منذ أكثر من عامين والمؤسسة العامة للمسالخ وأسواق اللحوم بعدن تشهد أوضاعا متردية جراء تراكم المديونية وانخفاض نسبة الإيرادات، الأمر الذي انعكس أثره سلبا على عمل المؤسسة وعلى حقوق منتسبيها.. لكن الأشد خطورة من ذلك انتشار ظاهرة الذبح العشوائي دون الالتزام بالمعايير الصحية وتراكم المخلفات في الشوارع والأحياء المدنية والتي تمثل مصدرا رئيسا لتلوث البيئة لتصبح حياة الناس معها مهددة بالمخاطر. ليست أضرار الحرب هي وحدها من أعاقت عمل مؤسسة اللحوم بل غياب النظام الإداري والرقابي للدولة هو من أضعف قدرة المؤسسة و تفعيل نشاطها نظرا لتدخل جهات نافذة في اختصاصات عمل المؤسسة. ما أحدث في هيكلها اضطرابا ماليا وإداريا- كما يقول القائمون عليها- في ظل تنامي مسالخ بدائية تفتقر إلى مقومات التأهيل وشروط السلامة الصحية تمارس بها الملاحم مهنتها في ظل مخاوف من انتشار الذبح العشوائي للحوم مجهولة المصدر من شأنها الإضرار بالإنسان والبيئة بحسب مختصين. أوضاع حرجة بسام فيصل عمر مدير عام المؤسسة العامة للمسالخ وأسواق اللحوم عدن أورد جملة من الهموم اليومية للمؤسسة قائلا: "نحن خرجنا من حرب ويوم عينت قبل سنة يومها كان جميع الموظفين معدمين لا رواتب ولا حوافز بعدها استطعنا بعد جهد توفير المرتبات ل60 موظف أساسي و40 عامل أجر يومي ومازلت المعاناة مستمرة فالحرب خلفت مديونية ضخمة على المؤسسة مثلا الكهرباء 6 مليون- مؤسسة المياه 4 مليون- مديونية لتجار خلفتها الإدارات السابقة حوالي 6 مليون المبنى نهب ولم يتبق فيه شيء حتى السجلات أتلفت". الموارد وعن موارد المؤسسة قال المدير العام: نحن نعتمد في مواردنا على رسوم الكشف البيطري- رسوم ذبح- جلود المواشي-، الحكومة لم تقدم للمؤسسة شيء بل حتى لم تلتفت إلينا.. المؤسسة مهدمة، نريد إعمار فقط، أما رواتب عمالنا نستطيع توفيرها. وأوضح بأن عمل المؤسسة عمل صحي بيطري ومهمتها الأساسية الإشراف على طبيعة تداول اللحوم في عدن والنزول الميداني للإشراف البيطري على الملاحم والمطاعم عن طريق فروعها في كل المديريات. مشيرا إلى أن المؤسسة كانت هي المسؤولة عن عملية الاستيراد والتصدير أما اليوم وبعد أوضاع الحرب وارتفاع الدولار وانعدام السيولة لدى المؤسسة أصبح التجار هم من يستوردوا من القرن الإفريقي. جهات نافذة وعراقيل نائب مدير المؤسسة/ أحمد المريسي من جهته أشار إلى أن مؤسسة المسالخ وأسواق اللحوم مؤسسة حكومية إيرادية حيوية تم إنشاؤها في سبعينيات القرن الماضي بهدف توفير الغذاء المباشر للإنسان من لحوم الحيوانات ومساعدة ذوي الدخل المحدود من الموظفين أو حتى في القطاع الخاص وكانت رائدة وهي أحد الروافد المالية للدولة. وأردف المريسي: "نحن نحاول أن ننهض بالمؤسسة إداريا والكل هنا مستشعر المسؤولية صحيح نواجه تعثر في عملية توفير المرتبات وهناك صعوبات وكل ما نرجوه تجاوب الدولة ممثلة برئاسة الوزراء والسلطة المحلية فنحن نتيجة لضعف الإيرادات". وأضاف: "نعاني عجزا في السيولة كما أننا بحاجة لحماية الدولة لاسيما بعد تحرير عدن ظهرت لنا أكثر من جهة تعيق عملنا، نتعرض لجهات نافذة تعمل على حماية بعض الملاحم والمطاعم العاملة بشكل غير قانوني، وهذا يخالف إجراءات العمل في المؤسسة ويخالف المعايير الصحية والبيئية ويضر بالصالح العام ويشوه المظهر الجمالي، فهناك ذبح عشوائي وأحواش غير مؤهلة والكثير من الملاحم تحولت إلى مسالخ والسبب غياب الرقابة وآلية العمل الإداري وفقا لأنظمة المؤسسة". الأهمية من جهته قال د يحيى محمد مسعد نائب المدير للشؤون البيطرية في المؤسسة العامة للمسالخ: عملنا يرتكز على تقديم الخدمة البيطرية في ما إذا تم ذبح حيوانات مريضة أو في حالة احتضار أو بها أمراض وهذه بالطبع تؤثر على نوعية وجودة اللحوم لذلك لابد من معاينة الحيوان قبل الذبح. منوها إلى أن الطب البيطري علم كبير وذات مجالات واسعة وله أهميته في المجتمع باعتباره إجراء حكومي مجتمعي الهدف منه رفع الحالة الصحية للحيوانات وحماية المواطن من الأمراض المشتركة التي تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان. المخاطر البيئية أكد د يحيى أن ثمة صعوبات تحد من ممارسة عمل الطب البيطري منها وجود مسالخ بدائية لا تتوفر فيها أبسط المقومات وليس فيها ما يساعد الطاقم البيطري على القيام بمهامه حيث ظهرت مؤخرا ظاهرة الذبح العشوائي أو ما يسمى اللحوم مجهولة المصدر حيث يقوم باعة اللحوم بعملية ذبح المواشي بمختلف أنواعها دون الالتزام بمعاير صحية، حسب تعبير مسعد مضيفا: "نحن ندق ناقوس الخطر أمام كل المنظمات والجهات المختصة بسرعة القيام بحماية المواطن والبيئة من مخلفات الذبح العشوائي التي ترمى في الشوارع والتي تمثل مصدر رئيس لتلوث البيئة. استغاثة عاجلة وجه د يحيى مسعد نداء عاجلا للجهات ذات العلاقة إلى ضرورة الالتفات لهذه المؤسسة الحيوية الهامة المرتبطة ارتباط مباشر بغذاء المواطن. لافتا إلى أن المؤسسة فيها مائة موظف يعولون مائة أسرة ومنذ سنة ونصف يواجهون صعوبة في الحصول على المستحقات المالية فالمؤسسة تمر باهتزاز مالي وكل ما يحصلون عليه مبالغ ضئيلة لا تكاد تسد الحاجة. التحديات أحمد الحيدري مدير شؤون الموظفين بالمؤسسة من ناحيته تحدث بقوله: "في الحقيقة الإدارة الحالية بذلت جهدا كبير التوفير الرواتب الأساسية صحيح قد يحدث تأخير في وصول الرواتب وذلك ناتج عن عدم تجاوب المطاعم والملاحم لكن مقارنة بفترة الحرب الأمور اليوم أحسن أما الحوافز حاليا لا نستطيع توفيرها بسبب ضعف الإيرادات ونتمنى أن تولي السلطة المحلية جل اهتمامها بالمؤسسة لما لها من أهمية وتعمل على توفير المعدات وتأمين الحماية لضمان سير العمل في المؤسسة. الضرورة غض الطرف عن وضع المؤسسة وتجاهل مطالبها وعدم تعزيز صلاحيتها يترك الوضع البيئي خارج سيطرة الجهات المختصة ما قد يجعل منه مصدرا رئيسيا لتلوث البيئة في عدن.