في جغرافيا إب، حيث استقرت جائحة الحوثي القاتلة، تتوسع تضاريس الموت وأسبابه، مسجلة أرقام قياسية في زمن قياسي. قتلى المحافظة كل يوم في ازدياد، وجرائم الانقلابيين لا تتوقف، من لا تحصده رصاصة مسلح حوثي، تودي به رصاصة طائشة من سلاح منفلت لا يجد من يضبطه. قصص موجعة وحكايات أشبه بالخيال، في زمن المليشيا، التي أنتجت واقعا مؤلما، وجروح يُعتقد أنها لن تندمل سريعا، على الأقل ليس على المدى القريب. حلّت المجاعة كمتلازمة للحرب، انتشرت الأوبئة، وسجلت يوميات الحرب في إب أحداث فضيعة، بعضها كشفتها وسائل الإعلام، وكثير منها حدثت، ومازالت تحدث، بعيداً عن العدسات وأقلام الإعلاميين. نصف عام من الجحيم تشهد محافظة إب فوضى وفلتان أمني تقوده مليشيا الحوثي والمخلوع وزادت معه حدة الجرائم اليومية ومعدلات القتل والاختطاف والذي وصل حد اختطاف النساء في ظاهرة أثارت استياء واسع للرأي العام. وارتكبت مليشيا الحوثي وصالح في محافظة إب، مئات الجرائم والانتهاكات بحق أبناء المحافظة خلال النصف الأول من العام الجاري. وبحسب تقرير صادر عن المركز الإعلامي لمقاومة إب فإن نحو (1135) جريمة وانتهاك ارتكبت خلال الستة الأشهر الماضية تنوعت بين القتل والاختطاف والنهب والاقتحام والتفجير والتهجير وجرائم أخرى. وكشف التقرير عن جرائم جسيمة تحسب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفق التصنيفات القانونية طالت عدد من المدنيين. التقرير أوضح بأن الجرائم توزعت بين القتل، وتفجير المنازل، والاختطاف، والنهب، والسطو المسلح، وعمليات التهجير القسري، وحصار القرى، والحملات المسلحة، واقتحام المنازل، وترويع الآمنين وجرائم أخرى. وكشف التقرير الذي حمل اسم (نصف عام من الجحيم)عن جملة من تلك الجرائم والانتهاكات، أجملها على النحو التالي: 245 جريمة قتل وإصابة تنوعت بين 131 قتيل و114 جريح، 373 جريمة اختطاف، 226جريمة طالت المنازل تنوعت بين 13 جريمة تفجير وإحراق منازل، و130 عملية اقتحام لمنازل، و83 جريمة نهب، تهجير قسري ل170 أسرة من أبناء قرية الدهيمية بحزم العدين، 55 جريمة اعتداء وسطو مسلح على ممتلكات عامة وخاصة واعتداء على مواطنين، 35 جريمة ابتزاز واستغلال مالي، 18 تجنيد أطفال، 8 انتحار، 5 طرد منظمات. مسرح جريمة مفتوح قتل وأصيب عشرات المدنيين في انتهاكات أمنية جسيمة ارتكبتها مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، في محافظة إب، وسط اليمن، وأخرى أمنية شهدتها المحافظة التي تشهد فوضى أمنية عارمة خلال النصف الأول من العام الجاري. وبحسب الإحصائية فإن نحو (245)جريمة قتل وإصابة شهدتها المحافظة خلال الستة الأشهر الماضية توزعت بين 131 قتيل،114 مصاب من بينها إصابات بالغة. وبالعودة إلى تفاصيل الجنايات فإن نحو 13إمرأة وطفل قتلوا في تلك الحوادث وأصيب 6 آخرين، فيما تم تسجيل 8 حالات انتحار كلها بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تسببت بها الحرب التي أشعلتها المليشيات الانقلابية، كما تم توثيق حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون المليشيات الانقلابية، علاوة على حوادث أخرى غلب عليها طابع الاشتباكات المسلحة والصراعات الداخلية بين الانقلابيين التي تودي بحياة مدنيين أثناء عملية الاشتباكات التي تشهدها المحافظة بشكل شبه يومي. ومن بين القتلى الذين رصدهم التقرير حوادث جسيمة ارتكبها الانقلابيون بحق مدنين من بينها جرائم قتل بالدهس، وجرائم قصف عشوائي على قرى في بعدان، فيما سجلت جرائم قتل أخرى ضد مجهول. وشهد يناير اكبر معدل من تلك الجرائم حيث بلغت حجم الجرائم نحو(66)جريمة قتل وإصابة، فشهر فبراير(38)جريمة ومارس ويونيو ب(37)جريمة لكل شهر فيما بلغت جرائم القتل والشروع في القتل في شهري ابريل ومايو ب (35)جريمة و(32)جريمة على التوالي. سجن كبير استمراراً لنهج الاختطاف الذي انتهجته المليشيات الانقلابية ضد معارضيها في المحافظة، سجلت إحصائية التقرير الصادر عن المركز الإعلامي لمقاومة إب اختطاف(373)مواطن من أبناء المحافظة خلال النصف الأول من العام الجاري. ونالت كل فئات المجتمع حصتها من تلك الاختطافات التي طالت الجميع بمافي ذلك لاجئين ومنظمات دولية ولا يزال كثير منهم داخل سجون المليشيات الخاصة. ولأسباب مختلفة ومن دون أسباب تلقي المليشيات بمعارضيها والمواطنين خلف القضبان لأشهر بعضاً منهم لا يزال قابعاً في تلك السجون منذ أكثر من عامين، فيما تم إطلاق سراح عدد كبير منهم بفديات مالية كبيرة طالب بها مشرفو تلك السجون مقابل الإفراج عنهم. وكشف التقرير بان المليشيات الانقلابية المليشيات اختطفت نحو (182)شخص في شهر فبراير، و(79)في شهر يناير، و(32)في شهر مارس، (26) في شهر ابريل، (33)في شهر مايو، (21)في شهر يونيو. مسيرة الديناميت شهدت المحافظة أكبر نسبة تفجير لمنازل ارتكبها الانقلابيون بحق عدد من معارضي الانقلاب من وجاهات اجتماعية وقيادات سياسية وعسكرية في المحافظة. وأوضح التقرير بان المليشيات الانقلابية قامت خلال الأشهر الستة الماضية بتفجير 11 منازل في مديرتي حزم وفرع العدين، فيما أحرقت منزلين في مديريتي القفر والظهار. واعتمدت المليشيات الانقلابية سياسة تفجير منازل خصومها كسلاح فتاك في إرهاب خصومها من وجاهات اجتماعية وعسكرية وسياسية نالت محافظة اب النصيب الأكبر منها. الحرب على المنازل حرب أخرى تخوضها المليشيات الانقلابية في حربها على أبناء المحافظة المسالمة، تتمثل في الاعتداء على المنازل بالمداهمات والنهب والاقتحام. فقد رصد التقرير اقتحام المليشيات الانقلابية ل(130)منزل في عدد من مديريات المحافظة بواقع (33)جريمة في يناير، (45)في فبراير، (17)في مارس، (15)في ابريل، (11)في مايو، (9)في يونيو الماضي. وأشار التقرير بأن الإحصائية التي تم حصرها هي تلك المرصودة، في حين أن منازل عدة اقتحمت في مديرية العدين، في فبراير الفائت لم يتسنى لنا حصرها بالدقة نظراً لغياب المعلومة. وكشف عن (83)عملية نهب طالت عدد من منازل المواطنين في عدد من مديريات المحافظة خلال الأشهر الستة الماضية ،مشيراً إلى أن من بين المنهوبات سيارات ومجوهرات وأسلحة، وأموال تم نهبها من عدد من المنازل التي اقتحمتها المليشيات،والتي تقدر بعشرات الملايين،إضافة إلى عمليات سطو مسلح على أراضي وممتلكات عامة وخاصة. تهجير قسري ومن بين الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الانقلابية بحق أبناء المحافظة عمليات التهجير القسري الذي فرضته مليشيات الحوثي على أبناء قرية الدهيمية بمديرية الحزم في يناير الماضي، حيث أجبرت المليشيات الانقلابية عشرات الأسر من مغادرة منازلهم باتجاه سفوح الجبال وبطون الأدوية، بعد أن اقتحمت منازلهم وفجرت ثلثها واختطفت وطاردت العشرات من أبنائها الشباب والرجال في عملية عسكرية استمرت عدة أيام. ورصد التقرير تهجير المليشيات لنحو (170)مواطن،معظمهم تم تفجير منازلهم ،واضطروا إلى مغادرة قريتهم إلى أماكن أكثر أماناً بعد أن فرضت قوات المليشيات طوقاً أمنياً على المنطقة لعدة أيام ومارست إرهاباً بحقهم غير مسبوق. جرائم أخرى التقرير كشف عن جرائم ارتكبتها المليشيات الانقلابية بحق مواطنين ومؤسسات تمثلت في عمليات اعتداء بالضرب والإهانة لعدد من موظفي الدولة وأخرى طالت مواطنين عن طريق الابتزازالمالي، وممتلكات عامة تم مصادرتها وتأجيرها لنافذين حوثيين ورصد التقرير عمليات سطو مسلح على عدد من الأملاك العامة والخاصة، وحالات استغلال وظيفة عامة في التفريط بممتلكات الدولة، وكشف التقرير عن تعسفات بحق منظمات دولية أدت إلى توقيف نشاطها كما هو الحال بشأن منظمة أطباء بلاحدود. كما كشف التقرير عن تجنيد قسري فرضته مليشيات الحوثي على عدد من أبناء مديرية المشنة وفق شكاوى تقدم بها أهالي الأطفال. انتشار عصابات سرقة مسلحة انتشرت مؤخرا عصابات سرقة مسلحة متخصصة بسرقات منازل المواطنين وعدد من الشقق السكنية بمدينة إب وسط اليمن. واشتكى عدد من المواطنين من زيادة ظاهرة السطو على حقائب النساء وسط أوضاع اقتصادية واجتماعية قاسية في ظل فلتان أمني وفوضى مسلحة ترعاهما المليشيات الانقلابية ضد المدنيين بمحافظة إب المكتظة بالسكان. وذهب ضحية تلك العصابات العديد من حقائب النساء خصوصا في أواخر شهر رمضان وأيام عطلة عيد الفطر، وتستخدم العصابات وسائل متعددة في مصادرة حقائب النسوة والفتيات بالسطو المباشر كمارة في الشوارع والأسواق المزدحمة ،ومن ثم الهرب أو عبر الدراجات النارية وغيرها. وتزامن ذلك مع سرقة عصابات أخرى لعدد من المنازل وسط المدينة الخاضعة لسلطة المليشيات الانقلابية. مسلسل نهب الأراضي في إب لا يكاد يمضي يوم أو هكذا يُخيّل إلينا من كثرتها، إلا وتسمع عن حادثة اعتداء على أرضية عامة أو خاصة من قبل مسلحين مرتبطين بتحالف الانقلاب. معظم الأحداث تلك ارتبطت بنافذين حوثيين قدموا من شمال الشمال ووجدوا تساهلاً وتواطئاً من قيادات السلطة المحلية والطبقة المشيخية المرتبطة بالانقلاب في المحافظة، وقليل منها ارتبطت بمتحوثين من المحافظة وشبكة متكاملة من مختلف المؤسسات والمواقع تعمل ليل نهار على الاعتداء والبلطجة على أراضي مواطنين وأراضي الأوقاف والمقابر وأراضي الدولة. وتتعرض أراضي الأوقاف بمحافظة إب لسلسلة من الاعتداءات بشكل متكرر وبدعم من قيادات عليا وكبيرة من مليشيا الإنقلاب والتي تحكم قبضتها على المحافظة منذ أكتوبر 2014م. وكان آخر حادثة لمسلسل نهب أراضي الأوقاف اعتداء نافذون على أرضية تابعة لمكتب الأوقاف بمحافظة إب، في ظل استمرار نهب أراضي المواطنين والأراضي التابعة للأوقاف وممتلكات الدولة من قبل قيادات ونافذين من مليشيا الحوثي وصالح الإنقلابية. مصادر محلية أكدت بأن نافذين اعتدوا الأيام الماضية على أرضية تابعة لمكتب المسالخ بمدينة إب بتواطؤ من الجهات الأمنية والسلطات المحلية الخاضعة لسيطرة الحوثيين وصالح. وبحسب مصادر أخرى بمكتب المسالخ أفادت بأن الاعتداء الذي تتعرض له أراضي المكتب الكائنة في حارة شعب المنيل بجوار جامع التوبة "الحشاش" يجري دون أي تحرك جاد للجهات المعنية والتي اكتفت بإصدار توجيهات ومذكرات لم تتعدى الأوراق والتوقيعات فيما يواصل النافذون نهب الأرضية على مرأى ومسمع من الجميع. المصادر أكدت بأن محاولات سابقة تعرضت لها الأرضية الأشهر الماضية غير أن مكتب المسالخ حاول إيقاف النهب وتم تشكيل لجنة للنظر في ادعاءات النافذين غير أن اللجنة رفعت تقريرها بما يؤكد أن الأرضية تتبع الأوقاف وهي تحت إدارة مكتب المسالخ ولا يوجد أي حق بما يدعيه النافذين في الأرضية. وكان لحادثة الاعتداء على أرضية المواطن "الجابري"، أن أعادت فتح ملف السطو على الأراضي في المحافظة من قبل متنفذيها وكشفت بشكل جلي بعضا من تلك الشبكة القذرة. ولم تكن حادثة الجابري أولى تلك القضايا ولن تكون آخرها طالما بقت المحافظة تحت سيطرت الانقلابيين. قيادات مؤتمرية عديدة يعرفها أبناء إب ويتداول الناس قصص سطوهم على ارض إب بشكل دائم، وان كانت عمليات الاعتداء والسطو قد زادت بشكل واضح خلال فترة الانقلاب. الحادثة ألقت بظلالها على حزب المؤتمر الشعبي العام- جناح المخلوع- الذي بات معروفاً عن قياداته بيع أراضي الأوقاف والأملاك العامة لمتنفذين حوثيين والاشتراك في عمليات سطو ممنهجة تطال كل تلك الأملاك خلال العامين الماضيين. مراقبون رأوا بان قيادات الحزب في المحافظة قدموا الكثير من التنازلات للجائحة الحوثية من أجل كسب ودها والحفاظ على جزء من المكتسبات التي حققوها خلال الأعوام السابقة من حكمهم المنفرد للمحافظة، ومن بين تلك التنازلات تمكين قيادات حوثية وافدة من شمال الشمال من أراضي وأملاك دولة وأخرى تتبع الأوقاف ومواطنين. فيما يرى البعض أن حجم المصالح المشتركة التي جلبتها عمليات السطو والاعتداءعلى الأراضي في إب هي إحدى أسباب التناغم بين مشرفي الحوثي وقيادات المخلوع في المحافظة. من جهتهم يرى مهتمون بالشأن الداخلي المؤتمري، بأن تلك الشراكة تسببت بأداء باهت لحزب المؤتمر في المحافظة وتسببت بغياب ملحوظ للمؤتمر الذي كان يسيطر على كل المواقع الإدارية التنفيذية بالمحافظة التي يسيطر عليها تحالف الانقلاب، وأن ذلك الغياب هو انعكاس لصفقات مشبوهة بين هرم القيادة المؤتمرية في المحافظة مع القيادات الحوثية قضت بتعطيل ادوار الحزب واستحقاقاته والرضا بالفتات من المناصب مقابلالإبقاء على بعض مصادر الدخل والفساد لتلك القيادات المؤتمرية ومن بينها عمليات السطو على الأراضي والممتلكات. ويستشهد الكثير من المراقبين بحالة الثراء الجنوني الذي وصل إليه الكثير من مشرفي الحوثي وقياداته الأمنية بالمحافظة نتاج تلك العمليات المشبوهة، خاصة وان اغلب قيادات الحوثي ومشرفيه قدموا المحافظة مع بداية الانقلاب وهم في حالة رثه لا يملكون ما يقتاتون عليه، وانه بفضل شراكتهم المشبوهة مع قيادات المخلوع وصلوا إلى ما هم عليه الآن من ثراء فاحش. وخلال عامين وأكثر من الانقلاب أصبحت قيادة المؤتمر في المحافظة عبارة عن وسطاء سطو وسعاه نهب لمحافظة آوتهم لأعوام وزعمتّهم على أبنائها، في تنكر صارخ للمحافظة وأبنائها، وتكشفت مواقفهم من خلال الأحداث التي تتجدد كل يوم،ولم يعد غائباً على أحد مشاركة قيادة حزب المؤتمر في كل الأحداث التي شهدتها المحافظة ولا تزال منذ أكثر من عامين. هاربون من الحياة إلى الموت محافظة إب، مثلها مثل المحافظاتاليمنية، التي طالتها تبعات الحرب: من توقف لمرتبات الموظفين، إلى إغلاق المؤسسات الخاصة والمتاجر الشخصية، إلى توقف عجلة الاقتصاد في البلاد، وغيرها من النتائج والآثار السلبية التي أثرت عليها سلباً، فانتشر فيها الفقر كالهشيم، لدرجة أن أُعلنت فيها مديريات كمناطق "منكوبة"، كالقفر، وحبيش، وحزم العدين، حيث وجد المواطن نفسه وحيداً مجرداً من كل شيء في مواجهة قاتل آخر غير الرصاصة والمدفع: "شبح المجاعة" الفاتك. وأفضت جرائم الانقلابيين، في محافظة إب، إلى نتائج مباشرة وغير مباشرة، على حياة معظم المواطنين، على رأسها الفقر وتداعياته، حيث لم يجد البعض من خيارات متاحة سوى التفكير بالهروب من الحياة ومتطلباتها عبر اختيار أسهل الطرق: "الانتحار"، بوسائل وطرق مختلفة، هربا من الواقع المؤلم الذي يعيشونه. ووفق إحصائية كشفها تقرير صادر عن وحدة الرصد بالمركز الإعلامي للمقاومة في إب فإن 8 أشخاص تخلصوا من أنفسهم قتلاً عن طريق الشنق أو المواد السمية من بينهم امرأة و3 أطفال في مديريات العدين والنادرة وحزم وفرع العدين خلال النصف الأول من العام الجاري. وأشار التقرير بأن الجريمة في ازدياد متسارع نتيجة انعدام الحلول لدى المقدمين عليها في ظل انتشار كبير للفقر والبطالة وانقطاع مصادر الدخل في البلد الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عامين. وبحسب إحصائيات غير رسمية، سُجلت عشر حالات انتحار ناجحة في محافظة إب خلال الستة الأشهر الماضية فقط، إلى جانب تسجيل محاولة انتحار واحدة فاشلة. وتعتبر هذه المحاولة الفاشلة، هي الأحدث، والتي قيدت باسم السجين "فارس العواضي"، الذي أقدم الجمعة الماضية، على محاولة الانتحار، احتجاجاً على عدم إطلاق سراحه من السجن. وتفيد المعلومات أن الوضع المعيشي الصعب الذي يعانيه معظم المواطنين، ضمن تبعات الحرب الدائرة في البلد، لاسيما بعد توقف المرتبات وتردي الوضع المعيشي للموظفين، تأتي في طليعة أسباب الانتحار التي تم تسجيلها، إضافة إلى مشاكل أسرية وأخرى نفسية. وبحسب التقارير، فإن عمليات الانتحار العشر الناجحة سُجلت كالتالي: ضابطين، وامرأة وطفلتيها، وثلاثة عمال، وشاب حديث الزواج نتيجة لمشاكل أسرية، والعاشرة كانت لأحد السجناء، فيما فشلت المحاولة ال11، التي اشرنا إليها للسجين "العواضي". وجاءت مديرية السدة ومديرية حزم العدين في طليعة المديريات التي شهدت حوادث انتحار بواقع ثلاث حالات لكل مديرية، تلتهما مديرية النادرة بحالتي انتحار، ثم مديريتي القفر والفرع (حزم العدين)، بحالة واحدة لكل منهما. دفعت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها المحافظة كامتداد للوضع المعيشي في البلد نتيجة الحرب التي أشعلتها مليشيات الانقلاب إلى الفرار نحو الموت عن طريق الانتحار كملاذ نهائي من الوضع الذي يعيشونه. حرب المليشيا على منظمات الإغاثة والمشاريع الخيرية لم تكن حادثة مغادرة منظمة "أطباء بلا حدود" نهاية مارس 2017م، من هيئة مستشفى الثورة العام بمدينة إب، إلا واحدة من الدلائل والشواهد التي تؤكد هيمنة المليشيا على أنشطة المنظمات الإغاثية والإنسانية والطبية ومن سيخالف شروط وقوانين المليشيا فمصيره الاختطاف والإهانة والاعتداء وصولا إلى الطرد وتوقيف أي أنشطة تقوم بها. وكشف عميد كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة إب وسط اليمن عن فشل مشروع سكن طالبات الجامعة بسبب ممارسات ومضايقات عدة تقوم بها مليشيا الحوثي وصالح الإنقلابية. وأكد د. عبد الله المطري عميد كلية الطب والعلوم الصحية ومدير مستشفى جبلة الجامعي بأن سكن الطالبات التابع لكلية الطب- والذي تصل كلفته إلى 430 مليون ريال- تعذر تنفيذه بعد انسحاب الجمعية الممولة للمشروع اثر مطالبة المليشيا لها بمغادرة محافظة إب. وأشار إلى أن أنشطة إغاثية أخرى توقفت بعدد من المديريات لذات الأسباب التي مارستها مليشيا الحوثي وصالح الإنقلابية. وقال بأن أنشطة إغاثية تنفذها جمعيات ومنظمات في الرضمة والقفر توقفت رغم أنها كانت بدأت أنشطتها الإغاثية بنشاط فاعل وعملي ولامست حاجات المجتمع. وفي ال29 من مارس الماضي خطفت مليشيا الحوثي وصالح 9 من أفراد الهيئة الطبية واقتادتهم إلى سجن البحث الجنائي بالمحافظة والخاضع لسيطرة المليشيا. وظل الطاقم الطبي للهيئة الطبية الدولية مختطفون لأيام مما اضطرها للتهديد بإيقاف أنشطة المنظمة في حال استمرار اختطاف أفرادها وتعرضها للانتهاكات وتم الإفراج عنهم بعد وساطات عدة أفضت إلى توقف أنشطة المنظمة ومغادرتها إب بعد أيام من مغادرة أطباء بلا حدود للعمل من هيئة مستشفى الثورة العام. وفي رمضان الفائت فقد حاولت مليشيا الحوثي وصالح وعبر مدير مكتب التخطيط إغلاق مطبخ خيري يقدم وجبات غذائية يومية مقدمة فاعلي خير لنحو 400 أسره يوميا من النازحين. وقال عدد من أبناء المحافظة وناشطين بأن إصرار المليشيا على التضييق على المنظمات والجمعيات والناشطين في الأعمال الخيرية والإغاثية أمر غير مقبول ولا يمكن السكوت عليه، مؤكدين أن هذه الخطوة أضرت بآلاف من الفقراء والمحتاجين فضلا عن انقلاب المليشيا والذي جلب الدمار والحرب على الوطن والمواطن وأضر بكافة مناحي الحياة. جامعة إب.. عنوان لانتهاكات وعبث المليشيا تواصل مليشيا الحوثي والمخلوع استغلال كل المنشئات والمرافق التعليمية وغيرها من مؤسسات الدولة لصالح أنشطتها وفعالياتها الانقلابية، وفي مقدمتها استغلال الصروح الأكاديمية والتعليمة ومن بينها جامعة إب الصرح التعليمي الأول بمحافظة إب وسط اليمن.. لم تكتفي المليشيا الإنقلابية بإهانة الحرم الجامعي وتحويله إلى ثكنة عسكرية ومقر لها، بل تواصل إهانة الكادر الأكاديمي والتعليمي بوسائل وطرق مختلفة ليس أقلها الاعتداء والإهانة والخطف ومن ثم سجن دكاترة جامعيين في سابقة خطيرة لم يسبق لليمنيين وأن عرفوها. وإلى جانب تعرض عدد من أكاديمي الجامعة للاعتداءات والإهانة والتهيدات من قبل مليشيا الحوثي وصالح. شهدت الجامعة خلال الأشهر الماضية سلسلة كبيرة من الانتهاكات والاعتداءات داخل الحرم الجامعي وإطلاق الرصاص الحي وإصابة طالبة جامعية بالرصاص الحي من قبل أحد المسلحين المحسوبين على المليشيا وكذلك حدوث تبادل لإطلاق النار وسقوط طالبات بحالات إغماء وحالات هلع وخوف وهرج ومرج بين الطلاب والطالبات جراء الفوضى الأمنية التي تشهدها الجامعة في ظل قبضة المليشيا الإنقلابية عليها. وتواصل المليشيا استغلال جامعة إب لتنفيذ أنشطتها الإنقلابية داخل الجامعة دون احترام لأبسط أخلاقيات العمل التعليمي والأكاديمي بالجامعة من خلال تنفيذ سلسلة دورات وأنشطة خاصة بالإنقلابيين داخل أروقة الجامعة وقاعاتها الدراسية، في مشهد يؤكد سوء استغلال المنشئات التعليمية والأكاديمية وكل مرافق الدولة لصالح المليشيا الإنقلابية والتي تتخذ من الجامعة وطلابها دروع بشرية لتمرير أنشطتها ولقاء قياداتها وتنظيم فعاليات مختلفة لا علاقة للجامعة والعملية التعليمية فيها. وفي منتصف ديسمبر 2016م تعرضت خزينة جامعة إب لإخفاء 220 مليون ريال من خزنة مالية جامعة إب ولم يعرف مصيرها حتى اللحظة في الوقت الذي تعهدت الجامعة بكشف ملابسة القضية للرأي العام آنذاك وهو ما لم يحدث حتى اللحظة، في ظل اتهامات واسعة لقيادة المليشيا الإنقلابية التي تسيطر على الجامعة بنهب تلك المبالغ والإدعاء بتعرضها للسرقة. كوارث متراكمة لم تخرج إب من كارثة إلاّ ودخلت في أخرى.. هي في كارثة حقيقة منذ 15 أكتوبر 2014م، ومادون ذلك من كوارث طبيعية تهون. تفشل في تقديم نفسها كمحافظة نأت بنفسها عن الحرب واهتمت بنفسها وأبنائها، لأن لا أبناء يحكمونها، وما كل هذه المسميات والمناصب إلاّ زيف من واقع مزيف أنتج عقب الانقلاب المشؤوم. كان بالإمكان أن تكون إب نموذجاً يُحتذى بها في زمن الحرب، لكن القائمين عليها كسلطة أمر واقع حولوها إلى مرتع فيد ومكان نهب، وساحة مفتوحة للجريمة وبنك مفتوح للثراء السريع والتكسب غير الشرعي. علاوة على جريمة الانقلاب على مؤسسات الدولة واحتلالها وتحول المحافظة إلى مكتسب شخصي لكثير من قيادات الانقلاب، والجرائم والانتهاكات التي تطال أبناء المحافظة منهم، تزاحمت على المحافظة الكوارث الواحدة تلو الأخرى وكل كارثة تفشل السلطات القائمة في تفاديها أو مواجهتها والتخفيف من أضراها. أعلنت مديريات في المحافظة منكوبة كأول مديريات في الجمهورية، وتبعتها كوارث الكوليرا ومن بعد ذلك كوارث السيول ولا نعلم كم من كوارث أخرى ستلحق. أخبار المجاعة ذهبت أدراج الرياح بعد نهب المساعدات، والجوعى يموتون جوعاً أو انتحاراً في الوقت الذي يثرى فيه قيادات الانقلاب في المحافظة ويشيدون العمارات ويدشنون مشاريعهم الخاصة. الكوليرا حصدت أكثر من 140 إنسان في إب وعشرات الآلاف من المصابين ولا وجود لمركز واحد طبي في المحافظة متخصص لمواجهة الوباء. السيول تودي بحياة الموطنين وتجرف عشرات المنازل والمركبات في مديريات المشنة والظهار وريف إب، وسط إهمال متعمد لمجرى السيول والسوائل من قبل مكتب الأشغال وصندوق النظافة. كل تلك الكوارث تحل على المحافظة وسلطاتها الانقلابية تغرق في مقايل المديح وأمسيات الزيف واهتمامات الفيد والنهب الذي تتسع أبوابه كل يوم.