"الجزيرة" الوجه الاعلامي المشرق التغطية الاعلامية التي قامت بها الجزيرة كانت محط أنظار شريحة كبيرة من جمهور عريض يتلقي المادة الإعلامية بمهنية وحرفية عالية لا يمكن وصفها الا بالاحتراف الإعلامي المهني المرموق, لقد برهنت الجزيرة إنها قادرة علي متابعة الحدث وتسليط الضوء عليه وإمتاع الجمهور من حيث الكم الكبير من المعلومات المتاح, ونوعية المادة المقدمة موضوعا, وتنقل الكاميرا من مكان الي اخر, وتغطية المراسلين للحدث, واللقاءات التي تتم مع ذوي الشأن والاختصاص من الخبراء والمحللين الاستراتيجيين والسياسين , وتداول انتقال الميكروفون من استوديوهات مقر الجزيرة في قطر وصولا الي مركز الحدث بإستوديوهات بيروت, بل الملاحظ إن قراءة عناوين النشرة الرئيسيه, كانت تتم بين الدوحةوبيروت عبر الاقمار الصناعية في حينه, تنقلا بين المحطتين وفي اقل من ثلث الدقيقه, مما يعكس مدي التطور الهائل التقني المتاح والخبرة الكبيرة التي يتمتع بها مقدم النشرة, ليس هذا فحسب بل لقد لمسنا تنقل الكاميرا بين (1) نقل الخبر من داخل بيروت من مكانا ما في الهواء الطلق, (2) ومتابعة بث الخبر عبراستوديوهات الجزيرة في بيروت (3) واحدي مراكز تواجد المراسلين داخل بيروت او خارجها .ويتم تواصل نقل المستجدات حيث مناطق الصراع والاقتتال في صيدا وكفرشوبا وبنت جبيل وعيترون ورأس مارون والبقاع والاراضي الفلسطينيةالمحتلة شمالا حيث حيفاء عكا طبرية صفد العفولة الخضيرة ....الخ, مع المراسلين الإكفاء الذين اثبتوا أنهم علي ثقة وكفاءة عالية تميزت بها الجزيرة دون غيرها , واثبتت ان لها إنتماء وطني يمتد للوطن العربي الكبير, وقومي كونها تبنت طرح المقاومة وتغطية المنازلة الكبري دون الاخلال بأدبيات المهنة او المساس بالحيادية المطلوبة. ويكفي فخرا ان انتهاج متابعة الحقيقة ونقلها بالامانة المطلوبه قد توج العمل وجعله يتصف بالمصداقية الكامله, في ذات الوقت الذي لمسنا ان الاعلام لدي الكيان الصيهوني قد بذل جهدا كبيرا في حجب المادة الاعلامية عن المتلقي في الجانب الاخر ولدي جمهوره, وعدم تداولها بحرية مطلقة وطمس حقائقها.وقد تميزت الجزيرة ايضا بكفاءة متابعة فواصل المعركة من لبنان وشمال فلسطين ومتابعة الشأن السياسي ومراحل استصدار القرار 1701 وما كان يدور في أروقة مجلس الامن من وراء الكواليس من لقاءات جانبية واستنتاجات واحتمالات صدور القرار من عدمه ومتابعة أحداث إخري ذات الصلة, وتقديمها بالسرعة المطلوبة كسبق صحفي إعلامي متميز جعل من الجزيرة بمثابة قناة إعلامية تقدم خدماتها بحرفية تامة, وكانت في ذات الوقت بمثابة غرفة عمليات للقنوات الاخري تتلقي منها الخبر وتبثه نقلا عنها, وهذا ما ميز الجزيرة عن مثيلاتها من القنوات التي طالما تسعي بالبحث عن مكان تملؤه كمنافس للمركز (الجزيرة) والقنوات الاخري (كأفرع).بطرحنا هذا نحن لا نجافي الحقيقة, وليس تقليلا من عطاء ات القنوات الاخري المتواجدة في الساحة, ولكن من اهم الخطوات التي اكسب "الجزيرة" هذا التفوق الاعلامي الهائل, الذي جعل لها انطلاقة السبق والمصداقية, وعدم الاجترار وراء الضغوط التي تمارس عليها من هنا وهناك, والالتزام بالخط الاحترافي المهني الصرف مما جعلنا وعبرها "ان نكسب المعركة الاعلامية بكل ثقة واقتدار" تلازما مع ما تحقق من انتصار علي ارض المعركة.لقد ادهشني كثيرا توالي الاخبار تباعا من اكثر من جهة وقدرة "الجزيرة"علي متابعة الحدث ونقل الخبر والانتقال "مباشر" الي قلب الحدث وإجراء المقابلات واستضافة الخبراء لمزيد من الرأي والتحليل, واختيار وتنقية الموضوعات وبثها من حيث تسلسل أهميتها وقيمتها الاعلامية وموضوعيتها وتأثيرها السيكولوجي النفسي والعاطفي لدي المتلقي ( من حيث بث او حجب بعد الصور للقتلي – مثل الدمار الشامل الذي لحق بأهلنا في مروحين والمجازر في قانا ).لعلنا ونحن نبرز ايجابيات (الجزيرة) ودورها البناء في تغطيتها للحدث فأننا ننوه بمصداقيتها وهي بمثابة المحطة التي شحذت الهمم والتف حولها جمهور عريض كمتابع ومتلقي, ومن خلالها فقد كسبنا المعركة الاعلامية بجدارة, ولم تجعلنا ننجر وراء الدعوات التي جاءت بالمشروع الانهزامي التأميري(( الشرق الاوسط الجديد)) المشروع الذي كان مرده إلحاقنا بركب المطبعين المنهزمين المنتمين للمشروع الامريكي, فكان لها فضل في تماسك الجبهة الداخلية وثباتها علي الحق ومواصلة المعركة حتي فصولها النهائية .وبهذا الموقف فقد تهاوي الاعلام الصيهوني وفضح دوره الانهزامي الموجه ضد نهضتنا وافاق مستقبلنا , وفي هذه اللحظات والانعطافات تأبي المقاومة الا ان ترد كيد الاعادي ويهزم مشروع الكيان الصيهوني في حينه ويسقط الرهان بالمجمل.ان امتنا لازالت تعاني من تبعية نكسة 67 وحصادها الاعلامي المر الذي جسد شخصية الدولة العبرية التي لا تهزم ولا تكسر وقد استثمر العدو النكسة ووظف نتائجها لصالحه وجعل من جيش العدو إسطورة الجيش الذي لا يقهر, وانعكس علينا هذا الامر سلبا حتي ادخل الرهبه لدي السياسي العربي وجعله يقدم التنازلات تلو التنازلات في كامب ديفيد ووادي عربة واوسلو. ولقد رأينا ما للاعلام من سطوة تكاد توازي قدرها سطوة الجيش المنتصر علي ارض المعركة فكان لنا في "الجزيرة" السطوة الاعلامية التي برهنت بأن النصر حليفنا.فإذا ما اخذنا وكالات الانباء مثلا السي ان ان (CNN) الامريكيه ومواكبتها لاحداث حرب الخليج الثانية والفوكس نيوز (FOX News ) ومواكبتها لاحداث حرب الخليج الثالثه, فسوف نجد الحملة العسكرية في كلتا الحربين, كان الاعلام ينقل وقائعهم من منطلق المنتصر في الحرب, وكان الخبر الوارد من كلتا الوكالتين يعكس وجهة نظر الساسة المدنيين والعسكريين في الحكومة الامريكية حصرا.وفي ذات الوقت عند تقييم نتائج الحرب علي العراق ووقائع نقلها بكل مصداقية وحرفيه اكسبها محبة وتأييد الكثير من شريحة المجتمع العربي المثقف والسياسي, وان كانت من تضحيات قد المت المحطة بفقدانها لطارق ايوب وتقييد حرية تيسيير علوني والحاج, الا ان ذلك لم يمنع من تأكيد حضور هذه المحطة شاهدة علي عصر ربما ذهب, ولكن لن يتواري وسجلت لحظة بلحظة ملحمة الانتصار والانحسار لتعيد مجد حضورها وتسلط الاضواء من جديد علي ملحمة وواقع حاضر هذه الامة وولادة مقاومتها وشعلة ممانعتها للهيمنة والاستكبار والاستعباد, في هذه اللحظات الذي ينتصر فيها اهلنا في لبنان علي دولة الظلم والعدوان, فكان لنا النصر الذي تحقق علي يد المقاومة المنتصره, وكسب الة اعلامية كان لها شرف حضور هذا الانتصار وتسجيله وبثه وتوثيقه للاجيال المتعطشه للنصر. فؤاد السايس:مركز الأضواء للدراسات الاستراتيجية