن يعاني من أوضاع إنسانية واقتصادية صعبة للغاية نتيجة الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين.
لقد حلّ عيد الفطر على اليمنيين هذا العام وسط غياب مظاهر الفرح التي ترافق الأعياد عادة، بسبب الظروف بالغة السوء التي نتجت عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامَين في البلاد والتدهور الاقتصادي الحاد.
خلافا للأعياد السابقة، جاء العيد الحالي ونحو مليون و200 ألف موظف حكومي يعيشون بدون رواتب منذ 10 أشهر.
ما جعل رقعة الفقر تتسع بشكل غير مسبوق، ليصبح ثلثي سكان البلد الفقير (27 مليونا)، على شفا مجاعة، ولا يعلمون ما إذا كانوا سيتناولون وجبة تالية أم لا، وفقا للأمم المتحدة.
تفاصيل استقبال اليمنيين للعيد هذا العام، ستلاحظها ربما بشكل واضح وأنت تتجول في شوارع صنعاء أو تعز أو غيرها من المحافظات اليمنية ربما..
ستلاحظ وستسمع قصص كثيرة مؤلمة بمجرد أن تفتح الحديث مع أي شخص كان في الشارع أو الحي، وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي سيشدك الحديث عن العيد وكيف تحول إلى مناسبة مخطوفة وفرحة مؤجلة.
وأدت الحرب إلى فقدان آلاف الأسر لعائلها الأول إضافة إلى عدم تسلم موظفي الدولة رواتبهم منذ عشرة أشهر.
ويذكر أن أكثر من 85 بالمائة من اليمنيين يحتاجون لمساعدات عاجلة. وتسببت الحرب المتصاعدة في البلاد بواحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، مع ارتفاع أعداد السكان الذين يعانون من ضائقة غذائية، إلى نحو 19 مليونا، بينهم حوالي سبعة ملايين شخص لا يعلمون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، حسب تقارير الأمم المتحدة.
وضاعف من تدهور الوضع الإنساني على نحو مريع في البلاد، عجز سلطات الأطراف المتصارعة في اليمن، عن دفع رواتب حوالي مليون و200 ألف موظف حكومي للشهر السابع على التوالي، بعد الإفلاس غير المعلن للبنك المركزي اليمني، فضلا عن تسريح عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص بسبب التداعيات الاقتصادية للنزاع، ما قذف بملايين إضافية من السكان إلى دائرة الجوع.
للعيد في اليمن طقوسه التي تميزه عن كثير من البلدان العربية بسبب العادات والتقاليد، اليوم وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة الحرب، باتت احتياجات العيد تثقل كاهل كثير من الأسر اليمنية.
هذا العام، بدت الأسر اليمنيّة الأكثر فقراً ليست وحدها العاجزة عن تأمين حاجيات العيد، إذ إنّ عشرات آلاف الأسر ذات الدخل المتوسط لم تتمكّن من توفيرها، فالمصارف لم تسلّم مرتبات قطاعات حكومية كثيرة.
ويرى خبراء اقتصاد أن احتياجات العيد في اليمن تُشكل تحدياً كبيراً أمام ما نسبته 80% من الأسر اليمنية، خاصة في ظل ضعف الدخل، مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار هذه الاحتياجات يعود إلى ضعف الإنتاج المحلي خاصة في ما يتعلق بالزبيب واللوز إلى جانب الحلويات الأخرى، واللجوء إلى تغطية هذا الطلب عبر الاستيراد الذي تعجز البلد عن توفير متطلباته من العملة الصعبة.
لقد بات العيد ضيفاً ثقيلاً على اليمنيين، وباتت كثير من الأسر لا تهتم به، مع تراجع وفقدان مصادر دخل العديد منها، وارتفاع الأسعار التي قفزت بشكل جنوني، نتيجة تردي الأوضاع، وصار اقتناء مستلزمات العيد من ملابس وكماليات بحاجة إلى ميزانية مضاعفة في ظل زيادة الأسعار، وهو ما لا تقدر عليه موازنة الأسر اليمنية.
تردي الأوضاع المعيشية لكثير من الأسر اليمنية، أجبرها على تلبية احتياجات العيد بطرق مختلفة، إذ لجأت الأسر الفقيرة لتلبية هذه الاحتياجات من خلال خيارات متعددة، خصوصاً كسوة العيد التي تغطيها من البضائع ذات الجودة الرديئة وأسواق البالة.
غير أن هذه الخيارات هي الأخرى لم تعد سالكة أمام الفقراء، في ظل عجز ميزانية الأسر اليمنية وتزايد كُلفة متطلباتها الحياتية كالغذاء والدواء والسكن، وفقاً لاقتصاديين.
ووجدت نسبة كبيرة من الأسر اليمنية نفسها أمام معضلة اقتصادية كبيرة، لأن شراء نفقات العيد ومستلزماته تعتبر مكلفة، ولا تتناسب مع دخل هذه الأسر، خصوصاً هذه الأيام، إضافة إلى أن دخل الأسر تراجع بمقدار النصف وأكثر، فيما فقد موظفو القطاع الخاص وظائفهم ولم يعد لهم أي دخل.
عيد مثقل بالكوليرا
بلا شك كان للكوليرا تأثيرها الكبير على فرحة اليمنيين بحلول العيد، فالزيادة الكبيرة في أعداد المصابين بالمرض جعلت الناس تشعر بالخوف، حتى بات الكثير يتجنبون مصافحة الأقارب والمعارف في المناسبات والأعياد، أو الاحتكاك بهم خشية انتقال العدوى.
أكثر من ألف يمني توفوا بسبب المرض، إضافة إلى أكثر من مائة ألف مصاب، هذا قد يكون كافيا لأن يجعل كثيرين يتعاملون بجدية مع المرض ويعمق الخوف لديهم حتى من مصافحة البعض.
وحل عيد الفطر المبارك في اليمن هذا العام وسط مزيد من المعاناة الإنسانية على وقع استمرار الحرب الدامية في البلاد منذ أكثر عامين، وانعدام الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية، وتفشي وباء الكوليرا الذي حصد أرواح أكثر من ألف شخص خلال أقل من شهرين.
وكانت منظّمة الصحة العالمية قد أعلنت في 18 يونيو/ حزيران ارتفاع عدد ضحايا الكوليرا في اليمن إلى 1100حالة، علماً أنه ارتفع إلى 1265، والاشتباه بإصابة 159 ألف آخرين بالمرض منذ عودة انتشاره في 27 أبريل/ نيسان الماضي.
وأعربت منظمات أممية عن قلقها لما يعيشه اليمن من تفشي وباء الكوليرا، بعد تجاوز عدد الحالات المشتبه بها 200 ألف حالة، بزيادة بمعدل 5000 شخص يوميا في أسوأ حالة للوباء في العالم.
ورغم كل الظروف السوداوية، والتي فاقمها تفشي وباء الكوليرا، إلا أن اليمنيين حرصوا على استغلال عيد الفطر لاقتناص لحظة فرح، هم في أمس الحاجة إليها، وبدت الأسواق مكتظة بالمتسوقين.
وفي بيان مشترك لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة ” اليونسيف” التابعتين للأمم المتحدة، أكد المدير التنفيذي لليونيسف أنطوني ليك، ومديرة منظمة الصحة العالمية مارغريت تشان، أن "تفشي وباء الكوليرا القاتل هو نتيجة مباشرة لسنتين من النزاع العنيف".
وبحسب التقرير فقد انتشر مرض الكوليرا في هذا البلد الذي يعاني منذ سنوات من الحرب الأهلية الدائرة ووصل إلى كل المحافظات تقريبا، فقد ارتفع عدد ضحايا الكوليرا في اليمن إلى 1310 حالات وفاة، ربعهم من الأطفال، فيما تجاوزت الحالات المتشبه إصابتها بالوباء ال 200 ألف حالة في أقل من شهرين.
ووفقا للبيان، فقد أدى انهيار أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي إلى حرمان 14.5 مليون شخص من الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي بشكل منتظم، ما زاد من انتشار المرض. كما أدى ارتفاع معدلات سوء التغذية إلى تدهور صحة الأطفال وجعلهم عرضة للمرض بسبب هشاشة وضعهم الصحي.
وتحدث كثير من المغردين على وسائل التواصل الاجتماعي وبالأخص تويتر عن تفشي مرض الكوليرا في اليمن. كما كتب أخرون عن نقص حاد في الأغذية وتصاعد حالات سوء التغذية، بين الأطفال والنساء على وجه الخصوص.
وظهر وسم #اليمن في أكثر من 30 ألف تغريدة خلال ساعات. وقام نشطاء من داخل صنعاء بنشر صور من صنعاء تظهر اكتظاظا في غرف وأروقة المشافي وعدم قدرة الطاقم الطبي على استيعاب المرضى.
وانتقد عدد من المغردين المجتمع الدولي لعدم التحرك وإيقاف الحرب المستمرة منذ سنوات مع الحوثيين. وكتب مغردون عن انعدام وجود أي أجواء احتفال بالعيد في اليمن مؤكدين انتشار أجواء الحزن والتعب من الحرب.
في صنعاء.. فرحة مخطوفة
بدا طبق الحلوى أو ما يعرف ب"الجعالة" في العاصمة صنعاء ومدن الشمال اليمني، من الأساسيات التي يحرص اليمنيين على حضورها في منازلهم لاستقبال "عيد مُر" بكل المقاييس، حتى وان تخلوا عن طقوس أخرى كانت بالنسبة لهم هامة قبل الحرب.
وشهدت المستودعات الخاصة بحلوى العيد في صنعاء، إقبالا ملحوظا من اليمنيين، لاقتناء أصناف الحلوى التي يتم تنويعها في أطباق مخصصة يتم تقديمها للضيوف خلال أيام العيد.
واعتبر مواطنون طبق الحلوى بأنه آخر الملامح التي يتمسك بها غالبية اليمنيين والتي تدل على أنهم يعيشون في أيام عيد.
وقال أحمد الحطامي، وهو موظف حكومي للأناضول،: " لم يعد أمامنا سوى هذه الحلويات لاستقبال العيد الباهت والمُر بكل المقاييس، نحن مجبرون على شرائها من أجل أطفالنا، ومن أجل المحافظة على أدنى طقوس الأعياد والتي اندثرت بسبب الحرب، وحضورها يشعرنا بأننا ما زلنا على قيد الحياة".
ووفقا للحطامي، فقد استغل غالبية موظفي الدولة ما يُعرف ب"البطاقة التموينية" التي سلمتها لهم حكومة الحوثيين بدلا عن الرواتب، في شراء حلوى العيد من تلك المولات التجارية التي تم التعاقد معها، لافتا إلى أن طبق الحلوى حضر هذه المرة فيما غابت أساسيات كثيرة على رأسها الملابس.
وبحسب لتجار مكسرات وحلويات بصنعاء فقد حرص غالبية السكان على اقتناء حلوى العيد، وإن لم يكن بالطريقة المعهودة خلال الأعوام الماضية، إذ اقتصروا هذا العام على صنف أو صنفين، لكنهم كانوا حريصين على وجود الطبق في منازلهم
وذكر أحمد الحبابي، وهو مالك مستودع لبيع الزبيب واللوز والحلويات في صنعاء، أن الزبيب اليمني الفاخر والمعروف ب"الرازقي" وكذلك اللوز الخولاني، كان محصورا على الميسورين، لارتفاع سعره الذي يصل 5 آلاف ريال للكيلو غرام (17 دولارا).
وهو ما يجعل الغالبية يتجهون لشراء الزبيب واللوز المستورد والذي يكون في متناول الجميع، نظرا لأسعاره الرخيصة، رغم تفاوت المذاق بين النوعين، كما أشار الحبابي لوكالة الأناضول.
الشعور بالوجع والقهر والحرمان الناتج عن الحرب وعن انقطاع المرتبات، التي تعتبر أساس ومصدر حياة وبقاء مئات الآلاف من اليمنيين الذين يجدون أنفسهم يوما بعد آخر أمام واقع مر وصعب وفي غاية التعقيد.
سلطة جماعة الحوثي وصالح، كان لها حديث مختلف عن العيد وعن كسوة العيد. فعلى صفحته في الفيس بوك محمد علي الحوثي، دعا اليمنيين إلى مقاطعة الكسوة تضامنا مع وضع البلاد.
قال محمد الحوثي:" كوننا كشعب نواجه عدوان، وحصار، وتعسف أممي بمنع تسليم المرتبات، كما صرح وأعلن بذلك الممثل الأمريكي السعودي ولد الشيخ، أمام مجلس الأمن، وهو ما أدى إلى زيادة المعانة لما يربوا على المليون أسرة يمنية، تقتات وتعيش على هذه الرواتب".
ودعا الحوثي الميسورين للتعاون بقدر الإمكان مع الأسر الفقيرة في كسوة العيد، وإلى عدم لبس الملابس الجديدة يوم العيد، احتجاجا على استمرار ما أسماه الحصار، ومواساة لمن لم يستطع شراء الملابس، حتى لا يشعر جارك صديقك ابن حارتك بأي حرج، كون الملابس أصبحت من العادات، وتركها مواساة من أجمل الخطوات لنا كشعب يحن على بعضه بعض ويشعر بمعانات بعضنا بعض، حد قوله.
واختتم محمد علي الحوثي منشوره بالفيس بوك بقوله: "أنا على ثقة بان الكثير سيقوم بهذه الخطوة الاحتجاجية".
دعوة تحولت إلى ساحة للجدل، والسخرية والهجوم. ونالت الكثير من الردود، من قبل الكثير من الناشطين، والسياسيين، والكتاب، والمواطنين اليمنيين العاديين.
وزير الثقافة الأسبق/ خالد الرويشان، وفي رده على هذه الدعوة كتب على صفحته في الفيس بوك، قائلا "أنتم مدينون للشعب بمرتبات سنة بسببكم أصبح كل اليمنيين فقراء".
وأضاف الرويشان: "زعيم حوثي يدعو اليمنيين لعدم شراء ملابس لأطفالهم في العيد حرجًا من مشاعر الفقراء! لا يعرف أن اليمنيين جميعًا أصبحوا فقراء ومُعدَمين وبلا رواتب منذ ما يقرب من السنة ووحدهم الحوثيون هم القادرون على شراء الغلال والتلال والعمارات".
نازحون لم يزرهم العيد
تبدو أوضاع النازحين في أيام العيد هي الأكثر بؤساً وألماً، إذ لا يجدون فرصة للفرح، وهمّهم الأكبر هو البحث عمّا يسدّ رمق الجائع أو يداوي المريض.
ولا يكترث النازحون في المخيمات أو المؤسسات الحكومية بالعيد، فالأيام متشابهة بالنسبة إليهم ولا يختلف يوم العيد عن أيّ يوم آخر.
نازحون يعيشون العيد الثالث على التوالي بعيدون عن بعضهم البعض.. عشرات الأسر تعاني من الشتات، وكانت تحلم أن يجمع العيد شتاتهم، لكنه المستحيل..
أسر اعتادت على العيش تحت مظلة العيد وغيره من الشهور وجدت نفسها مشردة قسرا ووجد أفرادها العزلة كطوق نجاة من بطش الحاضر ومتاهة المستقبل.
وعاش مئات آلاف النازحين في أيام عيد الفطر آلاماً عميقة وحسرات أعمق لنزوحهم من قراهم ومقدار الألم الذي تعرضوا له.
بالأمس كانوا في منازلهم ومدنهم وقراهم وتجارتهم وأموالهم التي تركوها خلفهم ولم يستطيعوا العودة إليها، واليوم أصبحوا يقرعون أبواب المواطنين ويقفون على أبواب المساجد ويبحثون عن المنظمات في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء وغيرها من المدن بحثاً عن مصدر لاستمرار حياتهم.
لم تترك الحرب متسع للتنفس، ولا مكانا للالتقاء.. شردت الآلاف وعجز العيد عن لم شتاتهم، منهم من ترك اليمن قسرا وترك أمه تتلوى ألما وحسرة على ولدها الذي اعتادت على رؤيته في العيد.
وأب يحلم أن يرى أبنه، كما هو حال من هاجر خارج اليمن، وحال من قضى سنتان ومن قضى أشهر في أقبية السجون السرية التابعة لجماعة الحوثي.
ولا تقتصر المعاناة على اليمنيين داخل البلاد فحسب بل طالت أيضا عشرات الآلاف من اللاجئين الذي يعيشون ظروفاً صعبة في بلدان الشتات.
لا يجد الدكتور/ فيصل علي ما يصف به عيد الفطر المبارك الذي قضاه في ماليزيا، حيث إقامته منذ مغادرة اليمن بسبب الحرب، سوى القول بأن "العيد خارج اليمن كذبة نحاول نصدقها".
يضيف فيصل، في حديثه للمحرر عبر الماسنجر: "ما يعجبنيش العيد بصنعاء وتعز العيد بالقرية".. إذن هي وحشة العيد للوطن، وللقرية تحديداً حد تعبيره.
في حين يقول الصحفي وهيب النصاري، الذي يقطن في العاصمة المصرية القاهرة منذ مغادرته صنعاء بداية الحرب قبل أكثر من عامين،: "لا يوجد عيد والبهجة مفقودة، نحاول نسيان الآلام ومعاناة الغربة لكننا لا نستطيع". ويضيف، لموقع إرفع صوتك: "الحياة صعبة هنا.. لكننا متفائلين ومنتظرين فرجا قريب".
وتذهب تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إلى أن هناك نحو 173 ألف شخص أجبروا على مغادرة البلاد بسب الحرب خلال العام الماضي.
وأشار تقرير عن أعداد اللاجئين والنازحين اليمنيين منذ العام 2014م إلى إن إجمالي عدد النازحين إلى نهاية مايو2017 بلغ 2.442.289 حيث تركز أكثر النازحين في محافظة مأرب 431.612 يليها محافظة حجة ب 416.792 نازح.
وقال إن نسبة الرجال البالغين من بين النازحين 22% وبلغت النساء البالغات (23%) بينما بلغ الأطفال من الذكور 28% والأطفال بنات (27%).
وكشف التقرير إن عدد من نزحوا إلى خارج اليمن (لاجئين) بلغ عددهم أكثر من 312 ألف لاجئ موزعين على عدد من الدول العربية والأجنبية.
وأشار التقرير، الذي عرضته الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في ندوة عقدت بمجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية، إلى أن أكثر من 212 ألف لاجئ يقيمون حالياً في السعودية و47 ألفاً في مصر و33 ألفاً في جيبوتي وقرابة 20 ألفاً في السودان والصومال وتركيا وماليزيا.
أما عن الأماكن التي يعيش فيها النازحين داخلياً فقد جاءت النسبة الأعلى من النازحين يعيشون عند أقارب، حيث بلغت نسبتهم 35% وبعدد يزيد على 850 ألف نازح.
في حين بلغ عدد النازحين في مجتمعات مضيفة من غير الأقارب أكثر من 219 ألف نازح، إضافة إلى 464 ألفاً يعيشون في مستوطنات عشوائية ومبعثرة في مناطق ريفية وحضرية و 73 ألفاً يعيشون في مباني عامة وخاصة (مدارس- مستوصفات- هناجر).
يحاول نازحو الحرب في اليمن أن ينتزعوا فرحة العيد انتزاعاً، بعدما هجروا من بيوتهم التي دمرتها الحرب، فأصبحت سعادة قدوم العيد من الصعب أن تجدها لديهم.
عائلات المختطفين.. عيد الأحزان
"عيد ميلادٍ سعيد يامريم..!!".. وهل كانت السعادة إلا وهماً؟!.. توشكُ أن تجيبُ مريم، وهي تسمع عباراتٍ حسرى تبصقها والدتها المكلومة في وجه الواقع المقلوب، في وقتٍ لم يعد بُدٌ من البوح، حين تفيض الكأس عند امتلائها، قائلة: "لم ينسَ والدك الصحافي عبد الخالق عمران هذا اليوم الذي أدخل الفرحة والنور إلى حياته كيف لا وقد رزقه الله في هذا اليوم طفلته البكر.. عبد الخالق يعلم جيداً أن الذي أخذ من عمره سنتين خلف القضبان، وحرمه منك ومن أخيك أحمد، وجعلك تتذوقين القهر والألم والحرمان، ولم يرحم طفولتك البريئة هوالجهل.. ولولا الجهل ما كان خسر من عمره يوما بين زنازين المليشيا الجاهلة لأن سلاحه كان القلم وسلاحهم البندقية والحقد والجهل..".
بهذه الكلمات عبرت أم الحارث، زوجة الصحافي المختطف في زنازين مليشيا الحوثي عبد الخالق عمران، وهي تهنئ ابنتها "مريم" بذكرى ميلادها الثامن، والثاني بتوقيت اختفاء والدها في ظلمات المعتقل بلا تهمة، سوى أنه صحافي أغوته الحقيقة، والحقيقة مرّة يأنفها رعاةُ الظلام.
ليست أم الحارث إلا نموذج له مئات النسخ المشابهة لدى زوجات وأمهات المختطفين اليمنيين في زنازين مليشيا الحوثي وصالح، اللائي سحقتهن لواعج الفقد مع تتابع الشهور والسنين، منهن أمٌ خط الشيب عليها، تحدق في المجهول، ويخنقها السؤال: كيف سيكون العيد من دونك يا ولدي؟
مئات من أسر المختطفين، أصبحت تكابد الفقر والجوع، حيث لا عائل لهم ولا دخل، بعد اختطاف مليشيا الحوثي وصالح لآبائهم وإخوانهم ومن يعولهم، وأصبحت تلك العائلات بحاجة إلى أن يعود من يعولهم إلى أعمالهم لتوفير لهم مستلزمات الحياة الأولية من أكل وملابس وعلاج.
وتزداد معاناة أسر وأهالي المختطفين يوما بعد آخر خصوصا مع عيد الفطر المبارك، وتتفاقم المعاناة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد، جراء انقلاب الحوثيين على السلطة وشنها حرباً ضد اليمنيين، خصوصا أن غالبية المختطفين هم من يعولون أسرهم.
يقول الناشط الحقوقي حسين الصوفي، إن معاناة أسر المختطفين تتفاقم يوما بعد آخر وتزداد سوءا في أيام العيد. ويعزز مايتعرض له المختطفين من تعذيب وإخفاء وعدم السماح لأقاربهم بزيارتهم أو التواصل معهم يعزز معاناة المختطفين وأقاربهم بشكل دائم، لكن أوجاعهم تتضاعف في المناسبات الجليلة كالأعياد..
لذلك يصعب تخيل ووصف الحالة النفسية لأسر المختطفين خلال أيام عيد الفطر المبارك، الذي يتحول إلى مأتم والفرحة حزن والسعادة بؤس والطمأنينة قلق وخوف على مصير أقاربهم المختطفين، حد الصحفي حمود هزاع.
وسبق لرابطة أمهات المختطفين اليمنيين وفي وقفات احتجاجية، نظمتها بأكثر من محافظة، أن استنكرت الصمت الدولي بحق أبنائهن المختطفين في سجون الحوثيين وصالح.. وأنكرن على ذوي الشأن أن يأتي عيد الفطر وأبناؤها في سجون الحوثيين وأهاليهم يكابدون الفقر والمجاعة.
وكانت أمهات المختطفين طالبت المبعوث الأممي والمنظمات الحقوقية والإنسانية الضغط على جماعة الحوثي وصالح المسلحة للإفراج عن أبنائها المختطفين قبل حلول الفطر المبارك، الذي حل عليها والآلاف من أسر المختطفين بلا آبائهم وأبنائهم وإخوانهم، الذين يقبعون في سجون الحوثي صالح.
المقابر تنافس الملاهي
خلال أيام العيد، شهدت المقابر في غالبية المدن اليمنية، تدفقاً لافتاً من ذوي ضحايا الحرب، الذين حرصوا على زيارة الراحلين عن دنياهم، وقراءة القرآن على قبورهم.
وتحولت المقابر، التي تزايدت بشكل لافت في اليمن خلال العامين الماضيين، إلى مزارات خلال أيام عيد الفطر المبارك، ونافست الملاهي والحدائق العامة في استقطاب الناس.
ومنذ أكثر من عامين على الحرب، كانت المقابر تلتهم مساحات واسعة من الأراضي اليمنية؛ حيث تم تشييد العشرات منها لاستيعاب ضحايا الحرب الذين يتساقطون يوماً بعد آخر، بالإضافة إلى ضحايا الجوع وسوء التغذية والأوبئة المتفشية وآخرها الكوليرا.
ولا يكشف الحوثيون عن عدد قتلاهم، لكن مقابرهم الجديدة التي شيدوها في حي "الجراف" شمالي العاصمة صنعاء، كانت تغص بالأحياء خلال اليومين الأولين من العيد، وكذلك المقابر التي شيدوها أخيرا، بالقرب من الطريق العام في مدينة ذمار، جنوبي صنعاء، وكذلك في مدينة عمران، شمال صنعاء.
وفي مدينة تعز، وسط البلاد، التي تأتي في صدارة المناطق اليمنية نزيفاً للدماء بسبب الحرب؛ حيث سجلت- وفق منظمة الصحة العالمية- مقتل ألف و560 شخصاً حتى أواخر العام 2016، كانت "مقبرة الشهداء" التي تم تشييدها في مزرعة عصيفرة، شمالي المدينة، لضحايا الحرب من مدنيين وعسكريين، تشهد حضوراً كثيفاً للزوار خلال أيام العيد.
ووفقاً لسكان في تعز، فإن "مقبرة الشهداء" تتوسع وتلتهم المزيد من الأراضي الزراعية في ظل القصف الذي يشنه الحوثيون على مدينتهم، وأن الحصار المفروض على المدينة، يحول دون زيارة كثيرين ممن يقطنون الأرياف، لذويهم في هذه المقبرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.