يوما بعد آخر تتضاعف في اليمن المعاناة وتتسع مساحة الفقر والجوع والمرض، واليمنيون صاروا مجرد أرقام، إما فقراء أو مصابين بمرض الكوليرا، وإما قتلى أو جرحى، وبين هذا وذاك آخرون يموتون بفعل أعمال التقطع والاختطاف، وإما بالتعذيب داخل السجون، وأسباب أخرى. وبهذا المستوى وربما أكثر، يحضر اليمنيون كضحايا في قوائم المنظمات الدولية العاملة في مجال إغاثة الشعب اليمني التي تقدم نفسها على أنها الحل لمشكلة الفقر والجوع والمرض ثالوث البؤس المتطور على مدار الساعة. وتقول منظمات دولية بان طفل يمني يموت كل عشر دقائق، لكننا بالمقابل وما كان يتمنى اليمنيون سماعه بعد هذه الأخبار الواردة في تقارير المنظمات الدولية سماع خبر أن المنظمات الدولية تنقذ طفل يمني كل عشر دقائق أو عشرة أيام. اليمنيون يموتون فعلا، ويجوعون، ولا يصلهم شيء مما تتحدث عنه المنظمات الدولية، وما يتم الحديث عنه من مساعدات، يقول اليمنيون لم نرى حتى الربع منها. الناس والواقع يتحدثون بلغة واحدة. منظر الأطفال ومشاهد البؤس التي تحضر في الشوارع، والأحياء، والمستشفيات، والمناطق، وفي المدن، تؤكد أن اليمنيون يموتون ويجوعون ويمرضون لوحدهم ولا منقذ لهم، بل أنهم أصبحوا مجرد ورقة تتسول بهم المنظمات وأطراف الصراع، لا اقل ولا أكثر. لو كانت المنظمات الدولية صادقة في حديثها عن نيتها في إغاثة اليمنيين وإنقاذهم من مخاطر وباء الكوليرا وغيره، لما تحدثت وسائل الإعلام عن ارتفاع أرقام الوفيات والضحايا وتطور انتشار الوباء، ولو كانت العلاجات تصلهم والمعونات لما كان عداد الموتى بالإصابة في تطور أيضا على مدى اللحظة. الحكومة لسنا معنيين وزير الإدارة المحلية، رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبد الرقيب فتح، ربما هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يجيب على بعض استفساراتنا في هذا الشأن، التواصل مع فتح، وطرح عليه جملة من الاستفسارات، وعلى رأس تلك الاستفسارات أين هي الإغاثة التي أنتم معنيون بها وتتحدثون عن جهود متكررة ومتواصلة في هذا المجال ما هو جديد جهودكم خصوصا فيما يتعلق بإيجاد بدائل لميناء الحديدة في إيصال المعونات؟ وأوضح فتح في تصريح خاص ل”المشاهد” أن للجنة العليا للإغاثة لديها برنامج إغاثي متكامل قامت بإعداده وفقا للمعايير الدولية. وأضاف فتح “إن اللجنة قدمت برنامجها للعديد من الجهات الاغاثية وذلك منذ بداية الحرب الظالمة التي شنها المخلوع صالح وحلفائه والحوثيين وتقوم بتحديثه بصورة دورية وفقا للمستجدات وآثار الحرب على المحافظات المختلفة ”. وتابع فتح في تصريحه “إن اللجنة قامت بالإعداد والتأسيس لمكتب تنسيق المساعدات الخليجية المقدمة للشعب اليمني من أشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي وبحمد الهد وبفضل دعم أشقائنا دول التحالف العربي استطعنا إغاثة معظم محافظات الجمهورية ملتزمين بالمعايير الإنسانية للإغاثة دون تحيز حزبي أو طائفي أو مناطقي، معتبرين أنفسنا مسئولين عن كل أبناء الشعب اليمني من صعدة إلي المهرة، وبكل موضوعية لا ندعي الكمال أو أن أعمالنا المنجزة تتسق مع طموحنا، حيث هنآك قصور نعترف به لكنه ناتج عن حجم المأساة التي نتجت عن هذه الحرب، حيث تشير التقارير الدولية أن 82%من الشعب اليمني بحاجة إلي إغاثة لكننا نستطيع التأكيد أن مؤشرات المجاعة ظهرت في المحافظات التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، وليس المحافظات التي تقع تحت إدارة الحكومة الشرعية فقد ظهرت المجاعة في محافظاتالحديدةوحجة واب وهذا يؤكد استخدام الميليشيات المسلحة لموارد تلك المحافظات وما يتاح من مواد اغاثية للمجهود الحربي”. وبشأن ميناء الحديدة وسعي الحكومة نحو إيجاد بدائل في إيصال الإغاثة، قال فتح “من حيث المبدأ ووفقا للقوانين والاتفاقيات الدولية يفترض أن كل محافظات الجمهورية يجب أن تكون تحت سيطرة وإدارة الحكومة الشرعية ولا تخضع للميلشيات المسلحة التي انقلبت على الشرعية الدستورية والإجماع الوطني وهذا ينطبق على محافظة الحديدة ومينائها ونحن نؤكد على ذلك. ونعتبر كل موانئ اليمن مؤهلة للقيام بالمهام التجارية والاغاثية وتعتبر مكانا آمنا لذلك”. وحول شكاوي بعض المواطنين حول عدم وصول الاغاثة إليهم اعتبر فتح أن المسئول المباشر عن التوزيع الميداني هي منظمات المجتمع المدني التي تختارها الجهات الاغاثية كشريك لها في عملية التوزيع. وأضاف فتح “نحن في اللجنة العليا للإغاثة وفروعها في المحافظات لا نتدخل في التنفيذ ودورنا فقط توضيح مناطق الاحتياج ودعوة الجهات الاغاثية لإغاثتها ولا نتدخل في التنفيذ كما أننا لا نستلم أي مواد اغاثية عينية او مالية. فليس لدينا مخازن أو حسابات مالية للإغاثة“. واختتم فتح تصريحه موضحا أن الأموال التي جمعت في مؤتمر جنيف مسئولية الأممالمتحدة ومنظماتها وليس الحكومة ونحن دورنا المتابعة والتنسيق فقط”. في صنعاء الإغاثة للحوثي يؤكد ناشطون سياسيون في حديثهم ل “المشاهد” بان الإغاثة التي تصل إلى صنعاء تسلم لجماعات الحوثي وبدورها تقوم بتوزيع جزء قليل منها لأنصارها في حين يتم التصرف فيما تبقى تحت مسمى مجهود حربي ومن هذا القبيل. ولا يستبعد كثيرون قيام الجماعة في بيع هذه المعونات في الأسواق والحصول على الأموال التي تذهب إلى جيوب أشخاص وحسابات ذاتية وتحت مسمى المجهود الحربي. النازحون محرومون من الإغاثة وفي التغطية الميدانية لموضوع النازحين وكيف توزع لهم الاغاثات في صنعاء وجدنا ان كثير من النازحين الذين فروا من لهيب الحرب سواء من تعز او حجة او غيرها من مناطق الصراع، يحرمون من المعونات تحت مبررات عدة. مختار خالد، أحد أبناء تعز ومن المطلعين على ما يجري مع النازحين، قال ل “المشاهد”: “اعرف ناس كثيرون نزحوا من الحرب في تعز وذهبوا إلى بعض مكاتب الإغاثة وبعض المكاتب المعنية حيث رفضت هذه المكاتب إعطائهم إغاثة طالبين منهم بطائق عائلية أولا وعقود إيجار مع أصحاب المنازل في تعز التي نزحوا منها كوثيقة تثبت أنهم كانوا من سكان تعز وأنهم نازحين، وكثيرة هي الطلبات التي طلبت من النازحين وهي مطالب تعجيزية ومطالب الهدف منها التهرب من تسليمهم إغاثة”. وفي حين يطرح مختار هذا لحديث، يشير بالقول: “بالله عليك هذا النازح الذي فر بجلده من الحرب كيف له أن يحمل وثائق أو عقود أيجار أو من هذا القبيل شيء، ولو انه ليس نازح وقادر على العيش ولو لم يكن جائعا ومحتاجا هل سيذهب نحو البحث عن فتات من إغاثة والاحتيال على هذه المنظمات؟”. سجلونا 3 مرات ولم نستلم شيء على مستوى الجامعات والمدارس وغيرها، هناك ناس نازحون من الحرب، وهؤلاء شكل بهم فريق مختص لتسجيلهم، لم يعرفوا من قام بتسجيلهم تحديدا هل سلطة الأمر الواقع وبطلب من المنظمات العاملة في مجال الإغاثة ام ان الفريق يتبع المنظمات مباشرة. أشواق قائد، طالبة في جامعة صنعاء، قسم فيزياء، وفي حديثها ل “المشاهد” تقول: “أنا طالبة نازحة والتحقت بجامعة صنعاء بعد توقف جامعة تعز ودخول الحرب اليها، وقبل فترة جاء فريق معني بتسجيل النازحين وسجلنا أسماءنا واطلعوا على بطائقنا السابقة في جامعة تعز، واخذوا عناوينا من سكن وغيره، وقالوا أنهم سيعطوننا إغاثة ومعونات من سكر ورز وزيت ومبالغ مالية، ولكننا لم نستلم شيء”. وتضيف “ثلاث مرات سجلونا وليس مرة واحدة ومش عارفين ليش هل استلموا بأسمائنا وتصرفوا ومش عارفين ايش القصة”. منظمات دولية: نحن لسنا معنيين على مستوى الإغاثة لمصابي مرض الكوليرا جرى الحديث عن عشرات ومئات من الأطنان من العلاجات والإغاثة المختلفة، ولكن على ارض الواقع المريض هو من يقوم بعلاج نفسه بنفسه ويبحث ويستدين قيمة العلاجات، ولا وجود لعلاج مجاني سوى ان مركزين في صنعاء فقط فتحت العلاج بشكل مجاني ومن ثم فرضت مبالغ مالية مقابل تقديمه. حاولنا الاستفسار من بعض المنظمات الدولية والعالمية العاملة في هذا المجال والمتواجدة في صنعاء، ولكنه ترددت في الحديث إلينا والإدلاء بتصريح باسمها، لكنها أكدت لنا بأنها تقوم بتقديم العلاجات والمساعدات والمعونات إلى جهات مختصة ومعنية فعلى سبيل المثال العلاجات المتعلقة بوباء الكوليرا تسلم إلى وزارة ومكاتب الصحة في صنعاء وهي المعنية بتوزيعها إلى المستشفيات والمنشآت الصحية ولسنا معنيين بمتابعة تسليم العلاجات بشكل مجاني أو أنها تقوم ببيعه”. وبالنسبة للأرقام التي تتحدث عنها المنظمات الدولية تقول المنظمة انها تعلن عن الضحايا والأرقام بناء على ما تتلقاه من الجهات المختصة كوزارة الصحة ومكاتبها”. اتهامات بتسليم الإغاثة للحوثي مركز الملك سلمان البارز في واجهة تقديم المساعدات والمعونات الإنسانية وفي المجالات الصحية وغيرها، اتهم منظمات دولية بتسليم الإغاثة لجماعة الحوثي، ويقول المركز أن مليار و800مليون دولار سلمها مركز الملك سلمان للمنظمات الدولية وتحديدا برنامج الغذاء العالمي وذلك لتغطية الفجوة الغذائية في اليمن وتساءل عن مصير هذه الأرقام والمعونات. وأشار مركز الملك سلمان إلى أرقام أخرى من بينها 800 مليون ريال يمني قدمتها المنظمات لمركز اتحاد نساء اليمن التابعة للحوثيين بصنعاء، ولم يرصد الاتحاد سوى 300 أسرة مستفيدة وذهبت بقية الأموال للمتنفذين. دعوات يمنية رسمية وأخرى دن ذلك اتهمت مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالتلاعب بالمنح والفساد المالي الإداري ودعتها إلى تصحيح تعاملها على أساس الشفافية والوضوح فالمساعدات الغذائية والطبية تدخل من ميناء الحديدة حيث لا وجود للممثلين للجهات الإغاثية والأممالمتحدة فكيف سيتم تسليمها لمستحقيها والتأكد من توزيعها بالشكل المطلوب فرغم التمويلات المتدفقة تتفاقم الأزمة بشكل أكبر لتلك الأسباب وأسباب أخرى. /////////