وضعت الاحتجاجات الثورية الملاذ النفطي الاخير للعالم وهو السعودية في موقف أصعب من المعتاد اذا أرادت إرضاء البلدان المستهلكة وزملائها في منظمة أوبك ومواطنيها السعوديين.وقفزت أسعار النفط الأسبوع الماضي الى أعلى مستوى في عامين ونصف عند نحو 120 دولارا للبرميل وهو مستوى قد يضر بالاقتصاد العالمي الذي مازال يتعافى ويفوق بكثير النطاق الذي قالت السعودية مرارا انها تفضله بين 70 و80 دولارا للبرميل.وتعهدت المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم بامداد ما يكفي من النفط لتعويض أي نقص في انتاج ليبيا البلد العضو في أوبك الذي يشهد اضطرابات.لكن أسواق النفط التي مازالت أسعارها قرب 112 دولارا للبرميل تحيرت لأيام بشأن مدى رد الفعل السعودي.وقال جريج بريدي محلل الطاقة لدى مجموعة يوراسيا في واشنطن "كانت استجابة ضعيفة الى حد ما. كانت استجابة أقل وضوحا مقارنة بأزمات سابقة."وقال ان السبب هو التوتر بين الولاياتالمتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم والسعودية أكبر مصدر للخام في العالم.لكن بريدي توقع أن تورد السعودية أي احتياجات نفطية لانها قلقة بشأن تأثير ارتفاع الاسعار على الاقتصاد العالمي والطلب على الوقود.وفي أحدث توضيح ضمن سلسلة من التوضيحات بعد محادثات غير حاسمة بين المنتجين والمستهلكين في الرياض الاسبوع الماضي أكد مصدر سعودي رفيع يوم الاثنين أن المملكة تضخ نحو تسعة ملايين برميل يوميا أي أكثر من المستوى المستهدف لها في أوبك بنحو مليون برميل يوميا.ولم يذكر المصدر متى بلغ الانتاج هذا المستوى.وشكك البعض في مدى جدية السعودية بشأن خفض الاسعار وقالوا انها ربما شاطرت عن غير قصد ايران ثاني أكبر مصدر للنفط في أوبك موقفها.وقال تيودور كاراسيك المحلل الامني الاقليمي في مؤسسة الشرق الادنى والخليج للتحليل العسكري في دبي " المملكة تجد نفسها في مأزق. هناك تغييرات في اللهجة."وتفضل ايران أن يكون سعر النفط 100 دولار للبرميل أو أكثر اذ أن لديها خطط انفاق كبيرة.ويمكن للسعودية أن تدير الامر بأقل من ذلك بكثير وهي حريصة على المحافظة على استمرار الطلب على احتياطياتها الضخمة.لكن لديها أيضا احتياجاتها الخاصة وهي تحاول تفادي الاضطراب السياسي الذي هز بلدانا أخرى في المنطقة من بينها جارتها البحرين. وفي فبراير شباط أعلنت المملكة منح مزايا للمواطنين تقدر تكلفتها بنحو 37 مليار دولار.وقال كاراسيك "ظهور نظام عربي جديد يؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاقليمي ويمكن أن يؤثر في نهاية المطاف على سعر النفط ومساهمته في الايرادات في المستقبل."وهز "النظام العربي الجديد" بالفعل العلاقة القائمة على النفط مقابل الامن التي تربط بين السعودية والولاياتالمتحدة منذ زمن بعيد.ويقول محللون ان المملكة ترى أن واشنطن تخلت عن الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي كان حليفا رئيسيا لها -في مواجهة ايران الشيعية- والذي أطاحت به ثورة شعبية في فبراير الماضي.ويقولون أيضا ان كلا من الولاياتالمتحدة والسعودية مازالت في حاجة الى الاخرى. وتريد السعودية الدعم العسكري من أمريكا التي مازالت القوة العظمى في العالم بينما مازالت أمريكا تعتمد على المملكة بهيمنتها على معظم الطاقة الانتاجية الفائضة للنفط في العالم لتهدئة الاسواق المحمومة.واتفق نائب وزير الطاقة الامريكي الذي شارك في محادثات المنتجين والمستهلكين في الرياض الاسبوع الماضي مع الرؤية السعودية بأن الاسواق مازالت تتلقى امدادات كافية رغم تعطل الانتاج الليبي.وهذا أيضا هو الرأي المعلن لايران التي تتولى رئاسة أوبك في الدورة الحالية.لكن بعد أن تعهدت السعودية بتغطية النقص في الامدادات قالت ايران انها ستلتزم بمستوى انتاجها المستهدف في إطار أوبك ولن تتجاوزه وانه ليس هناك وضوح كاف فيما يتعلق بنقص الامدادات يبرر عقد اجتماع لمراجعة سياسة الانتاج.ووجه محمد علي خطيبي مندوب ايران في أوبك انتقادا ضمنيا للسعودية بسبب أي تغييرات أحادية في الانتاج.وقال "حين نخفض (الانتاج) نخفضه بشكل جماعي وحين نزيده نزيده بشكل جماعي. ليس عدلا أن يتصرف أي عضو بشكل منفرد."وقد ترد السعودية بالقول ان دول أوبك الأخرى لم تحذ حذوها في خفض الانتاج لدعم الاسواق حين تراجعت وان ايران من وجهة نظر الرياض تتصرف بشكل منفرد أيضا حين تستغل الاضطرابات في ليبيا لبيع النفط الذي تواجه صعوبة في تصريفه.