للمرة الثالثة على التوالي اضطر أحمد (45 عاما) لتجديد طلاء منزله، الكائن في مديرية الشيخ عثمان بمحافظة عدن، بهدف طمس عبارات مناطقية وانفصالية كتبها مجهولون على جدران منزله، ففي كل مرة يجدد فيها طلاء منزله تعاد كتابة تلك العبارات من قبل مجهولين يطوفون الشوارع ليلا."أحمد" شأنه شأن العشرات من أصحاب المنازل والمحلات التجارية بمحافظة عدن، الذين يستيقظون كل صباح، وقد كتبت عبارات وشعارات يرددها أنصار "الحراك الجنوبي" على جدرانهم، على غرار "الجنوب الحر"، و"ثورة.. ثورة.. يا جنوب"، و"برع.. برع.. يا دحابشة"، و"برع.. برع.. يا استعمار"، و"النصر قادم"، وغيرها من العبارات.السلطات الأمنية في محافظة عدن، لم تغض الطرف عن تلك الممارسات، فقد قامت باستدعاء واعتقال عدد من ملاك المنازل والعقارات التي كتبت عليها مثل تلك العبارات، غير أن غالبيتهم يؤكدون عدم علمهم بمن يكتب تلك العبارات ليلا على جدرانهم.وتعبيرا عن امتعاضه من تلك الاعتقالات التي تطال ملاك المنازل أكد عوض (30 عاما) بأنه من الأولى على قوات الأمن أن تعتقل من يقوم بكتابة هذه العبارات ليلا، بدلا من اعتقال أصحاب المنازل والمحلات التجارية، لأنه من المستحيل أن يعرض الملاك أنفسهم للمساءلة من خلال كتابة مثل تلك العبارات على جدرانهم.وأوضح بأن أصحاب المنازل والمحلات التجارية هم من يدفعون ضريبة مثل هذه التصرفات، فهم بالإضافة إلى تعرضهم للمساءلة والاعتقالات، يضطرون بين الحين والآخر إلى شراء علب الطلاء لطمس ما كتب على جدرانهم، فيما يفلت الذين يكتبون هذه العبارات من المساءلة والعقاب.ثمة تحول تشهده مدينة عدن التي كانت إلى وقت قريب لا تشكل للسلطة أي قلق، فقد بدأ التوتر واضحا في عدد من مديرياتها، التي شهدت مظاهرات لعشرات الشباب الذين يحملون شعارات انفصالية ويرددون هتافات بعودة الدولة الشطرية، كما بدأ تجييش عشرات من الشباب في مديريات الشيخ عثمان، والبريقة ودار سعد، وكريتر، للقيام بمسيرات متفرقة سرعان ما تتلاشى بحضور قوات الأمن.عدن التي كانت آمنة حتى وقت قريب بدأت الآن تمضي نحو الفوضى على غرار ردفان والضالع وزنجبار وباقي مناطق المحافظات الجنوبية، في الوقت الذي شهدت فيه مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، انفلاتا أمنيا غير مسبوق، أدت إلى مغادرة التجار، فيما الأجهزة الأمنية عاجزة تماما عن السيطرة على الوضع.حيث شهدت الحوطة الجمعة الماضية مظاهرة حاشدة، انتهت بمواجهات مع قوات الأمن، ما أدى إلى إصابة مواطنين، وثلاثة جنود، في حين تسللت مجموعة من المسلحين إلى المدينة وقامت بإشعال الحرائق وقطع الطريق العام والاعتداء على المحلات التجارية.وكانت مدينة الحوطة شهدت انفلاتا أمنيا مستمرا منذ أوائل يناير الجاري، كما قام مجهولون مساء السبت الماضي بمداهمة بعض المحلات التجارية التي تعود ملكيتها لمواطنين من المحافظات الشمالية، مرددين شعارات انفصالية.ووفقا لمصادر محلية فقد عمت الفوضى وسط الشارع الرئيسي للمدينة، وقام عدد من الملثمين بإحراق الإطارات، فيما سارعت الأجهزة الأمنية بملاحقتهم، في الوقت الذي تعرض فيه محل تجاري لبيع المواد الغذائية تعود ملكيته لضابط أمني، يدعى ناصر الريادي للحرق وإتلاف محتوياته الجمعة الماضية.كما شهدت الحوطة أواخر الأسبوع الماضي مسيرة احتجاجية نظمها ما يسمى بمجلس قيادة الثورة السلمية، بمدريتي الحوطة وتبن، وتخللتها أعمال عنف وتخريب، وطاف المتظاهرون شوارع المدينة رافعين أعلاما تشطيرية، قام على إثرها رجال الأمن بإطلاق الرصاص الحي ومسيلات الدموع لتفريق المتظاهرين، واعتقلت ما لا يقل عن أربعين معتقلا.وفي ظل هذا الوضع الأمني المتردي أصيبت الحركة التجارية بمدينة الحوطة بشلل تام، حيث أغلقت المحلات التجارية أبوابها، في ظل انتشار مكثف لقوات الأمن في الشوارع، وحول المرافق العامة للدولة، فيما نفذ تجار وملاك المحلات التجارية في المدينة اعتصاما أمام مبنى المحافظة للمطالبة بحمايتهم من المسلحين الخارجين عن القانون.*الغد