عدن.. ارتفاع ساعات انطفاء الكهرباء جراء نفاد الوقود    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    المبعوث الأممي يصل إلى عدن    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مقتل "باتيس" في منطقة سيطرة قوات أبوعوجا بوادي حضرموت    تتويج الهلال "التاريخي" يزين حصاد جولة الدوري السعودي    جدول مباريات وترتيب إنتر ميامي في الدوري الأمريكي 2024 والقنوات الناقلة    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    نادي الخريجين الحوثي يجبر الطلاب على التعهدات والإلتزام بسبعة بنود مجحفة (وثيقة )    لو كان معه رجال!    الحوثيون يسمحون لمصارف موقوفة بصنعاء بالعودة للعمل مجددا    أبناء القبطية ينفذون احتجاج مسلح أمام وزارة الداخلية الحوثية للمطالبة بضبط قتلة احد ابنائهم    مفاجأة وشفافية..!    الدوري الايطالي ... ميلان يتخطى كالياري    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    فوضى عارمة في إب: اشتباكات حوثية تُخلف دماراً وضحايا    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    القوات الجنوبية تصد هجوم حوثي في جبهة حريب وسقوط شهيدين(صور)    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    كوابيس أخته الصغيرة كشفت جريمته بالضالع ...رجل يعدم إبنه فوق قبر والدته بعد قيام الأخير بقتلها (صورة)    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في غزة وتلوح بإلغاء اتفاقية السلام    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن.. عام دراسي جديد في مهب الريح
رواتب مقطوعة.. ميزانيات فارغة.. تكاليف عالية.. وتحذيرات من التداعيات الخطيرة لإقفال المدارس على جيل كامل..
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 09 - 2017

ربما لن تفتح المدارس أبوابها هذا العام أمام الطلاب في عدد من المحافظات اليمنية خصوصا تلك الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين، بسبب استمرار انقطاع مرتبات المعلمين، وغياب الكتاب المدرسي، وتوقف صرف الاعتمادات المالية التشغيلية لكافة جوانب العملية التعليمية، والتدخل في العملية التعليمية من خلال تغيير المناهج وفقاً لبعض المذاهب، وتعرض عدد كبير من المدارس للتدمير، وغيرها مشكلات أخرى.
قرابة 5 ملايين طالب يمني، وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل رئيسي، باتوا مهددين بالتوقف في العام الدراسي الجديد، بعد أن تركت الأزمة الاقتصادية في اليمن، تداعيات خطيرة على قطاع التعليم، الذي يمر في ظل وضع الحرب الذي يشهده البلد، بمنعطف خطير وتهديد فعلي بتوقف العملية التعليمية تماما، وفقاً لتحذيرات تربويين وحقوقيين، مطالبين المنظمات الدولية والجهات المختصة بالعمل على تدارك الوضع قبل وقوع الكارثة.
مخاوف تتعاظم ومهددات تعصف بالعملية التعليمية في اليمن، وذلك بعد تأكيد نقابة المعلمين اليمنيين مواصلة إضرابها عن التدريس، مشيرة إلى أن المعلمين لن يزاولوا مهام التدريس إلا بعد دفع الرواتب المتوقفة منذ 12 شهرا.
وحرمت الميليشيات موظّفي الدولة ومنهم المعلّمون من رواتبهم فِي غُضُون قرابة العام، فيما تموّل ما يسمّى ب "المجهود الحربي" من الإيرادات العامة للدولة وأرصدة الوزارات والمؤسّسات والصناديق الحكومية.
ومنذ نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية عدن بعد استنزاف مليشيات الحوثي للاحتياطي الأجنبي، لم يتقاضى 166 ألف و443 معلما ومعلمة في 13 محافظة خاضعة لسيطرة الحوثيين رواتبهم، خلافا للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وخلال شهر يناير الماضي، قامت الحكومة الشرعية بإرسال راتب شهر يناير فقط للمعلمين في العاصمة صنعاء، فيما تقوم بصرف رواتب المعلمين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.
وطالبت الحكومة الشرعية الأمم المتحدة بإلزام الحوثيين تسليم إيرادات المحافظات الخاضعة لسيطرتهم إلى البنك المركزي في عدن حتى يتسنى لها دفع مرتبات الموظفين في عموم المحافظات، لكن الانقلابيين رفضوا ذلك، وأصروا على توريد الإيرادت إلى بنك صنعاء، كما قاموا باستحداث جمارك جديدة للبضائع القادمة من منافذ الشرعية لجباية المزيد من الأموال.
وإضافة إلى قطاعات مختلفة، يبدو أن التعليم سيكون الأكثر تضررا من توقف الرواتب منذ أكتوبر الماضي، نظرا لانعكاس ذلك على مستقبل ملايين الأطفال اليمنيين.
والمحافظات المهددة بتوقف التعليم فيها هي إب، العاصمة صنعاء، البيضاء، الجوف، الحديدة، المحويت، تعز، حجة، ذمار، ريمة، صعدة، صنعاء وعمران، وغالبيتها خاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل كامل، فيما تشهد بعضها معارك كر وفر بين الحوثيين والجيش الوطني.
وكانت النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية الأيام الماضية دعت جميع التربويين في عموم محافظات اليمن وعددهم 250 ألفا، إلى الإضراب الشامل والمفتوح ابتداء من أول يوم من العام الدراسي الجديد وعدم فتح المدارس إلا باستلام الرواتب.
وشدّدت النقابة في بيان لها، على أن رفع الإضراب مرهون باستلام الرواتب، معتبرة أن استلام الرواتب من دون انقطاع هو البيان الوحيد الذي يتم بموجبه رفع الإضراب وفتح المدارس.
وقال البيان: "أمام استمرار توقف الرواتب، وازدياد تفاقم معاناتكم، وبعد إقفال كل الخيارات أمامنا، تجد النقابة نفسها مضطرة إلى استخدام حقها القانوني والدستوري للدفاع عن حقوق التربويين القانونية المشروعة".
وتحدّثت النقابة عن "المعاناة والآلام التي يتجرعها المعلمون وأسرهم، والتي وصلت حداً لا يطاق، وأصبح شبح المجاعة الحقيقية يهددهم جراء توقف صرف رواتبهم طوال فترة تجاوزت عشرة أشهر". وأشارت إلى أنها لم تجد سوى الوعود والمماطلة والتسويف، في مقابل مطالبتها بوضع حلول حقيقية لمشكلة توقف الرواتب.
وفي وقت سابق كانت نقابة المهن التعليمية والتربوية في اليمن قد أصدرت أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي، بياناً تعلن فيه الإضراب التام في كل المدارس الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتؤكد عدم استعدادها لفكّ الإضراب إلا بصرف رواتب جميع الموظفين في قطاع التربية والتعليم المنقطعة منذ نحو 11 شهراً.
وقبل أيام تظاهر عشرات من الحوثيين أمام مبنى رئاسة الوزراء في منطقة التحرير وسط صنعاء، للمطالبة بفرض قانون طوارئ خاص بالتعليم، يسمح لهم باعتقال المدرّسين في حال رفضوا بدء العام الدراسي الجديد المقرّر في أكتوبر/ تشرين الأوّل المقبل على خلفية انقطاع الرواتب.
وأمام الأزمة الراهنة التي تكاد تعصف بالعام الدراسي الجديد، وجدت سلطات الحوثيين نفسها في موقف صعب ومحرج، ما دفعها إلى دراسة تدابير لحل أزمة مرتبات المدرسين.
وكشفت مصادر عن أنّ الحوثيين يدرسون فكرة فرض رسوم على التلاميذ للتمكّن من تسليم رواتب المدرّسين، لكنّ ذلك بحسب المصادر قوبل برفض من قبل عدد كبير من التربويين، كون الفكرة تتعارض مع دستور الجمهورية اليمنية الذي ينصّ على مجانية التعليم.
مبادرة لحل أزمة المرتبات
في ظل تصاعد مشكلة التعليم التي عكستها أزمة المرتبات كانت نقابة التعليم العام في اليمن قدمت مبادرة لحل أزمة مرتبات المدرّسين في مناطق سيطرة الحوثيين مع بداية العام الدراسي الجديد 2017- 2018.
وتؤكد المبادرة على ضرورة مراجعة وتعديل قرار مجلس وزراء حكومة الحوثيين الصادر في منتصف إبريل/ نيسان الماضي، بشأن رواتب موظفي الدولة، بهدف حلّ مشكلة عدم تسليم رواتب الموظفين العاملين في وزارة التربية والتعليم.
وتقترح المبادرة إيجاد حلول استثنائية للمدرّسين تقضي بتقسيم الراتب إلى ثلاثة أقسام، 50 في المائة منه كقسائم شرائية توزّع على الموظفين يحصلون من خلالها على سلع ضرورية، و30 في المائة كمبلغ نقدي، و20 في المائة كتوفير بريدي.
وبحسب المبادرة، فإنّ التسليم يبدأ منذ شهر يوليو/ تموز الماضي وبصورة مستمرة حتى استقرار الوضع السياسي أو الانفراج المالي، على أن يبدأ التنفيذ في شهر سبتمبر/ أيلول الجاري.
ودعت النقابة في مبادرتها إلى مراجعة آليّة البطاقة التموينية والاستفادة من السلع عبر تخليصها من الزيادة التي طرأت على أسعارها، وإلزام التجار المزوّدين لخدمة البطاقة التموينية بإعادة فوارق المبالغ المحوّلة إلى حساباتهم من الجهات، أثناء إصدار شيكات الاستحقاق والتي تُقدّر بعشرات الملايين في الشهر الواحد. يتبع ذلك "إيداعها في حسابات المدرّسين والتربويين من خلال لجنة مشتركة من النقابات والرقابة ووزارة الصناعة والإشراف على استقرار الأسعار وضبطها، وفقاً للسوق والعقد الموقّع بين التاجر وجهة العمل".
وشدّدت النقابة على ضرورة إلزام الجهات المختصة "بمراعاة وضع المدرّسين الذين يسكنون في منازل مستأجرة وحمايتهم من الملاك، على أن يبقى حقّ المؤجّر حقاً ثابتاً إلى حين استقرار الوضع". إلى ذلك يأتي توجيه كل المستشفيات الحكومية والعسكرية لتأمين الرعاية الطبية مجاناً للمدرّسين والتربويين، على أن تكون بنسبة معيّنة في المستشفيات الخاصة.
أطفال محرومون من التعليم
لا تقتصر تداعيات توقف الرواتب على المعلمين فحسب؛ فنحو مليون موظف حكومي بدون رواتب وقد لا يستطيعون تحمل الأعباء المالية للدراسة، ومعظم الآباء توقفت مصادر دخلهم مما يهدد بعدم قدرتهم على إلحاق أولادهم بالمدارس. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المدارس الحكومية بدون ميزانيات تشغيلية وعاجزة عن استقبال الطلاب، والوزارة المعنية لا تمتلك تكاليف طباعة الكتاب المدرسي.
وحذّر مسؤول في وزارة التربية والتعليم من أن العملية التعليمية مهدّدة بالتوقّف لهذا العام لأسباب عدّة، شارحا أن الرواتب سبب أوّل لوقف العملية التعليمية، فيما تعدّ التعديلات التي أجراها الحوثيون على المناهج التعليمية سببا آخر، نظراً إلى تخوّف الكثير من المواطنين من تشويش فكر أبنائهم، بسبب تِلْكَ التعديلات.
مبادرة "التعليم من أجل السلام" في اليمن، أعلنت مطلع سبتمبر الجاري، أن قرابة 5 ملايين طالب معرضون للتوقف عن الدراسة، بسبب استمرار انقطاع المرتبات وغياب الكتاب المدرسي والمستلزمات المنزلية من جهة، ومن جهة أخرى التدخل في العملية التعليمية من خلال تغيير المناهج وفقاً لبعض المذاهب، وتعرض عدد كبير من المدارس للتدمير خلال الصراع.
ويضع انقطاع المرتبات عن آلاف المعلمين في العاصمة اليمنية صنعاء وبقية مناطق الحوثيين، العملية التعليمية على المحك، حيث يعاني 167 ألف معلم ومعلمة في 13 محافظة يمنية يمثلون قرابة 73 % من إجمالي الكادر التعليمي في اليمن من توقف رواتبهم منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
هذا التطور، الذي وصفه متابعون بالخطير في بلد كاليمن يعاني أصلاً من تدهور في القطاع التعليمي، دفع المنظمات إلى رفع الصوت عالياً للتحذير من تداعيات إقفال المدارس على جيل كامل.
ومطلع أغسطس أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن مدارس 4.5 ملايين طفل يمني لن تستأنف العمل إذا لم تُدفَع رواتب المعلمين، مسلطة الضوء على إحدى أخطر الأزمات المنسية وسط تزاحم الملفات الإنسانية في اليمن.
وقالت "يونيسف"، إن توقف رواتب المعلمين يهدد بحرمان 4.5 ملايين طفل في اليمن من الدراسة، ويعرض 13 ألف مدرسة تمثل حوالي 78 % من إجمالي المدارس في اليمن، لخطر الإغلاق.
ووفقا للمنظمة الأممية، فإنه في العام الماضي، كان هناك 350 ألف طالب وطالبة محرومين من التعليم، لكن العام الدراسي الحالي، فالتعليم مهدد بالتوقف لملايين الأطفال.
ممثلة منظمة اليونيسف في اليمن، مريتشل ريلانيو، قالت إن "العملية التعليمية لما يزيد على 4 ملايين طفل، في 13 محافظة، على المحك كونهم يتلقون تعليم أقل أو لا يحصلون على أن تعليم بالمطلق ما يعني أنهم لن يكونوا قادرين على إتمام المنهج لهذا العام الدراسي".
وذكرت المسئولة الأممية، أن 166 ألف و443 معلما ومعلمة في ال13 محافظة، أي قرابة 73 بالمائة، من إجمالي الكادر التعليمي في اليمن بدون رواتب منذ أكتوبر 2016م.
ويهدد توقف الرواتب لنحو 166 ألف معلم منذ 12 شهرا بعدم انتظام العام الدراسي الجديد الذي بدأ يوم 25 سبتمبر/أيلول الجاري. ويقول المعلمون إنهم لا يستطيعون توفير تكاليف المواصلات إلى المدارس، وإن كثيرين اتجهوا إلى أعمال أخرى لتوفير لقمة العيش.
وفي ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها المعلمون جراء انقطاع مرتبتهم وجد الكثير منهم مجبرين للاتجاه نحو إيجاد بدائل أخرى عن مصدر دخلهم المتوقف وهو الراتب الذي كانوا يتقاضوه من الدولة.
وفي الوقت الذي استطاع فيه البعض عن إيجاد فرصة في التدريس بمدرسة أهلية، البعض الآخر يعمل إما سائقا لسيارة أجرة، أو عاملا في مطعم، أو بائعا متجولا، وغيرها من المهن الأخرى التي سعى لمزاولتها معلمون كثر.
وقبل توقف رواتبهم، كان المعلمون يتقاضون رواتب زهيدة، حيث لا يتجاوز راتب المعلم الحاصل على الشهادة الجامعية 80 ألف ريال في الشهر (220 دولاراً)، لا تكاد تكفي لمواجهة أعباء المعيشة وارتفاع الأسعار.
مستقبل التلاميذ في خطر
بات أكثر من 4 ملايين طالب يمني في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل رئيسي، مهددين بالتوقف في العام الدراسي الجديد، بسبب توقف رواتب المعلمين في 13 محافظة، وسط مخاوف من استغلال المليشيات الانقلابية هذه الخطوة لتجنيد الأطفال.
وتحذّر منظمات حقوقية من الآثار السلبية لتوقف التعليم ليس فقط على نفسية الطالب بل أيضاً على مستقبله. وهو ما نبهت منه ممثلة "يونيسف" في اليمن/ ميرتشيل ريلانو.
وتخشى الأمم المتحددة، من أن يصبح الأطفال عرضة لخطر التجنيد من قبل الجماعات المسلحة، فيما تصبح الفتيات معرضات لخطر الزواج المبكر في حال كانوا خارج المدرسة، الآمر الذي يتسبب في عواقب على المدى البعيد.
وقالت المسئولة الأممية أن "الأطفال الذين خارج المدارس يصبحون عُرضة لاحتمال تجنيدهم (في الخدمة العسكرية) كذلك فإن الفتيات يصبحن عُرضة لاحتمال تزويجهن مبكراً".
وأضافت: "وبالتالي هناك مخاطر عديدة إذا لم ينتظم الأطفال في المدارس، ولا سيما بالنسبة إلى الأعمار الأكبر نسبياً".. مطالبة "بتعهد غير مشروط من قبل جميع أطراف الصراع بدعم المُدرسين اليمنيين وتعليم الأجيال اليمنية القادمة".
وقام الحوثيون بالفعل بتجنيد مئات الطلاب خلال الأشهر الماضية، ونددت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بذلك التجنيد الإجباري للأطفال والذي ارتفع إلى 1570 طفلا، كعدد الحالات التي تم التأكد منها فقط، خلافا للحالات المجهولة.
ولم تتحدث الأمم المتحدة عن مخاطر تهدد التعليم في المحافظات الخاضعة للشرعية، وعلى رأسها العاصمة المؤقتة "عدنومحافظات، لحج، أبين، الضالع، شبوة، حضرموت، المهرة، وجزيرة سقطرى.
وأصاب التحذير الأممي أولياء الأمور بقلق بالغ على مستقبل أطفالهم، وحملوا جماعة الحوثي مسؤولية ذلك، داعين الحكومة الشرعية إلى الالتفات لصرف رواتب المعلمين على الأقل في جميع المحافظات حفاظا على التعليم.
وأشار مصدر في وزارة التربية والتعليم إلى أن الحرب تسبّبت في تسرّب عدد كبير من الطلاب من المدارس، ما يعرّضهم لخطر الاستقطاب إلى جبهات القتال. ورأى أن سبب التسرّب هو الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم قدرة الآباء على توفير المستلزمات المدرسية لأبنائهم.
الكتاب المدرسي مشكلة أخرى
لم تعد أزمة مرتبات المعلمين هي المشكلة الوحيدة التي تواجه العام الدراسي الجديد والعملية التعليمية بشكل عام في اليمن، فهناك مشكلة أخرى تواجهها الحكومة فيما يتعلق بطباعة الكتاب المدرسي.
وتمر الحكومة اليمنية بأزمة مالية عجزت بسببها عن طباعة الكتاب المدرسي، ووجهت نداء للمانحين الدوليين، خلال يونيو/حزيران الماضي، تطلب دعمها في هذا الجانب.
ولاحقا أعلنت الحكومة الشرعية عن وعود خليجية بطباعة الكتاب المدرسي للعام الجديد، وأوضحت، منتصف أغسطس/آب، أن دول مجلس التعاون الخليجي تعهدت بتقديم 10 ملايين دولار لدعم تمويل طباعة الكتاب المدرسي في اليمن.
وتسبّبت الحرب في حرمان 80 في المائة من الطلاب والطالبات البالغ عددهم أكثر من ستة ملايين، من الحصول على الكتاب المدرسي على مدار عامين دراسيين كاملين، إذ تعذّرت طباعة الكمية المطلوبة من الكتب المدرسية لمختلف الصفوف والمراحل التعليمية.
وتمول منظمة يونيسف طباعة الكتاب المدرسي في مناطق المتمردين الحوثيين وحلفائهم من حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، منذ اندلاع الحرب قبل نحو عامين ونصف.
وأوضح الباحث ومدير الإعلام بمركز الدراسات والإعلام التربوي، طاهر الشلفي، أنه في ظل وضع الحرب الذي يشهده البلد يمر قطاع التعليم بمنعطف خطير وتهديد فعلي بتوقف العملية التعليمية تماما، في ظل غياب وتوقف صرف الاعتمادات المالية التشغيلية لكافة جوانب العملية التعليمية.
ونقل موقع "العربي الجديد" عن الشلفي قوله إن "ما يقارب 200 ألف معلم يمثلون 75% من إجمالي المعلمين يعيشون بلا مرتبات منذ ما يقارب العام، مما يشكل تهديدا قويا للعام الدراسي، فضلا عن تداعيات الأزمة الاقتصادية بشكل عام ومنها العجز عن طباعة الكتاب المدرسي". مشيراً إلى توقف الميزانية التشغيلية للمدارس الحكومية، وتداعيات ذلك في العجز عن التهيئة الجيدة للمدارس مع بداية العام من عملية تنظيف وترميم للمقاعد أو للمباني.
كلفة التعليم
تسببت الحرب التي يشهدها اليمن منذ أكثر من عامين، في تفاقم الوضع المعيشي للمواطنين وحرمان آلاف الطلاب من الدراسة، وتزايد عدد الأطفال العاملين بمعدلات قياسية، حيث ينتشر مئات الأطفال في شوارع العاصمة اليمنية كباعة جائلين وفي مرتكز عمل وغيرها من الأماكن الأخرى.
ويؤكد خبراء اقتصاديون وتربويون أن أسبابا اقتصادية بشكل أساسي تحرم آلاف الأطفال من الالتحاق بالمدارس، فالآباء عاجزون عن توفير مستلزمات الدراسة ورسوم المدارس وتكلفة الزي المدرسي وحتى أجرة المواصلات.
وأوضحت مبادرة خيرية تدعى "العودة إلى المدارس" أن آلاف الأطفال الأيتام والفقراء والنازحين محرومون من الذهاب للمدارس، لعدم قدرة أهاليهم على توفير الزي المدرسي والمستلزمات الدراسية. وقالت، في نداء للداعمين، إن توقف رواتب الموظفين يهدد آلافا آخرين بالتوقف عن الدراسة لعدم قدرة عائلاتهم على دفع تكاليفها.
وعطلت الحرب مظاهر الحياة في المدن اليمنية، وقذفت بملايين اليمنيين إلى قاع الفقر، وشردت نحو ثلاثة ملايين يمني. واليمن كغيرها من البلدان التي تعاني من ويلات الحروب والصراعات، تسجل رقما كبيرا في عدد الأطفال خارج المدرسة في سن التعليم بما يزيد عن مليوني ونصف طفل غير ملتحقين بالتعليم، هذه النسبة العالية يضاف إليها التدهور الكبير في العملية التعليمية في السنوات الأخيرة بعد أن عمد النظام السابق إلى تهميش التعليم، وتجهيل الشعب كي يسهل عليه تركيعه والسيطرة عليه.
وباتت اليوم العملية التعليمية في اليمن سيئة جداً وتم إخراج اليمن من التصنيف الخاص بجودة التعليم، بسبب ضعف العملية التعليمية، وتدهور التعليم في اليمن خصوصاً بعد سيطرة المليشيات الانقلابية على الدولة وتدميرها لكل شيء وتحويل الجامعات والمدارس إلى ساحات لنشر الطائفية والاقتتال، والترويج للأفكار المذهبية وغرس ثقافة الكراهية والعنف بين أبناء الوطن الواحد.
وبما أن مسيرة التعليم في هذا البلد الفقير كانت متدنية أصلا طيلة العقود الماضية فإن استمرار الحرب قد تدفعها إلى التوقف بشكل نهائي، وفق ما تشير إليه الإحصائيات والأرقام التي تتحدث عنها تقارير المنظمات المحلية والدولية أبرزها الدمار الذي طال المؤسسات التعليمية وتحويل عدد منها إلى ثكنات عسكرية، وأماكن لإيواء النازحين، إضافة إلى تجنيد الأطفال.
وتظهر الإحصائيات الرسمية قبل الحرب، وجود فجوة كبيرة في التعليم باليمن، حيث يوجد أكثر من (661) مدرسة فيها أكثر من 250 ألف طالب يدرسون في العراء تحت الشجر وفي فصول من الصفيح، بحسب إحصائية لوزارة التربية والتعليم اليمنية 2013، فكيف الحال الآن وسط اشتعال الحرب ووجود الكوليرا.
وذكر تقرير أصدره مركز الدراسات والإعلام التربوي "منظمة يمنية غير حكومية" في ال22 من شهر أغسطس الماضي أن الحرب المشتعلة في البلاد منذ أكثر من عامين أدت إلى إغلاق 1400 مدرسة في عموم المحافظات حتى الآن، وحرمان مليون وأربعمائة ألف طفل في سن التعليم من الالتحاق بالمدرسة، مشيراً إلى أن 78% من المدارس المغلقة تعرضت لأضرار كلية وجزئية نتيجة الحرب، فيما احتلت عسكريا 22 في المائة منها.
ولم يكن تأثير الدمار والقصف سواء الجوي أو المدفعي الذي استهدف مؤسسات تعليمية ومدارس في معظم محافظات البلاد وحده على العملية التعليمية. فالحرب المشتعلة والوضع القائم أسفر عن تصدعات واختلالات في كل مناحي الحياة سواء أكانت إنسانية أو اقتصادية أو حقوقية، وكان لذلك أيضا أثر بالغ على مسيرة التعليم وديمومتها.
ويؤكد تقرير مركز الدراسات والإعلام التربوي أن انتشار الأمراض والأوبئة وارتفاع نسبة المخاطر في كثير من المدن وتردي الوضع المعيشي للأهالي أدى إلى تراجع الالتحاق بالتعليم بنسبة 3% هذا العام مقارنة بالعام السابق.
أوضح أن عدد الأطفال خارج المدرسة وصل منذ بداية الحرب وحتى الآن إلى 1.4 مليون طفل في سن التعليم العام، إضافة إلى 1.7 مليون طفل قبل اندلاع الحرب، وبذلك يرتفع عدد الأطفال المحرومين من التعليم إلى 3.1 مليون طفل.
مشيرا إلى أن العام الماضي سجل أعلى معدل في حوادث الاعتداء على المدارس أثناء الدوام الرسمي، حيث تم تسجيل 32 حالة اعتداء على المدارس في مختلف محافظات اليمن تنوعت بين القصف المدفعي والجوي والاعتداء المسلح، كما تم تسجيل 16 حادثة قتل لأطفال وهم في طريقهم إلى المدرسة.
كل ذلك، عدا عن آثار الحرب والأزمة الإنسانية، وما يرتبط بهما من عدم تمكن أعداد كبيرة من الأطفال من الالتحاق بالمدارس، وكذلك تعرضت مدارس للقصف أو تضررت بطريقة أو بأخرى من الحرب، وجوانب مأساوية لا حصر لها، لوضع التعليم في اليمن.
وكانت أعلنت منظمة اليونيسف في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، أن مليوني طفل يمني لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس، في العام الدراسي الماضي. وحسب المنظمة الأممية، فإن 5.4 مليون طفل مع اقتراب العام الدراسي الجديد، لن يتمكنوا من العودة إلى المدارس، بسبب عدم تسليم رواتب المعلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.